انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    رئيس برلمانية الإصلاح يتلقى العزاء في وفاة والده من قيادات الدولة والأحزاب والشخصيات    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    البنك المركزي يذكّر بالموعد النهائي لاستكمال نقل البنوك ويناقش الإجراءات بحق المخالفين    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رموز الأغنية الصنعانية
نشر في الجمهورية يوم 28 - 02 - 2007

الحلقة الثانية / عبدالقادر قائد :الشيخ علي أبوبكر باشراحيل
وردت سيرته في كتاب «الغناء اليمني القديم ومشاهيره» للأستاذ الفنان/ محمد مرشد ناجي ومما جاء فيها مايلي: «إسمه يدل على أنه من مواليد حضرموت، اشتغل كاتباً في مرفق من مرافق الإنجليز لمعرفته باللغة الإنجليزية، ثم دلالاً في المعلا، وفي عمله هذا تعرف على أحد التجار من صنعاء وهذا بدوره عرفه على أحد المطربين من هناك فتأثر به وهزته أنغامه، وفي فترة قصيرة تحول الشيخ علي من دلالٍ إلى مغنٍ وهو في سنٍ متأخر تاركاً مهنة الدلالة محترفاً للغناء.
صار الشيخ علي أبوبكر باشراحيل في قمة المغنيين اليمنيين لإجادته البالغة في أداء الأغنية الصنعانية من حيث جمال الصوت والإنفعال الصادق في الأداء، واحترام الكلمة، كذلك فإن مخارج الألفاظ واضحة في أدائه، يحترم الكلمة إذ لايبلغ حرفاً من حروفها، ولايشطرها لطول نفسه، وله إحساس جميل متدفق في إخراج الترنيمات بصورة لايجاريه فيها أحد، وعزفه مبتكر، متقن العزف على العود القديم ذي الأربعة أوتار، ويجد العارف في أصول الغناء نفسه أمام موهبة خارقة متفوقة إلى حدٍ كبير بالرغم من مرضه وسقوط أسنانه لكبره في السن.
ويستطرد المرشدي في وصف موهبة الشيخ قائلاً: «ويعود هذا النبوغ في أن الشيخ علي قد عشق الغناء صبياً، وكبت هذا العشق وظل عليه حتى بعد أن تعلمه بينه وبين نفسه إعتباراً لسوء أحوال ممارسة الغناء في وقته، ولذا صمت الشيخ علي دهراً، وعند بلوغه سن الشيخوخة وجد نفسه غير قادر على الإستمرار في حبس موهبته فخرج إلى الناس بفنه إشباعاً لرغبته وموهبته من جهة، ورزقاً حلالاً يجنيه له ولأسرته من جهة أخرى من خلال غنائه في حفلات الأعراس والتسجيلات الخاصة لشركات الإسطوانات المختلفة.
كان من عادته أن يدعو أصدقائه المحبين لفنه للمقيل في بيته ليمتعهم بالجديد الذي يصل إليه من هذا الفن، ومن جانب آخر كان يرفض دعوات مجالس اللهو والعبث والمجون التي كانت سائدة بكثرة في عصره، حيث كان المطربون الذين يحضرون مثل هذه المجالس يخرجون بغنيمة نقدية لا يحصل الشيخ الفنان مادون النصف من ذلك في مجالس الشرف، وإذا ما دعي لأي مقيل وكان في المقيل أناس يتحدثون أثناء غنائه أو أن من دعاه لا يوليه عناية خاصة من حيث المجلس المحترم والقات والتمباك الممتازين فإنه بكل سهولة يضع عوده في جرابه ويمشي دون كلام.
إن فن الشيخ علي أبوبكر وعفته وحرصه الشديد على احترام شخصيته رفعه إلى المكانة الأولى في الإحتراف الغنائي في عدن إلى أن لقي ربه في عام 1951م.
وعن مكان دفنه سألنا الأستاذ الشاعر/ أحمد بو مهدي الذي أجابنا قائلاً: «إن الممثل المسرحي القدير/ محمد عبدالله التاج، قد أعلمه أن الشيخ علي أبوبكر باشراحيل قد دفن في مقبرة المعلا بمحافظة عدن».
الشيخ/ إبراهيم محمد الماس
ولد الشيخ إبراهيم محمد الماس في مدينة عدن وتلقى دراسته في مدارسها الحكومية، وبعد انتهاء الدراسة انخرط في الوظيفة الحكومية إلى أن توفاه الله عام 1966م كما جاء في كتاب «الغناء اليمني القديم ومشاهيره» لمؤلفه الأستاذ الفنان محمد مرشد ناجي.
كان والده الشيخ محمد الماس المتوفي في عام 1953م مطرباً له شهرته الواسعة ويعد من أساطين الطرب في أيامه، له تسجيلات لبعض من الأغاني اليمنية القديمة في اسطوانات.
