الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    صادم.. لن تصدق ماذا فعل رجال القبائل بمارب بالطائرة الأمريكية التي سقطت في مناطقهم! (شاهد الفيديو)    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    أسماء من العيار الثقيل.. استقطاب اللاعبين بالدوري السعودي ترفض طلبات للأندية للتوقيع مع لاعبين لهذا السبب!    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع الذي حوّل العروش إلى نعوش
ذكريات الليلة الأولى

ولدوا من رحم صمتكم واستمدوا قوتهم من عجزكم وجبنكم، وكسروا حاجز الخوف الذي زرعتموه في نفوسهم، خرجوا دون موعدٍ جمعتهم اسبابهم المتعددة لهدفٍ واحدٍ دون سواه ، وحدهم من تمرد على محظوراتكم وتجاوزوا خطوطكم الحمراء وقالوا بصوت عالٍ يكفي “33 عاماً” من العبودية والذل والرق السياسي.. هم يبحثون فقط عن وطنهم المصادر وأحلامهم المشروعة في الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية ، صفقاتكم السياسية وحصاد الغرف المظلمة لكم ، ولهم هذه المساحات المفتوحة على الحرية والضوء، فهموا الدرس جيداً، ورسموا ملامحه الأولى بوعيهم الذي تجاوزكم ولن يسقطوا في الامتحان الأخير.
ليس سهلاً على أي زعيم عربي مهما كان حبه للديمقراطية ترك كرسي الحكم لأحد سواه، ولا يسمح لتبادله إلا مع نفسه طالما هو على قيد الحياة أو مع ورثته الأقربين إذا كان على مشارف الموت، ويصعب أكثر تخيل نية التنحي الطوعي والاختياري على زعيم تمنعه ثقافة البزة العسكرية و(بروتوكولات حكام العرب) الإقدام على فعل ذلك.
البدايات الأسطورية مهما عظمت تكون لها نهاية حتمية ولا تكمن المعجزة في صناعة البداية وإنما في اختيار النهاية، أكثر من ثلاثة عقود مرت على إقصاء دولة وتغييب مؤسساتها وظهور سلطة الفرد والأسرة المالكة وعسكرة الدولة، ولقد خاضت اليمن المعركة الحاسمة وصراع البقاء الأخير.
ثلاثة عقود حمل اليمنيون على أكتافهم آلاف الشهداء في معارك وحروب أهلية غير مبررة وحوادث وقتلة مجهولين وغاب العشرات منهم وراء الشمس التي تجهل نفسها مصائرهم، تعودنا كثيراً على قراءة عبارات مثل شهيد وشهداء وطن، لكنا لم نسأل أنفسنا من قبل هذا الوطن شهيد من..؟! ثلاثة عقود قدم فيها النظام صورة قاتمة لليمن ولليمنيين، عرف عنه عالمياً فنه في صناعة الأزمات والتسول بها، بينما أطلق عليه شعبه مسمى نظام الجباية.
لا فرق أن يتحول فيه صناع القرار السياسي إلى تجار أو متسولين. . في بلادٍ كانت في صدارة دول العالم العربي والمنطقة فقرا، تجاوز فيه معدل التضخم 20 % فيما وصل عجز الميزانية إلى ما يقارب 15 % وارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 40 %، بينما يعيش أكثر من 50 % من السكان تحت سقف الفقر.
إنها ثورة حقيقية لا يمكن المزايدة بها أو عليها، شاهدنا فيها شباباً يرسمون بصدورهم المكشوفة وأرواح شهدائهم ودماء جرحاهم مجداً وتاريخاً ومستقبلاً أفضل لليمن وشهدنا نظاماً وحاكماً يحفر بمجازره ورصاصه الحي وسمومه المحرمة دولياً وبلاطجته قبره وخاتمة حكمه بعد أن وصلا لمرحلة الإفلاس ولم يعد ممكناً بقاؤهما على واجهة الحكم والعودة لممارسة الرقص على جثث الشهداء، وبدلاً من الامتثال لإرادة الشعب دفعهم العناد إلى الإقدام غير العقلاني على الانتحار التاريخي المهين ، ولم يعد ممكناً خلق وقت إضافي يمكن أن يعيد النظام من الباب الخلفي كما كان يحدث دائماً.
