لم ينقطع السؤال عمن يحكم اليمن إلا في عهد رئاسة الشهيد إبراهيم الحمدي، الذي لم يزل الغموض يلف استشهاده، وإن كانت بعض الأصابع قد أشارت إلى اثنين من القادة العسكريين بأنهما نفذا العملية والتي قيل إن محمد خميس، رئيس الاستخبارات كان مطلعاً عليها ومكلفاً بعدم الخوض فيها أي وقت، ولذلك قال من قال بأن محمد خميس قتل في يوم الخميس في سوق الخميس الموجود على طريق الحديدة- صنعاء، كون الشكوك لم تقنع ذانيك القائدين بأنه لن يبوح بما عرف ولو أنه كان منهما بالمشاركة في قتل ابراهيم وأخيه عبدالله الحمدي.. فالشهيد الذي تألق خلال سنوات قليلة من ضمنها سنوات جلوسه على كرسي الرئاسة قد سبق أن تنبأ له الشيخ الشهيد محمد علي عثمان قبل أن يعينه قائداً للواء العمالقة بأنه سيكون له شأن، ولو عاش الشيخ السنتين اللتين سبقتا عهد إبراهيم الحمدي وهما الفاصلتان بين سنة استشهاد الشيخ محمد علي عثمان وتولي إبراهيم الحمدي مقاليد الأمور في الثالث عشر من يونيو 74م على إثر استقالة رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الإرياني إلى مجلس الشورى، والذي أسند إلى الشهيد إبراهيم مسؤولية حماية البلاد كقائد مدني وعسكري لما اشتدت الأوضاع خطورة بسبب أعمال الجبهات في المناطق الوسطى ومحاولة بعض الشخصيات القبلية السيطرة على الأوضاع، فيما كانت شخصيات قبلية أخرى كالشيخ أحمد علي المطري والشيخ أمين أبو راس والنعمان بن راجح والرويشان ومشائخ تعز بدون استثناء وعلى رأسهم الشيخ محمد علي عثمان والشيخ علي محمد سعيد والمرحوم أحمد هائل سعيد يبذلون الجهود المضنية والأموال الكثيرة، بل لقد نذروا حياتهم من أجل الحفاظ على الثورة والنظام الجمهوري.. والشاهد على ذلك سقوط الشيخ محمد علي عثمان بالقرب من بيته بالمدينة القديمة كأول شهيد بذلك الحجم في صباح أحد أيام عام 72م.. ومنذ أن قام إبراهيم الحمدي بالحركة التصحيحية بدأ يحس أمراض ومشاكل اليمن، فقال في أول تصريح له بأن على من تلذذوا بالعسل أن يقنعوا بما قد شربوا فيه حتى ذلك التاريخ ،وقال بالحرف الواحد لأحد المشائخ وهو يودع القاضي الإرياني بمطار تعز توديعاً رسمياً بالسلام الجمهوري وموسيقى الحرس إلى منفاه في سوريا:« لقد عملتم معهم كما تعملون معنا»، ويقصد بذلك نظام الجبهة القومية بعدن بدلاً عن أمتهم الجبهة الوطنية الديمقراطية التي كانت تتلقى الأموال والسلاح والتدريب بإشراف القيادات الشمالية فيها وهي معروفة بأسمائها ومناصبها ومناطقها. ثم التفت إلى أصحاب المال والتجارة الذين سماهم تجار الترانزيت بدعوته لهم بأن يستثمروا داخل الشمال كما يفعل هائل سعيد وشركاه، الذين هم في الأساس ابن عمه العملاق الذي نسأل من الله أن يطيل عمره علي محمد سعيد ثم أولاده أحمد وعبدالجبار وعبدالرحمن وعبدالواسع ونبيل وفؤاد وابراهيم ورشاد ومن ثم أولادهم وأبناء عمومتهم حيث كان أول مصنع يقام في اليمن برأسمال خاص قد بدأ الإنتاج بالرغم من الاعتداءات التي طالته وصاحبه الحاج هائل سعيد رحمه الله.. وقد انكمش بعض المشائخ الذي ألفوا حياة مخالفة القانون والتطاول على السلطات وانزاحوا عن صنعاء إلى قراهم ولم يعودوا إليها وإلى استئناف نشاطهم المكروه إلا بعد استشهاد إبراهيم الحمدي في الحادي عشر من أكتوبر عام 77م فكانت الكارثة الكبرى على اليمن واليمنيين إلى اليوم..