يا رفاقَ الحرفِ لم تذروا فكرةً للشعر تُبتَكرُ قد قنصتم كلَّ آبدةٍ ما دنا من عُصْمها بشر وأفضتم من بدائعكمْ غُرَراً من بعدها غُرَر صرتُ فيكم مثلَ مكتسِبٍ تمرةً تُهدَى بها (هَجَر) غيرَ أني مُورِدٌ خبراً وعلى عِلاّته الخبر فأنا الراوي له وأنا شاهدٌ والنهرُ والشجر ذاتَ صُبحٍ شاقني (بردى) ماؤه والظلُّ والزَّهَر فتلقّتْني شواطئُهُ (يا هلا) وافترَّ لي النَّهَر!! كَرَمٌ في (الشام) أعرفهُ رحّبتْ بي مرّةً حَجَر وعلى إفريزِ ساقيةٍ رحتُ أستملي وأنبهر كلُّ شيءٍ ساحرٌ أَلِقٌأينما أفضى بيَ النظر (بردى) ينساب أغنيةً (حَوْرُه) القيثارُ والوتر جَنّةٌ في الأرض وارفةٌ حَوْرها يحلو بها الحَوَر وأجلْتُ الطرفَ في أُفُقٍ ثلجُه كالنَّدْف ينتثر وإذا عصفورةٌ ظهرتْ من جنوب (الشامِ) تبتدر وانثنتْ نحوي بلا وَجَلٍ من أعالي الجوِّ تنحدر هبطتْ هَوْناً على كتفي يترى أنفاسَها البُهر!! فلقد شطّ الرحيلُ بها ولقد أقصى بها السفر بعد أن حيّتْ على عجلٍ همستْ لي وَهْيَ تختصر (أزهرَ الوادي) فقلتُ لها: أيُّ وادٍ؟ إنها كُثُر قالتِ: الوادي الذي نُسِجتْ منه في أشعاركَ الصُّوَر أ (حوارٌ) ذاك؟ وابتدرتْ دمعةٌ في الخدّ تنهمر ثم طارت وَهْي تلفحني بجناحٍ عَرْفُه عَطِر إن هذا العَرْفَ أعرفهُ لي به عهدٌ ومُدَّكَر عَرْفُ زهرِ (البُنِّ) وا لهفي فشبابي فيه مُعتصَر أيها العصفورةُ انتظري فتولّتْ وامّحى الأثر وأدرتُ الأمرَ في خَلَدي فتجلّى عنديَ الخبر إنها (الخضراءُ) أعرفها منذ أنْ أسرى بيَ العُمُر في (حوارٍ) كنتُ أعشقها وهْي منّي شأنُها الحذر كنتُ ألقاها مُسقسِقةً ترشف (الكاذي)(1) وتعتصر وأناديها فتَرهبني وحشُها في عينها الشَّرَر وإذا غازلتُها نفرتْ في أعالي الدوحِ تستتر كان ظنّي أنه غَنَجٌ ودلالٌ أو هو الخَفَر وأتتْني اليومَ زائرةً تحمل البُشرى وتعتذر ألفَ شكرٍ يا عُصَيْفِرَتي وعداكِ الهمُّ والكدر همتُ في ودياننا شَغَفاً لستُ أستثني وأقتصر كلُّها في ناظري فَرَحٌ ولها في خاطري فِكَر و(حوارٌ) حين أذكرهُ فَهْو في العينين مُحتقَر لا سما بي للوفا خُلُقٌ إن عدا عن ذكره خضر فلَعَمْري سوف أذكرهُ ما توالى الشمسُ والقمر وأُغنّيه وأمدحهُ وأُناجيه وأفتخر ف(حوارُ) الخيرِ، ما برحتْ أرضُه للبذل تزدهر وعلى خيراته نبتتْ جلدتي، والعظمُ والظّفر فحَريٌّ أنْ يكونَ (أبي) أنّ وِردي منه والصَّدَر كنتُ يوماً في شواطئهِ يزدهيني جوُّه النَّضِر و(بَتولٌ) خلف آلتهِ للبتول الأرضُ يبتكر يزجر الثوريْنِ في طربٍ ويُغنّي وَهْو مُنْشَمِر يا (أبي) قوّاكَ يا (سعدُ) يا (أبي) حيّاك يا (زهر) سأناديه (أخي) و(أبي) و(جدودي).. ثم أعتذر (أزهر الوادي) فوا فرحي يا (حوارٌ) جادَكِ المطر وتغشّى صوبُ غاديةٍ كلَّ وادٍ غرسُه ثمر