المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    رئيس برلمانية الإصلاح يتلقى العزاء في وفاة والده من قيادات الدولة والأحزاب والشخصيات    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مديرية مقبنة.. حيث الطيبون قوت للفساد !


شموخ
ذات زمن كان الأتراك يوجهون مراياهم من أحد حصون مديرية مقبنة إنه حصن “موايمرة”، في سبعينيات القرن الماضي حاول ضابط اسمه محمد سرحان أن يلملم الرعاة ليصرخوا في وجه شيوخ الاستبداد، لكن صرخته ضاعت بين الجبال، وسلمه الإقطاعيون إلى الجلاد “خميس” ليجز رأسه، ومن يومها داس المتنفذون بأرجلهم ليعيثوا في الأرض فساداً، الجبال هنا تحاول أن تتطاول، لكن الفساد والظلم والاستبداد والقهر يوقف هذه الشموخ، الناس هنا بسطاء ومسالمون وطيبون إلى حد الاستسلام، كان الكثير منهم رعاة لا يستطيعون العد إلى الألف، والبعض يعقدون زيجاتهم لدى شجرة الدين، يعيشون حياة طبيعية كما خلقهم الله، لا يعبأون بالتعقيدات المأزومة، أما اليوم فإن الفساد قد تطاول على الناس والجبال والحجر والشجر.
المديرية اسمها مقبنة، ولا أدري إن كان الاسم تحريفاً من مادة الجبن “مجبنة” التي تشتهر بصناعته هذه المديرية، وقد عدت إلى معاجم اللغة التي قالت: قبن بمعنى وزن والقبن الوزن أو القسطاس، ومقبنة اسم مكان والقبن شائع كاسم في كثير من المديريات مثل القبن وقبينات، أما المنجد في الأعلام فقال: القبن السريح أو المتسع.. المديرية كثيفة السكان شاسعة المساحة تتكون من ثلاث دوائر انتخابية هي “46، 47، 48” أبناؤها جابوا مدن العالم وبحاره، بنوا للناس المدن وشيدوا القصور، لكن بعضهم مازالوا يسكنون في العشش والقليل بدو رحل، هم نصف مدنيون لا ذنب لهم سوى فرط صحتهم وصبرهم على الفساد وهدر أموالهم على القات والرشوة للتقاضي.. الطرقات المسفلتة تخترق المديرية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، لكنها ليست من إنجازات مسئولي هذه المديرية أو متنفذيها.
مصنع اسمنت البرح.. الفائدة لمن مسبه فاتح!
هذه المديرية تعد أوكاراً ومخابئ للتهريب القادم من البحر كما تنتصب فيها مداخن أكبر مصنع للاسمنت في اليمن والذي يجني السكان من ورائه أمراض الدخان والغبار والفائدة لمن “مسبه فاتح” حيث تم إنشاء المصنع بأيادي اليابانيين لينتقل إلى أيادي الكوادر اليمنية بمعداته التشغيلية الكاملة، لكنه الآن تهالكت معظم معداته، ومقوماته التشغيلية.. الفساد اجتاح أروقة وأقسام المصنع فكبر وشاخ وعجز حتى توقف الإنتاج كلياً، الأسباب متعددة بتعدد الروايات حيث تقول إحدى الراويات بأن المشكلة تكمن في نظام b.l.c الذي لا ينتج في العالم حتى قطع غياره وكل ما يتم هنا في المصنع هو عملية ترقيع يقوم بها أناس متخصصون عملوا مع اليابانيين لفترة ولهذا السبب فالمصنع يمكن أن يتوقف بين لحظة وأخرى.. بينما يقول موظف تستر عن اسمه بأن الفساد الإداري دفع بموظفين لا يفقهون شيئاً في عملهم وبعضهم خريجو أقسام فنية ولا يفهمون في هذه المعدات، وإذا دخلت آلة إلى الورشة تتعطل لعدم معرفتهم بإصلاحها؛ لأن التوظيف يتم بالمناطقية والحزبية والوساطة ولا يتم وفقاً للمعايير الفنية.
أما المشكلة الكبيرة فيراها المدير العام الدكتور حسين سعيد الملعسي؛ تكمن في مادة “المازوت” والتي تحتكرها “شركة النفط” حيث لها كل الإمكانيات بأن تستورد وتبيع وتحرم القطاع الخاص من الاستثمار في هذا المجال؛ لذلك ليس للمصنع خيار في شراء المازوت من أي مصدر آخر.. وكشفت معلومات بأن المؤسسة العامة لتصنيع وتسويق الإسمنت استحوذت على 14 ملياراً من رصيد المصنع المودعة في البنك المركزي وذهبت إلى مصنعي عمران وباجل خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت يمكن أن تعطي المصنع مرونة في التشغيل باستخدام أمواله دون عوائق.
