"وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    الكشف رسميا عن سبب تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومقتله ومن معه    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    غاتوزو يقترب من تدريب التعاون السعودي    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    أول تعليق أمريكي بشأن علاقة واشنطن بإسقاط مروحية الرئيس الإيراني    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الإرياني: استمرار إخفاء مليشيا الحوثي للسياسي قحطان جريمة نكراء تستوجب تدخل أممي    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    أول رئيس إيراني يخضع لعقوبات أمريكا . فمن هو إبراهيم رئيسي ؟    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة حياته الثقافية والسياسية
مذكرات أحمد محمد نعمان
نشر في الجمهورية يوم 17 - 02 - 2010

عبدالناصر رفض الحكومة الوطنية ووصفها بالبعثية والقبائل ترفض استقالتها
تآمروا علينا في اتفاقية جدة وطالبنا بجمهورية ثالثة
مصر تسقط حكومة النعمان
فقلنا سنشق طريقنا إليهم من أجلها، ذهبنا لمؤتمر رؤساء الحكومات العربية المنعقد في 26مايو 1965م في القاهرة، وقلنا سنتفاهم مع المصرين أثناء حضور المؤتمر من جانب، ونلتقي ببعض الإخوان من الحكومات العربية الأخرى لنطلب المعونة من جانب آخر، اتخذ المصريون موقفهم، وجدنا الإخوان في الكويت وقلنا أيمكن أن تساعدونا بخمسة ملايين، لستة أشهر بينما نثبت أمورنا ونبحث عن الموارد، رحبت الكويت وقالت أرسلوا لجنة ونحن نبعث إليكم بالمبلغ، علم عبدالناصر بالأمر فأثاروا لنا مشاكل بسرعة لإجهاض الحكومة، وبينما أنا في مصر والمؤامرة داخل صنعاء بتحريض من السلال على اتخاذ إجراءات وأعمال وكذا.
حاولنا التفاهم مع عبدالناصر قائلين إن تشكيل هذه الحكومة يمتص موجة السخط التي كانت موجهة ضد مصر، اليمن دائماً متهمة بأن الحكومة تشكل في مصر أو برأي مصر أو لا يكون لليمنيين رأي فيها، فأنا يشهد الله أردت بهذا التشكيل وبهذه العناصر أن نمتص السخط ليوجد نوع من العلاقة القوية المتينة، فقال عبدالناصر: سوف لن تقنعني لا شعراً ولا نثراً، ولن يوجد أي تعاون هذه حكومة بعثية فقلت له أبداً، لا يوجد أي بعثي، قال لي: هؤلاء بعثيون، وأنا سوف لن أتعامل مع البعثيين، هؤلاء البعثيون أول من سيذبحوك، كان محسن العيني وزيراً للخارخية وكان حاضراً معي في الجلسة، فطلب مني وأنا أتكلم مع الرئيس أن يتكلم هو معه.
فقال: نحن لسنا بعثيين، هذه تهمة حقيقة أيام الطلب كان لنا هواية ولكنني الآن لست حزبياً ولا مرتبطاً وأنا في الأمم المتحدة أمثل اليمن حوالي ست سنين، وليس لدي حزب ولا قواعد ولا أي شيء، فقال له: أنا لم أقصدك أنت، قلنا ومن هم البعثيون إذاً؟ ربما عندكم معلومات غير صحيحة قال: أبداً، إنني متأكد تتعامل أنت والبعثيين وعاوز مني ميزانية، أنا لا أتعامل مع بعثي واحد، فلما اشتد الحديث وكان القاضي عبدالرحمن الإرياني حاضراً، قال له: سيادة الرئيس أهذا الاعتراض على سياسة الحكومة أم على الأشخاص، قال: تقول ماذا يا إرياني، يعنى أنا أبو وجهين؟ أنا لست بوجهين وأنا لست بالسلال، قلت لكم ولم أخبئ مافي نفسي، أنا لا أتعامل مع البعثيين، أما سياسة الحكومة فلم أقل فيها شيء، قلت له عندئذ: يا سيادة الرئيس إذا لم تعترض على الحكومة وأنت واثق بي، فأنا المسئول عن أي تصرف يخرج عن السياسة التي نتفق عليها، قال: أبداً سوف لن أتعامل ولن أتعاون قلت له: هل باستطاعتي أن ألتقي بكم على انفراد؟ قال: وهو كذلك في الساعة الثامنة مساءً، عندئذ استأذنا وخرجنا، وفي الساعة الثامنة مساءاً ذهبت إليه وإذا بأنور السادات هناك كنت أريد أن أنفرد بالرئيس ولكنه كان محاطاً بأنور السادات فقال لي أنور السادات: تشكل حكومة من الحاقدين وتأتي لطلب المعونة منا؟ قلت له: أنا اجتهدت فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر، أنا اجتهدت لأن مصلحة مصر ومصلحة اليمن في حل المشكلة، وإذا عندكم رأي أخر اعرضوه.. هذا قبل أن يحضر الرئيس أراد أن يشن على حرب أعصاب، وجاء الرئيس وجلس، أعطاه أنور السادات ملفاً وإذا بالرئيس يقرأ أسماء البعثيين في الحكومة وقال: يا نعمان أنت تقول لا يوجد بعثيين في الحكومة، فهناك الكرشمي، فقلت عبدالله الكرشمي، ثم قال وعبدالله سلام قلت له: عبدالله سلام ناجي طالب يدرس الآن في دمشق وليس في اليمن، والكرشمي ليس ببعثي، لا هو في هذا الوادي ولا في ذاك، ثم قال: وفلان وفلان قلت: هؤلاء ليسوا ببعثيين، فقال: المهم هذه القضية، السادات وعامر هم العارفون بها، دعنا نذهب إلى المشير عامر لنتداول في الأمر، قلت له: وهو كذلك قال المشير عامر مريض في البيت سنذهب إليه، ذهبنا أنا والرئيس عبدالناصر وأنور السادات إلى بيت المشير عامر وصلنا عند القيصر وهو واضع رجلاً على رجل، شجاعاً جريئاً، جلسنا أنا والرئيس وأنور السادات وأمامنا عامر متربع على مقعد تعبان على إثر إجراء عملية “الدودة الزائدة” التي فاجأته، وكنت زرته في المستشفى فقال لي: إطمئن يا نعمان كل شيء على مايرام قال لي ذلك عندما كان مريضاً ولكنه تغير، قدموا لنا الشكولاته، أخذ عبدالناصر واحدة وفتحها فوجد الفأل المكتوب: عدو عاقل خير من صديق جاهل فضحك وقال: أنظر يا نعمان عندنا عدو عاقل، قلت له: سأرى الفأل الذي عندي، فتحت الشكولاتة فوجدت: “فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره” وقرأت له ماهو مكتوب، فبدأت أتحدث للمشير عامر على اعتبار أنه لم يحضر الجلسة الأولى، فقال عبدالناصر: لا تتعب نفسك أخبرناه كل شيء، هؤلاء الثلاثة لا يخبئ أحد شيئاً عن الآخر، قلت: إذن ما العمل الآن وماذا تريدون أن نعمل؟ الرأي رأيكم، قال عبدالناصر: أنظر يا نعمان أنت وصلت إلى طريق مسدود، قلت يا حضرة الرئيس ليعلم الله نحن أردنا أن نخدم مصر قبل اليمن بهذا الأمر، وأردنا أن نمتص السخط، وأردنا أن نلغي من أذهان الناس أن مصر هي التي تشكل الحكومات وأن مصر مستعمرة لليمن، وأردنا أن نعلن للرأي العام الخارجي بأن مصر لا تتدخل وأننا شكلنا حكومة أكثر أعضائها ممن لا ترضى عنهم مصر، وأنا المسئول، فقال عبدالناصر فليقل الناس مايريدون أن يقولوا، وضع المشير عامر يديه على ركبته وقال: يا نعمان تشكل حكومة لوحدك ولا تأخذ رأينا ولا تستشيرنا ونحن شركاء؟ قلت له: أنا استشرت سفيركم الموجود هناك وقال لي: باسمي وباسم حكومتي تشكل الحكومة كما تريد أنت، أعتقد أن السفير في صنعاء يمثلكم ومستشار عنكم، فقال عبدالناصر: لا نقبل إلا حكومة قومية مائة في المائة من القوميين الذين ضربتموهم في الراهدة، لأنه كان يوجد بعض القوميين الناصريين، احترفوا الفرقة، فلما تشكلت الحكومة قاموا بمظاهرات وقتلوا شخصين، فضربوهم ضربة ساحقة وشتتوهم كلهم كانوا من الركائز القوية وأضاف: هؤلاء الذين ضربتموهم.. قلت: نحن لم نضربهم ضربهم الشعب بنفسه.. على كل حال الآن ليس أمامي إلا أن أستقيل لن أغير الوزراء وأبقى وحدي في الحكومة قال: افعل ما تريد أن تفعل، هل تريد أن يقولوا لأن المصريين لم يقبلوا الحكومة استقلت؟ قلت له: لا يوجد أي مخرج أبداً، وكنا قد بعثنا بعثة وفداً إلى الكويت ولكن المصريين استعجلونا وأجهزوا على الحكومة سريعاً، رجعنا إلى اليمن ووجدنا صنعاء ملغمة، والوزراء في حالة خطر كبيرة، والمصريون وراءهم الجيش المصري ونحن ماذا نعمل؟ هل ننتحر ونقاومهم؟ لا سبيل لعمل شيء عرضنا عليهم على الوزراء الموقف، فقالوا نحن سنخرج من الحكومة طالما المشكلة بوجودنا، فقلت لهم: لا يمكن أنا أول من سيخرج إذا فكر أحد بالخروج، فلما رأينا الجو مكهرباً قال أحد الوزراء: ماذا ننتظر؟ أن يأتوا إلينا ويدخلونا السجن ويتهمونا بالخيانة! يجب الاستقالة فوراً فقلت له: وهو كذلك ولكن نحن نقرر أن نعود إلى مصر ونراجعهم مرة أخرى، وأخذت الإرياني وتركنا الاستقالة هناك وقلت عند ما نصل إلى القاهرة سنتصل تلفونياً ونعلمكم بالاستقالة.
القبائل ترفض استقالة حكومة النعمان
لماذا ذهبتم إلى مصر؟
لأننا إذا استقلنا ونحن هناك في صنعاء سيقومون ضدنا وستحصل فوضى واضطرابات وسنتعرض نحن للخطر، ثم من جهة ثانية لأن مصر هي التي قالت لا للحكومة وحتى يعرف العالم العربي حقيقة الأمر، ولم نتوجه للرئيس السلال بالاستقالة لأن لجنة متابعة كانت قد تشكلت في مؤتمر خمر، وهي السلطة العليا التي تقدم الاستقالة إليها، ذهبنا إلى القاهرة وقابلنا أنور السادات وأخبرناه بأنهم لم يقتنعوا باستقالتنا، وأننا رأيناهم يقسمون بأنه إذا استقالت الحكومة سيذهبون إلى السعودية بالإضافة إلى تهديد ووعيد، فأردنا أن لا يحدث أي شيء ونحن موجودون في صنعاء حتى لا نقع في هذه التهمة، أرسلنا الاستقالة وبلغنا الإخوان فلما وصلت الاستقالة حصلت ردة فعل وقالوا لا يمكن قبول الاستقالة بأي حال من الأحوال، وتشكل وفد جاء إلى القاهرة، ووصل السلال بوفد ثان والتقى الوفدان في القاهرة عند عبدالناصر، وكانت المحاولة أن لابد من تشكيل حكومة ثانية، والقبائل التي في الداخل تقسم على أن لا تقبل أية حكومة ثانية، صممنا على أن تتشكل الحكومة برئاسة العمري ويخرج السلال ونعمان والإرياني من اليمن ويبقوا في القاهرة، ولما وصلوا إلى صنعاء كانت القبائل قد حشدت أمرها وسافرت إلى السعودية، وحدث مالم يتصوره عبدالناصر، فلما سمع بأن القبائل سافرت إلى السعودية ولسان حالها يردد:
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أخذ يفكر ماذا يفعل وما العمل؟ وطار أنور السادات إلى الإسكندرية حيث كان الإرياني في مستشفى المواساة، وعرف الإرياني بأنهم علموا قبل أن نعلم نحن فقال له: هل نظرت كيف طعنونا في الظهر، سوف يسلمون الجمهورية لأعدائها، الشيخ فلان والشيخ فلان، يعنى مشايخ اليمن ماهو الحل إذاً؟ يجب تداركهم وإرسال رسول إليهم، وصل الرسول إليهم وقد التقوا مع الملكيين تحت إشراف فيصل ووقعوا اتفاقية الطائف التي تنص على قيام دولة التقى اليمنيون هناك على نظام لا تكون فيه أسرة حاكمة المضمون جمهوري والاسم دولة، وتنطيم استفتاء.