الشباب يعيدون كتابة التاريخ
إنهم يعيدون كتابة التاريخ اليمني وتصحيح مساره الذي انحرف، أو يكتبون تاريخاً جديداً يليق بمكانة اليمن وسمعتها التاريخية والحضارية رغم أنهم لا يفكرون بذلك ومنشغلون عنه به ، جيل خرج من الشوارع الخلفية والضواحي والأرياف وصفحات النت، بعد أن ساهمت ثورات الشعوب العربية المقموعة في خروجهم عن دائرة الصمت والجدران المغلقة والفضاء التخيلي إلى واقع الشوارع والساحات المفتوحة وإعلان رفضهم للجمهوريات الملكية وملوكها الرؤساء. الحادي عشر من فبراير 2011م كان يوماً عادياً أو هكذا كان سيكون ،غير أن ربيعاً عربياً كان يتربص بالعروش العربية ويسقطها واحداً بعد الآخر ويلغي بمعية الشعوب المعنفة والمقموعة أسطورة الفخامات الاستبدادية العربية ويعيد الحكم المسروق من الشعوب إليهم.
كانت العيون الثائرة في اليمن وليبيا وسوريا تراقب بصبرًمصير فرعون مصر وقد اطبق عليه شباب مصر وأذلوه كما فعل التوانسة بطاغيتهم قبل أن يفهم جديتهم واصرارهم خلعه ومحاكمته ففر بجلده ، بينما ربيع مصر لم يترك فرصة للفرعون كي يعي اللحظة ويدرك قوة عاصفة الشعب الذي دجنه كثيراً واستثمر صمته عليه فكان الحادي عشر من فبراير خاتمة طاغية وبداية لخواتيم طواغيت.
ولدوا من رحم صمتكم واستمدوا قوتهم من عجزكم وجبنكم، وكسروا حاجز الخوف الذي زرعتموه في نفوسهم، خرجوا دون موعدٍ جمعتهم اسبابهم المتعددة لهدفٍ واحدٍ دون سواه ، وحدهم من تمرد على محظوراتكم وتجاوزوا خطوطكم الحمراء وقالوا بصوت عالٍ يكفي “33 عاماً” من العبودية والذل والرق السياسي.. هم يبحثون فقط عن وطنهم المصادر وأحلامهم المشروعة في الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية ، صفقاتكم السياسية وحصاد الغرف المظلمة لكم ، ولهم هذه المساحات المفتوحة على الحرية والضوء، فهموا الدرس جيداً، ورسموا ملامحه الأولى بوعيهم الذي تجاوزكم ولن يسقطوا في الامتحان الأخير.
“شباب البداية جعلوا “ارحل” الكلمة الأكثر تداولاً في اليمن يتهجاها الأطفال وينشدها الطلاب ويهتف بها الشباب.. “ارحل” كانت كلمة السر التي استعاد بها الشعب وحدته وضمَّد بها جراحه، إنها ثورة الإرادة وإرادة الثورة وهي الرصاصة الوحيدة التي لا تخطئ هدفها أبداً.
معاذ المعمري ارشيف الذاكرة الثورية
كانت البداية مع معاذ محمد مرشد المعمري شاب عشريني قادم من مديرية الشمايتين يحمل مؤهل دبلوم برمجة حاسوب لكن تميزه يكمن في ذاكرته التي تحفظ كل التفاصيل ، متواضع ويتفق الكل على دوره البارز في ثبيت الرفض الاحتجاجي للحاكم والنظام وتحويله إلى اعتصامٍ دائم في الأيام الأولى قبل أن يتحول ذلك الفعل إلى ثورة شعبية وساحات ثائرة تكاد أن تكون بمساحة وطن.
