مع نزول أول آية في القرآن أصبح الإسلام دين العلم، والعلم هو أساس التنمية، ولا أظن أن يقام علم أو يمتلك أي امرئ علماً دون قراءة واطلاع... فالقراءة هي سلاح طالب العلم يكتسب بها علومه وتتوسع من خلالها مداركه. أمة اقرأ وحضارتنا العربية والإسلامية لم تبلغ ذروتها إلا عندما اتجه علماؤها وروادها نحو البحث في تراث الإغريق وقراءة تاريخ علومهم وثقافتهم وترجمتها إلى العربية، فكانت النتيجة أن قام المسلمون الأوائل بتصدير العلوم الحديثة إلى أوروبا التي تنعم بثمار العلوم العربية اليوم، وما كان ذلك إلا حصيلة الاستيعاب الكامل لقوله تعالى ( اقرأ ). إذاً لابد لنا من القراءة والاطلاع لنمسك زمام التقدم والنجاح.. لكن للأسف عالمنا العربي - ونحن منهم اليمنيون - أضعنا هذا من بين أيدينا، رغم أنها يفترض أن تكون فطرة مغروسة في نفوسنا .. خاصة وإن قرآننا يدعو إلى ذلك. القراءة الحرة وتعد القراءة من أهم المهارات اللغوية في حياة الإنسان ومنها يمتلك الفرد ناصية العلم ومنها يطل على المعارف الإنسانية بأوسع صورها. فعالمنا العربي وأخص هنا بلدنا اليمن تغيب فيها ظاهرة القراءة والمطالعة بشكل كبير في أوساط المجتمع .. وبالذات القراءة الحرة التي تساعد الفرد على تنمية اتجاهات كثيرة منها التثقيف والتعليم الذاتي.. وقد ترتفع هنا نسبة قليلة لدى من هم يتعلمون في المدارس أو الجامعات لقراءة المواد التخصصية في دراستهم في فترة الدراسة فقط لغرض النجاح أو الاستعداد للامتحانات وإكمال الدراسة فقط، ما يؤكد ذلك أن هناك بعض الدراسات التي قامت باستطلاعات للمكتبات المدرسية والجامعية بل وحتى العامة فتجد أن عدد الزائرين إليها من أجل القراءة الحرة تسجل نسبة ضئيلة جداً. مسئولية الأسرة ونجزم بأن نقول: إن السبب في ذلك هم الشباب أنفسهم أو الفرد ذاته، بل إن السبب الرئيس هو عامل التربية والتنشئة ..فلو فكر أب وأم بأن يشجعا أولادهم على القراءة والاطلاع لشاهدنا أن النتيجة ستكون تنشئة جيل محب للقراءة، وهذا انطلاقاً من مسئولية الأسرة ودورها في التربية الثقافية لأبنائها. الدكتور عائض القرني يقول: في ماذا لو علمنا أطفالنا القراءة وعودناهم على المطالعة كل يوم واخترنا لهم ألطف الكتب وأنفعها ليتعلقوا بالمعرفة وينجذبوا إلى الكتاب ويتأدبوا بأحسن الأدب، الأمر الذي سيساهم في حفظ أوقاتهم من الشتات والضياع، والنجاة من جلساء السوء ورفقاء الباطل. التفوق الحضاري نعم بالفعل ولو تعمقنا في هذه المقولة التي وجد لها صدى لرأينا أن الغرب حقق تفوقاً حضارياً علينا؛ نظراً لاهتمامه بالقراءة والاطلاع المستمر، والدليل على ذلك بأن العلوم تأتينا اليوم منهم.. ولو بحثنا في الأسباب فسنجد العامل الأساسي لهذا هو عامل التربية والتنشئة، فتربية الأطفال وتشجيعهم على القراءة يولد عندهم حب العلم والاطلاع ومعرفة كل جديد. مزايا القراءة فالقراءة تعود بالعديد من الفوائد الإيجابية للإنسان، وتؤكد هذه الحقيقة الباحثة الأمريكية (برنيس سكلنيان) التي تقول : إن القراءة تعمل على زيادة رحابة عالم الطفل وتنمي استقلاليته وتؤسس لديه عادة القراءة طوال حياته وتنمي عنده المقدرة على فهم الآخرين وتطوير مفرداته اللغوية، ولذلك كما قلنا تطورت شعوب ونضجت وأبدعت وسبقتنا في كل شيء. فلنستعِد مجدنا فلنستعِد مجدنا ونعمل على تربية أبنائنا على هذه الصفة الجيدة التي تولد العديد من الصفات والتي تم ذكرها آنفاً...وعليك أن تكون قارئاً محترفاً من خلال إدراك أهمية المطالعة وإزالة أسباب النفور منها ووضع أهداف للقراءة والمطالعة وانتقاء الكتب المناسبة.