وفرة للعائدات وللفقر معاً!
مقبنة أكثر المديريات أسواقاً ونشاطاً تجارياً واقتصادياً، وهي سوق لسكان الجبال والسواحل على السواء، وهي أكثر المديريات دخلاً من حيث ضرائب الأسواق والواجبات الزكوية وغيرها من العائدات المالية وعلى رأسها عائدات مصنع الاسمنت التي يقال إنها تصل إلى الملايين حيث يؤخذ على كل كيس مبلغ 10 ريالات لصالح المنطقة، لكن المديرية تغرق بالفقر والفساد والبطالة ولنأخذ عينات من ذلك الفساد المتفشي، الذي يذبح أبناء المديرية وسنبدأ بالفساد التربوي الذي يدمر الجيل أساس البناء والنهوض والتقدم والتنمية.
التعليم.. غش بالجنيه الإسترليني
هناك مدرسة في هذه المديرية يتسابق عليها رؤساء اللجان الاختبارية للثانوية العامة، هذه المدرسة هي مدرسة العامر في وسط المديرية، مركز الجمهرة، يقال إن طلابها ومركزها الاختباري يدفعون بالدولار والإسترليني “عملة صعبة” ومعظم آبائهم مهاجرون خلف البحار أو لديهم معاش تقاعدي من بريطانيا، وقد حكى لنا أحد العاملين في هذا المركز حيث قال: ذهبت ذات سنة مع رئيس اللجنة الاختبارية في العامر وفي اليوم الأول رأيت أن كل شيء مباح ورئيس المركز متكئ ومخزن من الصباح والطلاب ينقلون من الكتب، ومن عجز يكتب له أحد الملاحظين وكل شيء بثمنه. وأضاف: في اليوم الثاني رفضت الذهاب مع رئيس اللجنة واكتشفت في الأخير أن الطلاب دفعوا مليون ريال مقابل الغش، والمصيبة في هذا ليس الغش فقط، بل النتيجة إذا حصل الطلاب جميعاً على تقدير فوق التسعين في المائة وذهبوا جميعاً للمطالبة بمنح دراسية إلى الخارج وعندما عرضوا على الاختبارات لم يستطيعوا أن يكتبوا أسماءهم في اللغة الإنجليزية.
مشاريع مدرسية بتكاليف غير معقولة!!
والعينة الثانية للفساد هي قضية المباني والتجهيزات المدرسية والتي تنفذ بغير المواصفات وبتكلفة تفوق أضعافاً مضاعفة، وتفيد المعلومات الموثوقة من قبل مختصين أن المباني المدرسية تنفذ بطرق باهظة التكاليف، وبمواصفات رديئة وأن كثيراً من المبالغ المالية من التكلفة تذهب إلى جيوب الفساد، بل إن بعض الأعمال لا تنفذ وبالذات الترميمات.
مشروع مياه شمير المنهوب!!
وفي مجال المياه يكفي أن نذكر بذلك المشروع الذي تبناه نافذ في الثمانينيات وجمع أموالاً لا تحصى لتنفيذ هذا المشروع المسمى مشروع مياه شرق شمير والذي كلف المواطنين فوق طاقتهم، وقيل إن هذا المشروع أقيم على حساب منظمة دولية، والمهم أن هذا المشروع أدير بطريقة سيئة أدت إلى فشله، وجاء المجلس المحلي في الأخير ليصرف الملايين على ترميم خزان المشروع بعد أن توفاه الله، ثم قام عضو في مجلس النواب بالاستيلاء على مواطير المشروع وبيعها وقام بعض المواطنين بنهب الأنابيب الموصلة للمياه، والحمدلله على قلة الخير.
في القطاع الصحي يكفي أن نذكر ذلك التلاعب والفساد ونموذجه المركز الصحي في حمير الجبل الذي تم الصرف عليه 43.064.317 ريالا ولم ينجز فيه شيء يستحق الذكر، وأثبت آخر تقرير للجنة الهندسية أن ما أنجز في هذا المركز غير صالح للاستخدام.. أما الفضيحة الكبرى في هذا المجال فهو ما قام به أحد النافذين في المجلس المحلي من توظيف قريبة له كمديرة لوحدة صحية، وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب، و لا شيء من ذلك، وتبقى الكثير من الوحدات الصحية مغلقة لا تقوم بأي نشاط ولا تفتح إلا بالمناسبات، وإن فتحت فهي لا تستقبل مرضى، فهي خالية من المستلزمات الصحية والعلاجية.