ووقع الملكيون والجمهوريون اتفاقية الطائف يوم 12أغسطس 1965م ماذا تعمل مصر؟ دبرت الأمر في الخفاء للاجتماع في أحضان فيصل لتسبق القبائل من الجانب الآخر، اتصلوا بواسطة حسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس جمال عبدالناصر، الذي التقى بعمر السقاف ممثل فيصل على أن يذهب عبدالناصر إلى فيصل وإذا بنا نتفاجأ بمجيء السلال والعمري من اليمن، فقالوا إننا مدعوون جميعاً إلى جلسة في الإسكندرية للقاء الرئيس جمال عبدالناصر، تحلقنا في الجلسة، فقال أنا ذاهب إلى السعودية نحن اعتقدنا أنه ذاهب من أجل السلام وحل المشكلة قال عندي العلم بأن فيصل سيقول دولة، والدولة تحافظ على كل ما تغير، وما دام الأجهزة دستورية فالاسم لا يهم، فنحن أردنا أن نجمعكم هنا لنستطلع رأيكم في الموقف، وإذا لم ننجح بحل بالسلم ستحلها حلاً عسكرياً، هذا ما رتبناه.
قلنا لهم: لقد طرحتم علينا الحل العسكري ورتبتم للأمر، والإخوان العسكريون يقرون بهذا ولكن نحن دعاة السلام نريد أن نرى ماهي خطة السلام، قال: لا يوجد في رأسنا أية خطة قلت: علينا أن نتداول الرأي فإذا كان الإخوان العسكريون يريدون الحرب عليهم أن يقودوا المعركة بأنفسهم لا بالجيش المصري، وعليهم أن يعملوا كما يعمل الملكيون، هم يقودون المعارك في قمم الجبال، أما هؤلاء فيجلسون في صنعاء والجيش المصري هو الذي يحارب، فإذا طلبتم السلام أكون من المؤيدين، لأن المثل العربي يقول: لا تحرق النار إلا رجل واطيها.
فالذين يحترقون في حرب اليمن هم المصريون والجيش المصري وعلى العسكريين من اليمنيين الذين يريدون الحل العسكري أن يعملوا كما يعمل الملكيون هم يقودون المعارك في قمم الجبال، أما الإخوان فيجلسون في صنعاء مرفهين مرتاحين لهذا نطلب أن يعد للسلام، وأريد أن أرى ماهي الصورة التي عندكم.. فقال: والله أنا ليس لدي شيء إلى الآن، ولكن كل ما أفهمه أني لا أقبل إلا بحل مشرف، وسآخذ معي زكريا محيي الدين وسوف لن أخذ لا عامر ولا السادات، فزكريا محيي الدين من أنصار التحرر من حرب اليمن، وحدث خلاف بيننا نحن والسلال في الجلسة.
ماذا قال السلال؟
قال السلال: نعمان لا يريد الجمهورية، فقال عبدالناصر: ماذا؟ لا تريد الجمهورية يا نعمان؟ أجبته: إني عاجز عن أن أكون مع الإمام من العكفة، ولا أريد أن تعود الملكية لأكون رئيس العكفة، لأن السلال كان رئيس حرس الإمام البدر آخر أئمة اليمن، عندما قامت الثورة، والعكفة تسمية كانت تطلق على حرس الإمام الشخصي، والمفرد “عكفي” ولعل التسمية مشتقة من “الاعتكاف” حين كان يطلق على أنصار الإمام تسمية مهاجرين وكأن من يرابطون معه لحراسته معتكفين للعبادة، عندئذ نهض السلال من الجلسة، ولم يفهم عبدالناصر الموضوع.