ينحدر والده محمد الماس من شبام في كوكبان شمال بلاد اليمن حيث كان يمارس الغناء، ونتيجة لما كان يلاقيه من مضايقات بسبب تحريم الغناء في عهد وأسرة آل حميد الدين فإنه اضطر للانتقال إلى عدن مع أسرته حيث جعل من منزله ملتقى لعقد جلسات الطرب مع زملائه أمثال الشيخ محمد العطاب الذي كان يفد إلى عدن بين الحين والآخر حاملاً في جعبته الكثير المتنوع من الأغاني اليمنية القديمة، وكان الفتى إبراهيم يحرص أشد الحرص على حضور مجالس الطرب التي كان يعقدها الشيخ العطاب مع أبيه حيث كان يتابع وباهتمام مايصل لأبيه من جديد في عالم الطرب، فقد كان ذلك مصدراً هاماً وعاملاً رئيسياً في تفجر موهبته وصقلها بالأنغام الشجية النابعة من صميم التربة اليمنية اختلطت بدمه ودبت في شرايينه، فأحس برغبة جامحة تدفعه لتعلم العزف على العود، وأخذ والده يدربه عليه وعلى أصول الغناء اليمني القديم بعد أن استمع الشيخ الوالد إلى صوت ولده الشجي، وتم له ما أراد فحفظ القصائد، والأساليب الغنائية عليها، وكان إلى جانب ذلك يستمع إلى الأغاني المصرية لسلامة حجازي وسيد درويش ومحمد عبدالوهاب، وحفظ من هذه الأغاني ماكان يعجبه حتى أنه سجل واحدة منها في أسطوانة وهي «متع حياتك» لسلامة حجازي.
بعد أن اكتمل نموه في الغناء ظل يمارسه كهاوٍ بين أصدقائه ولكن عندما قبل بالتسجيل لشركات الإسطوانات مقابل مبالغ مالية كان في ذلك مضطراً نتيجة لظروف والده وعائلته، له عشرة من الأبناء والبنات.
المطرب الشيخ محمد حمود الحارثي
ولد الشيخ محمد حمود ابن يحيى الحارثي في كوكبان عام 1933م 1355ه وفي الثانية من عمره أو يزيد تبناه عمه علي بن يحيى وأصبح وصياً عليه بعد سفر والده إلى الحبشة.
تعلم في كتاب مدينة كوكبان ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرستها العلمية ودرس فيها النحو الواضح ومتن الأجرومية وشرح الأزهار على يد كلٍ من العلامة يحيى بن حسين بن محمد شرف الدين والقاضي الشامي.
بدأ الغناء وهو في العاشرة من عمره فكان يغني لزملائه في الكتاب وفي كل لحظة يخلو فيها مع نفسه، وعندما انتقل إلى المدرسة العلمية كان قد عرف عنه جمال الصوت وحسن الأداء مما رشحه من قبل معلميه للقيام بتجويد القرآن الكريم، وبعد تخرجه اضطر للعمل في فلاحة وزراعة الأرض التي ارتبط بها وعشقها وتأثر بأغانيها وأهازيجها النابعة من روح وأصالة الموروث الشعبي الذي تزخر به بيئته التي نما وترعرع فيها.
استمع كثيراً إلى الأسطوانات التي كانت تصل سراً من عدن وتأثر بها فقد كانت بأصوات كثير من أساطين الطرب وأشهرهم آنذاك مثل الشيخ علي أبوبكر باشراحيل والشيخ أحمد عبيد قعطبي والشيخ إبراهيم محمد الماس والشيخ صالح العنتري وشيخ البار.
في عام 1957م تقريباً كانت له أول زيارة لمدينة صنعاء وفيها بدأت موهبته في الغناء والعزف تتفتق مما شجعه على الغناء عند بعض الزملاء والمقربين في المناظر «مجالس مضغ القات» وعرفه على الفنانين من زملاء مهنته أمثال علي بن علي الآنسي وأحمد السنيدار ومحمد قاسم الأخفش وغيرهم.
بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بأسابيع قليلة صدر أمر رئاسي به إلى قائد منطقة شبام كوكبان بارساله إلى صنعاء لتسجيل أناشيد ثورية في إذاعتها وتوظيفه في الفرقة الموسيقية التي تشكلت فيها بعد قيام الثورة مع زملائه الفنانين أمثال قاسم الأخفش، محمد قاسم الأخفش، أحمد السنيدار، علي بن علي الآنسي وعلي عبدالله السمة كما انضم إليها الفنان فضل محمد اللحجي الذي قدم من تعز ليسهم في دعم هذه الفرقة من خلال تدريب أفرادها على طرق وأساليب العزف والأداء والعمل معهم عازفاً على آلة العود والكمان ومدهم بالألحان التراثية والأناشيد الوطنية مثل أنشودة «بسم هذا التراب» التي غناها الفنان الراحل علي بن علي الآنسي والتي تحرض على الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني المحتل في جنوب الوطن آنذاك وهي من كلمات الشاعر صالح نصيب ولحن الفنان حسن عطاء.
تعامل مع شركات الإسطوانات في عدن وصنعاء وسجل لها أجمل أغانيه منها شركة عبدالرحمن المكاوي والدالي، وأشهر الأغنية الكوكبانية التراثية وأسهم في تقديم الأنشودة الوطنية ونشرها وكان أحد روادها فأحبته الجماهير وذاع صيته وسطع نجمه بشكلٍ ملحوظ في اليمن والجزيرة والخليج لما يقدمه من أغانٍ خالدة وأصيلة.
من الأغاني التراثية الصنعانية التي أشتهر بها:
الشوق أعياني عليك سموني ليت شعري مال غصن الذهب شقيق القمر جل من نفس الصباح.
من أشهر أغانيه التي لحنها:
1 ياحب ياضوء القلوب/ لعبدالله عبدالوهاب نعمان «الفضول».
2 في مبسم الفجر/ لعبدالله عبدالوهاب نعمان «الفضول».
3 قولوا لمن قد رافقوا شجوني/ لعبدالله عبدالوهاب نعمان «الفضول».
من أغانية الوطنية الموضوعية:
1 يافرحتي للرعية/ لمحمد الذهباني.
2 ياشمس عز الظهر/ لمطهر الإرياني.
3 ما أجمل الصبح/ لمطهر الإرياني.