المجمع الحكومي المهجور !
الفضيحة الكبرى لمحلي مقبنة بهيئاته المتعاقبة منذ نحو خمس سنوات في امتناع الهيئة التنفيذية والإدارات التابعة عن الدوام في مبنى المجمع الحكومي في المديرية؛ إذ إن عشرات الملايين صرفت على بناء هذا المجمع والذي أنجز قبل خمس سنوات، لكنه مغلق بالأقفال تصفر فيه الرياح، وأصبح المبنى بغرفه وأدواره الجميلة مهجورة ومسكونة بالجن والشياطين، ولا ندري ماهي الحكمة من إغلاق المبنى والدوام بعيد عن مركز المديرية والاحتشاد بجانب الأسواق؟!
بقي القول إن الفساد قد أغرق البلد من أقصاه إلى أدناه ومقبنة ليست بعيدة عن هذا الفساد، فهي الأكثر نصيباً من الفساد بحكم سلمية أهلها الذين يتجنبون المشاكل وهم دائماً مع القوي بحسب مقولة “كنا مع عامر واليوم على عامر” ولا أدري إن كانت الثورة الشعبية قد كسرت هذه المقولة، لكن الأكيد أن الثورة طوال سنتها الأولى بقيت في المدن ولم تصل إلى الأرياف، التي يجثم عليها الفاسدون، ولا من سائل لهم ولا من محاسب، وإلى أن تصل الثورة إلى محاسبة هؤلاء وتغييرهم يكون المواطن قد هلك وأصبح على قبره “كدشة” كما تقول جدتي المرحومة عيشة شمسان.
هجدة..شريان مخنوق وحِكر للنور !
في العام 1993م زار الأديب عبدالودود سيف هجدة وأعجب كثيراً بالاسم، ويبدو أن الاسم مأخوذ من التهجد وهو الصلاة والتسبيح في الأسحار.. المنطقة كانت محطة للقوافل”الجمال والحمير” وإلى أوائل السبعينيات كانت هناك مجموعة من المقاهي والسماسر تستقبل المسافرين وتقدم لهم القهوة والفطير وللجمال والحمير والبهائم العجور والأعلاف.
المنطقة كانت ولا تزال ملتقى مديريات عديدة ورابطة طرق هامة أكبرها تعز، الحديدة، المخا؛ لذلك انتعش اقتصادها وتطورت مبانيها.. ما زالت هجدة تحتفظ بسوقها الأسبوعي، الثلاثاء إلى الأربعاء حيث يأتي الفلاحون والرعاة لبيع وشراء الحيوانات، وبيع المنتجات، وتعرض النساء الأجبان والقات، ترى هنا الرجال والنساء يشتركون في الترويج والبيع والشراء.
شارع وسوق وفرزة!
لن تستطيع المرور في الشارع العام الوحيد بسيارة إلا بعد أن تدفع من وقتك أكثر من ساعة في زمن الانتظار طالما ليس أمامك منفذ آخر يمكن العبور من خلاله إلى نهاية هجدة التي يخترقها شارع واحد.. أخذ المفرشون من الباعة جزءا كبيرا من الشارع وذهب جزء آخر من ذات الشارع فرزة لسيارات الركاب على خط “هجدة تعز” وكذا فرزة أخرى لباصات “هجدة البرح” ليكون الشارع سوقا وفرزتين ومنفذ عبور..وأنت تدلف في هذا الشارع تصدمك الروائح الكريهة والمقززة، التي يظل تأثيرها يصاحبك طوال اليوم، حيث إلى الجنوب من الخط العام توجد سائلة أصبحت مقلبا دائما للقمامة، وإذا ما تبرع أحدهم بإحراق القمامة فسيتحول المكان إلى جهنم يضيف حرارة إلى حرارة المكان ورائحة أكثر تقززاً.
البلدية منقطعون عن العمل والقمامة تملأ الشوارع والمجلس المحلي يستلم مقابل النظافة ويحرم العمال من حقوقهم والنتيجة بيئة غير صالحة للحياة النظيفة.
