صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا المشترك في السلطة ولا المؤتمر في المعارضة..!!
د. محمد صالح القباطي ل "الجمهورية":
نشر في الجمهورية يوم 27 - 06 - 2012

أكد الدكتور محمد صالح القباطي عضو مجلس النواب، رئيس الدائرة السياسية للاشتراكي، عضو الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك أن الحوار الوطني المطلوب اليوم بات مطلبا وطنيا وإقليميا ودوليا ملحا لا يقبل التأجيل, وفيما يتعلق بالبيئة المواتية لإجراء مثل هذا الحوار قال إن ما توافر لهذا الحوار من عوامل ومقومات البيئة الملائمة لنجاحه، لم يتوفر لأي حوار وطني سابق في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، داعيا السلطة الراهنة ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني العمل على إنجاز جملة من المهام والإجراءات العاجلة الكفيلة بتيسير مسارات الحوار، والضامنة لشموليته ونجاحه، وفي المقدمة منها اتخاذ القرارات التنفيذية الشجاعة، لاستكمال توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس وطنية تحت قيادة حكومة الوفاق الوطني جاء ذلك في سياق اللقاء التالي: ما هو الحوار الوطني المطلوب اليوم؟ وهل البيئة السياسية مواتية لإجراء مثل هذا الحوار؟
الحوار الوطني المطلوب هو الحوار الوطني الشامل، الجاد، الناجح ، والذي لا يستثنى منه أحد من الأطراف السياسية والوطنية الفاعلة في الساحة على مستوى الداخل والخارج إنه حوار الفرصة التاريخية التي لن تتكرر، إنه الحوار القائم على قاعدة التغيير، الحوار الذي يعالج معضلات الماضي على أسس ومضامين ثورية، تفتح آفاق واسعة لبناء مقومات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة - الدولة الاتحادية، اللامركزية المطلوبة، ورسم ملامح المستقبل الأفضل لليمن واليمنيين.
وفيما يتعلق بالبيئة المواتية لإجراء مثل هذا الحوار أستطيع القول بأن ما توافر لهذا الحوار من عوامل ومقومات البيئة الملائمة لنجاحه، لم يتوفر لأي حوار وطني سابق في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، فالحوار الوطني الشامل المستهدف اليوم قد بات مطلباً وطنياً وإقليمياً ودولياً ملحاً، لا يقبل التأجيل.
وصار لزاماً على السلطة الراهنة ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني، العمل على إنجاز جملة من المهام والإجراءات العاجلة الكفيلة بتيسير مسارات الحوار، والضامنة لشموليته ونجاحه، وفي المقدمة منها اتخاذ القرارات التنفيذية الشجاعة، لاستكمال توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس وطنية تحت قيادة حكومة الوفاق الوطني، والتعاطي الإيجابي مع المطالب المشروعة ذات العلاقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وإنصاف الضحايا وإنفاذ إجراءات المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، واتخاذ خطوات عملية باتجاه استكمال نقل السلطة، وتحرير أدوات القوة المختطفة التي لا يزال يمسك بها بقايا النظام السابق ورموزه العائلية لأغراض تدميرية انتقامية بائسة، تحت وهم إعاقة مسار التسوية السياسية، وإيقاف عجلة التغيير عن الدوران.
^^.. ماهي ضمانات نجاح الحوار الوطني الشامل، في ظل الخلافات والصراعات القائمة بين أطراف الحوار، وعزوف البعض عن المشاركة في الحوار؟ وماذا لو فشل الحوار؟
يمكن القول باطمئنان بأن الضمانات المتوافرة على الأرض لإنجاح الحوار الوطني المستهدف لم تتوافر لأي حوار سابق وربما لاحقا على المدى المنظور على الأقل وذلك للأسباب التالية:-
أولا: لم يعد الحوار الوطني الشامل خيارا للنقاش ، بل أصبح وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة مهمة وطنية ملزمة التنفيذ للأطراف الوطنية الفاعلة الموقعة على التسوية السياسية، كمهمة إجبارية لا تقبل المساومة أو التسويف، تجسيدا للإرادة السياسية الوطنية، وتلك الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة، والساهرة على تنفيذها سبيلا سلميا وحيدا للعبور باليمن إلى المستقبل المنشود.
