الانجذاب والنفور دافعان يتحكمان بحركة الأفراد والجماعات ويحددان حركة التقرب والابتعاد والترك والفعل صلاحاً أوفساداً، نجاحاً أو فشلاً، وهما صفتان إنسانيتان تحددان كينونة هذا الإنسان أو ذاك وسمة فطرية يقوم بها من أجل البقاء أو النجاة أو الحصول على شيء أو الارتقاء أوماشابه. وفي هذه الدائرة تختلط تقديرات الإنسان لحركة تقربه أو نفوره، فالبعض يتقرب وينفر بدافع نزواته الشهوانية أو السبعية، فينتج أعمالاً وحشية وفاسدة تورثه ندماً وحسرة ولايوجد عقاب أكثر من الندم والحسرة وعض الأصابع...والبعض يتقرب وينفر بدوافع مهذبة بقيم الروح والأخلاق الإنسانية ومعاني الحرية والكرامة والرحمة فيندفع إلى أعمال المعروف ونصرة المظلوم وإشاعة العدل والفضيلة والعمل الناجح والصالح، تورثه سعادة ورضى وحسن خاتمة. لذا علينا أن نعرف أن كل أعمال الإنسان وأقواله مع الإنسان والأشياء والأفكار وممارسته اليومية مع الحياة ومفرداتها يتحكم فيها الانجذاب والنفور, الحب والكره, وهما تصنعان الصواب والخطأ القرب والبعد والسعادة والشقاء والفشل والنجاح ولما يتبع الحالتين من الراحة والنشوة او الانتكاسة والندم التعيس... ومن ثم كان التوجيه النبوي شاملاً ودقيقاً يوجه الإنسان إلى ضرورة توجيه حركته وقياسها وربطها بالهدف والنية ..كرهاً أو حباً ,نفوراً أو تقرباً...من تبسمك لوجه أخيك الى إماطة الأذى عن الطريق وإعانة المحتاج وبينهما النصرة لهذا أو الخذلان لذاك الفعل أو الترك وقبلهما النوايا والغايات.. ولا يستطيع الإنسان إلا أن يكون نافراً أو منجذباً وهما الصفتان اللتان تتحكمان بحركة الإنسان «فعلاً أو تركاً» ولاشيء ثالث يعيشه الإنسان وما يستطيعه هو الاختيار الأفضل أو الأسوأ في الترك أو الفعل نتيجة لحالة الانجذاب أو النفور.. الانجذاب والنفور معادلتان يعيشهما الإنسان غصباً عنه، ليختار حركة تقربه ونفوره، فنحن نرى أن هذا الشخص يتقرب من أصدقاء السوء وآخر يتقرب من رفقاء الخير لأن هذا أو ذاك يهوى هذا النوع من التقرب ويتعامل الاثنان في نفور عكسي ينفرهذا من أعمال الفساد والظلم والقتل وينفر الآخر من أعمال الصلاح والاستقامة والعدل. تحدد عملية التقرب والنفور شخصيتك ومستقبلك بل قل بشكل أدق مصيرك وصيرورتك في الدنيا والآخرة.. والانجذاب والنفور ياصاحبي تبقيان مدفوعة بعوامل نفسية وروحية قبل الدوافع المادية ولها أساس يتعلق بطبيعة القلب ومكارم الأخلاق والتربية والبيئة والقدرة على التميز وإنتاج الأسئلة من عدمه.. وخاصية وطبيعة الانجذاب والنفور أو التقرب والابتعاد التي تختلف من إنسان إلى آخر مسؤولتان عن الترك والفعل و إنتاج الصالح والطالح ,والنجاح والفشل. المجتمعات الفاضلة يتحدد مسارها بنوعية حركة التقرب والنفور ودافعهما وعلاقتهما بالقيم الروحية والأخلاقية .. لا تترك حركة تقربك ونفورك سائبة تجرفها تيارات الحياة المتقلبة لابد من تهديف وتصحيح وارتقاء ومراجعة دائمة ....وهذا يتطلب منك أموراً كثيرة أهمها أن لا تكون مقلداً مربوط البصر والبصيرة وأن تمارس التأمل بعمق والتفصيل في هذا يحتاج إلى تأمل. [email protected]