شيء من التاريخ والمجد الغابر
في العام 1948م وأثناء الثورة الدستورية يقال إن الشيخ أمين نعمان حاول أن يقطع الطريق على الإمام أحمد، تمركز النعمان ومعه بعض الشيوخ والقبائل من جبل حبشي وعندما وصل الإمام إلى منطقة هجدة كان هؤلاء قد تفرقوا ومن بقي صرخ في وجهه، فولى هارباً.
هنا في هجدة كانت أسرتان تتقاسم النفوذ والسيطرة وتتصارعان عليها، هما: أسرة حمزة وأسرة رافع، الأولى كانت وما زالت تستقوي بالدولة وتتربص بآل رافع، أما الثانية فقد تقاتلت حتى انتهى نفوذها، طولقة طويلة ومعمرة كانت أحد معالم هجدة كان المسافرون يستظلون تحتها ويشربون قليلاً من شاهي عبده كرب، هذه الطولقة اقتلعتها شركة”تراب” الألمانية التي سفلتت الطريق في أواخر السبعينيات، ويتذكر الناس بوابير عنترنش، “أنترنشنال” التي كان من أصحابها عبدالله ناشر الذي ينقل المسافرين بين عدن وتعز وهجدة ذهاباً وإياباً.
الحمدي أزال الضرائب
وباعتبار هجدة سوقا للماشية كان المتنفذون يضربون البهائم عند مخارج السوق”المرباع” الذي كان يقع شمال المدينة بحجة عدم تسليم الضريبة والعرصة، وحدثت أكثر من مشكلة بين أصحاب البهائم ومتعهدي الضريبة غير أن قراراً من حكومة الشهيد الحمدي قضى بإلغاء الضريبة، حالياً البلاطجة يسرقون الناس باسم العرصة أو المجالس المحلية.
كهرباء هجدة...الوحدة بعشر أمثالها
خطوط الضغط العالي تمر من فوق المدينة حاملة الضوء أحياناً وفارغة أحياناً أخرى فوق بيوت ومنازل هجدة المحرومة من هذه الخدمة الحكومية السبب أنه تعهد الكهرباء في هذه المنطقة واحتكرها شخص اسمه(عبدالمغني) مانعاً المؤسسة من الربط للمواطنين، لكن خدماته غالية وغير جيدة ولها وقت محدد لا يتجاوز 12ساعة في اليوم.
أثناء إجراء هذا الحديث كان هناك مجموعة من الشباب يوزعون منشوراً بعنوان”فوائد كهرباء هجدة”يسخرون فيه من التعامل المجحف لكهرباء هجدة مع المواطنين. تعمل كهرباء هجدة بمواطير عمرها الافتراضي في حكم المنتهي وضررها على البيئة أكبر من نفعها، وفوق ذلك فهي تعمل بقانون المزاج متخففة من أي نظام، فالحد الأدنى “20وحدة” سعرها 4500ريال وأصغر مستهلك تبلغ فاتورته”6000” ريال أما البقالات والدكاكين فتدفع ما بين 50 70ألف ريال شهرياً وفي شهر رمضان الفاتورة مضاعفة والأجر مضاعف والوحدة بعشرة أمثالها، ويعلق المنشور قائلاً إن فاتورة الكهرباء في هجدة تساوي إيجار منزل في المدينة وفوق ذلك لا يسلمون من التهديد والنخيط والقطع و...لكن عبدالمغني مالك المحطة حسب المعنيين في فرع المؤسسة العامة للكهرباء بتعز لا يمانع في دخول الكهرباء العمومية إلى هجدة شريطة حصوله على تعويض مقابل تخليه عن محطته الخاصة وهذا ما تعثر التوصل إليه بين المؤسسة وبين المستثمرين.