حيث قال المعمري : كنت أترقب سقوط مبارك في جمعة “11 فبراير” قبل أن تأتيني مكالمة هاتفية من الزميل خالد المعمري أحد أصدقائي الساعة السابعة مساءاً يبشرني فيها بسقوط “مبارك” ، قلت له تابعت ذلك بشوق والآن جاء دورنا وكنت حينها أعد نفسي للنزول للشارع والتوجه من بير باشا حيث اسكن إلى قلب المدينة تحديداً شارع جمال.
ويواصل المعمري ذكرياته عن تلك الليلة ، نزلت من الباص في جولة المسبح ووجدت ثلاثة أشخاص يتحدثون عن سقوط مبارك شاركتهم الحديث وكذلك السير تجاه قلب المدينة وكان عددنا يزداد كلما أقتربنا من فرزة ديلكس وبوصولنا كان عددنا قد تجاوز العشرين إلا أن هذا العدد بدأ يتسع ويتكاثر حتى أصبحنا ننادي بفتح خط جانبي لسير المركبات وتطوع بعضنا لتنظيم ذلك.
ويضيف أن الألعاب النارية التي اطلقها أحد التجار في سماء الفرزة كان إيذاناً بتدشين الهتاف وحشد الناس بشكل كبير ، وكانت الهتافات الأولى هي “ثورة ثورة سلمية ، تحيا الثورة المصرية””تحيا الثورة العربية ، تحيا تحيا تحيا مصر” وشعارات أخرى ، توجهنا تجاه جولة العواضي عندها طلبت من الشباب التوجه نحو المحافظة التي وقفنا أمام بوابتها الساعة العاشرة والنصف ، عندها كان الهتاف «يا حمدي عود عود شعبك يحرق بالحدود ، شعبك يقتل بالحدود ، شعبك يشحت بالحدود» و “ثورة ثورة يمنية ، بعد الثورة المصرية” و “الشعب يريد إسقاط النظام” و”ارحل” ، وقد لحظت تواجد الناشطة الحقوقية بشرى المقطري بمعية “أنفال” أبنة أختها المحامية والناشطة إشراق المقطري والناشط سمير المقطري وبصحبة امرأة ملثمة لا أعرفها.
في الحادية عشرة والنصف تعرضنا لحادث اعتداء رمياً بالحجارة والعبوات الزجاجية قام به بعض البلاطجة ، بعدها تم إطفاء مصابيح الشارع واغراقنا بالظلام الدامس تمهيداً لاعتداءات قادمة مما دفع ببعض الشباب إلى الهرب ، عندها عدنا لمواصلة الاعتصام في شارع جمال أمام “الكريمي للصرافة”.
مع تقدم الوقت كان بعض الشباب ينسحب بصمت بينما أفترشنا قطع الكرتون والرصيف وتعاهدنا على البقاء معاً رغم أننا كنا نجهل بعضنا البعض ، تعرضنا لبعض التحرشات اللفظية من بعض المدفوعين والبلاطجة وكانوا يسخرون منا بقولهم “أنتم من ستسقطون النظام” وحاولنا تجنبهم وعدم الاصطدام بهم.
في الثالثة والنصف قام أحد أصحاب بوابير الماء يدعى “بجاش المخلافي” بدعمنا بمبلغ “ثلاثة آلاف ريال” وهو بذلك كان أول داعم للثورة ، كنا نتبادل نوبات الحراسة بيننا خاصة وقت وضوء صلاة الصبح الذي نظمناه بشكل دفعات ، وفي الرابعة والنصف جاء شخص يدعى فكري قاسم يطلب منا تحديد مكان مناسب لاعتصامنا وألا نخرب أو نكسر أي شيء وطلب منا أن نجعلها ثورة سلمية ونحافظ على طابعها السلمي ، وبينما كان الجوع والارهاق والعطش قد هد بعض معنوياتنا برز أحد الشباب عرفنا فيما بعد أنه “رمزي العبسي” يخاطبنا بأن مستقبل اليمن ومستقبلنا مرهون بهذه الساعات الباقية التي يجب أن نتغلب عليها ، وهو الأمر الذي دفع بمؤشر معنوياتنا إلى الارتفاع.
