إن لمرض البلهارسيا ثلاثة أدوار: تبدأ بدور الحضانة، فالدور الحاد، ثم تنتهي بالدور النزفي.. ويبدأ دور الحضانة باختراق المذنبات لجلد الإنسان وينتهي عند بدء الأنثى بوضع البيض في الأوعية الدموية وتظهر أعراض هذا الدور بسبب ماتخرجه الديدان من مبرزات تؤدي إلى تهيج الأنسجة ومحدثة أعراضاً «استهدافة» موضعية وعامة مثل التهاب الجلد في مواضع الاختراق وتظهر الخلايا المستحمضة في الدم مع سعال وحمى خفيفة آخر النهار مصحوبة بأعراض ارتكاريا وتضخم مصحوب بألم وإيلام بالكبد وتبدأ أعراض الدور الحاد بسبب ماتحدثه البيضات ذوات الشوكة من إصابات في أنسجة الأمعاء أو المثانة محدثة نزيفاً معوياً أو بولياً ومسببة إنيميا قد تكون بالغة الشدة مع أعراضها المعروفة «فقر الدم» أما الدور المزمن فيبدأ بما تحدثه البيضات الكثيرة التي لاتفلح في اختراق أنسجة الأمعاء والمثانة إلى تجاويفها، بل تبقى في الأنسجة المعوية أو المثانة محدثة حولها التهابات شبه درنية موضعية، تؤدي إلى تليف الأنسجة ويصبح جدار الأمعاء عديم المرونة أشبه مايكون بالمطاط القديم التالف كما يصبح جدار المثانة محلاً للرواسب الفوسفاتية فيصير خشناً متحجراً.. وفضلاً عن ذلك فأن كثيراً من البيضات يحمل في دم الوريد البابي إلى الكبد في حالة البلهارسيا المعوية حيث تحتبس في شعيرات الكبد محدثة تليفاً وتعويق مسير الدم في شعيرات الكبد وماينتج عن ذلك من تجمع السوائل في تجويف البطن «استسقاء» وتضخم الطحال وتنتهي حياة المريض نتيجة لفقدان وظيفة الكبد أو نزيف دموي غزير من أوردة المريء المتوسعة أما في حالة البلهارسيا الثانية فأن البيض المتراكم بتجويف المثانة يصبح مراكزاً ميسرة لتكونَّ الحصى كما يؤدي إلى تقرح المثانة والتهاباتها ومايضاعف ذلك من أورام قد تكون خبيثة تقضي على حياة المريض وسرعان ماينتشر التليف حول البيض في أعضاء الحوض حول المثانة وفي الحالبين فتنحط وظيفة الكليتين وتصيبهما الالتهابات والحصى ومضاعفاتها الكثيرة وكثيراً ماتنساب بيضات كلا النوعين من البلهارسيا إلى الدورة الدموية الرئيسية فتصل إلى الرئتين محدثة حولها التهابات شبه درنية ويندر أن تصل بعض البيضات إلى الدماغ أو أعضاء الجسم الأخرى محدثة أوراماً خبيثة، ويعتمد تشخيص البلهارسيا بالإضافة إلى الأعراض الاكلينيكية السابقة، على وجود البيضات المميزة في البول أو البراز، وكلما كان التشخيص مبكراً كان العلاج أدعى إلى الشفاء، والدواء الوحيد الناجع للبلهارسيا هو مركبات الانتيمون وأول هذه المركبات وأحسنها وأنجحها هو طرطيرات الأنتيمون والبوتاسيوم والطرطير المقيء، غير أنه لايمكن إعطاؤه إلا حقناً في الوريد تحت إشراف الطبيب وقد أدخلت بعده كثير من المركبات التخليقية مثل الأستيوفين والفوادين والريبودرال والأنثيومالين غير أنها كلها لم تصل بعد إلى مثل ماوصل الطرطير المقيء من نجاح وقد استعمل حديثاً مركب انتيمون جديد يسمى الميراسيل هذا الميراسيل يعطى بالفم.. إلا أنه يحدث تهيجاً معوياً معدياً ولايفيد إلا في حالة البلهارسيا البولية وبدرجة أقل نجاحاً من الطرطير المقيء الذي مازال الدواء المستعمل على أوسع نطاق.