أكد رئيس وزراء ماليزيا السابق الدكتور مهاتير محمد أن اليمن يمتلك الموارد اللازمة لتحقيق التنمية الصناعية، وعليه أن يستغل تلك الموارد لترجمة أهداف النهوض بالقطاع الصناعي بما يسهم في تعزيز التقدم الاقتصادي للبلد بشكل عام. وقال الدكتور مهاتير محمد، في محاضرة القاها أمس بالمكلا - محافظة حضرموت - حول «عوامل نجاح التنمية الصناعية»، في ختام أعمال مؤتمر الصناعة مستقبل اليمن: إن العالم الذي نعيشه اليوم، وفي ظل ظروف العولمة وتطور وسائل الاتصالات والمواصلات، لا تستطيع أية دولة أن تعيش فيه بمعزل عن بقية العالم، فهذا التقارب الذي تحقق يرجع إلى التقدم التكنولوجي والتطور التقني. وفيما تساءل قائلاً: كيف يمكن للدول أن تستفيد من هذا التقارب والوصول إلى الأسواق الخارجية.. رأى رئيس الوزراء الماليزي السابق أن الجميع في العالم جيران، ويحق لأي بلد دخول الأسواق المجاورة.. لكن هذا يعتمد على أسلوب إنتاج السلع وجودة المنتجات. وقال: يجب على اليمن أن يفهم أن هناك طرقاً عديدة لتنمية الصناعة، فهناك بلدان أخرى تخوض عملية التصنيع، لكن إذا كان لدينا تكنولوجيا محلية ورأسمال ومعرفة إدارية فيمكننا أن نبدأ التنمية الصناعية بأنفسنا.. لكن قد نحتاج لدعوة المصنِّعين الأجانب.. ويؤكد أن على الحكومات أن تعي أهمية الحاجة للتغيير والإيمان بأنه لخلق فرص عمل والتخفيف من الفقر عليها الخوض في التصنيع. وقال: هذا ما حققناه في ماليزيا، حيث لم نكن نمتلك التكنولوجيا الحديثة، لكننا دعونا المستثمرين الأجانب ليستثمروا في مجال التصنيع، وبفضل تضافر جهود الجميع عامة الناس والقطاع الخاص والحكومة حققنا النجاح. ولجذب الاستثمارات نصح الدكتور مهاتير بإيجاد استقرار سياسي، واستعداد للتغيير الديمقراطي، واتخاذ إجراءات لدعوة رؤوس الأموال للدخول في استثمارات. ورأى بأن البلدان التي لا تتمتع باستقرار سياسي، وتوجد بها مسيرات ومظاهرات وأحداث شغب عديدة واختلالات أمنية تكون غير جاذبة للمستثمرين. وأكد الدكتور مهاتير الحاجة إلى إيجاد ثقافة عمل جديدة حتى داخل المنزل.. وقال: الارتقاء بالثقافة داخل المنزل تجعلنا قادرين على الارتقاء بالأداء في آماكن العمل، فنحن بحاجة إلى الانضباط، وإذا لم يتوافر ذلك فلا يمكن النجاح في عملية التنمية الصناعية، فأكثر العمالة انضباطاً هم اليابانيون، فهم بعد الحرب العالمية الثانية بدأوا التنمية الصناعية بشكل ذاتي، وازدهرت اليابان، واليوم أصبحت فيها الأجور الأعلى في آسيا. وشدد على ضرورة التعاون الجيد بين الحكومة والقطاع الخاص، وقال: ما قمنا به في ماليزيا هو طرح فكرة «ماليزيا المحدودة»، أي عملنا كأننا شركة، فالتعاون عنصر مهم يساعد على تحقيق الازدهار، فاعتبارنا البلد كشركة عملنا جميعاً على إيصالها إلى نقطة النجاح ليكون الجميع في نهاية المطاف رابحين، فالعمال يحصلون على أجور جيدة، والحكومة تتحصل على ضرائب أكثر، كما أن القطاع الخاص يحقق أرباحاً. وأكد رئيس الوزراء الماليزي السابق أهمية الثقة بالنفس كأساس لتحقيق التنمية الصناعية.. مشدداً في ذات الوقت على ضرورة أن تكون الحكومة صديقة للأعمال التجارية، وتحرص على حل المشاكل التي تعترض القطاع الخاص. وقال: لا توجد عمالة عملاقة وأخرى ضعيفة، فالناس يستطيعون عمل كل شيء، فنحن في ماليزيا رفعنا شعار «ماليزيا تستطيع»، أي أننا قادرون على القيام بأي شيء نرغب فيه، وعلي اليمن أن يكون لديه شعار مماثل، أي أنه يستطيع القيام بكل شيء يقوم به الآخرون. وتابع قائلاً: في حالة ماليزيا كانت الحكومة تقود هذه العملية في جذب المستثمرين من كل مكان والمساعدة على فتح الأبواب وتثبيت فكرة لدى المستثمرين بأننا جادون وماضون لتهيئة المناخات المناسبة للاستثمار. مشيراً إلى أن الترويج القوي الذي اشترك فيه الجميع في ماليزيا أسهم في جذب عدد كبير من المستثمرين الأجانب، إلى جانب ما تم تقديمه من تسهيلات كبيرة وإعفاءات ضريبية للمستثمرين. واستطرد قائلاً: إن كل البلدان اليوم تقدم هذه الإعفاءات الضريبية للمستثمرين لكنها لم تعد كافية ولا تجذب العديد من المستثمرين، بل إن هناك عوامل أخرى، مثل البنية التحتية اللازمة للصناعة، وتمهيد الأرضية الملائمة للمستثمرين. وفي معرض رده على التساؤلات المقدمة من الحضور أكد رئيس الوزراء الماليزي السابق أن العالم العربي يستطيع أن يحقق نتائج أفضل مما حققته ماليزيا، لأنه يمتلك الموارد والمادة الخام. وعن الأزمة المالية العالمية أكد أن أمريكا لن تكون قادرة على حل هذه الأزمة بمفردها حتى في ظل الإدارة الجديدة، فهي بحاجة إلى تعاون الكثير من الدول لتجاوز هذه الأزمة. وقال: إن الدولار لن يبقى طويلاً، فما يعزز قدرته التعامل به بشكل متزايد.. وجدد اقتراحه باستخدام الدينار الإسلامي كعملة بديلة في التداولات فيما بين البلدان الإسلامية. وتطرق إلى تجربته في قيادة ماليزيا إلى الدول الصناعية الكبرى في العالم.. مؤكداً - ببساطته المعهودة - أن ماليزيا كان لها أن تتطور بدونه.. وقال: ما قمتُ به هو تسريع عملية تنفيذ الخطط وعدم إبقائها حبراً على ورق، ولضمان ذلك حرصتُ على استلام تقارير بصفة مستمرة عن مستوى الإنجاز، ومعالجة أي إشكاليات تعترض تنفيذ أية خطة. هذا وقد وصل إلى عدن مساء أمس الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق، في زيارة يلقي خلالها محاضرة في جامعة عدن.