تناولنا قطعتي خبز وكوب شاهي حليب حصة كل فرد كان قد نظم ونسق لها رمزي العبسي في بوفية الملك ، وفي السادسة تم طبع بعض الشعارات الورقية ورباطات الرأس تحمل نفس الشعارات التي كنا نهتف بها وفكرنا بتحويل اعتصامنا الثابت إلى متحرك لحشد عدد أكبر وتوجهنا نحو شارع التحرير. من الشباب الذين كانوا معنا ليلة 11فبراير وأتذكرهم الآن “محمد حسن ناجي (الزبود) ، عصام سعيد كليب ، رمزي العبسي ، أحمد طه قائد ، توفيق الصوفي ، وهيب المخلافي ، أكرم الحدى ، أحمد مهيوب محمد ، ذو يزن علي نعمان ، مجيب المقطري ، محمد رشاد الأكحلي ، عبدالوهاب المذحجي ، معاذ المقطري ، بهاء المعمري ، حاشد البحري ، ناظم الدبعي ، نائف الوافي ، عبده صالح أحمد علي ، بجاش قاسم المخلافي ، بهاء الدين محمد علي ، محمد عبد الباسط المقطري ، فواز محمد قائد الوصابي ، مصطفى سعيد الزريقي “ حيث تعرضنا للتهديد المسلح من قبل صاحب السوق المجاور لنا صباحاً وقمنا بمسيرات متحركة من جولة المسبح حتى المركزي عشرات المرات ودخلنا شارع 26 سبتمبر وعقبة جمال وصافر “ساحة الحرية حالياً” وتحرش بنا البلاطجة والأطقم الأمنية وتم اعتقالنا قبل أن ننتقل لساحة صافر وبعد أن انتقلنا إليها وتهجموا علينا هنالك ببلاطجتهم عدة مرات خلال الأيام الأولى.
أكرم المقطري “السنة” رجل الأمن الأول
هو رجل الأمن الأول المحامي الذي لم يتح له النظام البحث عن ذاته في مجال تخصصه فركب “دراجة” ليصطاد لقمة عيشه. معاذ المقطري ليسانس حقوق دراجة نارية هي مصدر دخله الوحيد قال :كان إعلان عمر سليمان خبر تنحي حسني مبارك عن الحكم يوم 11 فبراير خبراً أثلج صدري ودفعني للخروج ذات اللحظة للمشاركة بثورة في اليمن ضد النظام.
ويضيف بمجرد وصولي شارع جمال جولة المركزي وجدت بعض الشباب يطلقون الألعاب النارية ابتهاجاً بسقوط مبارك وانضممت لهم في حين خرجت مسيرة أخرى من سوق القات القريب تطالب بعودة السوق بعد صدور قرارات منع أسواق القات داخل المدينة وانضموا إلينا واتجهنا نحو مبنى المحافظة قريب الساعة العاشرة مرددين الهتافات “ارحل” “الشعب يريد إسقاط النظام” “إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر” وشعارات أخرى ولم يكن لدينا حينها مكرفونات قبل أن يتبرع المحامي “خالد الخالدي” بميكرفون وبطارية حملته أمام مبنى المحافظة عندها بدأت الشعارات والهتاف بالتنظيم.
بعد ساعة من وجودنا أمام مبنى المحافظة قام مجموعة من البلاطجة برمينا بالحجارة والزجاج بتهاون الأطقم التي كانت بجوارنا التي شاركتهم الاعتداء بالهراوات والعصي وبعدها عدنا في مسيرة إلى شارع جمال الذي جئنا منه.