ثانياً: أن نجاح الحوار الوطني الشامل، لم يعد بعد اليوم شأناً خاصا بالموقعين على التسوية السياسية فحسب، بل صار شأناً وطنياً عاماً، يعني جميع اليمنيين دون استثناء، فمصير الحوار يرتبط وثيقا بمصير التسوية السياسية، ومصير التسوية السياسية تحدد مصير اليمن وطناً وشعباً، وبهذا القدر من الأهمية جاءت المواقف السياسية الوطنية والإقليمية والدولية معبرة عن حرص شديد على نجاح الحوار الوطني كمقدمة لنجاح التسوية السياسية، وليس أدل على ذلك أكثر من التوجه والإجماع الدولي الذي تبلور خلف قراري مجلس الأمن الدولي 2014 ، 2051، بمضامينهما الشاملة الملوحة باللجوء للفصل السابع لمعاقبة كل معيقي التسوية السياسية، بما في ذلك الحوار الوطني الشامل في سابقة لم تشهد لها اليمن مثيلا من قبل.
ثالثاً: لقد أثبتت التجربة اليمنية وبما لا يدع مجالاً للشك بأن القوة والعنف والحروب الأهلية أساليب عقيمة ثبت فشلها في حسم قضايا الصراع والخلافات السياسية ولم يعد هناك من طريق آخر أمام اليمنيين سوى طريق الحوار الوطني الشامل، الوسيلة الحضارية السلمية الوحيدة، كسبيل آمن للوصول إلى حلول توافقية عادلة لقضايا الخلاف الملتهبة وإشراك الجميع في صياغة معالم المستقبل الأفضل الذي يريده اليمنيون.
رابعاً: تتجلى أهم الضمانات لنجاح الحوار الوطني وبالتالي التسوية السياسية في اليمن في ديمومة الثورة الشبابية الشعبية السلمية، المستمرة على مدى عام ونيف، كأهم العوامل الدافعة بالتغيير وإنجاز مهام الحوار الوطني الشامل واستكمال النقل السلمي للسلطة، وبناء اليمن الجديد.
وبناء على ما سبق يعد الحوار الوطني الشامل الجاري التحضير له اليوم، فرصة تاريخية لا تعوض ولا تقدر بثمن، حيث توافرت لها من عوامل ومقومات الاهتمام والجدية وفرص النجاح على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية ، ما لم يجود به التاريخ لأية فرصة حوارية سابقة ولا يبدوا أنها ستتكرر مع أية فرصة لاحقة.
ولذلك فإن ما يتردد عن عزوف البعض عن المشاركة في هكذا حوار لن يكون إلا ضربا من الفشل السياسي وحماقة سياسية قاتلة.
ونأمل في هذا الصدد من جميع فصائل ومكونات الحراك السلمي الجنوبي في الداخل والخارج وجميع القوى والأطراف السياسية الحزبية والمستقلة الممانعة عن المشاركة حتى الآن، إعادة استقراء مستجدات الوضع المتغير بآفاقه المستقبلية، بروح جديدة معاصرة، تضعها في موضعها الطبيعي كجزء من الحاضر والمستقبل وليس جزءا من الماضي، لتتجنب المحاولات المشبوهة لاستدراجها إلى فخ القوة والعنف أو الممانعة والانعزال السياسي القاتل. فالمشاريع البديلة للحوار الوطني ليست سوى مشاريع عقيمة ووهمية لا أفق لها، وسبق إن ثبت فشلها، بما في ذلك مشاريع القوة والعنف، أو المشاريع الجهوية التفكيكية والانقسامية الماضوية الصغيرة، فسلبيات مقاطعة هكذا حوار، تفوق بكل المقاييس سلبيات المشاركة فيه – إن كانت هناك سلبيات للمشاركة – ولذلك تقتضي الحكمة السياسية - في هذا الظرف بالغ التعقيد – بالذات، خوض غمار حوار اللحظة التاريخية الاستثنائية التي تلوح في الأفق واقتناص الفرصة الكامنة في قلب هذا الممكن السياسي المتاح اليوم انتصاراً للقضايا النضالية العادلة، فأي كانت النتائج الحوارية، فإن الإرادة الشعبية الجمعية سيكون لها القرار الحاسم في نهاية الأمر.
