النظرات الصادرة عن معاينة لقوانين موضوعية لم يخترعها علماء الجدل الفلسفي بل تتبعوا آثارها في الطبيعة .. إذا مانقلنا هذه القوانين إلى حركة الفكر سنجد أن الفكر الإنساني يستقيم على الجدلية الصراعية والحوارية مما يجعل تكامل الحضارات الإنسانية موسوماً بصراعها في آن واحد لأن الرؤى والأفكار الإنسانية تتسم بخصائص نسبية أبرزها : انها رؤى اجتهادية تتقرى ماتراه وتعاينه وتستطيع اثباته . وبالتالي فإنها لابد ان تكون قاصرة بمعنى من المعاني . انها افكار تتلاقح مع المصالح الحياتية والصراعات الدنيوية وبالتالي فإنها لاتخلو من التلفيق واجتراح التخريجات المغلفة بالكذب والزيف..أنها أفكار تحاول مسخ الآخر وتنميطه بوصفه ضالاً أو متخلفاً أو مكابراً .. وما إلى ذلك من وصوف ونعوت قد لاتكون صادقة . أثبت التاريخ الواقعي المعروف للبشر أنهم أبعد مايكونون عن الرشد والاسترشاد بالقيم الروحية حتى وان لهجوا بها وظلوا يستدعونها في خطابهم وتنظيراتهم .. فالقليلون هم من عصمهم الله وأعطاهم منّة الصدق والإيمان والمحبة .. اما الكثرة الكاثرة فإنها بعيدة عن ذلك بهذا القدر او ذاك . “من الطبيعي والأمر كذلك ان نرى في مقولتي الحوار والصراع قابليات نسبية .. أيضاً أن نرى أن أنصار الحوار المطلق يعانقون المثال صعب المنال .. أما أنصار الصدام التام للحضارات فإنهم ليسوا سوى أنصار للشيطان .. يريدون هدم القديم باستتباعاته الروحية وخصوصياته التي تثري الأمم . هؤلاء التدميريون يفتحون الباب لزلازل وويلات تضع البشرية في قلب معترك قادم أفدح بكثير من كل ماعرفناه وقرأنا عنه .