قررنا الاعتصام أمام الاتصالات الدولية والكريمي للصرافة رغم قسوة البرد وكان حولنا مجموعة من مدراء الأقسام الأمنية وبعض الضباط من البحث الجنائي والجند وبعض المدنيين بأيديهم هواتفهم التي يوهمونا بتواصلهم مع جهاتهم وتصويرنا بغية إرهابنا نفسياً لكن ذلك زادنا عزماً وتصميماً على مواصلة الصمود والتحدي والثبات وتعاهدنا على عدم العودة إلى منازلنا وحاول بعض البلاطجة التحرش بنا ومع تقدم الوقت كان بعض الشباب ينسحب ، وعندما شعرت بالنعاس قريب صلاة الصبح توجهت إلى تحت دولاب لبيع الجبن كان بجانب الاتصالات الدولية وكان معي قطعة كرتون فرشتها وتحت تأثير الارهاق غلبني النوم ولم أشعر بشيء ، وفي الصباح الباكر صحوت وملابسي وجسدي مبللين والملوحة تحتل كل مسأماتي من آثر القطرات التي كان يصبها علي ذلك الميز الخشبي للجبن البلدي.
ويكمل معاذ حديثه : كنا نفترق قيمة الأكل كل بما لديه وبعض الناس كانوا يساعدونا ويتبرعون لنا ، كان يكفينا العيش والزبادي والسحاوق ، وتعرضنا لجملة اعتداءات من البلاطجة ومن الجهات الأمنية كما تعرضت أنا للمتابعة والمطاردة عدة مرات وقد ذهبت عدة اطقم للسؤال عني في حارتي والتقصي وجمع بيانات تخصني من سكان الحارة.
مجيب المقطري وأحمد مهيوب ذاكرة الأصدقاء مجيب المقطري أحد المشاركين بفعلية في تلك الليلة التاريخية التي افضت إلى ثورة حقيقة ومعالم تاريخ جديد لليمن رسم ملامحه الشباب الصامدون تلك الليلة والأيام التالية لها يتذكر المقطري بعض الشباب الذين صمدوا في وجه التحديات وكسروا حاجز الخوف في 11فبراير ومنهم كما يتذكر : “عصام كليب ، معاذ المعمري ، رمزي العبسي ، أحمد طه ، محمد رشاد ، عبدالوهاب المذحجي ، معاذ المقطري ، عبدالله الأصبحي ، اسامة الحذيفي ، ناظم الدبعي ، جميل ناجي ، نائف الوافي ، ذي يزن علي نعمان ، محمد حسن ، حلمي الأصبحي ، عبدالقوي أمين شرف ، محمد حسن البحري ، وهيب المخلافي ، بجاش المخلافي “3000ريال حق صبوح” ،حاشد البحري”. ويضيف واحد من أبطال تلك الليلة الشاب أحمد مهيوب محمد أنه يتذكر وجود الشباب “صلاح عبدالرحمن نعمان ، وعبدالله مقبل ، سامي حسان ، ضياء شملان ، توفيق العياشي “ وأخرون لا تحضره الآن أسماؤهم.
