مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السماء تمطر عسلاً» الكتاب المدهش..!!
قراءة أدبية
نشر في الجمهورية يوم 05 - 02 - 2015

بشرى للأدب بكاتب قد اقترب.. هكذا أبدأ حديثي عن كتاب (السماء تمطر عسلاً) لوحيد قرنه وفريد زمانه الكاتب المتألق تامر عبدالودود الأشعري، لقد فتح ميدان الأدب بوابته الكبرى لاستقبال هذا الكتاب الأدبي الجديد, وهو الكتاب الذي كُتب ب«لسان العرب» واستُقبل ب(الأغاني), وخُلع عليه (العقد الفريد), وأصبح (المثل السائر), وقال فيه (الشعر والشعراء), وفيه من (البيان والتبيين) ما يعجب له حتى (الحيوان), وتجد فيه (الصناعتين), أما شعره المبثوث في مواضع متفرّقة من الكتاب فهو من (عيار الشعر) الجاهلي أو العباسي في القوة والجزالة, وأما نثره فكأنه (مقامات الحريري).
وفي هذا الإنتاج الأدبي من (الإمتاع والمؤانسة) ما يجلب الأنس ويطرد الهم, بل في بطنه شفاء ل(البرصان والعرجان)، ولو جئنا بهذا الكتاب و(طوق الحمامة) ليقفا ل(الموازنة) لأعلن عن نفسه أنه (الكامل)؛ فلن يجد القارئ أن مؤلّفه قد عمد إلى تكرار ما قيل عن المرأة في كتب الأولين, بل كان تقييداً ل(صيد الخاطر) أو تسجيلاً ل(وحي القلم), فقد فجّر لنا من داخله وعالمه النفسي (عيون الأخبار) في النساء, وإنه ليشي ب(الذخيرة) اللغوية التي يمتلكها الكاتب, ونتمنّى عليه ألا يكون من (البخلاء) فيقف عند هذا الإنتاج الأدبي, وألا يكون كتابه هذا (يتيمة الدهر), أو (البداية والنهاية) لأعماله الأدبية, وإنني – بحق - لأخشى عليه من (العين).
لا أكون مبالغاً إذا قلت إنني وجدت هذا الكتاب كظلّي؛ كلما حاولت أن أبتعد عنه - لأعطي جزئيات حياتي اليومية نصيباً من اهتماماتي - لحقني, فلا أستطيع منه فكاكاً, أو وجدتُني إزاءه كعطشان يشرب ماءً مالحاً, كلما ازداد منه شرباً ازداد عطشاً؛ ففيه من سحر اللفظ وجمال المعنى ما يجعل الصفحة الأخيرة من الكتاب هي الأولى لدى القارئ, وكأنه قال للفظ والمعنى ائتيا طوعاً أو كرهاً، قالا أتينا طائعين، ولعل أبرز ما يتميّز به من (الخصائص) أنه متاح لكل (الطبقات) وليس من (أدب الخواص), وأزعم أن أسلوب المؤلف في الكتابة سيكون (منهاج البلغاء) من بعده يسيرون عليه, و(سراج الأدباء) يهتدون به.
نعم قلت ذلك بعيداً عن مؤثرات (الصداقة والصديق) قريباً من مؤثرات الحق والحقيقة, فإذا عجزت عن إعطاء هذا الكتاب حقه من التقريض, فإني ألتمس من مؤلِّفه أن يبعث لي (رسالة الغفران), فلا يرسل علينا (التوابع والزوابع) التي تجري بأمره ل(تنبيه الغافلين).. وإني لأقف إجلالاً ل(أدب الكاتب) و(أسرار البلاغة) التي امتلك مفاتيحها، ولقد سبقني في تقريض هذا النتاج الأدبي صديقي صلاح الهيجمي، أحد (الأعلام) في ميدان الكتابة, مسجّلاً بقلمه الجميل إعجابه بما تلذّذ به لسانه وسكن به جَنانه, فكان له فضل السبق, ولكن مهما تتبار الأقلام لتسطير إعجابها بما لم يأتِ به الأوائل, فستظل واقفة كأن لم تبرح مكانها.