عيادات ومستوصفات خاصة تبيع الموت بأدوية مهربة
الصحة غائبة وأدواتها مصادرة
تنتشر في هجدة العديد من العيادات والمستوصفات الخاصة، لكنها تبيع الموت بأدوية مهربة ومخزنة بطريقة رديئة، ومستوردة بدون مواصفات، أما الخدمات الصحية الحكومية فعلمها عند الله. يقول عبدالقادر الرازقي:
المستشفى الريفي في هجدة انتهى العمل به قبل حوالي سنتين وسلمه المقاول وإلى الآن لم يفتتح وأثاثه تقاسمه أعضاء مجلس النواب الثلاثة، وكل واحد حمل قاطرة متوجهاً إلى دائرته، حد قوله وعن الكادر المعتمد للمستشفى قال بأن عددهم يزيد عن الأربعين ولكنهم لا يداومون، منقطعون إلا اثنين في بعض الأحيان..مقابل المستشفى الواقف على دكة الانتظار يوجد مستوصف حكومي والذي لا يرقى إلى هذا الاسم حيث غرف المستوصف أشبه بزرائب حيوانات، روائحها تزكم الأنوف وتفتقر لأبسط المقومات الطبية، ناهيك عن الكادر المتخصص.. إدارتها يعملون بعياداتهم الخاصة أسفل مدينة هجدة، ما يقدمه المستوصف من خدمات طبية إن كانت كذلك هو أنه يفتح كل يوم ثلاثاء أبوابه لتطعيم الأطفال..يضيف الأخ عبده غالب العصار بأن الدكتور عبدالمجيد الخليدي زار المنطقة وتكفل بمتابعة الجهات المختصة بشأن الكادر الطبي المتخصص مع إيجاد محول كهرباء للمنطقة..أما أعضاء المجالس المحلية في إجازة مفتوحة ولا يحضرون إلا عند تقاسم المناصب الإدارية، وكل موظفي الإدارات موجودون في كشوفات المرتبات وغائبون عن الواقع والكثير منهم لا يعرفهم الناس.
التعليم..تكريس للجهل
مدرسة النور الأساسية الثانوية في هجدة مهدومة منذ عامين دراسيين، المقاول الذي رسا عليه العطاء والقريب للمحافظ السابق أخذ عشرة ملايين ريال مقابل هدم ولم يبدأ بالبناء باع حديد الخردة بخمسمائة ألف ريال والأحجار والأخشاب تناثرها الناس، الكارثة أن الطلاب من يحضر منهم يدرسون بالدكاكين وبجانب حيطان المسجد وفي الخلاء وتحت الأشجار والمركز التعليمي مهتم بالحضور والغياب وينسى المبنى والتعليم والطلاب.. الأخ حمود نصر أحد المعلمين في التربية يقول: هذه المدرسة بناها المواطنون حجراً حجراً في نهاية سبعينيات القرن الماضي، الآن سويت بالأرض والطلاب لا يتلقون تعليماً مفيداً، وقال طالب: إن مدير المدرسة وإدارتها هم السبب بكل هذه الكارثة فالمدير متغيب طوال العام وقد درست الثانوية العامة بهذه المدرسة ولم أر المدير حتى يوماً واحداً خلال سنوات دراستي..ويتدخل أحمد عبدالواسع العبد في الحديث ليقول: المدارس والوحدات الصحية أسماء بدون محتوى لا يداوم فيها الموظفون ولا تقدم خدمات للمواطنين.
يضيف الأخ عبدالقادر الرازقي في جانب آخر: المساعدات الإنسانية التي قدمت للأسر الفقيرة كانت كلها فاسدة، كيس بر لكل أربع أسر، والقائمون على التوزيع في المحافظة أبدلوا هذه المواد السليمة بمواد فاسدة وقبضوا الثمن ونشروا الأمراض بهذه المواد.
مبنى شرطة هجدة الحزين
بناه الإمام أحمد في بداية القرن العشرين، كان يشمخ على تلة في يمين الطريق، مكون من ثلاثة أدوار مشيدة من الأحجار ومسقوفة بالقش والطين، منه كان الإمام وعماله يحكمون وأحياناً يوزعون المساعدات الإنسانية التي تجود بها المنظمات الدولية على الأهالي، هذا القسم تناوب عليه الضباط والمدراء ونهبوا ملايين الريالات على المواطنين ولم يضيفوا له حجراً، الزمن حط رحاله عليه في رمضان الماضي فتهدم طابقاه الأخيران وأصبح مأوى للغربان، لكن رجال الشرطة مصرون على البقاء والمداومة على رزقهم بجانب حيطانه.
مشاريع بلا مناقصات.. وأخرى وهمية !
في تقرير لمدير المديرية رئيس المجلس المحلي الأخ محمد سعيد ردمان بشأن المشاريع والمديونية يمكن رصد الملاحظات التالية:
1 أن هناك مديونية على المديرية وشيكات بدون رصيد لبعض المقاولين.
2 أن هناك مشاريع تسلم بدون مناقصات وبالتكليف المباشر، هذه المشاريع تعثرت في معظمها وهذا العمل مخالف وغير قانوني ويؤدي إلى التلاعب في التنفيذ وإذا نفذت هذه المشاريع فتكون بلا جودة أو مواصفات، ولا توجد ضمانات لصيانتها ولا يتم الاستلام أو التسليم أولياً ونهائياً من قبل جهات هندسية، ومثال على هذا التلاعب مشروع مياه بني الفخر جمهرة الذي أحيل موضوعه إلى النيابة.