وأعتقد جازما في هذا السياق بأن من تتجاوزه الفرصة التاريخية الراهنة المتاحة حتى الآن لتسوية وطنية شاملة، لن يجد أفضل منها على المدى المنظور على الأقل. فالعصر الراهن هو عصر المتغيرات المتسارعة، إنه عصر الشعوب، ومن لم يستثمر اللحظة التاريخية للانتصار للقضايا الوطنية العادلة فلن ينتظره الزمن، فهناك أطراف كثر يرقبون استثمار تلك اللحظات التاريخية، لخلط الأوراق وملء تلك الفراغات السياسية الشاغرة، في ظل الاستقطابات الدولية النشطة، الجاذبة للدعم والتأييد الإقليمي والدولي غير المسبوق، والذي يصب في نهاية الأمر في خدمة المصالح الدولية في المنطقة، وليس بالضرورة المصالح الوطنية.
أما المراهنة على فشل الحوار كما يتوهم البعض أو يتمنى رغبة في الانتقام لن يحصد سوى خيبة أمل، فعجلة التغيير تدور و إن ببطء، ولكنها لا تعود إلى الوراء، فكل المؤشرات الواقعية تدفع باتجاه إنجاح الحوار.
إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل – المسنود بإرادة شعبية ودولية غير مسبوقة – لن يلتئم إلا لينجح، فالنجاح هو القاعدة، والفشل هو الاستثناء.
^^.. كيف تقيمون دور و أداء مجلس النواب باعتباركم أحد أعضائه؟ وهل لا يزال يتمتع بالأهلية الكافية للنهوض بدوره الإيجابي في إنجاز المهام المناطة به في إطار المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية المزمنة؟
يؤسفني وأنا أرقب الحالة البائسة التي انحدر إليها أداء مجلس النواب، الذي أنتمي إليه للأسف الشديد، أن أصارح - عبركم - من انتخبوني إلى هذا المجلس ذات يوم - ولهم في ذلك الحق - بالحقيقة المرة، التي وصلت معها إلى فقدان الشعور بشرف الانتماء إلى هذا المجلس، أو ما تبقى منه في حقيقة الأمر، مع اعتذاري سلفا لمن يخالفني هذا الشعور من الناخبين أو من زملائي المحترمين أعضاء المجلس.
لقد ولد هذا المجلس معوقا كأحد منتجات السابق، وظل ولا يزال أسيرا لمعوقاته، مكبلا بكوابحه البنيوية منذ النشأة، فانعكس ذلك سلبا على أدائه البائس على طول عمره الاستثنائي المديد، الذي ناهز قرنا من الزمن، في سابقة غير معهودة ، تكشف بجلاء الأبعاد السياسية الاستثنائية التي تكرسها الغالبية الكاسحة، ذات المفعول السحري التي أصر رأس النظام السابق على تحقيقها بأي ثمن وبأية وسيلة أبان الانتخابات البرلمانية عام 2003 م، فكان له ما أراد، وتشكل المجلس ذو الغالبية الكاسحة طوع يد الحاكم، تدين له بالوصول إلى مقاعده وامتيازاته وليس لجدارتها أو بثقة و إرادة الناخبين – والاستثناءات واردة هنا بالطبع – الأمر الذي أنتج مجلسا ديكوريا مشلولا، فاقدا للقدرة على الفعل خارج إرادة الحاكم، فبات أقرب ما يكون إلى ظاهرة صوتية شكلية، تجمل صورة الحاكم وطغيانه، وتلبي رغباته، وتكرس إرادته في شرعنة فساده واستبداده، ليس اقل من ذلك ولا أكثر للأسف الشديد.