.. العبسي رمزي العقل المنقذ يتفرس كثيراً في الأشياء المحيطة به ويفكر بكل خطوة سيقدم عليها لذا تجده كلما ضاق الخناق كمنقذ يجدك قبل أن تبحث عنه انه رمزي العبسي وعن ذكرياته يتحدث رمزي حول يوم إندلاع ثورة 11 فبراير السلمية فيقول : لم يكن إندلاع شرارة الثورة يوم 11 فبراير 2011م وليدة الصدفة او تقليداً للثورة المصرية التي في يومها أستطاعت الإطاحة بمحمد حسني مبارك وإعلان تنحيه عن السلطة ، كما كان النظام يحب تسميته بذلك بقوله اليمن ليست تونس وليست مصر، بل كانت حصيلة توفر كل الظروف الموضوعية وخاصة بعد وصول الحياة السياسية بين فرقاء العمل السياسي لمأزق ولم يعد بإمكان طرفي النظام سلطة ومعارضة تقديم حلول للخروج باليمن الى بر الأمان . ولكن نستطيع القول بأن الثورة المصرية ونجاحها في تنحي مبارك عن السلطة وفرت الفرصة التاريخية لذلك ، وكان شباب تعز السباقون في إلتقاف هذه الفرصة التاريخية كنت أنا ضمن مجموعة من الشباب المتمردين عن أحزابهم ، والتي شكلت حركة شباب نحو التغيير (ارحل) في تاريخ 28 /1 /2011م والتي بدأت أول نشاط لها في يوم 3فبراير 2011م ، وكان النشاط الثاني للحركة يوم 8/فبراير/ 2011م وذلك عندما قمنا بإعتصام أمام مبنى المحافظة تضامناً مع شباب الثورة المصرية ورددنا يومها أيضاً شعار الشعب يريد إسقاط النظام وأصدرنا بيان طالبنا فيه بإسقاط كل رموز وقادة المؤسسة العسكرية والأمنية بعد إعلان قرار تنحي مبارك من السلطة ألتقط شباب تعز الفرصة التاريخية وخرجوا الى الشوارع ابتهاجاً لهذا التنحي وإشعال فتيل الثورة اليمنية فبراير 2011م الذي مازالت مستمرة إلى اليوم بالرغم من التشويه الذي تعرضت له في تلك الليلة .
ليلة 11/فبراير /2011م خرجنا بمظاهرات الى أمام مبنى المحافظة لإسقاط النظام وكان عدد الشباب يتجاوز 5000 ألف شاب أغلبهم ذكور ولم يكن حاضراً من الإناث سوى الثائرة إشراق المقطري وطفلتيها أنفال وإيلاف وكذلك الثائرة شيناز الأكحلي ، ولا أنسى هنا الطفلة أنفال سمير المقطري التي حملتها على أكتافي وكانت تهتف بالشعارات عبر مكبر صوت صغير والشباب يرددون بعدها .. أستمرينا على ذلك الحال حتى قرابة الساعة الثانية بعد منتصف الليل وحينها تعرضنا للرشق بالحجارة من قبل بلاطجة ولكننا صمدنا بالرغم من ذلك ، وبعدها تم إطفاء الكهرباء على المنطقة بما فيها كهرباء أعمدة إنارة الشارع ، حينها أنطلقنا بالمظاهرة بإتجاه شارع جمال ومع مرورالوقت بدأ يقل أعداد الشباب الى ان أصبح العدد أقل من مائة شاب ، قررنا المبيت في الشارع نفترش الأرض ونلتحف السماء ونقتات بالحرية ونغني بها ولها الشعب يريد إسقاط النظام ، (ياتعز نحنً شبابك فاتحين للثورة بابك ).
الملفت للنظر في تلك الليلة ان المخبرين كان عددهم تقريباً نصف عددنا إلا أنهم أنسحبوا قرابة الساعة الثالثة والنصف فجراً حثيت الشباب على الصمود وقلت لهم أنتم الآن نواة الثورة وكرة الثلج التي سوف تكبر كلما تدحرجت ، أنتم الآن مثل ملكة النحل التي ستتجمع عليها باقي النحل ، لاأنسى كذلك حديث فكري قاسم للشباب وحثهم على الإقتداء بشباب الثورة المصرية ولكي نستطيع الإستمرار كان لابد من توفير وجبة الصبوح ومكبر صوت لأن مكبر الصوت الصغير الذي كان متوفراً لم يعد متوفراً لأن صاحبه لم يبق معنا ، لذلك حاولت الحصول على مبلغ مالي ومكبر صوت وبالفعل نجحت في ذلك حصلت على مبلغ عشرين ألف ريال ومكبر