(1) ضوءٌ بعيدٌ بين أغصانٍ مُعَرَّاة... أرى من فُرجةٍ في منتهى الصِّغرِ انثَنتْ وسطَ الستارةِ، لَمْحَ ذاك الضوء. كان الليلُ يَنتصفُ. الحديقةُ تختفي. أشباحُها الأغصانُ عاريةً. أُحِسُّ على ذراعي لَسْعةً. أتكونُ من بردٍ، أم الأشباحُ وهيَ تَنوسُ تُرعبُني؟ أم الضوءُ البعيد؟ (2) مُحَدِّقاً في عَتمة الزمنِ. انتبهتُ... أكانَ ذاك الضوء يأتي من زمانٍ سالفٍ؟ من نقطةٍ فُقِئَتْ على إحدى المَجرّاتِ؟ الحديقةُ لا ضياءَ بها. وفي البُعْدِ البحيرةُ لاءمَتْ أمواهَها في البرد والتمَّتْ. أصيّادون؟ هل ذئبٌ يُقَضْقِضُ عُصْلَهُ؟ أم أنني أتوهَّمُ الأشياء؟ (3) لكنّ هذا الضوءَ يأتي. بل أكادُ الآنَ ألمُسُه. يكادُ الضوءُ يلسَعُ عينيَ اليُسرى. أغادرُ فَرْشَتي، وأُطِلُّ بين ستارتَينِ. الضوءُ غَمَّازٌ، وتلك الدوحةُ الجرداءُ تُفْسِحُ مَنفَذاً. أحسستُ أنّ زجاجَ نافذتي المُضاعَفَ صارَ فضّيّاً، وأني في المَدار. (4) يا مرحباً! يا مرحباً بكَ، أيها الضوءُ البعيدُ، شقيقُ روحي! مرحباً! والآنَ أتبَعُكَ... السبيلُ إليك أنتَ. النورُ يجعلُني خفيفاً، طائراً والنورُ يجعلُني شفيفاً. لحظةً، وأكونُ خارج بُرجيَ الحَجَريّ. سوف أكونُ أنت!