ومع قرب انتهاء الدورة التشريعية الدستورية للمجلس في أبريل 2009 م، جاء اتفاق فبراير 2009م بين السلطة والمعارضة، ليستبدل الشرعية الدستورية الانتخابية للمجلس بمشروعية سياسية توافقية بديلة، قضت بموافقة المعارضة على بقاء الحاكم في السلطة دون انتخابات لسنتين إضافيتين، يمدد خلالها للمجلس ذو الغالبية الكاسحة مقابل إنجاز الإصلاحات السياسية والانتخابية التي نص عليها الاتفاق خلال نفس الفترة المحددة بسنتين.
ورغم وضوح المهام والآليات الملزمة للمجلس، والفرصة التاريخية التي منحته إمكانية أن يغدو جزء من التسوية السياسية، وعنصراً إيجابياً فاعلاً في عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة، إلا انه للأسف الشديد – رغم إنجازه لبعض مهام المرحلة الأولى – ظل مشدداً بولائه للماضي تحت تأثير بقايا النظام السابق ورموزه العائلية المناهضة لعملية التغيير، والتي ظلت تمسك بخيوط اللعبة في مجلس النواب عبر من تبقى من الموالين من الغالبية الكاسحة في قوام المجلس وهيئاته القيادية ولجانه المتخصصة، دافعة بعدم إجراء أية تغييرات توافقية في هذه الهيئات والتكوينات القيادية، أو في أداء المجلس، مكرسة بقائها رهنا بإرادة الرموز العائلية للنظام السابق، وخدمة لأغراضها اللا مشروعة، كورقة للضغط والمساومة السياسية، وأداة لاختلاق الأزمات والمعوقات المربكة لعمل حكومة الوفاق الوطني، والمشتتة لجهودها، في سياق المراهنة على إفشال الحكومة، بوهم وقف عجلة التغيير أو تعطيل مساراتها.
لقد أنتجت هذه الممارسات المناهضة لعملية التغيير، حالة من الارتباك وعدم التوازن في الأداء الافتراضي لمجلس النواب في هذه الظروف الاستثنائية، جعلته أسير دوره التقليدي كظاهرة صوتية ديكورية، تستخدم هذه المرة في جهود مناهضة حكومة الوفاق الوطني ، وتحميلها أوزار فساد سابقاتها بأثر رجعي، ليتموضع مجدداً في موقعه السابق – كما أريد له أن يكون ولا يزال - جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل.
الأمر الذي جرد المجلس من دوره المفترض، ومما تبقى له من ضرورة في ظل مشروعية التوافق السياسي الوطني الراهنة، بعد أن تم تجيير دوره وقراراته وتوصياته لأغراض سياسية، أقرب ما تكون إلى العبثية، والإصرار على بقائه تحت السيطرة، بإدارة فاقدة لمعايير وشروط المشروعية.
^^.. إذاً كيف يتم معالجة هذه الحالة من وجهة نظرك؟
في ظل هذه الحالة البائسة التي وصل إليها مجلس النواب لم يعد أمام قوى التغيير والتوافق الوطني لمعالجة هذه الحالة، سوى خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول: أن يلتزم من تبقى من أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام في مجلس النواب بمضامين التوافق الوطني والتسوية السياسية القائمة على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة، وفك الارتباط برأس النظام السابق ورموزه العائلية والمناهضة للتغيير - التي باتت جزء من الماضي - والشروع بإجراءات ترشيد عمل المجلس الذي لا يزال ممكنا إذا ما صدقت النوايا، عبر إعادة هيكلة المجلس وفقا لمبدأ التوافق الوطني، وضبط أدائه وفقا للدستور واللائحة الداخلية ومضامين المبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة، بما في ذلك إجراء الدورة الانتخابية لهيئة الرئاسة ورؤساء ومقررو اللجان العاملة والأمانة العامة للمجلس.
الخيار الثاني: وهو خيار الضرورة ويتمثل في حل مجلس النواب، وتشكيل جمعية وطنية تأسيسية توافقية، تمثل كافة الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية المذكورة تحديدا في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية دون استثناء، والمناط بها مهمة إنجاز الحوار الوطني الشامل، و صياغة مشروع الدستور وقانون الانتخابات، وغيرها من الإجراءات والمهام المحددة للفترة الانتقالية، وصولا إلى انتخاب مجلس نواب جديد ورئيس منتخب في نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين.
