أسْرِجي لي فَرَسي إنّني أحْلُم بالموتِ على رَمل السَّواحِلْ.. المواعيد التي عِشْتُ عليها، بعثرتها الريح، وانهدّت قصوري، والذي شاطرته همِّي، وخُبزي، صدّ عنّي، حين جفَّ الضَّرعُ مِنِّي، والجداولْ.. **** أسرجي لي فرسي ربّما يجمعنا الدم لكنْ آهِ ما أقساكَ يا هذا الختامْ هو ذا «الضِلّيل» يهوي من على ظهر الجوادْ لا دماء «الشيخ» وافاها انتقامْ، لا ولا فكّت صبايا «كِندةَ» الثكلى الحدادْ آه ما أقسى انكفاء الخيل من قبل البدايهْ.. هو ذا.. أوّاه ما أقسى النهايهْ.. هو ذا يُلقي الحُسامَ الهندوانيّ ويمضي، مُعلناً أنّ زمانَ الثأر ولّى، وانتهى عصرُ الخِصامْ.. - يا امرأ القيس اتئدْ - شدّني شوقٌ لأيام الشبابْ - يا امرأَ القيس انتقمْ - كل ما أبغيه أنثى وشرابْ (فاعذروني يا رجالْ) لم يعلّمن أبي شقّ الغبارْ لا ولا قرع السيوفْ.. كل ما أورثني - المرحوم - زقّاً وحريماً، ودفوفْ...ولساناً يحذق الشعر، وتمجيد البطولةِ، والغناءْ.. ولكُم أُولى أغانيَّ الهزيلةَ: يا صبايا كندةَ الثَكلى سلامْ طفت بالشّام وفي أرض الجزيرةِ، وعلى دجلة ناديتُ، وفي أرض كبيرهْ.. غير أني لم يجب صوتي أحدْ لا حماةَ النّخل هبوا لندائي، لا ولا من قيصر الروم تغشّاني المددْ وسلاماً يا جميلاتِ العشيرهْ مثلما تُبصرنَ بؤسي: كلّ جزءٍ في كياني مُبصِرٌ ويدي جدّ قصيره.. ويدي جدّ قصيرهْ.. **** أسرجي لي فرسي واشحذي السيف بحبات الدُّموعِ أنا ماضٍ، فانطريني ههنا، ليس بين السيف والكفِّ، سوى جسر الرُّجوعِ.. هل يواري عورتي طرف ردائي أو يغطي جبهتي سمْكُ العباءهْ آهِ ما أقسى التعرّي، والتلوّي، بين أنياب الإضاءهْ.. هكذا قال المغنّي نازف القلب على صدْر الربابهْ وهوى مثل ذبابهْ فاتركيني، ليس ذا وقت التروّي، لا ولا وقت الحوارْ.. في دمي زيتٌ ونارْ، وبكاءٌ في قرار القلب يرسو، فاعتقيني، إنني ضد الحوارْ.. ما الذي نحمله الآن؟ أجيبي الأماني؟ بعثرتها الريح في كل الزَّوايا، وامرؤ القيس يُغنّي للصَّبايا، حاملاً حلّةَ قيْصرْ.. - يا امرأَ القيس خُدعْتْ - حلّة القيصر عندي - يا امرأ القيس انتهيتْ أنا ماضٍ، شئتُ هذا أم أبيتْ إنّه فصلُ التَّداعي، وذهول البلبلهْ غيْرَ أنّي أسمع الجدّات تروي، عن قبور زهَّر «الشِّيحُ» عليها، وأفاقت جثث الفُرسان منها، ومضتْ تجتثُّ جذر المهزَله..