فقال المشير عامر: يا نعمان ليس إلى هذه الدرجة قلت له: هل قلت لكم أني أريد أن أحارب الجمهورية! لماذا؟ أنا ضد الحكم الملكي منذ ثلاثين سنة، أما هو فكان يتعسكر معهم ويحرسهم، وطوينا الموضوع انفردنا ولما انفردت بعبدالناصر قلت له: لي مدة أريد أن انفرد بك وحدك، رآني المشير عامر وأقبل فقلت للرئيس: أريد أن اشتكي بالمشير عامر لي شهرين هنا، لم يقابلني ولم أقابله، لم يرني ولم أره، والسبب أن هيكل وجدني في اليوم الأول وقال: كيف الحال يا نعمان؟ فقلت له: الحال كما قلت سابقاً، إن القاهرة تمشي وعلى عينيها حجاب، وهي لا ترى مواقع أقدامها من شدة الزحام والظلام، وأؤكد لكم أنها إلى الآن لا تزال لا ترى مواقع أقدامها، قال لي: ماهذا يا نعمان، قلت له: أبداً، قال: المشير عامر! قلت: أبداً، السادات؟ قلت: أبداً لم أر وجهه قال: بشرفك، قلت: بشرفي، قال: هل من الممكن أن تقابل الرئيس غداً وتكلمه مادمت لم تره؟ وكأنهم كانوا يبلغون الرئيس ببعض الأشياء ضدي لهذا أردت أن أنفرد بالرئيس وأواجهه فيما يخص السلام وأقول له إن السلام خير من الحرب، وإنك ستنتصر بالسلام ولن تنتصر بالحرب، فشاهدوني أنفرد بالرئيس وجاءوا، أنور السادات والمشير عامر، فلما جاء المشير عامر قلت: أريد أن اشتكي بالمشير عامر لأنني خلال كل هذه المدة لم أر الرئيس قال عبدالناصر: أنا سأشتكيك للمشير، قلت له: لماذا؟ قال: بشير القطب مندوب سوريا، ماذا كان يعمل عندك في البيت؟ قلت له: متى؟ قال: أمس، قلت: لم يحدث، قال: قبل أمس، قلت له: ولا قبل أمس حتى أنا لا أملك بيتاً في الإسكندرية، فقال لي: ألم تر بشير قطب؟ أجبته: لقد كنت أنا البارحة مع محمد حسنين هيكل، أما القطب فأنا دائماً أراه لأنه في الجامعة العربية ويزورني وأزوره، قال: ألم يقل لك شيئاً عن الإخوان في سوريا، أجبته بدوافع النكتة الإخوان في سوريا قالوا أنهم سيخرجون الجيش المصري ويأتون بجيش ثان إلى اليمن، قال: ياريت سوف أمدهم بخمسين مليون مساعدة، إنما مطالبهم من باب الدعابة قلت له: لا يوجد شيء من هذا، إنما هذا دليل على أنه توجد مخابرات لأن بشير القطب زارني قبل مدة، فكأن المخابرات بلغته وأتى يشتكي لي، وهذا ذكرني بخلاف وقع مع المشير عامر في صنعاء وأنا أسأله عن مراقبة محمد نعمان ولأي الأسباب فقال: قابل رشاد فرعون ليطلعه على أسرارنا، قلت له: ماهي الأسرار التي يطلعها محمد للسعوديين، والأسرار تذهب من اليمن إلى السعودية، من مكتب رئيس الجمهورية ومن مكتب رئيس الوزارة، وسكرتيرا رئيس الوزراء هربوا إلى السعودية في هذا الأسبوع، فهل هم بحاجة بعد لمحمد نعمان كي ينقل لهم المعلومات وهو في القاهرة، ثم إن محمد سفيراً في الجامعة العربية ومن المفروض أن يلتقي بأي إنسان، وأنتم تلتقون بالسعوديين.
اتفاقية جدة
بعد هذا اللقاء سافر عبدالناصر إلى جدة في اليوم الذي مات فيه النحاس، حتى أن بعض الصحف في لبنان قالت: ذهب عبدالناصر اليوم ليقابل فيصل ويأخذ الدروس من زملاء النحاس الذي مات ولم تشيع جنازته، ذهب إلى فيصل والهدف من وراء هذا ليرد على اتفاقية الطائف التي تمت بين اليمنيين والعرب سامحهم الله، ذابوا أمام جلالته وهيبته، ونسوا أن اليمنيين اتفقوا على خطة، فوقعوا اتفاقاً مع عبدالناصر، بدلاً من أن يقولوا هذه قضية اليمنيين، واليمنيون حلوا قضيتهم بأنفسهم ولا تدخل للغير، فإذا بهم يورطون فيصل بتوقيع اتفاقية تجعله شريكاً في اليمن وهكذا سارت السيادة العربية على اليمن على هذا النحو ووقعت الاتفاقية مع مصر، ولما انتشر الخبر بأن فيصل وقع الاتفاقية صعق السلال وصعق العمري وصعق الناس جميعاً، لأن الاتفاقية لم تذكر الجمهورية، وتم الاتفاق مع السعودية على