رئيس تنفيذي الإصلاح بالبيضاء: قحطان أيقونة نضال واستمرار إخفاءه تأكيد على سقوط المليشيا    تزامنا مع ذكرى عيد الوحدة.. عيدروس الزبيدي يتحرك عسكريا في عدن ويوجه رسائل صريحة بشأن مصير "الدولة الجنوبية"    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    الخدمة المدنية تعلن غداً الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة العيد الوطني 22 مايو    إصابة امرأه وطفلين بانفجار لغم زرعته المليشيات غرب تعز    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    ناشط إيراني بارز يكشف معلومات صادمة عن الرئيس الراحل "إبراهيم رئيسي"    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ادوارد سعيد وصور المثقف 3-3
شحوب
نشر في الجمهورية يوم 07 - 08 - 2011

أدرت الساعة بيدي، وأنا أنظر لعقرب الثامنة، بدا لي شاحباً كطقوس الحزن ماثلة على وجهي، ربما لم تزل الكلمة التي تناوبت علي بالفزع جالبة أنين مخاوفي، تطرق عقلي، وتحفر قلب الذاكرة، نفضت رتابة الوقت عن كاهل الصمت ، ورحت أمشط شعري ، أمام شخوص مرآة جامدة ، بداخلي أصابع طويلة ، تحصي الهارب من عمري ، وأكاد أستشعر بذرة الموت صار لها رأس يريد عبور أرضي للظهور.
الخريف القادم ستصير روحي فالعشرون سهواً، وخمسة أشباح تلقي في عمقي الظلام ، سيكون وجه الأيام المقفر إطلالة صبحي الغبش ، وتنهيدة الحلم الذي أعتلى رأسي ، هكذا أفرغت فم الحديث على معابر من ورق، أطرقت أبحث عنها ، سافر بها الدمع نحو خطوطٍ عريضة، تنافي قدرة القارىء بلوغ معناها الذي انساب مع الظلام.
كأي فتاة يعرض عليها الزواج ، كنت أرفض حيناً ، وألوذ بالصمت حيناً آخر ، لكني كنت أصمت بكثير من الدمع الذي يغافل محاجري بالانهمار ، ولكني لست أي فتاة؛ إن كنت أرفض بحجة أنك ستكون آخر معابري التي معها سأكمل مشوار حياتي ، كنت أصغر بكثير من أن أعي معنى أن يمر العمر، ومازلت أستقطب من وجعي زفرات تلهبني، بدعوى انتظار يطول تحت وطء المجهول، كنت أخاف كثيراً حين أستمع لإحداهن تخاطب أمي عبر الهاتف تطلبني لابنها، لا أدري كيف كنت أجلب ألف عذرٍ وعذر كي أنجو من طلبهم، بصوتٍ موجع بداخلي يقرع قلبي بنواح مريب، مردداً : «لا أستطيع العيش من غيره» ولأجل هذا أنا أبكي كثيراً، وأظل في حيرة ، في انقباض حتى أعود إليّ ، بكثير من الخيبات المتوالية.
رغم كل خوفٍ كان يباغتني ، لم يقاسمني هذا البكاء غير سكون عيني، ورعشة الدماء أسفل جسدي ، تكاد تنز من أوردتي ، وتخرج معلنة تمرد الدماء احتراقاً، أطرقت خائفة من لفظها لكني قلتها بخشوع حواسي للحزن : «لا أريد أن أكون عانساً»، هربت من صوت الصدى بداخلي، مردداً إياها في بلاهة مغالية: (عانس، عانس، عانس)!.
أيقظني من هذا الخوف، صوت إحداهن بجانبي: «وصلنا» ..
«هاه .. أين؟!»