صوت وكان هذا الدعم من الأستاذ سلطان السامعي الذي كنت على تواصل معه عبر الرسائل القصيرة والتي مازلت أحتفظ بها في هاتفي حتى اللحظة ، أيضاً حصل الشباب على ثلاثة ألف ريال دعم من أحد سائقي الشاحنات الكبيرة جراء مساعدتهم له في دفع شاحنته . كما قلت كان عدد من قرر المبيت أقل من مائة . ولكن عند تناول وجبة الصبوح وصل العدد الى 130 شاباً أعتقد نتيجة لإنضمام بعض العمال والشباب العاطلين عن العمل بعد صلاة الفجر .. أتذكر العدد جيداً لأنني أنا من حاسب صاحب البوفية التي قدمت لنا الصبوح وكان لكل شاب حبتين خبز طاوة وشاهي حليب ، لذلك كان عدد حبات الخبز 260حبة خبز بمبلغ وقدره 8400ريال طبعاً مع الشاهي الحليب ، صاحب البوفية سامحنا ب 400ريال ، وأيضاً كان يريد أن يصبحنى شخصياً مجاناً وبما أريد ولكنني قلت له سأكل مثل ماأكل الشباب بالضبط حبتين خبز وشاهي حليب فما كان من أحد الزبائن بالبوفية الامخاطبتي قائلاً : مادمتم بهذه الأخلاق فحتماً ثورتكم ناجحة وستكون اليمن بخير قالها ودمعة حبيسة في عينيه مستعصية على الإنهمار ، ووافقه صاحب البوفية او محاسب البوفية بإيماءة من رأسه تؤكد ذلك.
بعد الإنتهاء من تناول وجبة الإفطار عدنا نجلجل بأصواتنا بحناجرنا نهتف الشعب يريد إسقاط النظام ، (ياتعز نحن شبابك فاتحين للثورة بابك ، ثورة ثورة يمنية بعد الثورة المصرية )، فأهتز شارع جمال عند ظهور الضوء بهذه الشعارات الثورية ، وجابت مظاهراتنا شوارع تعز حاملين لافتاتنا الورقية والكرتونية المتواضعة بشكلها القوية والغنية بمضمونها وهكذا حتى بدأت تكبر كرة الثلج أكبر فأكبر الى أن وصل عدد الشباب الى الآلاف في ظهر 12/فبراير
الآن أتذكربعض أسماء من باتوا في شارع جمال ليلة 11فبراير 2011م عبدالوهاب عبدالواحد هاشم المذحجي ،أحمد طه قائد ،معاذ المعمري ،مجيب المقطري ،محمد رشاد الأكحلي ،محمد حسن معاذ السنة ،عبدالقوي أمين ،أكرم عبد الصمد ،عصام كليب حاشد البحيري ،مختار عبده أحمد علي ،وهيب المخلافي ،حارث الشيباني ،معاذ محمد سالم ،امجد نبيل علي محمد ،أصيل السقاف ،هارون العاطفي ،ناظم الدبعي ،وجدي القباطي ،ذي يزن علي نعمان ،عارف سعيد الهويس ،بلال محمد علي سعيد العبسي ،وليد محمد طاهر العبسي ،رمزي محمد علي سعيد العبسي ،أحمد البصير أو الصغير بعض أسماء من غادروا عند الفجر أو قبل ذلك زكريا ياسين عبدالله عبدالقادر الأسودي منذر الأصبحي ( غادر قبل الفجر) ولوكان الصمت المتزن رجلاً لحسبته ذي يزن علي نعمان ثائر ألتحف الرصيف وصمد مع الشباب ولم يراهن إلا على عزم الشباب الذين تشاركوا ذلك اليوم والأيام الأولى للثورة تحدث عن المناسبة وقال : في ال11 من فبراير القادم سيصادف ذكرى انطلاق ثورة فبراير المجيدة ، هناك من يدعو للإحتفال بهذا اليوم وهناك من سيدعي انه كان في ركب المنشدين الأوائل لهذه الترنيمة المقدسة برغم انه كان خائفاً ان يرفع صوته في ذلك اليوم ولكن لا مشكلة دعوهم ينسبون الأمجاد لهم لأن الثورة هي ثمرة النضال المقدس الذي نهبه بكل محبة ورجولة وصمت لكل الشعب دون تمييز . وأنا وكل شباب 11 فبراير وأنا موقن بذلك هذا اليوم لن يكون يوم احتفالٍ بالنسبة لنا ابداً، بل هو يوم لنجدد فيه العهد الثوري بأن نفني حياتنا لأجل سعادة وحرية واستقلال وكرامة هذا الشعب لأجل ان يسير اليمني على أرضه رافعاً رأسه عاليا ومعتزاً بأنه ينتمي لهذا البلد ولهذه الثورة .