4 بكور الرعيان/ لعثمان أبوماهر.
5 هذه أرضي وهذا وطني/ لأحمد العماري.
6 ياسبتمبر ياسبتمبر.
الشيخ /عوض عبدالله بومهدي المسلمي
في عام1907م رحلت الأسرة بكامل أفرادها في رحلة داخلية من محافظة شبوة صوب محافظة حضرموت على قافلة من الجمال وعند وصولها القافلة قرية بئر علي الواقعة على الشريط الساحلي بين محافظتي شبوة وحضرموت توقفت قليلاً لتشهد ولادة الفنان عوض عبدالله المسلمي حتى أنه لقب بعوض البير،جاء ذلك في كتاب «المسلمي حياته وفنه» لمؤلفه الشاعر/أحمد بومهدي ،كما جاء في قصة حياة هذا الفنان الخالد أنه ينحدر من أسرة ميسورة الحال سيطرت الأمية على معظم أفرادها نتيجة التخلف في الريف والمدينة.
كان أخوه الأكبر عمر عبدالله بومهدي المسلمي شاعراً شعبياً له عدة أشعار مدونة ومساجلات شعرية في مجالس الأدب،وهو صديق حميم للشاعر الغنائي المعاصر حسين أبوبكر المحضار.
عندما بلغ عوض المسلمي حوالي الثانية عشرة من عمره أصيب بمرض الجدري أفقده نعمة البصر وحال دون تعليمه ولكنه لم ييأس فكانت تلك الحادثة دافعاً وحافزاً له في تنمية مواهبه الفنية فاستطاع أن يجمع بعض من أصدقائه في الحارة ويشكل منهم فرقة فنية آلاتها بدائية محلية الصنع وهي عبارة عن صفيحة فارغة وأوتار مشدودة في بعض المسامير أطلق عليها تسمية آلة العود،كما كانت هناك آلة السمسمية أيضاً،كانت هذه الفرقة تعزف بعض الألحان الحضرمية المشهورة التي وضعها المطرب الحضرمي المشهور«سلطان ابن الشيخ علي آل هرهرة».
غادر إلى الخليج العربي على إثر خلاف حدث بينه وبين أخيه الأكبر،حيث مكث هناك ثلاث سنوات عاد بعدها إلى الشحر وهي المدينة التي نشأ وترعرع فيها وبعد أن قضى قرابة عام قرر المغادرة تحسباً لاشتداد الخلاف بينه وبين أخيه مرة أخرى،وفي هذه المرة كانت قبلته عدن حيث اتفق مع «الناخوذا» على نقله مقابل أن يكون مطرب الساعية طوال فترة الرحلة،وكان المسلمي يجيد العزف على السمسمية إجادة تامة.
كان وصوله إلى عدن عام1928م وهناك تعرف على الفنان عمر محفوظ غابه الذي أعجب بصوت المسلمي ودقة أدائه فقرر اصطحابه في كل حفلة في المخادر والمقايل كضارب على الدف والدربوجة وكان لايبخل على رفيقه بالتشجيع حيث كان يتيح له فرصاً كثيرة ويقوم بتعليمه ضبط أوتار العود تمهيداً للبدء في تعلم العزف عليه فنجح المسلمي وهو الضرير في العزف على آلة العود وضبط الأوتار فكان سريع الالتقاط والحفظ،وكما يقال بأن الشيخ علي أبوبكرباشراحيل كان يخشى أن يغني أغنية جديدة وصلت إليه من صنعاء أو يافع بوجود المسلمي في مخدرة أو في أي حفل آخر لأنه سرعان ما يلتقطها.
ذاع صيت المسلمي ولمع اسمه الفني نتيجة لمشاركته الكثيرة في حفلات الزواج ومجالس القات وتجاوزت شهرته عدن إلى الريف والصومال وجيبوتي وكون لنفسه تختاً موسيقياً صغيراً اختار له بعض العازفين أمثال محمد سعد عبدالله الذي استفاد كثيراً من صحبته للمسلمي،حيث اتيحت له الفرصة للتعرف على ألوان الغناء اليمني وأساليب أدائه مما أدى إلى تدعيم الروح الفنية في أعماقه.
أول أغنية سُجلت للمسلمي على اسطوانات كانت للشاعر عبدالمجيد الأصنج«من للباب ذا المغلق» على لحن أغنية القمندان الشهيرة «حالي يا عنب رازقي» وذلك في عام 1951م.
لقد كان المطرب عوض عبدالله المسلمي يتمتع بصوت جميل ويُعد من المجيدين للموشحة اليمنية وكل ألوان الغناء اليمني ويحفظ الكثير من القصائد اليمنية والعربية الأمر الذي جعله في قائمة كبار المطربين أمثال الشيخ علي أبوبكر باشراحيل.
في أيامه الأخيرة أصيب بمرض السرطان وسافر إلى الكويت لتلقي العلاج حيث مكث هناك ثلاثة أشهر عاد بعدها إلى عدن وهو يشعر بتحسن كبير في صحته وذلك في عام 1975م ولكن المرض عاوده بغتة وقضى عليه يوم السبت الأول من نوفمبر من نفس العام بعد عمر طويل قضى سبعة واربعين سنة منه في خدمة الفن اليمني.
