تسود السوق المحلية هذه الأيام موجة من غلاء الأسعار الذي طال العديد من السلع والمواد الغذائية والتموينية والمواد الاستهلاكية الأخرى غير الأساسية، الامر الذي ولد حالة من الاستياء لدى المستهلكين وخصوصاً متوسطي ومحدودي الدخل . فقد شهدت عدد من السلع والمواد الغذائية كالألبان والزيوت والحليب والبقوليات المعلبة ارتفاعا ملحوظا في أسعارها خلال العشرة الايام الماضية، وبنسب وصل في بعضها إلى 60 في المائة فضلا عن اختفاء سلع ومواد استهلاكية أخرى من أروقة السوق ، إضافة إلى ارتفاع في سعر اسطوانة الغاز ذات التموين المنزلي . وبحسب عدد من المعارض في أمانة العاصمة فإن محطات التعبئة رفعت في وقت سابق مبلغ 100 ريال في سعر الأسطوانة المنزلية عما كانت عليه ب 650 ريالاً ، ليصل قيمته للمستهلك ب750 ريالاً في حين تبيعه بعض المعارض التجارية بأكثر من 800 و900 ريال . ارتفاعات غير مبررة في هذه الاثناء أبدت أوساط شعبية وأسر كثيرة استياءها واستغرابها الشديد مما تشهده السوق المحلية من تفاقم وارتفاع في الأسعار نحو الأعلى يوما تلو الآخر، رغم حالة الاستقرار الغذائي التي تسود العالم والوطن بشكل خاص . مشددين على عدم وجود مبررات لهذا الارتفاع، ومناشدين السلطات المختصة وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة والجهات الأخرى ذات العلاقة بأن تضع حدا لتلك المهزلة التي تسود أسعار السلع ومن يقف وراءها ويتلاعب بأقوات الناس حسب تعبيرهم. الحاج راشد محمود ( صاحب بقالة ) قال وقد بدت عليه ملاح الاستياء والقلق :” بقالتي أخذت تتناقص يوما بعد يوم والسبب أني لم اعد أستطيع شراء العديد من السلع لارتفاع أسعارها وتدني نسبة الأرباح العائدة في كثير من السلع فأين الفائدة !! . ويتساءل صاحب البقالة عما اذا كان الحال سيستمر هكذا، فمن أين يحقق ارباحا ليقتات منها ويدفع تكاليف الإيجار والتزامات أخرى كفواتير الكهرباء والماء وغيرهما .. قائلا:” من اين نأكل ونحن ما ربحناه في السلعة ندفعه وأكثر في ثمنها عند شرائها في المرة المقبلة”. أما عمرو الزنجبيلة ( صاحب سوبر ماركت بأمانة العاصمة ) فيؤكد أن بعضا من الفواكه والخضروات شهدت هي الأخرى ارتفاعا في أسعارها غير مسبوق، وان نسبة الارتفاع في أسعارها وخصوصا الفواكه.. كان تدريجيا وليس مفاجئا. شبح الاحتكار بالرغم من نفي القطاع الخاص المحلي تسببه بالمشكلة إلا ان أطرافاً فيه تلقي باللائمة على طامة الجشع وشبح الاحتكار اللذين يمارسهما أطراف في هذا القطاع التجاري الهام . حيث يؤكد سلطان الحاشدي ( تاجر ووكيل مواد غذائية ) أن أيادي وصفها بالجشعة من القطاع الخاص تقف أو تلعب دوراً ما يشهده السوق المحلي من عاصفة هوجاء تأخذ بالأسعار الى الارتفاع يوما بعد يوم. ويقول:” من وجهة نظري انه إلى حد الآن لا توجد في الأسواق اليمنية منافسة حقيقية نستطيع من خلالها ان نقضي على عملية الاحتكار، وخاصة فيما يتعلق بسلع ذات علاقة بالمواد الغذائية الأساسية ، فما يزال هناك تجار كبار ينفردون بالاتجار بها داخل البلاد. وبحسب ما يراه الحاشدي فإن ذلك يعد احد أشكال الاحتكار والذي يتمثل في احتكار تجارة السلعة وبالتالي احتكار السلعة ذاتها وتحكمه في كميتها التي تعرض في السوق ، الأمر الذي يؤدي إلى عدم وجود ثوابت سعرية للسلعة في الأسواق المحلية ، وتخضع لعوامل اخرى يضعها محتكر السلعة. حماية المستهلك من ناحيتها حذرت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك من التبعات الخطيرة للارتفاعات السعرية غير المبررة واستمرارها دون اتخاذ أية إجراءات رادعه لمنع التلاعب بأقوات المستهلكين. وانتقدت جمعية حماية المستهلك ، عدم اتخاذ مجلس الغذاء أي إجراءات لوقف التصاعد الحاد للأسعار وخصوصاً أسعار السلع الغذائية التي تفتك باقتصاديات السواد الأعظم من المستهلكين.. محذرة من أن استمرار ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى حالة من الفوضى ستؤثر سلباً على استقرار وسكينة المجتمع. ونوهت الجمعية إلى أن أسعار بعض السلع الاستهلاكية والغذائية سجلت خلال العشرة أيام الماضية أعلى ارتفاع لها، حيث تراوحت نسبة الزيادة بين (20-100 %).خصوصاً في أسعار الحليب ومشتقاته والبقوليات المعلبة والزيوت والأرز ومواد استهلاكية أخرى . إجراءات حكومية وفي حين تربط أوساط تجارية من كبار التجار وتجار الجملة بين هذه الارتفاعات السعرية، والإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي والذي اقر خلاله مجموعة من الإجراءات للتخفيف من الأضرار التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني. تؤكد من ناحيتها مصادر رسمية ان قرار مجلس الوزراء بفرض رسوم إضافية على عدد (71 ) سلعة يأتي ضمن إجراءات حكومية عديدة للحيلولة دون ارتفاع سعر الدولار نتيجة استيراد هذه المواد والكماليات بالعملة الأجنبية في ظل إنتاجها محلياً في اليمن وبأسعار مخفضة . وحسب أمين عام مجلس الوزراء عبد الحافظ السمة، فإن الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة وبالتنسيق مع المجالس المحلية في المحافظات والمديريات وكذلك الأجهزة الأمنية والنيابات ستعمل على مراقبة الأوضاع التموينية وضبط الأسعار وفقاً للزيادة المقرة من (5 -15 %) وعدم التلاعب بأسعار تلك المواد إلى حين استقرار الوضع الاقتصادي. وكان مجلس الوزراء أقر في اجتماعه الاستثنائي فرض رسوم إضافية على عدد 71 سلعة غير أساسية من بينها السلع ذات الطابع الترفيهي، بنسب تتراوح ما بين 5 - 15 %، وكذا منع الاستيراد لأية سلعة من غير بلد المنشأ . وتشمل قائمة السلع المشمولة بهذا الإجراء السيارات والدراجات النارية والهوائية والسجائر وأبدال التبغ والكماليات من عطور ومواد التجميل وحلي الغواية وأصناف الزينة وألعاب الأطفال والأثاث ومواد البناء من الاسمنت والطوب والبلاط والصابون وغواسل ومبيدات ومطهرات، وخضر وفواكه طازجة ومعلبة وحبوب ومكسرات وبن ومحضراته، وأجهزة كهربائية والكترونية ومواد غذائية من ألبان وقشطة وعسل وزيوت طبخ واسماك معلبة وحلويات وبسكويت ومشروبات باستثناء الألبان البودرة ومدخلات الإنتاج الصناعي.