وكلا الخيارين متاحان للأخ رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني.
^^.. ماذا يعني لكم قرار رفع الساحات، هل هو ضرورة أم لا؟ وهل هناك قرار من المشترك بهذا الاتجاه؟
لا علم لي بأي قرار بهذا المعنى فإذا كنت تقصد في سؤالك ما حدث من رفع لخيام المعتصمين في بعض شوارع ساحة التغيير في العاصمة صنعاء، فما تم كما يؤكد الشباب، يأتي في سياق تخفيف الضغط على حركة مرور المواطنين وعلى سكان الأحياء، ولاسيما في الشوارع الرئيسية، وهو أمر طيب، وليس معيباً، طالما ظلت الساحة قائمة، والفعل الثوري مستمراً ومتواصلاً، حتى تحقيق الأهداف الرئيسية للثورة، كما يؤكد الشباب أنفسهم.
إن قرار الإبقاء على الساحات أو رفعها جزئياً أو كلياً هو أمر خاص بالشباب أنفسهم، فهم وحدهم من بأيديهم اتخاذ مثل هذا القرار.
وباعتقادي الشخصي أن أهمية الخيمة أو الساحة تكمن في رمزيتها، التي ارتبطت في الوعي العام بالثورة السلمية وهو أمر بالغ الأهمية، ينبغي أن يخلد في ذاكرة اليمنيين، حتى وإن رفعت الساحات بعد تحقيق أهداف الثورة.
فمن المهم الحفاظ على نصب تذكارية، تخلد التضحيات والمآثر البطولية ، التي اجترحها شباب الثورة السلمية بصدورهم العارية في مواجهة آلة القمع والدمار التي ووجهوا بها.
كما أعتقد بأن رفع الساحات نهائيا الآن عمل متعجل، فالثورة لم تتجاوز بعد مخاطر والتحديات المحدقة بها من خارجها ومن داخلها، فلا بأس من اليقظة والاستمرار في الفعل الثوري وتنوع وتعدد أشكاله وأساليبه، حتى يتم تجاوز مخاطر الإجهاض أو الارتداد عن مبادئ وأهداف الثورة.
أما فيما يتعلق بالمشترك، أستطيع الجزم بأنه لم يتخذ قراراً برفع الساحات على الإطلاق، ويرى المشترك في هذا الصدد، بأن أي قرار يتعلق بالساحات هو من حق الشباب حصرياً، وليس لأية جهة أخرى أي كانت سلبهم هذا الحق، وهذا الموقف ينسجم مع الموقف المبكر للمشترك،الرافض بشدة للبند الذي حاول رأس النظام السابق تثبيته ضمن بنود التسوية السياسية، المتعلق برفع الساحات، باعتبار ذلك حق ديمقراطي أصيل، مكفول في التشريعات الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، حيث دافع المشترك بشدة عن هذا الحق، وهو ما تفهمه الوسطاء الدوليون، وأقروا به .
^^.. كيف تقيمون مسار التسوية السياسية، وتنفيذ المبادرة الخليجية، وأداء حكومة الوفاق الوطني، على طريق إنجاز المهام الانتقالية خلال الفترة الزمنية المحددة لها بسنتين؟
يبدو من السابق لأوانه الخوض في مسألة تقييم أداء حكومة الوفاق الوطني، أو الحكم على مسار التسوية السياسية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة.
فالخطوات المحققة على الأرض تبدو عظيمة وكبيرة، إلا أن التعقيدات والمعوقات الكامنة لا يمكن الاستهانة بها، فالمخاطر والتحديات لم يتم حسمها نهائيا بعد، والاهم في سياق هذه المعادلة هو استمرار عجلة التغيير بالدوران، فإرادة التغيير المسنودة وطنيا وإقليميا ودوليا قد انطلقت، ولا يمكن لها أن تعود إلى الوراء، أي كانت حجم المخاطر والتعقيدات التي تصنعها القوى المشدودة بمصالحها إلى ماضي الفساد والاستبداد، الذي أتت عليه الثورة الشبابية الشعبية السلمية المتواصلة حتى اليوم.