الشيخ أحمد عبيد قعطبي
ولد الشيخ أحمد عبيد قعطبي بمدينة عدن من أسرة فقيرة وتلقى أصول الغناء من والده الحاج عبيد علي بلابل،وكما روى الشاعر علي بن علي صبره للفنان الاستاذ محمد مرشد ناجي أن الحاج عبيد قد تعلم الغناء من الشيخ ظافر أحد مطربي صنعاء حيث استقر به المقام في قعطبة فترة ليست بالقصيرة هرباً من سوء أحوال الغناء في شمال بلاد اليمن قبل ذهابه إلى الحبشة،فأخذ منه الحاج عبيد علي بلابل ماأخذ من أساليب الغناء اليمني،وحفظ من القصائد ما حفظ.
وكما روى عبدالله عبيد قعطبي للشاعر الشعبي أحمد بومهدي الذي كان رفيق شقيقه أحمد عبيد في الاحتراف الغنائي ضارباً على الدف:أن أخاه أحمد عبيد كان أمياً لم يفلح في تعلم القراءة والكتابة بسبب قسوة«الفقيه» بالرغم من محاولات والده الكثيرة مع ابنه ومع «الفقيه» ولكن دون جدوى،ولكن الوالد كان قد لاحظ شدة ميول ولده للغناء واهتمامه الزائد به فقرر تعليمه العزف على العود وكان سنة آنذاك قد جاوز الثانية عشرة وفي فترة قصيرة استطاع أن يسيطر على العود ويبرع في العزف عليه،بعدها تمكن من حفظ بعض الألحان القديمة والقصائد،ويقول الشاعر أحمد بومهدي أن بداية خروج أحمد عبيد قعطبي إلى الناس كان عازفاً على آلة العود للمطربين أ حمد عوض الجراش وعوض الجراش وعوض عبدالله المسلمي.
وجاء في كتاب المرشدي«الغناء اليمني القديم ومشاهيره» عن الشيخ أحمد عبيد قعطبي مايلي:«عند ظهور المطرب أحمد عبيد قعطبي على المسرح الغنائي كمطرب محترف لفت إنتباه الناس جميعاً،وتقدم على أقرانه من معاصريه في حفلات الزواج ومجالس القات التي كانت المجال المتاح للقاء الفنان بمحبيه،حيث كان صوته جميلاً وواضحاً وعزفه وأداءه في منتهى الإتقان والإجادة،ذلك أنه كان متأثراً بالشيخ صالح عبدالله العنتري أحد أساطين الطرب في الاربعينيات،وهو من القلائل الأكْفاء«بتسكين الكاف وفتح الفاء» الذين يحفظون رقماً كبيراً من القصائد الشعرية إلى جانب إجادته التامة لكل ألحان التراث النغمي الشجي في اليمن وألحان الجزيرة العربية وبعض الألحان المصرية والهندية،وكانت ريشته على أوتار العود ناعمة وحساسة وصوته عذباً وأداءه متقناً ومثلما ترك بصماته على القعطبي فقد تأثر به أخرون أمثال: عبدالقادر بامخرمة وعلي عبدالله السمة وأيضاً الفنان عثمان علي من جيبوتي حيث لايزال نفس «بفتح الفاء» العنتري وريشته وأداءه واضحاً في هؤلاء المطربين الذين سبق ذكرهم.
إن ما يميز القعطبي عن غيره أنه كان منظماً في إقاعاته ملتزماً بها لوجود الانسجام التام بينه وبين شقيقيه عبدالله وعبدالكريم كما جاء في سيرته الواردة في كتاب المرشدي وكان صوته قوياً وأكثر صفاء ،وكان إلى جانب ذلك أكثر إجادة وتنظيماً من أسلافه كالعنتري ويوسف عبدالغني وحامد عوض القاضي وكذلك على معاصريه في الألحان الهندية حيث كان مواكباً لأغاني الأفلام الهندية الرائجة،والتي كانت مكثفة في دور السينما وقتئذ وكان يقدمها للناس في حينها على قصائد عربية جميلة فتلقى رواجاً وإعجاباً من كافة الفئات في عدن،وكان الناس إذا سمعوا بوجوده في «مجلس قات» أو حفلة زواج هرعوا مبكرين ليكونوا على مقربة منه.
وفي رواية من شقيقه عبدالله للشاعر أحمد بومهدي«مجلة الفنون» أن الشاعر الأستاذ عبدالمجيد الأصنج كتب قصيدة إعجاب بفن القعطبي وقدمها له في إحدى حفلات الزواج في مدينة الشيخ عثمان جاء فيها:
لقد سمعنا كما أردتم
فهل سكرتم كما سكرنا
وما ملكنا كما ملكتم
ياأبلغ المطربين لحنا
رفقاً بقلبي إذا قرعتم
على الرخيم الذي ألفنا
لأن لي فيه لو علمتم
وحياً يزيد الأديب ذهنا
ويعتبر القعطبي واحداً من المطربين الذين غطت شهرتهم الساحة اليمنية،وأجزاء من الجزيرة العربية لإجادته الغناء اليمني القديم،وقد سجل القعطبي لشركة اسطوانات«طه فون» وكان توزيع هذه التسجيلات خيالياً ولكنه خرج منها«طفيري وعليه اسم الله» على رأي المثل الشعبي،من الصفقة التي درت على صاحب الشركة أرباحاً طائلة،كما ورد في سيرته عند المرشدي.
ومما جاء في سيرته أيضاً:أنه كان يتمتع بصفات غنائية وشهرة واسعة إضافة إلى وسامته وشبابه وأناقته،وهو ماعرضه لإغراءات جرته إلى مواقع كان يجب أن يحذر عاقبتها ولكنه للأسف لم يحذر بل غرق حتى النخاع وتعرض بعد ذلك لأمراض عديدة أفقدته القدرة على مواصلة الغناء إلى أن ظهرت الإذاعة في عدن عام 1954م فسجل لها مجموعة من الأغاني سبق تسجيلها على الاسطوانات وهو في حالة مرضية ،وفي هذه التسجيلات يلاحظ العارف اهتزازاً في صوته وعزفه،وبعدها اشتد عليه المرض وأقعده في منزله سنين طويلة إلى أن توفي شاباً في عام1969م.