3 يساهم المهندسون في فساد المشاريع أحياناً فقد أورد التقرير أن المهندسين وقعوا على استلام مدرسة الجوف ميراب دون النزول إلى المنطقة لمعاينة المشروع.
ملعب لا وجود له سوى في لافتة زرقاء!!
ومن قراءة التقرير تبين أن هناك مشاريع وأعمالا وهمية لا وجود لها في الواقع وكمثال على ذلك ادعى المقاول حسن عطروش بوجود جدار ساند لمدرسة حذيفة بن اليمان في “موثبت مير” وطالب بتسديد فاتورته رغم أن هذا العمل غير موجود في الواقع المشاهد.
أما الفضيحة الكبرى في المشاريع الوهمية فهو ملعب الشباب والذي وصلت قضيته إلى نيابة الأموال وهيئة مكافحة الفساد بحسب تقرير المجلس المحلي.
وفي تقرير آخر مرفوع إلى مدير المديرية بشأن مشاريع المياه مؤرخ 5/10/2011م تبين لنا الأمور التالية:
1 انتهاء صلاحية ضمانات العطاءات المقدمة من المقاولين لتنفيذ مشاريع المياه، وعدم البت بهذه العطاءات.
2 عدم وجود دراسة للتكلفة من قبل اللجنة الفنية في المديرية، وعدم وجود دراسات ميدانية، وعدم وجود تقارير اختبار الآبار ومصادر المياه والقدرة الإنتاجية وصلاحيتها للشرب من عدمه.
3 المقاولة لهذه المشاريع يأتي من الباطن كما هو الحال في المناقصات التي تقدم بها المدعو محمد عبدالقادر هائل مدير الواجبات الزكوية في المديرية، وهذه مخالفة لقانون المناقصات ولائحته التنفيذية التي لا تجيز للموظف الدخول أو المشاركة في عمل من أعمال المناقصات أو الموائد في الجهة التي يعمل بها.
4 لا وجود للجنة تفتح المظاريف والأمور تمشي “بالسكاتي” كما لا توجد سجلات أو وثائق أو محاضر توثق لهذه المناقصات بمعنى أن العمل يمضي بعشوائية وحسب المزاج، وهكذا تمت وتتم كل المناقصات في المديرية، وبمعنى أدق أن النهب للمال العام يتم بالقانون وعلى عينك يامواطن، فالجماعة المتنفذة تختار المقاول الذي تريد بحيث يرسو العطاء عليه بعد اتفاق تقاسم، فالمشروع الذي يكلف عشرين مليونا يتم تنفيذه بأربعين مليونا وكله بحسابه والريال يجمع.
عشوائية تحصيل الإيرادات
في تحصيل الإيرادات يذكر التقرير أن هناك عشوائية في تحصيل الإيرادات من الأسواق والنقاط والمصالح والوحدات والمراكز الصحية التي لم يذكرها التقرير؛ إذ لم يوضح مقدار الإيرادات اليومية والشهرية والسنوية، ولم يذكر أهم إيراد ألا وهو عائدات مصنع أسمنت البرح الذي يقع في نطاق المديرية والذي يحدد عشرة ريالات على كل كيس لصالح المديرية، ولم يتطرق تقرير المجلس إلى قضية الانضباط والدوام الوظيفي سواء في التربية أو الصحة ولم يتطرق تقرير المجلس إلى قضية الانضباط فمدراء المدارس والموجهون يعملون في سمسرة الأراضي ويداومون في المدن، ولهم أعمالهم الخاصة التي تشغلهم عن الدوام الوظيفي، بل إن بعضهم خارج الوطن.
ويصل الأمر أحياناً إلى تخريب المشروع وتدميره نهائياً، بل إن بعض مشاريع المياه فككت حتى أنابيبها وبيعت بالأسواق.
مثلاً: مشروع مياه شرق يعتمد الذي ذكرنا سابقاً، ومشروع كهرباء مركز مقبنة وضواحيها الذي ظل المجلس المحلي يديره بالفساد ورفض تسليمه إلى مشاريع مياه الريف حتى وصل الأمر إلى التقاتل بين إدارته، ثم توقف عن العمل نهائياً قبل سنوات ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.