ليس هناك في أرشيفنا الاركيولوجي أو ما تم العثور عليه حتى اليوم، ما يدل على وجود شعر قديم، او أساطير.. يقول المؤرخ اليمني المهم محمد عبدالقادر بافقيه، عن النقوش اليمنية التي تم العثور عليها، بأنها كتبت بصياغة تكاد تكون واحدة، وتعبر عن طابع عملي. فليس هناك نقوش توضح عبادات اليمنيين القدماء. وفي كتاب«الإكليل» لأبي الحسن الهمداني، تحدث عن وجود نقوش ترمز للشمس أو للهلال. أما كيف يعبد اليمنيون آلهاتهم، أو ما يتعلق بالأساطير، فمازالت غامضة بسبب عدم العثور على ما يوضحها. وفيما يتعلق بالتعبد يقتصر الأمر على نقوش تبين قرابين قدمها يمنيون ينتمون للطبقة الارستقراطية القديمة. وعندما يكون الحديث عن غلبة الطابع النفعي لدى اليمني، فهذا لا يعني عدم حضور الدين، لكن ترتبط العلاقة بينه وإلهه عبر ميتافيزقيا نفعية. فقد تم العثور على نقش بكتابة المسند «الكتابة اليمنية القديمة» على يد من البرونز منحوتة بصورة متقنة في همدان، وفيها كلام موجه من «وهب تالب» سيد من قبيلة ذو سمعي والتي تنتمي إليها همدان وحاشد، و يشكر فيه إلهه “تألب ريام” على نجاته من معركة ضد الحميريين. وكانت القبائل لديها آلهاتها الخاصة. فخولان تُعرف إحدى آلهاتها باسم عميانيس. وعندما تذكر القبائل آلهاتها إلى جانب آلهات سبأ، يكون تأكيداً على علاقة جيدة بين سبأ وتلك القبائل. وهذا يذكرنا بالإله يهوه، حيث كان في البداية إلهاً يخص بني اسرائيل، حتى أنه في التوراة كان يُدعى ابو ابراهيم واسحق ويعقوب. وفي النص المسيحي يقول: أبانا الذي في السماوات. وعندما كان هناك أسر بابلي، بدأ التفكير بإله كوني، فبابل كانت أحد أول الامبراطوريات، وفكر الاسرائليون بإله يوحد البشر، لكن فكرة الثنائية جاءت بعد احتكاكهم بفارس، فبعد ان استولى قمبيز على بابل وحرر الاسرائليين من الأسر، تعرفوا إلى الزرادشتية التي قسمت العالم إلى نور وظلام، لذا فهم يعبدون إله النور، الذي سينتصر على سيد الظلام او الشيطان. فاسرائيل قبيلة تؤمن بيهوه، وكان يعينها على مواجهة بعل إله الكنعانيين. وفي نقش صراوح، أو النصر، الذي يذكر فيه كرب آل وتار، أو كربائيل وتر، ويذكر فيه انتصارات حققها على اوسان التي كانت تسيطر على الاجزاء الغربية والجنوبية من اليمن المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي، وبعد ان استولى على تلك الأراضي. ويشكر فيها إلهه التي منحته ارضاً طيبة. وتمكن من توحيد الأراضي اليمنية، لكنه أبقى على أراضي قتبان حضرموت، حيث يقول إن إلهه “المقا” امره بمنح تلك الاراضي للإله سين وعم كبيري آلهة حضرموت وقتبان. لدى اليمني ارتباط كبير بالدين. وفي عصر المكربين، كانوا مثل الفراعنة وملوك أرض الرافدين، أبناء للآلهة. كان الحكم مرتبطاً مباشرة بالرب. وجلجامش ملك اور المدينة السومرية كان ابناً للآلهة.. هكذا مارست الديانات القديمة صيغتها على الناس وتأثيرها، لكن جاء عصر في اليمن لم يعد فيه مكاربة، اي ان اليمنيين تحرروا من هذا المفهوم. وفي بعض الفترات كان ملوك من قبائل غير سبئية يسيطرون على حكم سبأ. وظهرت في نهاية القرن الرابع نقوش تتحدث عن “ذي سموي” وعن “رحمن” ومعناها إله السماء والرحمن أي الرحيم، اي دخول الديانات السماوية، اليهودية او المسيحية. يعتبر البعض أن «ذو نواس» او الملك اليهودي يوسف اسار كان كاهناً، لكن هناك فقداناً في النقوش لما يسبقة بسبعين عاماً مما جعل الفترة السابقة له غامضة، فهل كان ينتمي للأسرة الحميرية الحاكمة، لكن عندما كانت القبائل تعترف بآلهات سبأ او الممالك تضع آلهات سبأ إلى جانب ألهاتها ،كدلالة على علاقة جيدة أو ربما هيمنة سبئية، كانت تتعرف على صيغة تجعل فيها الألهات المختلفة ضمانة لتقبل التعدد. غير أن ما ارتكبه ذو نواس بحق المسيحيين واضطهادهم، عندما أحرقهم في نجران، كان يؤكد ظهور شكل من أشكال الدين لا تقبل الاعتراف بسواها. وكانت تأسيساً لتدشين عهود من الجحيم الديني، او الاضطهاد القسري على الاديان، بينما كان يستطيع اليمنيون في السابق التفاهم بشأن الألهات ذات المسميات المختلفة وإن كانت ترمز لنفس المفاهيم الدينية المشتركة.. فالانشقاق الديني الذي حدث، كان استدعاء لدخول الأحباش، وكان جزء كبير من اليمنيين في صف الغزاة الأقرب لهم في الدين. فالوطن اليمني تاه في شبح الانقسام الديني وبدأ عهد من الدمار للحضارة. لم يكن انتهاء الحضارة على علاقة بهد سد مارب، فكثيراً ما تم إعادة بنائه، حتى أبرهة الملك الحبشي، او اليمني حليف الاحباش، أعاد بناءه. كان الأمر على علاقة بالتمزق الديني. رابط المقال على الفيس بوك