الأستاذ المطرب/محمد مرشد ناجي
من مواليد 6نوفمبر من عام 1929م بمدينة الشيخ عثمان وهو ينحدر من أسرة فقيرة،تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الحكومة الابتدائية في الشيخ عثمان وانقطع عن مواصلة الدراسة في المدارس الحكومية الثانوية بحجة كبر سنه «الأوفرايج» كما كان يطلق عليها،ولم يستسلم وهو الذي عاش فقيراً مع والده العامل في شركة «المملاح» سابقاً فتلقى مبادئ تعليمه الثانوي على يد الشيخ صالح حسن تركي جد المطرب اسكندر ثابت ثم واصل الدراسة بالاعتماد على القراءة والاطلاع ودخل معركة الحياة وقد عصرته الآلام فكان عمله الأول في الظهران المملكة العربية السعودية.
عاد ليعمل سكرتيراً للنائب الفضلي المرحوم حسين بن عبدالله ثم عمل مدرساً في مدرسة النهضة العربية في الشيخ عثمان وترقى فيها إلى نائب مدير.
خرج من المدرسة ليعمل سكرتيراً خاصاً للسلطان عبدالله بن عثمان الفضلي،وقد زار معه أوروبا والشرق الأوسط.
كما عمل أيضاً كاتباً في شركة الزيت البريطانية.
قام بتأليف كتابه الأول«أغانينا الشعبية» عام 1959م ثم كتابه الثاني «الغناء اليمني القديم ومشاهيره» عام 1983م كما كتب أيضاً مسرحية بعنوان «علي حسين طز البيسه» ومن كتاباته أيضاً مسلسلاً إذاعياً بعنوان«عدن والقبطان هنس».
بدأ عشق الغناء وهو في سن مبكرة،وكان في البداية يمارسه مع بعض المطربين القدامى ومع بعض اصدقائه الصغار للترفيه كهواية بجانب هوايته لكرة القدم،ثم ما انفك يكبر مع كبر سنه وبرزت موهبته الموسيقية وكان من أشهر لاعبي كرة القدم «نادي الواي» سابقاً وفي نادي الشباب الثقافي بالشيخ عثمان،وهناك وجد الجميع يدفعونه إلى الغناء لخدمة القضية الوطنية فكانت بداية المشوار الحقيقي في الفن من هذا النادي الثقافي الذي كان يضم الكثير من الشخصيات البارزة في المجتمع منهم السياسي والأديب والشاعر والتاجر والمدرس والصحفي، وبدأ العداء مع السلطات الاستعمارية وركائزها في المنطقة، تأثر في بداية حياته الفنية بالفنانين خليل محمد خليل وسالم أحمد بامدهف وانعكس هذا التأثير على باكورة الحانه الرائعة «وقفه، شبابك ندي ريان،هجرت وابعدتني، وخلاني وراح »ثم اتخذ لنفسه طريقاً خاصاً به بعد أن حدد موقفه السياسي وانضم إلى الجبهة الوطنية المتحدة وأصبح عضواً تنفيذياً في قيادتها.
وفي مبارز القات والمخادر والحفلات العامة التي كان يقيمها سنوياً استمع الناس إليه وهو يردد العديد من أغانيه الوطنية نذكر على سبيل المثال: هات يدك على يدي،يا ابن الجنوب، أخي كبلوني، أنظر أخي وغيرها من الأغاني الوطنية التي لعبت دوراً كبيراً وهاماً في مسار الحركة الوطنية على مستوى الساحة في الشطرين آنذاك كما غنى العديد من الأغاني الوطنية لثورة 26 سبتمبر في شمال الوطن منها:«شعبي ثار اليوم» ، «ياطير يارمادي» ،«أنا الشعب».
في عام 1951م إنضم إلى ندوة الموسيقى العدنية قبل أن يلحن لنفسه فكان دائماً مايغني ألحان المطرب خليل محمد خليل بصوته بعد أن يعطيها من روحه وإحساسه المميز يشخصيته المستقلة في العزف والأداء حتى يخيل إلى من يسمعها أنها من ألحان المرشد نفسه وإذا كان المرشد قد تأثر في بداية حياته الفنية بغيره من الفنانين من حيث صياغة اللحن كما يقول إلا أنه لم يكن يقلد غيره في الصوت والأداء حتى عندما كان يغني الأغاني المصرية والمحلية ونذكر على سبيل المثال:
هويته وحبيته: كلمات وألحان عبدالله هادي سبيت.
وقال بو زيد: كلمات صالح فقيه وألحان عبدالله هادي سبيت.
تمتاز ألحان المرشد بالمحلية فقد تأثر كثيراً بالتراث اليمني الأصيل واستمد ألحانه وهذا ماميزه عن غيره من معاصريه وأكسبه الشهرة في مجال الأغنية اليمنية داخل وخارج المنطقة اليمنية، وذلك لأصالة ألحانه التي جادت بها قريحته وموهبته نذكر منها: وقفه، حواء، نظرة من مقلتيها،لا تخجلي،أخي كبلوني، مع السلامة، حبيب جاني عتابك، يابلادي ،قطفت لك، مش مصدق، على ذكراها، طول جفاه، هجرت وأبعدتني، أنت السبب،عرفت الحب، يارسول الله ، يا نجم ياسامر،الطير الرمادي، يا كذا وإلا كذا.
