كشف رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الدكتور عبدالله محمد باوزير عن مشروع جديد تخوضه الهيئة وهو التنقيب عن الآثار البحرية الغارقة في بعض الموانئ اليمنية القديمة مشيراً إلى أن الهيئة ستستعين ببعض الخبرات الأجنبية في مجال التنقيب وأن تعاوناً قائماً بين الهيئة وجامعة إكسترا البريطانية . وقال في حديثه ل«الجمهورية» إن الهيئة قد انتهت من تأهيل المركز الوطني للموميات بمدينة الطويلة محافظة المحويت حيث سيضفي المركز لمسة حضارية وثقافية لمحافظة المحويت وستعمل الهيئة مستقبلاً على إنشاء متحف وطني في عاصمة المحافظة.. لافتاً إلى أن هناك بعثة فرنسية ستأتي إلى اليمن في مايو القادم وأن هناك ترتيبات وزيارات من متحف الإنسان بباريس وجامعة بواتيه الفرنسية في مجال الآثار والموميات اليمنية المحنطة. منوهاً أن الهيئة اكتشفت آثاراً قديمة تعود إلى ماقبل 350ألف سنة أي في العصور الحجرية في موقع ديحية بمحافظة المحويت وهذا قد يكون من مواقع الاستيطان القديمة للإنسان اليمني في العصور الحجرية وأنه قد أخذت بعض العينات لفحصها في فرنسا. مسح وتوثيق الحرف اليدوية القديمة ٭ماذا عن الكتاب الذي صدر مؤخراً عن الهيئة حول الحرف اليدوية القديمة؟ ربما تقصد مسح وتوثيق الحرف اليدوية لمدينة صنعاء القديمة فهذا يعتبر علمياً وتوثيقياً حيث تم بتعاون كامل مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وفي إطار التعاون المستمر بين الهيئة العامة للآثار والصندوق الاجتماعي وقد كان ثمرة هذه الجهود المشتركة بين الجانبين هو صدور هذا العمل الرائع والجميل للحرف اليدوية القائمة في مدينة صنعاءالقديمة ومعروف أن الصندوق الاجتماعي للتنمية قام بتمويل هذا المشروع «مشروع الكتاب» أما فريق العمل فهو مكون من أعضاء من الهيئة العامة للآثار والمتاحف وتم أيضاً الاستعانة ببعض الكوادر المتخصصة من خارج الهيئة وتم ذلك في إطار اتفاقية موقع عليها بين الجانبين والآن بعد انتهاء مسح وتوثيق الحرف اليدوية لمدينة صنعاء القديمة الآن اتجه الفريق إلى مدينة زبيد في محافظة الحديدة وسيقوم بنفس العمل وبنفس المهمة بحيث يقوم الفريق بتوثيق ومسح الحرف اليدوية القائمة في مديرية زبيد وسيصدر بعد انتهاء العمل كتاب آخر يوثق هذه الحرف وسيتلو هذه المرحلة مراحل أخرى لمحافظات يمنية جديدة وربما سيكون المشروع القادم في محافظة حضرموت وأعتقد أن هذا العمل عمل عظيم وجبار وسيكون لدينا بعد انتهاء هذا المشروع بالكامل سلسلة من الكتب التي توثق الحرف اليدوية في جميع محافظات الجمهورية من ناحية وأيضاً توثيق الحرفيين والأساطية والمعالمة والفنيين الكبار والورش والمعامل التي يعملون بها وهذه مهمة تستحق التشجيع والاهتمام ونشكر الصندوق الاجتماعي للتنمية على دعمه وتشجيعه لمثل هذه الأعمال المفيدة والرائعة. تسهيل تسويق المنتجات الحرفية الحرف اليدوية في معظم المحافظات آيلة إلى الاندثار لعدم وجود ترويج وأسواق لهذه الحرف ولطغيان المنتجات الخارجية على هذه الحرف ما دور الهيئة في حل هذه المشكلة؟ طبعاً الهيئة ليس لها علاقة بموضوع الحرفيين وأسواق الحرفيين ومنتجات الحرفيين لكن الهيئة تشجع على أن يعرض الحرفيون منتجاتهم في المعارض الخارجية والداخلية فكثير من الحرفيين يشاركون في المعارض الخارجية ويلقون تجاوباً واهتماماً ويسوقون منتجاتهم بشكل كبير إضافة إلى أن الهيئة تقوم بتسهيل إرسال المنتج الحرفي إلى الخارج من قبل الحرفيين المحليين ولا تضع أبداً قيوداً على هذه الارساليات بالرغم أن بعض هذه الإرساليات تكون بكميات كبيرة لكن مسألة الأسواق ودعم الحرفيين لمعاملهم وورشهم تهتم بها جهات أخرى سواء السلطة المحلية أو وزارة الشئون الاجتماعية أو وزارة السياحة . تعاون ثنائي ماهي الترتيبات الخاصة التي قمتم بها لزيارة البروفيسور الانثروبيولوجي الفرنسي عالم الموميات لبلادنا؟ بالنسبة لعالم الموميات سيصل نهاية شهر فبراير وهو البروفسور «آلان» من متحف الإنسان في باريس وسيقوم البروفيسور «آلان» بزيارة بعض مواقع الموميات الموجودة في المتحف الوطني ومتحف صنعاء والمركز الوطني للموميات في المحويت وسيرافقه في هذه الزيارة الدكتور «ربيوتو» من جامعة بواتيه الفرنسية وستكون هذه الزيارة استطلاعية لمعرفة الامكانيات المتوفرة في اليمن من ناحية مواقع الموميات وأيضاً احتياجات المركز الوطني من أثاث العرض وأيضاً تدريب الكادر في هذا المركز وأيضاً لاقامة دراسات بين الهيئة العامة للآثار والمتاحف ومتحف الإنسان وجامعة بواتيه في مجال الموميات اليمنية وطبعاً هذه خطوة أولى تليها خطوات قادمة تهتم بها من ناحية توقيع اتفاقية لبرنامج تنفيذي مع متحف الإنسان وأيضاً ضرورة إرسال خبراء متخصصين في مجال التحنيط ومعالجة الموميات وأيضاً المسح العلمي لمواقع الموميات الأثرية ليس فقط في محافظة المحويت ولكن في مختلف محافظات الجمهورية. والهيئة في نفس الوقت لديها مشروع مسح لمواقع الموميات الأثرية في محافظة المحويت وفي العام القادم نفكر لاختيار محافظة صنعاء لعمل المرحلة الثانية من مسح مواقع الموميات فيها وهكذا دواليك حتى يصبح لدينا خارطة لمواقع ثابتة ومعروفة لمواقع الموميات في مختلف محافظات الجمهورية. مهارة اليمنيين في التحنيط ماهي النتائج التي تتوقعونها بعد دراسة الموميات اليمنية وهل تختلف التقنيات اليمنية القديمة عن تقنية الفراعنة المصريين؟ لانريد أن نستبق الاحداث لأنه لم يبدأ بعد العمل في هذا المجال هذه المجال يعتبر مجالاً جديداً ولم يسبق إلا الشيء البسيط جداً حول هذا الموضوع ونحن من خلال هذه العلاقات التي نبنيها مع متحف الإنسان في باريس أو في المراكز العالمية الأخرى التي لها علاقة بهذا الموضوع سوف تظهر المزيد من المعلومات حول التقنية التي استخدمها اليمانيون القدماء خلال التحنيط وهناك اختلافات في استخدام مواد التحنيط بين اليمنيين والمصريين لأن كل بلد لها مواد خاصة بها وتقنيات خاصة بها وبالتأكيد أن التقنيات التي استخدمها اليمانيون القدماء تختلف عن طريقة التحنيط وأسلوب التحنيط التي استخدمها المصريون القدماء ولكن كلها في النهاية تلتقي في فكرة التحنيط وفي تقنية حفظ الاجساد بالشكل الذي نراه اليوم. عمر الموميات المكتشفة هل عرفتم كم عمر الموميات اليمنية المحنطة؟ هذا جزء من مهمة الفريق الذي سيأتي إلى اليمن فهو سيأخذ عينات من هذه الموميات لمعرفة عمرها الزمني وأيضاً لمعرفة المواد التي تم استخدامها في عملية التحنيط. مركز الموميات في المحويت بالنسبة للتصورات التي قمتم بها لإنشاء المركز الوطني للموميات في المحويت؟ تم اختيار هذا المبنى أو هذا المركز في مدينة الطويلة وهو مبنى رسمي ومناسب وقد تم ترميمه من قبل الهيئة وتم توفير مستلزمات التأثيث له وأيضاً إيجاد كادر متخصص من أبناء المحويت وإن شاء الله هذا المركز يكون واجهة علمية وحضارية لمحافظة المحويت وهذا يدفعنا إلى أن ننشئ متحفاً أثرياً في عاصمة المحويت نفسها في المستقبل ووجود هذا المركز سيضفي لمسة حضارية ولمسة ثقافية لمحافظة المحويت ونحن طبعاً نشيد بدور محافظ محافظة المحويت العميد أحمد علي محسن في تسهيل عملنا وتوفير كل مانطلبه من مساعدة من أجل تحقيق هذا الهدف. إنشاء قسم متخصص بالموميات هل يوجد لديكم قسم متخصص في جانب الموميات؟ لايوجد حالياً قسم متخصص للموميات لا في الهيئة ولا في الجامعات اليمنية، مازلنا نحن في البدايات الأولى للاهتمام بهذا النوع من الآثار الجديدة والنوعية. الابتعاث للدراسة في الخارج هل قمتم بإرسال يمنيين للدراسة في الخارج في جانب الموميات؟ هذا يتوقف على الوعد حيث لدينا وعد من متحف الإنسان بباريس بتدريب شخص أو شخصين في مجال ترميم الموميات ومعالجتها. موقع ديحية عمره أكثر من «350» ألف سنة بالنسبة للموقع الأثري في شعبة ديحية بمديرية بني سعد محافظة المحويت ماهي إجراءتكم للحفاظ على هذا الموقع الأثري الهام؟ هذا الموقع يعود إلى عصور ماقبل التاريخ العصور الحجرية.. وهناك بعثة فرنسية تعمل منذ ثلاث سنوات في هذا الموقع وقد تم اكتشاف مئات الأدوات الحجرية التي كان يستخدمها الإنسان اليمني القديم في هذه المنطقة ويعتبر هذا الموقع من أهم المواقع في اليمن ويعود بحسب بعض التقديرات إلى ماقبل 350ألف سنة والبعثة حالياً هي موجودة في المنطقة وستعود في زيارة استطلاعية قصيرة تقوم بعمل بعض الترتيبات مع السكان المحليين وأيضاً للعمل على حماية الموقع وأخذ بعض العينات لفحصها في فرنسا. قبل مجيء البعثة الفرنسية الكبيرة في مايو القادم وطبعاً الموقع هو كبير وكنا نخشى عليه قبل فترة من مشكلة الفيضانات والسيول التي اجتاحت المنطقة مؤخراً ولكن من حسن الحظ هذه السيول والفيضانات لم تلحق ضرراً كبيراً بهذا الموقع إجراءات لحماية المواقع الأثرية بعض المواقع الأثرية والتاريخية تتعرض للطمس والتغيير ما هي إجراءات الهيئة حيال ذلك؟ الهيئة تعمل كل ما في وسعها لمنع ظاهرة تشويه أو تدمير المواقع الأثرية وتتخذ حيال ذلك العديد من الخطوات من بينها حراسة هذه المواقع والتنقيب فيها وتوثيقها وحمايتها سواء عن طريق التشبيك أو عن طريق أحياناً القوات المسلحة في بعض المواقع الأثرية ولكن عملية محاربة هذه الظاهرة لا تستطيع الهيئة أن تقوم بهذا العمل فلا بد من مساهمة المجتمع والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية لمحاربة هذه الظاهرة السيئة والعمل من أجل الحفاظ على المواقع الأثرية حتى لا تتعرض للتدمير أو التشويه ولتبقى لزمن طويل حتى تتمكن الهيئة من القيام بعمل حفريات فيها أو تترك للأجيال القادمة من أجل القيام بهذه المهمة في المستقبل. التنقيب عن الآثار البحرية ماذا عن العمل الجديد للهيئة في مجال الآثار البحرية الغارقة؟ من المشاريع الجديدة التي تخوضها الهيئة في الوقت الحاضر هو الاهتمام بالآثار البحرية الغارقة فمعروف أن اليمن فيها موانئ بعضها تعود إلى ما قبل الإسلام وبعضها يعود إلى العصر الإسلامي غمرتها مياه البحر وبالتالي فإن الهيئة معنية بالبحث عن هذه الآثار الغارقة ولأن هذا العمل يعتبر جديداً فنحن بحاجة ماسة للاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية في هذا المجال وأيضاً لتدريب كادر قادر على القيام بهذه المهمة سواء كنظراء مع البعثات الأجنبية أو كنشاط من أنشطة الهيئة، أضف إلى ذلك أنه من المعروف أن السفن اليمنية التجارية غرقت في المياه الإقليمية اليمنية لسبب أو لآخر، هذه السفن بعضها محملة بأشياء ثمينة وبأدوات لطاقم السفينة وركابها كأواني المطبخ القديمة وربما حاجيات شخصية كان يحملها المسافر أو أسلحة يحملها المسافرون معهم في تنقلاتهم البحرية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا ومنطق الخليج العربي في مختلف العصور وهناك تعاون قائم بين الهيئة العامة للآثار وبين جامعة إكسترا البريطانية وتحديداً معهد الدراسات العربية الإسلامية الذي يهتم بهذا المجال في الآثار البحرية وطبعاً هذا الفريق موجود في اليمن من الجامعة البريطانية يقوم بزيارة استطلاعية ميدانية لبعض المناطق الساحلية في اليمن منها عدن والمخا والخوخة وكمران وبعض الموانئ القديمة في باب المندب وسنلتقي بهم خلال الأيام القادمة بعد انتهاء مهمتهم أولاً لاستلام تقرير أولي عن هذه المهمه وثانياً لمناقشة التعاون بين الهيئة وجامعة إكسترا البريطانية في العام القادم «2010م» والتوقيع على اتفاقية تعاون مشترك بين الجانبين واهتمام الفريق طبعاً لاينصب في البحث عن الآثار البحرية في السواحل اليمنية ولكن أيضاً في توثيق الروايات البحرية مع قادة السفن والمراكب الشراعية في اليمن الذين ستيفرضون مستقبلاً وهم الآن كبار في السن وربما ينتهون خلال السنوات القادمة وبالتالي سنفقد الكثير من المعلومات وخاصة فنون الملاحة التي كانوا يستخدمونها في الماضي عندما كان لهم صلات بحرية مع الهند وأفريقيا ومع الخيلج العربي بالإضافة إلى إيجاد تعاون مشترك في مجال الدراسات البحرية التقليدية بين باحثين يمنيين مهتمين في هذا المجال وبين باحثين بريطانين، فأنا أعتقد أن هذا المجال حيوي ومجال هام والتراث البحري في اليمن تراث عريق وكبير واليمن رائدة من رواد البحر فالتوثيق والتعريف بالآثار البحرية ونشرها هي من الأمور التي نهتم بها في الهيئة وعلينا متابعتها والاستمرار فيها إلى أن نحقق الهدف المنشود منها. كلمة أخيرة أولاً أشكر صحيفة الجمهورية على اهتمامها المستمر بالآثار والدور التوعوي الذي تقوم به الصحيفة في هذا المجال وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحس الوطني العالي وعلى الاهتمام بنشر الثقافة اليمنية والتاريخ اليمني في أوساط المواطنين لكي يحافظوا على التراث ويصونوه ويحموه ويقدموه كوجه مضيء ومشرق للآخرين سواء من الأجانب الزائرين للجمهورية اليمنية أو في العالم الخارجي.