من الطبيعي أحياناً الاستسلام للظروف التي تفرض علينا, وتتمكن من محاصرتنا, وصعوبة الهروب من حصار ما يجري حولنا.. وقد يكون من الطبيعي أيضاً إن يغلق الطريق بالمتاريس, فلا نستطيع الخروج من هذا المأزق, فنسارع في تشغيل ذاكرتنا بطرق المغادرة حتى لا نجد انفسنا متلبسين بالاستسلام لما فرض علينا, فهو حقيقة قائمة لا مهرب منها... قد نجد انفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما, إما إغلاق الطريق, أو الخروج منه دون العودة إليه مرة أخرى, فهل الاختيار أمر سهل, ولا يحتاج منا إلا إلى اجتماع على ما لا نريده, أم انه يحتاج إلى تفاعل مع مبدأ الرفض لعالم يختلف عن طبيعتنا, يحاول أن يسلب من داخلنا الأشياء الجميلة؟ الكثير منا اعتاد على العيش وسط الكثير من الضغوط التي لم يستطع التخلص منها, بل واعتاد على مصاهرة الأزمات الجانحة, لكنه في المقابل استطاع أن يخلق حياة متوازنة, وأوجد لنفسه مسرحا يتناوب على حضوره مع معايشة تلك الضغوط والأزمات التي كثيراً ما أصرت على البقاء في حياته... كان جريئا وهو يلعب دور المنقذ لنفسه, محاولا تحاشي خطوط التوتر العالي التي أرادت أن تسقط به إلى الهاوية... كان حريصاً على التوازن في حياته, مصراً على عدم الاستسلام للذي يحاول أن يحرمه حقه في الحياة... لم يتذمر من قدره, وتدرب على تحمل الصعوبات, والتعايش معها.. يحارب عندما يكون ذلك متاحاً وممكناً, وينحني قليلاً عندما يكون ذلك مستحيلاً, فلقد اعتاد القبول بأحكام الحياة... مفهومه للحياة خلق هدوءاً لنفسه, وطمأنينة لما هو آت... فهمه للحياة جعله قادراً على التعايش معها في أمرّ لحظاتها, وبدون هذا الفهم كان من المستحيل أن تتجاوب معه, أو تمنحه الأذن بالتواجد عليها...