غنى له المنلوجست الكبير فؤاد الشريف منلوج «القات» وكركر جمل،سير ياطير سير، عملت ايش بالبلدية ،يا مجلس تشريعي، حلو لو، امنعوا الهجرة منلوج الزار، ياناس حلوا المشكلة.
كماغنى له المطرب محمد عبده سعد أغنية «طول جفاه» وغنى له المطرب محمد عبده زيدي «أغنية فلسطين» وغنت له المطربة نبيهة عزيم «أنا أنثى عربية» والمطربة رجاء باسودان «داري هواك» أما المطرب محمد صالح عزاني فغنى له «أنت السبب» وابوي ايش الذي قد صار، ياالله السبق،كما اشتراك العزاني مع أحمد ناجي قاسم وفتحية الصغيرة في أسكتش «بنت الأكابر».
وغنى له الفنان المطرب طه فارع من ألحانه أيضاً: كما غنى المطرب عبدالرحمن الحداد من ألحانه «حبيب القلب» و«لقيت يا أماه».
والمطربة أمل كعدل غنت له أغنية الوحدة بالاشتراك معه وأغنية بامعك بامعك وغنى من ألحانه أيضاً المطرب أحمد علي قاسم «ريح الشروق» وغنى أيضاً المطرب أبوبكر سكاريب «مش معقول» كما غنى معه المطرب عوض أحمد نشيد ياجيلنا.
في العام 1983م صدر له كتاب بعنوان «أغانينا الشعبية».üوفي العام 1938م صدر له كتاب آخر بعنوان «الغناء اليمني القديم ومشاهيره».
عين مساعداً لنائب وزير الثقافة والسياحة وذلك في العام 1986م.
وفي العام 1997 فاز في انتخابات مجلس النواب اليمني ممثلاً لمديرية المنصورة محافظة عدن.
لايزال أستاذنا المرشدي في قمة العطاء والشهرة وهو من القلائل الذين ساهموا مساهمة فعالة في تطوير الأغنية اليمنية من حيث اللحن المستمد من التراث اليمني الأصيل وإحياء بعض الأغاني التراثية منها الصنعانية واللحجية واليافعية.
ومن الأغاني التي أحياها وأبرزها بثوب قشيب نذكر على سبيل المثال:
صادت فؤادي،زمان الصبا، عيون المها، عظيم الشأن، يا من سلب نوم عيني طرفه النعسان، يامكحل عيوني بالسهر، الفل والورد وغيرها.. ü من كتاب «لمحات من تاريخ الأغنية اليمنية الحديثة» لمؤلفه الأستاذ الفنان/ طه محمد فارع، «الطبعة الأولى 1985م.
الفنان محمد سعد عبدالله
من مواليد محافظة لحج مدينة الحوطة عام 1934م، كان والده الشيخ سعد عبدالله مطرباً ذائع الصيت، وقد جاء عنه في كتاب الأستاذ الفنان محمد مرشد ناجي «الغناء اليمني القديم ومشاهيره» مايلي:«من الأخبار غير المؤكدة كما يقول الأديب عبدالله الرديني أن الشيخ سعد عبدالله أصلاً من مدينة كوكبان «شمال غرب مدينة صنعاء» ويقول الحاج عوني حسن العجمي أن الشيخ سعد برأي والده ورأي الكثيرين ممن عاصروه يعد شيخ مشائخ زمانه في الغناء، لحافظته لألحان الموشح اليمني وألوان أخرى من الغناء،إلى جانب أنه يحفظ ثلاثة آلاف مقطوعة شعرية وأنه كان أديباً وشاعراً ويتمتع بصوت جميل أخاذ»،
ومن الأخبار المؤكدة ما رواها لي والدي المولود في مدينة الحوطة حيث يقول: «شهدت الفترة التي أشتهر فيها الشيخ سعد عبدالله الذي حل مع أسرته في مدينة الحوطة وتزوج فيها من امرأة تدعى سعود، وكان يسكن في الحي الذي نسكن فيه، أنجبت له زوجته ولداً اسماه محمداً، ثم مالبث أن طلقها ومن بعده تزوجت وعاشت مع زوجها في مدينة الشيخ عثمان أما محمد سعد فقد عاش مع أبيه في منزل جده مسعد لعور زوج جدته فاطمة أم أبيه وبين عماته نعمة وقبول وسعود».
انتقل ليعيش مع أمه وزوجها في المنزل الكائن في مدينة الشيخ عثمان خلف حارة الصباغين،وكان يلتقي بأصدقاء له من محبي الغناء والطرب ويقضي معظم أوقاته معهم ثم يعود بين الحين والآخر إلى حوطة لحج التي قضى فيها سنوات طفولته الأولى وحفظ الكثير من أنغامها وألحانها وإيقاعاتها فكان له الزاد والمعين الذي لاينضب إلى جانب ماورثه عن أبيه من حب كبير للغناء والطرب دفعه في بداية حياته الفنية إلى البدء في تعلم العزف على الآلات الإيقاعية، وعلى الرغم من سنه المبكر فقد كان حريصاً أشد الحرص على مصاحبة بعض مشائخ الغناء والطرب في ذلك الحين أمثال المطرب عوض عبدالله المسلمي والمطرب إسماعيل سعيد هادي والمطرب أحمد عوض الجراش الذي تأثر به كبيراً والعمل معهم في المخادر والأعراس ضارباً على الإيقاع أو الدف وأحياناً يقوم بدور مردد «كورس» مما ساعده على إجادة أصول الموشح الغنائي اليمني القديم «الصنعاني» فقد كان يشترط في ضارب الإيقاع أن يكون موهوباً ويتمتع بصوت جميل حتى يستطيع القيام بدور الكورس في الأغاني التي تتطلب ذلك،وربما يستطيع أن يقوم بالغناء إذا طلب منه ذلك مطرب السهرة الأساسي وإذا كان هذا العازف حافظاً للموشحة اليمنية «الأغنية الصنعانية» وأتيحت له الفرصة ليغني في أكثر من مناسبة فلابد له من تعلم العزف على العود، وإذا ما تمكن من ذلك فإنه يستطيع أن يكون تخته الخاص به وينافس المطربين في إحياء حفلات الزواج ومجالس القات، ومن خلال هذا التقليد التدريجي تخرج كثير من المطربين في عدن ومنهم بن سعد.