بأن نفني حياتنا لأجل ان لا يعرف اطفال شعبنا الجوع والحاجة لأجل ان لا تغتال طفولتهم وأحلامهم لأجل أن يكبروا مغتربين في بلدهم ويموتون غرباء في بلاد الخليج.
عامان مرا ومازال اولئك انقياء القلوب رجالا كما عرفتهم اول مرة ثابتين على ايمانهم بأن الحق سوف ينتصر وبأنه لن ينال من عزيمتنا تجار السياسة والمبادئ ولن يوهن من إرادتنا صلف المتكبرين وجبروتهم . لأن النشيد الذي رنمناه في 11 من فبراير كان نشيدنا الخالد الذي تخلّقت ترنيمته من رجع أوجاع المتعبين والعمال والفقراء ، كثيرون رنموا قبلهم ولكن وحدهم من كان رجع صوتهم مؤمناً .
لأجل ذلك ردد خلفهم المنشدون في الجبال والسهول في كل البلاد رددوا خلفهم أولائك الرائعين .. المنشدين الأوائل .
يمر عامان على أولائك الرجال الذين سقطوا كحنطة الشتاء الشهداء الأوائل على أولائك الذين صمدوا ليلاً في شارع جمال عبد الناصر لا يملكون غير الأمل ، والأمل كبير ، الأمل بأن الغد سيكون أفضل وبأن الله مع المستضعفين وأن سخرية المارين هي عزاء بأن النصر اقرب. على الأسفلت صلينا ، وصلى خلفنا الأسفلت أمم في تراتيل الأنبياء الثائرين ، قرأنا ما تيسر من سورة النصر ، قبلنا الأرض رفعنا الرؤوس إلى السماء ، سلمنا يميناً وفي التماعة العينين والأمل المبارك في انبعاث الحق في جوع المتعبين سلمنا يساراً وكان الهدير .. وكان الرجال الذين صاروا أنبياء وكلمات أمل تورق في عيون كل الجياع و المألومين والفقراء والأطفال والمعذبين في كل الأرض .
إن سألتنا قبل يوم 11 فبراير عن هوياتنا سيقول لك ذو الجبهة السمراء والقلب النقي كنت بائعاً متجولاً ، وذلك الثائر الحافي سيقول لك كنت سائق موتور ، و الناصري الجميل سيخبرك بأنه حارس بنك ،ولكن إن سألتهم اليوم عن هوياتهم سيخبروك بأنهم صانعي الحرية .. بأنهم الثوارالمتصوفين .
أتعلمُ أم أنتَ لا تعلمُ بأن جراح الضحايا فمُ فمٌ ليس كالمدعي قولة وليس كآخر يسترحِمُ بدماء الشهداء عمّدوا ثورتهم، وبدمائهم سيضحون ولن يتراجعوا لما خرجوا له.
قبل سقوط ورحيل عميد حكام العرب هل فكر نائبه علي عبدالله صالح بتجنب نفس السقوط المذل الذي لاقاه عميده على يد شعبه..؟! ربما يمر الدرس الرابع بصمت لنشاهد بعدها الرئيس الخامس على واجهات الأقنية الإعلامية يقول ال.. ليست تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، وعلى عكس الدرس الذي يحفظه الحكام العرب جيداً وتعودوا عليه وتوارثوه وهو أنهم بمجرد استلام سلطة الحكم ينسون شعوبهم ويركزون جل اهتمامهم في تأثيث عروشهم والحفاظ عليها وامتلاكها إلى النفس الأخير وينسون أنهم زائلون والشعب باق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.