وفي ذات السياق يلاحظ بأن جل المهام الرئيسية التي تضمنتها المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية قد تم إنجازها، عدا ما يتعلق بإنهاء الانقسام في القوات المسلحة والأمن ومعالجة أسبابه، وهي المشكلة التي باتت تنتج بتداعياتها السلبية المزيد من التعقيدات والمعوقات، التي تطال مسار التسوية السياسية وإجراءات استكمال نقل السلطة، المنصوص عليها في مهام المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية، وفي مقدمتها الحوار الوطني الشامل.
إنها المهمة الملحة التي لا تقبل المزيد من التأجيل، وعلى الأخ رئيس الجمهورية اتخاذ القرار التاريخي الشجاع في هذا الخصوص، والذي سيسرع ولا شك من إنجاز المهام العالقة الأخرى ذات العلاقة بالأمن والاستقرار وإطلاق سراح السجناء والمخطوفين، وإنهاء حالة الممانعة والتمرد على القرارات الجمهورية، وعلى حماية الحقوق والحريات العامة، وفي مواجهة النشاطات الإرهابية، ووضع حد للأعمال التخريبية، التي تطال منشآت وخطوط نقل الكهرباء والنفط والغاز.. وغيرها من الممارسات، التي يستخدمها بقايا النظام ورموزه العائلية في محاولة إفشال حكومة الوفاق الوطني، وإعاقة مسار التغيير، واستكمال نقل السلطة.
إن عامل الزمن أمر بالغ الأهمية للنهوض بالمهام الانتقالية المحددة خلال عامي التسوية السياسية، وفي هذا الصدد، تأتي إعاقة مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية من طرف ممثلي المؤتمر، وعدم استكمال توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، وبطء سير عملية التواصل والتهيئة والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، بما في ذلك عدم الشروع بإنجاز مشروع السجل المدني، كمطلب ضروري للانتخابات البرلمانية والرئاسية المحددة في نهاية الفترة الانتقالية عام 2014م، كمؤشرات سلبية في طريق انجاز المهام الانتقالية خلال الفترة الزمنية المحددة لها.
^^.. ثمة من ينظر إلى المشترك اليوم وكأنه وريث للسلطة، فهل أصبح المشترك في مقام السلطة فعلا؟ والمؤتمر في موقع المعارضة؟
بإيجاز شديد، لم يصبح المشترك في مقام السلطة بعد .. ولا بات المؤتمر في موقع المعارضة.
^^.. كيف تقيمون الشراكة بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في إطار حكومة الوفاق الوطني، في ظل بقاء صالح رئيسا للمؤتمر، ورموز عائلته في المواقع العسكرية والسياسية؟ وما أثر ذلك على مسار التسوية السياسية، ونجاح عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة؟
لا نستطيع أن نسمي ما هو قائم بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في إطار حكومة الوفاق الوطني بالشراكة، بقدر ما هو نوع من المشاركة في الحكومة لإنجاز مهام محددة سلفاً خلال الفترة الانتقالية المحددة بسنتين وفقا للتسوية السياسية الملزمة التي تم التوافق بشأنها للنقل السلمي للسلطة.
إنه خيار الضرورة لتجنب البديل الأسوأ وهو الحرب الأهلية، إنه الخيار السياسي السلمي المتاح لإنجاز مهام التغيير بعيداً عن القوة والعنف، والذي جاء كثمرة للثورة الشبابية الشعبية السلمية وفي نتائج الجهد السياسي الوطني والإقليمي والدولي، المتمثل بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة .
أما فيما يتعلق بصيغة الشراكة السياسية والوطنية، فهي ليست أمراً مطلوبا فحسب، إنها ضرورة لابد منها، وحاجة وطنية ملحة، تتسع لجميع أطراف الحياة السياسية الفاعلة في البلاد، تتطلبها، بل وتشترطها عملية التغيير وإعادة البناء الجارية اليوم.