وحتى يستطيع أن يكون شخصيته المستقلة من خلال نتاج فني خاص به يحمل لونه ويميزه عن بقية زملائه المطربين بدأ بالتعامل مع بعض الشعراء لمده بالقصائد فكان له ما أراد عند ماخصه شاعر الرابطة الموسيقية العدنية آنذاك الدكتور محمد عبده غانم بقصيدة «محلا السمر جنبك» التي لحنها بنفسه ولاقت نجاحاً منقطع النظير فقد جاء اللحن مبنياً ومطابقاً للون الغناء في لحج وعلى طريقة الدان المبنية عليه كل الألحان اللحجية فهو قد تأثر بالمطرب فضل محمد اللحجي وأعجب به كثيراً وشدا ببعض ألحانه واشتهر بها منها أغنية «سرى الليل ياخلان» وأغنية «يوم الهنا والمسرة»، هذا التأثر بدا واضحاً في أغنية «محلا السمر جنبك» التي بدأها بمقام حجاز اليمن على درجة الدوكاه وهو نفس مقام أغنية «سرى الليل يا خلان» وأغنية «يوم الهنا والمسرة» أما لحن الكوبلية فقد جاء مبنياً على نسبة بياتي على درجة الدوكاه مع ملامسة مؤقتة لمقام ،كما استخدم فيها إيقاع الزف اللحجي وكلمة «ألا» التي تتكرر كثيراً في الأغاني اللحجية وعلى طريقة غناء الدان ليؤكد تأثره به، وانتماء هذه الأغنية إلى لون الغناء في لحج.
كما لحن للشاعر الأستاذ إدريس أحمد حنبلة قصيدة «سل فؤادي الحزين» كل ذلك كان ضمن نشاطه وارتباطه بالرابطة التي تأسست بعد قيام الندوة الموسيقية العدنية بثلاث سنوات، ومن خارج الرابطة قدم للشاعر لطفي جعفر أمان «ليش هذا الهجر» وللشاعر على أمان «ماله كده طبعك».
في أوائل الخمسينيات ساقته الأقدار إلى حضرموت وكما يقول الأستاذ عبدالله صالح حداد وهو من أهالي مدينة الشحر في مقال له نشر في الكتاب الذي أصدرته جامعة عدن في الذكرى الأولى لوفاة بن سعد وكان بعنوان «محمد سعد عبدالله .. أعز الناس »: «لاندري ما الذي ساقه للذهاب إلى حضرموت هل لتلقي المزيد من الدروس الفنية؟أم للتعرف على ألوان جديدة لاختبار قدراته وإمكاناته في الغناء والعزف؟ أم لاكتساب الخبرة والتمرين والتجربة؟ فقد جاء بن سعد إلى حضرموت في وقت كانت فيه الأغنية الحضرمية قد شابها شيء من الركود بعد سفر الفنان محمد جمعه خان إلى المملكة العربية السعودية وهي فرصة سانحة للفنان محمد سعد عبدالله الذي شاع صيته في المكلا من خلال حفلات الزواج التي كان يحييها وسرى خبره إلى الشحر والغيل وغيرها ثم إلى داخل حضرموت، وكانت له لقاءات خاصة اكتسب من خلالها أصدقاء جدد وزار بعض الفنانين غير أن زيارة واحدة ربحت فقد كانت للفنان عبدالله حاج بن طرش وتلاحقت تلك الزيارات لهذا الفنان الذي وجد فيه بن سعد أول الطريق المنشود فقد سمع منه أغلب ألوان الغناء في حضرموت وتعرف على الطرق المختلفة في الأداء والعزف لكن الأهم هو التعرف على أنواع الإيقاعات الممارسة على أكثر من صعيد..
كما جاء أيضاً:«لم يطل المقام بالفنان محمد سعد عبدالله بالمكلا حيث كان الفنان بن طرش ممن يعتادون الهجرة إلى خارج الوطن فتوجه بن سعد إلى الشحر وكان ذلك في الأشهر الأخيرة من عام 1953م فالتقى هناك بالفنان سعيد عبدالمعين الذي عرفه في مدينة الشيخ عثمان والتف حوله عدد من الفنانين ووجهاء المدينة وعشاق الفن من الشعراء والملحنين والمطربين ومنهم الشيخ منصور ناصر عبده أحمد والشيخ حسين عمر بن الشيخ علي والشاعر حسين أبوبكر المحضار وضارب الرق الشهير سعيد فرج باقيس المعروف بسعيد الجاوي والفنان عازف العود عبدالله عبيد زعبل، وسمع منهم الكثير وتبادل معهم المعارف وطرق الأداء والعزف كما سمعوا منه أغانٍ صنعانية وأخرى لحجية ومصرية كثيرة منها أغانية ياشراعاً لمحمد عبدالوهاب وأغنية بساط الريح لفريد الأطرش وأغنية على شط بحر الهوى لكارم محمود وغيرها من الأغاني، وعندما بدأت إذاعة عدن تبث برامجها وتقدم أغان للفنانين في مدينة عدن في أغسطس 1954م وبعد عودته من حضرموت سجل العديد من الأغاني الحضرمية لإذاعة عدن مثل «عليك العمد» و«رب إني قصدت الباب» و«يا من على الصد» والثلاث لموسيقار الشحر الشاعر الملحن عبدالله محمد باحسن، وأغنية «بالغواني قلبي مولع» لحامد السري وأغنية «سبوح ياقدوس» للشاعر سالم بانبوع وأغنية «يقول بن هاشم بكت لعيان » لحداد بن حسن الكاف وأغنية «قال بن هاشم أنا قلبي سلي» لحسين البار وأغنية «إلام إلام زماني» لبهاء الدين زهير ولحن محمد جمعه خان».