ولعل سائلاً يسألنا: لم شهدتم له..؟! قلنا أنطقنا الإبداع الذي أنطق أبكم المتنبي وأسمع أصمّه, وأزعم أن كل ما في اللغة من مفردات لا تستطيع أن ترسم أبعاد الإعجاب الذي تملّكني عند قراءتي السطور الأولى للكتاب, فقلت ربما أوقعنا الكاتب في شراك جمال البداية حتى يثير فينا الرغبة بالاستمرار في القراءة, ثم يتركنا لسطور باهتة بعد أن نكون قد وقعنا في مصيدة تلك البداية القويّة, غير أني وجدت فمي كلما مرّ على سطور تالية جعل يحلو الكلام فيه, وأن تلك البداية قد جعل الكاتب يأتي بخير منها أو مثلها, فقلت يا ليت لنا مثل ما أوتي تامر؛ إنه لذو حظ عظيم..!!.وأما عن محتوى الكتاب فقد كتب عنه أخ لنا من قبل, لكن يمكن القول هنا إن الكتاب يضمُّ بين دفتيه عناوين مختلفة وفقرات متنوعة, وهي على تنوّعها واختلافها سُلكت في خيط واحد هو المرأة والحب, فقد أفرغ الكاتب فيه مكنون مشاعره تجاه المرأة, ورأيناه يتغزّل بعرائس من الشمع حتى إذا جاءها لم يجدها شيئاً، والمرأة عنده ذلك الرقم الصعب الذي لا يقدر على تفكيكه وتحليله إلا حاذق ماهر: (إن كنتِ رقماً صعباً, فأنا آلة حاسبة, ولا يماثله في هذا الحذق إلا عنترة الذي يقول:
إن تغدفي دوني القناع فإنني
طبّ بأخذ الفارس المستلئم
وهي عنده أيضاً ريُّ القلب وشبع الفراغ, وإن المتزوّج بلا زوجة كمن لا زوجة له؛ فهو ميّت وإن كان يتحرّك, ولضرورتها ضرورة الماء للزروع جعل ينتقد ظاهرة غلاء المهور ضمنياً لكونها تمنع أنابيب الري من الوصول إلى الأرض الميتة, وتتسبّب في عدم إيصال تيار الحياة إلى الموتى «العزاب» ويخشى الكاتب أكثر ما يخشاه أن يصل العزاب إلى مرحلة فقدان الإحساس بأهمية المرأة في حياتهم:
فتىً لبس الثوبَ المبرقشَ وازدهى
بنظَّارةٍ من فوقها عِمَّةٌ حمرا
وراح إليهم خاطباً ومخاطباً
أنا راغبٌ في أن أكون لكم صهرا
وأُقسم بالله المهيمن إنني
سأبذل روحي في محبّتها مهرا
وإن تسألوا عني فإني شاعرٌ
وأحفظُ آيات الكتاب ولا فخرا
فقالوا له: والله لا خير في امرئٍ
إذا لم يعبّئ جيبه ورَقاً خضرا
وكالوا له صفعاً عنيفاً وألحقوا
بمنخره جرحاً إلى اليوم لم يَبرا
أما الحب فقد صاحَبه المؤلف أياماً فخَبِره, وأخذ يفلسفه بطريقته؛ فهو عنده بحر لا شاطئ له, يزخر بصنوف الأصداف العالقة بين مجادف الأحداق، وحتى تكتمل صورة الحب والحياة, ذهب المؤلف يستدعي فنان اليمن الكبير أيوب طارش فتى بني عبس الذي طالما أرسل ألحانه شجيّة آسرة؛ فتطرب لها الآذان, وتصيخ لها الأسماع, إذا غنّى للحب «أذاب الأشواك من دروب المحبين, وداوى ببلسم الآمال جروح العاشقين, وأغوى المسميات عن أسمائها, وأذاب الأسماء في ماهياتها, وأوحى إلى ندى السرور؛ ليهمي فوق زهور الحب فيملؤها رحيقاً, ولملم الأشواق والأحراق ..».
ويصف المؤلّف صوته بأنه «نبع الأنغام, وجنون الأحلام, وآية الله في الإلهام, والندى الذي يسقي أزهار ربيع المودات على تتابع الأيام, وستبقى أغانيه خضراء الربى, في المراعي حيث أيام الصبا؛ لأنها أشربت الخاص بالعام, ومزجت الجسد بالروح, فمزاجها كافور, وإيقاعها لؤلؤ منثور, نسيمها نسيم الريحان والآس, وبريقها أروع من بريق الذهب والماس».
إن ما سلف ذكره عن هذا الكتاب جعلنا نتمنّى – ولا يزال التمنّي قائماً – أن يحظى هذا بلفتة كريمة من الجهات المعنية, كوزارة الثقافة, أو الهيئة العامة للكتاب, بعد أن فاتتهما مهمّة النشر ابتداءً, ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً كما يُقال وأجدني متفائلاً أن هذه الدعوة ستلقى أذناً واعية من وزارة الثقافة, لكون هذه الحقيبة الوزارية كانت من نصيب الأستاذة أروى عثمان, وهي الكاتبة الصحفية الرائعة التي عرفناها شغوفة بالكتابة والثقافة والأدب, وأظنها - من خلال نشاطها الواضح بعد تسلُّمها المنصب الجديد - تسعى إلى أن يكون لها حضورها القوي في هذا المجال.
كما أهيب بالأستاذ شوقي أحمد هايل أن يجعل الثقافة والأدب في متن اهتماماته لا هامشها، ولا يختلف معي أحد أنه كذلك، ولعل ما يزيده رغبة في تشجيع الإبداع والمبدعين أنه محافظ تعز، حاضنة الثقافة وعاصمتها, وأظنه سيكون بعد الله تعالى «مغني اللبيب» تامر الأشعري ليواصل مسيرة الإبداع والتألق.
وقد بادرت صحيفة «الجمهورية» – وهي الصحيفة الصادرة في هذه المحافظة - إلى تصدير صفحتها الأدبية في عدد سابق بمقال تناول هذا الكتاب معرّفاً به وبصاحبه, ولعمري لئن كان أفلاطون قد رفض أن يدخل الشعراء في جمهوريته, فلقد دخل المؤلف «الجمهورية» من أوسع أبوابها, دون الحاجة إلى «الوساطة».
كانت تلك رحلتي مع هذا الكتاب الذي أحمله في يدي؛ فيحملني بأجنحته في أفق المتعة, حقاً إنها رحلة أسطورية في كتاب حقيقي, أودع فيه الكاتب لآلئ أفكاره في حديثه عن الحب وآثاره, وقال في المرأة كل أسراره, غير عابئ بالخطوط الحمر التي ترسمها وزارة الداخلية، إن ما ذكرناه ما كان حديثاً يُفترى؛ فإني ما دخلت مجلساً ألتقي فيه أصدقائي إلا رأيت المجلس لا تسمع فيه إلا همساً؛ حتى لتحسبهم رقوداً وهم أيقاظ؛ لانهماكهم في قراءة الكتاب, فقلت في نفسي: لو قُدِّر لخالد محمد خالد أن يخرج من قبره ورأى ما رأيت؛ لألّف كتابه الأخير «رجال حول النساء» حقاً إنه الكتاب «المدهش» وخير جليس في الزمان «السماء تمطر عسلاً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.