البلهارسيا مرض متوطن واسع الانتشار في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وقد عرف في وادي النيل منذ قدماء المصريين، وإن كان انتشاره بالصورة المخيفة التي بلغها في بعض مناطق الدلتا «6080 في المائة من السكان» لم يعرف الا بعد مشروعات الري الكبرى التي أدخلت الري الدائم بدلاً عن ري الحياض. وينجم المرض عن العدوى بجنس من الديدان المفلطحة التي تعيش طفيلية في دم الإنسان تسمى بالمشطورات أو منفلقات الجسم ولها ثلاثة أنواع المشطورة البولية والمعوية واليابانية وتكثر الإصابة بالمشطورة المعوية في بلاد الوجه البحري مسببة البلهارسيا المعوية، أما المشطورة البولية فتوجد في وادي النيل كله ولايوجد النوع الثالث في مصر بل هو مقصور على بلاد الشرق الأقصى «اليابان والفلبين والصين». وقد كشف بلهارس هذه الديدان في الأوردة المساريقية في مشرحة كلية الطب في قصر العيني سنة 1851م وسماها ديستوماهما توبيوم ثم أثبت ليبر وجود نوعين من هذه الديدان أحدها يسبب نزول الدم في البول والآخر يسبب أعراضاً معوية تشبه الزحار ثم وصف دورة حياة كل من النوعين في القواقع الخاصة بكل منهما، وتعيش الديدان البالغة في شبكة الأوردة الدموية المحيطة بالمثانة «البلهارسيا البولية» «أو البلهارسيا المعوية» حيث تضع بيضات صغيرة ذوات شوكة طرفية في النوع الأول وشوكة جانبية في النوع الثاني وتحتوي البيضات على يرقات مهدبة تفرز موادها هاضمة تساعد البيض على اختراق الأوعية الدموية الصغيرة إلى تجويف المثانة أو الأمعاء فتخرج مع البول أو البراز فإذا وصل البيض إلى الماء العذب فسرعان مايفقس مخرجاً يرقات مهدبة صغيرة سريعة الحركة بالغة النشاط وتسمى بالميراسيديومات تعوم في الماء حتى إذا وجدت العائل الخاص بها «وهو نوع من القواقع الخاصة البولينوس للبلهارسيا البولية والبلانوربيس للبلهارسيا المعوية اخترقت أنسجة القوقع الرخوة وتحولت إلى أكياس جوفا صغيرة تعرف بالأكياس البوغية التي يكون كل واحد منها جيلاً ثانياً من الأكياس تتحول إلى عدد كبير من الذنبات تسمى السركاريا، تخرج إلى الماء في دفعات متتالية وتعوم فيه حتى إذا لامست جلد إنسان أو جلد حيوان ثدي آخر اخترقته باجسامها تاركة ذيولها لتصل إلى أقرب وريد دموي تحملها مع تيار الدم إلى الدورة الدموية الرئوية ومنها إلى الدورة العامة. ولايعيش من هذه الطفيليات إلا ماوصل إلى شرايين المساريقا ومنها إلى أوعية الدم البابية حيث تتغذى على الجليكوجين الذي تحويه البلازما فتنمو إلى اليفوع وعندئذ يتخذ كل نوع من الديدان سبيله إلى مقره الدائم في أوعية مساريقا الأمعاء الدقيقة «في حالة البلهارسيا اليابانية» وأوعية مساريقا الأمعاء الغلاظ «في حالة البلهارسيا المعوية»، أما ديدان البلهارسيا البولية فتنزل في أوردة المساريقا السفلية ومنها إلى أوردة المثانة، مخترقة التواصل الوعائي الباسوري القبلي، وفي هذه الأماكن تنمو الديدان إلى البلوغ حيث تزاوج الإناث والذكور وتأخذ الإناث في وضع بيضها الذي يعاود دورته ويبلغ طول الذكر البالغ 1 5.1 سن وعرضه 12 سم، وجسم الذكر منثني على نفسه طولياً مكوناً شبه قناة يحمل فيها الأنثى الا حين تتركه لتضع بيضها في الأوردة الدقيقة التي لايستطيع الذكر أن يصل إليها وتدخلها الأنثى بسهولة إذ هي أطول من الذكر ولكنها أدق منه، وتتم الدورة في جسم الإنسان منذ اختراق المذنب الجلد إلى ظهور البيض في أربعة أسابيع في حالة البلهارسيا اليابانية وفي ستة أسابيع في حالة البلهارسيا المعوية وفي عشرة أسابيع في البلهارسيا البولية.