أيها الربيع الجميل ، ها أنت توزع أطياف النور على أحداق الصباح و تمنحني تلك اللّحظة الخرافية لملامسة فيروز الندى المتساقط على بنفسج حلم جميل . ها أنت تمضي أمامي ، تعيد كلّ ذكرى للماضي و تستقلّ سيارتك لتنطلق بعيداً وأبقى أنا يتمدّد الفرح داخلي بأنّ غداً لقاءنا قريب. لم تهتف لي ذلك اليوم ، و بدا لي أنّني لم أسمع صوتك منذ سنين..حاولت عصر قلقي وإسقاطه من عقارب ساعة تلسعني و تبثّ سمومها في كلّ مفاصلي ، تفقدني القدرة على الحركة ، أسند رأسي الى وهم أنّ الغائب له ألف عذر و كم كان سفرك طويلا، حتى الحلوى التي أعددتها فقدت خصوصيتها و الشموع كلّها ذابت و لم يكن لبقايا الزهور أثر على عتبة الباب. لم يبق لأمّي سوى أن تتلو عليّ آيات الصبر و أختي تبحث لك عن ألف عذر، و أنا أنزوي الى بقايا قهوة أخالها هي كانت تشربني و لا تبقي منّي سوى صوتي الذي كان يحاول أن يسافر مع الريح و يطرق سمعك علّك تعود سيدي الربيع..و صارت مساءاتي سنوات غيّرت لون شعري و كست سطح روحي بالجليد. اقتربت من النّافذة أتطلّع الى الشارع علّك تركن سيارتك بالقرب من باب بيتنا ، علّك تعود أيها الربيع، لكنّني رأيت الأشجار نفضت عنها أوراقها و السماء شاحبة مثقلة بأوجاع الخريف.