لقد قدمت التسوية السياسية فرصة تاريخية استثنائية للمؤتمر الشعبي العام، لتجاوز صيغة “حزب الحاكم” التي راوح في مكانها ردحا من الزمن، ليغدو حزبا حقيقيا قائما بذاته كجزء من العملية السياسية حاضرا ومستقبلا، وهو الأمر الذي لم يتح لنظرائه من الأحزاب، والتي واجهت مصائر كارثية في العديد من بلدان الربيع العربي. ويتوقف نجاح المؤتمر الشعبي العام في التقاط هذه الفرصة التاريخية، على قدرته في المضي قدما على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة، متخففا من قيود وأثقال الماضي، عبر فك الارتباط برموز الفساد والاستبداد والتطرف المتورطة بجرائم القتل والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص رأس النظام السابق ورموزه العائلية، والتي أضحت جزء من الماضي، ومحورا للشر في مناهضة عملية التغيير، وفي صناعة الدمار، وإعاقة مسار التسوية السياسية، للانتقام من الشعب الذي أسقطها ، بعد إن صبر على كل عبثها وفسادها واستبدادها وعنفها لأكثر من 33 عاماً.
إن حضور المؤتمر الشعبي العام في الحياة السياسية الراهنة كحزب سياسي متطهر من رموز الفساد والاستبداد، قادر على التجدد ومواكبة التغيير، أمر ليس مطلوبا كطرف مشارك في حكومة الوفاق الوطني لإنجاز مهام التغيير والنقل السلمي للسلطة فحسب، بل وكشريك سياسي حقيقي في معادلة التوازنات السياسية الضرورية ، المجسدة للتعددية السياسية والحزبية ، والانتقال إلى الديمقراطية ، والحيلولة دون العودة للفساد والاستبداد مجددا، أيا كان شكله.
إن تجيير المؤتمر الشعبي العام إلى مجرد حاضنة سياسية للرئيس السابق وبقايا رموز العائلة، وتمكينهم من المواقع القيادية العليا في الحزب لممارسة الفعل السياسي كما هو جار اليوم يمثل حماقة سياسية قاتلة؛ إذ تربط مصير الحزب المشارك في عملية التغيير والتوافق الوطني كجزء من الحاضر والمستقبل، بمصير بقايا العائلة التي صارت جزءا من الماضي، الأمر الذي يضع حزب المؤتمر في تعارض صارخ مع مضامين قانون الحصانة، بمنحه سلطة سياسية في أعلى مواقعه القيادية لمن منح الحصانة مقابل نزع السلطة عنه، هذا من ناحية، ويضعه - من ناحية ثانية - في تناقض مع مضامين التسوية السياسية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، المشترك فيها على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة، ليحتضن في الوقت ذاته، بقايا العائلة المستهدفة بعملية التغيير ونقل السلطة ، والمناهضة لها والمعوقة لمساراتها، والمتمردة على القرارات الرئاسية الصادرة بصددها.
كما أنه يضع المؤتمر على قدم المساواة في تحمل المسئولية الجنائية والقانونية، عن تلك الجرائم وأعمال التمرد والتخريب، التي تورطت فيها بقايا العائلة منذ صدور قانون الحصانة وحتى اليوم.
وممالا شك فيه بأن نجاح التسوية السياسية وإنجاز عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة يرتبط وثيقا بتغيير الوضع القائم، وعدم السماح باستمرار حالة المراوحة على ما هي عليه اليوم ، وذلك عبر تفعيل وتنشيط الآليات والأدوات المتاحة الدافعة بعملية التغيير، واستكمال نقل السلطة، والإسراع بتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وتفعيل قرارات مجلس الأمن بشأن معرقلي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أي كانوا أفراداً أو أطرافاً أو أحزاباً، وإخضاع المتورطين بجرائم القتل والعنف والتفجيرات الإرهابية وأعمال التخريب والجرائم ضد الإنسانية للملاحقة والمساءلة القانونية، بما في ذلك ترحيل الرموز المناهضة للتسوية السياسية وإجراءاتها التنفيذية المزمنة، والمتورطين في الأعمال الإجرامية الانتقامية والإرهابية أياً كانوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.