«بيتكم»
نزلت من الحافلة بجمودٍ تام ، أذكر أن في ساقيّ بعض المقدرة على حملي حينها ، وقفت أمام الباب لم أرن الجرس، أو أطرق الباب ، أو أجر عقلي من هذا الشرود، أخيراً وضعت يدي على الجرس، ليصلني الجواب، تفتح أختي الصغيرة هيَ في العاشرة من عمرها لربما ، دخلت أفتش عن وجه أمي ألقيت التحية بهدوئي المعتاد ، ومضيت أنزع عن جسدي إرهاق يومٍ شاق ، غسلت وجهي ، حاولت أن أدخل بعض الصحو لداخلي ، عزمت أخيراً بعد أن فشلت بهذا، أن أندس تحت أغطيتي، محاولة أن أترك للنعاس حرية استيطان عينيّ ، نجحت بعد جهد، أن أغفو.
مازلت رغم ما طال، أوجد لك أعذاراً لتجيء يوماً، لكن هذا اليوم صار أبعد من قوى تحملي، من أن يعتقني من مخاوفي، أو حتى يربت على روحي بيقين ما سيكون، أنا أجهل تماماً، ماذا سيكون في الغد، لذا لا تعطيني وعوداً ، قابلة للانكسار ، توضأت وانزويت إلى ركن قصي ، أبتهل إلى ربي بمناجاة ، صوتي كان يعلو وينخفض تبعاً لخشوع الدمع على وجنتيّ، والحق أني ابتلعت كثيراً من الدمع مرددة : «يارب» في الصيف الماضي كنت مع أمي وأخوتي نطوف حول الكعبة، وكنت أسر إليك دعاء تضرعت به إلى ربي، وابتسمت قليلاً وأنا أراه صار كالحلم ممتداً فوق رأس أخيلتي، أن في عامنا المقبل، أطوف أنا وأنت، أراك بلباس الإحرام، تباً للدمع كيف اجتاح أخيلتي، ولونها بالبكاء!!.وحتى الآن لا أدري، مصيري بيد الله ، إنما معك عجزت روحي عن مواصلة النداء الخفي، ضجت النفس عزة ، وضج حزني نواحاً ، الله مولى الوجع بي، وبه استغيث خلاصاً، أن يكون في اجتماعي بك، وهذا ما تصبو إليه نفسي وتتوق ، وإن كنت تطاول الأيام هرباً، فعسى ربي أن يمنحني منك خلاصاً ، وأن يرزقني من خيره العظيم.
انكببت على وجهي ، أبكي حرقة وأخفي ذاك الصياح الذي يفزع بي أني أنثى، لولهة سألت: “لو كنت رجلاً هل سيطاردني شبح العنوسة كالسيف الصليت؟!» ، توقفت.. أحجمت عن السؤال، ومنابت الجواب الذي بدت مدائنه.
عدت إلى الشرفة المعلقة بيدي ، ألملم وجهي الملتصق بزجاجها ، وأنفث نفساً جثم طويلاً فوق صدري، تراءت لي صور شتى ، مجتمع ، وأهل ، وأحاديث من حولي تصلني، ولا تصل !نعم أمي رفضت ذاك لأني ببساطة أخاف أن أعطي أحدهم حقنة حتى وإن كانت أمه، ورفضت الآخر لأنه لم يكمل تعليمه ، ولم تكن لديه وظيفة ثابتة، ورفضت ذاك لأني كنت صغيرة طائشة، ورفضتهم لأني أحبه، قلتها بصوتٍ خفيض، وأنا أشير إلى قلبي، وأخفي ملامحي التي فضحت أمري، حين كانت أمي إلى جانبي تخبرني عن ذاك الذي سبق أن تزوج ولم ينجح زواجه وجاء طالباً إياي بطفلٍ من زوجته الأولى، ثرت رغبة بإخراج ثقل كبير عجزت عن مداراته، وفشلت أن أخرجه بأي شكلٍ كان، هرعت إلى الحمام ، فتحت الصنبور بقوة وتركت للماء حرية الضجيج ليخفي نحيب روحي، وبكائي الذي أفزع اطمئناني، كم يلزمني من الصبر كي أصل أخيراً إلى بر الأمان، هكذا خرجت أحمل وجعاً كبيراً، لم أفلح يوماً بعد شحنة من البكاء في إزالته، رميت بحملي فوق سرير بليد، زفرت عالياً منادية: «يا رب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.