لا غرابه في أن يؤدي بن سعد هذه الأغاني الحضرمية فقد حباه الله الموهبة والقدرة الفائقة على أداء هذا اللون من الغناء ومامكنه من ذلك أيضاً قدرته على العزف على العود ومايتمتع به من صوت شجي قادر على أداء جميع الألوان الغنائية اليمنية والعربية.
ظهر تأثير اللون الحضرمي عليه في تأليف وتلحين وأداء أغنية «من بلي بالهوى» التي جاءت بكلمات ومفردات تستخدم عادة في نمط وطريقة الشعر الغنائي الحضرمي أما اللحن فقد استخدم فيه نفس العناصر والأدوات المستخدمة عادةً في تلاحين الغناء الحضرمي كالإيقاع المحلي المعروف بالشحري «الرباعي المقسوم» وكذا استخدامه لمقام حجاز اليمن المستخدم في صياغة الكثير من الأغاني الحضرمية، كما أن مااكتسبه من خبرة في أداء هذا اللون قد ساعده كثيراً في صياغة اللحن من روح وأصالة الغناء في حضرموت ولم لا وهو الذي عشق الأغنية الحضرمية وجرت نغماً وإيقاعاً مجرى الدم في عروقه فقد قال في حديث تلفزيوني: «أنا أجيد الأغنية الحضرمية كوني عشت في حضرموت سنين مش قليل».
ومن عجيب ماجاء في مقال الأستاذ عبدالله صالح حداد أن الفنان محمد سعد عبدالله قال:«لا يظن الأخوة في حضرموت أن هذه الأغنية من بلي بالهوى لأحدهم ولكنها من إبداعي «شعراً ولحناً» ثم سجلها على شريط كاسيت وكتب على غلافه العبارة التالية:
هذه الأغنية من التراث، كما أنه لم يدونها في ديوانه «لهيب الشوق» الذي كتب مقدمته الفنان محمد مرشد ناجي».
نجح في تلحين بعض الأغاني على الطريقة التقليدية المتبعة في الغناء اليمني القديم «الصنعاني» وعلى مقامات موسيقية تتميز بنكهتها اليمنية وكذا استخدامه لإيقاع الوسطى المستخدم عادة في لحن المقطع الثاني من الأغنية الصنعانية، فمن شعره لحن على مقام حجاز اليمن وإيقاع الوسطى أغنية «غزال البيد» وأغنية «خلي السر مكنون» كما لحن من شعره أيضاً وعلى مقام البياتي وإيقاع السارع أغنية «أمير الغيد».
يُعد من الرواد الذين أرسوا القواعد والأصول الفنية للأغنية اليمنية الحديثة وعملوا على تطويرها من خلال تقديمه لأروع الألحان المستمدة من روح وأصالة التراث الغنائي اليمني ومن التراكم النغمي والإيقاعي الذي حفظه، تلك الألحان التي ترتقي إلى مستوى أعمال كبار الملحنين ليس في اليمن وحسب بل وعلى المستوى العربي أيضاً وهذا هو سر نجاحه وسر إعجاب الجمهور به.
له إسهامات كثيرة في مجال الأغنية الوطنية الموضوعية فقد ألف ولحن العديد من الأغاني والأناشيد عند قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م ضد الأمامة في شمال الوطن و اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جنوبه والتي لعبت دوراً كبيراً في إلهاب حماس الجماهير إبان مرحلة الكفاح ضد الاستعمار البريطاني منها «قال بن سعد» وأغنية «يايمني هذي بلادك» وأغنية «الذهب الأحمر».
وأغان أخرى قدمها بواسطة الاسطونات في عدن المستعمرة آنذاك وقدم المزيد بعد جلاء الأم، مثل أنشودة «بلاد الثائرين» وأغنية «سعيدة» ويقصد بها اليمن السعيد وأوبريت «زائر من الأرض» كما قدم أيضاً أنشودة «مواكب الثورة» مع الفنان يوسف أحمد سالم.
وبعد طول معاناة وصراع مع المرض لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى الجمهورية بعدن صباح يوم الثلاثاء الموافق 16 ابريل من عام 2002م بعد أن ترك لنا تراثاً فنياً لايتكرر، فهو صاحب مدرسة فنية متميزة جديرة بأن نطلق عليها «مدرسة بن سعد التجديدية».
كرمته الدولة بإطلاق اسمه على الشارع الممتد من أمام مكتب بريد الشيخ عثمان مروراً بملاهي عدن «بستان الكمسري سابقاً» وانتهاءً بالطريق العام المؤدي إلى مدينة دار سعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.