إدخال قوات سعودية إلى اليمن بجانب القوات المصرية للإشراف على الاستفتاء، وعقد مؤتمر حرض، ووجود إشراف سعودي، وغير ذلك فوقف السلال مكتوف الأيدي والإرياني أيضاً، دعاهم عبدالناصر ليبلغهم بما حدث، ودعا الإرياني مع أنه كان عازماً على إلغاء الاتفاقية لكنها قد وقعت في وقتها، ودعوا الإرياني ولم يدعوني، فأرسل الإرياني يبلغني وقال لي: إنهم حاقدين عليك حقداً أسوداً، ولا يريدون أن يروا وجهك، فقلت لماذا: قال: لأنك نشرت كلام عبدالناصر في الجلسة السرية التي عقدناها في الإسكندرية عن طريق وكالة الأنباء الفرنسية في اليوم الثاني! قلت: وأي سر في الجلسة؟ جاءني مراسل وكالة الأنباء الفرنسية يسألني عما جرى في الجلسة، فشرحت له ما كان في الجلسة، ثم قلت: يوجد خطر في اليمن على المصريين، قال إن عبدالناصر قال: حتى المثل الذي قاله لنا في الجلسة قاله لهم: قلت للإرياني: ألم تدافع عني وتقول لهم بأن ليس في الحديث شيء، وأنتم سمعتم وليس فيه شيء يستدعي أن يلام فيه الإنسان، قال عبدالناصر: وأنا ذاهب إلى السعودية في الباخرة أسمع الإذاعة تذيع ما جرى في الاجتماع! قال الإرياني: والله نحن لا نتدخل بأحاديث من هذا النوع، وهذا بلدهم، قلت أخيراً: طيب وماذا؟ قال: اتفقوا على تشكيل حكومة، وأنا نصحتهم بأن لا تشكل الحكومة بدون نعمان، فقال عبدالناصر: نحن لن نضع يدنا في يده ولن نتعامل معه، قلت: وهو كذلك، أنا سعيد بغيظهم وخبثهم، اتفقنا نحن والسلال والعمري وقلنا لهم: الآن اتفقنا وتآمر الجميع علينا، لا مصر معكم ولا السعودية معنا، ورجعنا يمنيين، واتفقنا على أن نكون إخوة ونكون كتلة واحدة، وخرجنا ونحن كتلة يمنية واحدة، وأصدرنا بياناً نريد جمهورية ثالثة، وليس من حق مصر أن تتفق من دوننا ولا أن تكون وصية علينا، أعجب هذا الموقف فريقاً من المصريين ولا يريدون نجاح الاتفاقية، دعاة الحرب فساعدهم.. أما نحن فقد وجدنا المجال للتعبير عن موقفنا، فانتصرنا وأنتصر غيرنا؟ وبقينا في نطاق الاجتماعات كيف نوفق بين موقفنا أمس من الحرب بيننا وبين السلال والعمري اليوم؟ وماذا نقول للناس؟ والناس الذين سجنوا بسببنا؟ فالسجون مملؤه بأصحابنا من يوم تولي السلال والعمري وأنا في القاهرة مع الإرياني، ولكن فضلنا الرجوع إلى اليمن لكي نطلق سراح هؤلاء المسجونين، أخرجناهم والقيت خطاباً: من أجلك يا شعب اختلفنا ومن أجلك اتفقنا، لأنه وقع خلاف جديد قلنا وستأتي خطوة أخرى وهكذا سارت اللقاءات والاجتماعات ولكن كان يوجد اتفاق على أن تأخذ مصر السلال وتأخذ السعودية بيت حميد الدين ليحدث الاتفاق في اليمن، سحب المصريون السلال إلى القاهرة، وسرعان ما بدأ السلال يتقلب في مواقفه، وضاقت مصر بهذا الأسلوب، صادف أن وقع مؤتمر القمة الثالث في الدار البيضاء، فمن يذهب؟ اتفقوا على أن أذهب أنا والسلال، ذهبت أنا والسلال إلى الدار البيضاء وكان الجو متوتراً بين الجزائر ومصر، على أعقاب انقلاب هواري بومدين على الرئيس بن بلا.
وفي الوقت الذي كنا نلتقي فيه مع بومدين، قال لنا سيصل الآن عبدالناصر وسينزل إلى هنا، قلنا هازلين الآن سنقبض عليه هنا، وصل وخرجنا نلاقيه عند نزوله من الطائرة ومعه زكريا محيي الدين وأنور السادات، جلسنا قليلاً، قال: كيف اليمن الآن؟ قلنا له: بخير، قال: أتكتبون لها شعراً؟ ولهذا عند ماكنت في السجن قلت:
إذا كان لا شعر يفيد ولا نثر
فليس لكم إلا القبائل والبدر
فتذكر الشعر وقال: هل ستنظمون شعراً “لحل مشكلة اليمن”؟ قلنا له: والشعر ينفع.
قد كان حسان جيشاً في قصائده
أشد من من كل زحاف وجرار
وجلسنا وكان مقعدي بالقرب من عبدالناصر.
يتبع....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.