حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(1500) إجمالي الضحايا خلال النصف الأول من العام الحالي، (16) منهم غادروا الحياة بعد أن عجزوا عن دفع ثمن اللقاح المعدوم أصلاً..
الكلاب المسعورة في «إب».. داء بلا دواء..!!
نشر في الجمهورية يوم 28 - 09 - 2013

كلاب مسعورة تصول وتجول في بساط إب الأخضر، تغلّبت على حملات القضاء عليها، وحملت الموت بين فكيها، وخلّفت مئات الضحايا، وحكايا مأسوية بلون الدم، (1500) حالة هي إجمالي الضحايا خلال النصف الأول من العام الحالي، (16) منهم غادروا الحياة مجبرين، بعد أن عجز أغلبيتهم عن دفع ثمن الدواء المعدوم أصلاً، فلا رعاية صحية ترقى الى المستوى المطلوب، ولا لقاحات مضادة متوفرة؛ والأدهى والأمر هو أن هذه الأرقام الرسمية رغم فظاعتها تبقى غير دقيقة، خاصة وأن عديد مناطق بعيدة ويخيّم على أبنائها الجهل؛ وأعراض هذا الداء المستفحل لديهم مجهولة، والضحايا هناك يتلقفهم الموت قضاء ً وقدراً..!!
من عمق المأساة
في حادثة تعد هي الأغرب قام أهالي إحدى القرى في ضواحي مدينة إب بالثأر من حمار عض ستة أشخاص من أسرة واحدة، حيث تم أخذه إلى مكان رحب ثم بدأ الأهالي بإطلاق الرصاص عليه من أسلحتهم المختلفة ومن ليس لديه سلاح قام برميه بالحجارة في مشهد مؤثر يوحي بأن أهالي القرية قد نفد صبرهم من تكرار هذه الحوادث في قريتهم معلنين تضامنهم مع هذه الأسرة التي تتكون من ستة أشخاص، وهم: الجد محمد عماد (60) عاماً، والأب عبده محمد عماد (40) عاماً، والأحفاد وهم: نور الصباح عبده محمد 18 عاماً، وبرهان عبده محمد عماد 15 عاماً، وفرقان عبده محمد عماد 10 سنوات، وغمدان عبده محمد عماد 5 سنوات.
يقول الأب عبده محمد عماد: لقد كان لديّ حمار يقوم على خدمتي بنقل أغراضي من السوق والتنقل به من قرية الى أخرى لبيع الملابس وكنت أعتبره صديقاً وفياً ومخلصاً، وفي أحد الأيام وبينما كانت ابنتي الكبيرة نور الصباح تقوم بتقديم العلف للحمار إذا به يركض نحوها ويقوم بعضها في كتفها، ثم تابع عضه لبقية الأطفال الواحد تلو الآخر حتى ذهبت إليه وأنا مقتنع أنه عندما يراني سيعود إلى مكانه لكنه انطلق نحوي وقام بعضي في ساقي، فحاول الوالد رحمة الله عليه إبعاده فقام بعضه، وقد تبين لنا لاحقاً أنه قد تعرّض قبل أسبوع لعضة أحد الكلاب المسعورة، فاتجهنا جميعاً نحو وحدة داء الكلب في مكتب الصحة بإب وهناك كانت الكارثة، حيث قالت الدكتورة: إن اللقاح المجاني قد نفد تماماً، وأنه علينا الذهاب إلى تعز أو صنعاء لجلب إبر اللقاح الأولية، وعندما حسبنا قيمة الجرعة الأولية مع المصل اتضح لنا أننا بحاجة الى مبلغ مقداره 36000 ريال مع المواصلات، ولأن ظروفنا المادية لا تسمح لنا بتوفير هذه اللقاحات فقد قام والدي باستلاف مبلغ مالي لتوفير أربع جرع وقال لي: ابحث عن قيمة الخامسة، فيما هو رفض رفضاً قاطعاً استخدام الجرع معللاً ذلك بأنه كبير في السن وأهم حاجة يعيشوا الأطفال، فتم شراء الجرع ولم يعش والدي بعد هذه الحادثة سوى أسبوعين حيث ظهرت عليه أعراض السعار وتوفي إلى رحمة الله.
أطفال ضحايا
الطفلة ندوة بلال علي 7 سنوات من أهالي قرية المقلد، مديرية المخادر بمحافظة إب، تعرّضت في منتصف هذا الشهر لعضة كلب مسعور في عينها اليسرى، الأسرة التي تصارع لقمة العيش في ظل واقع ظروف معيشية صعبة تعاني منها الكثير من الأسر اليمنية، فلم تستطع توفير قيمة الجرعة الأولى من اللقاح لولا تسخير الله لأحد فاعلي الخير الذي قام بالتبرّع لها.
انتظام ضرب جرعات اللقاح لندوة من الأمور المهمة حتى تستطيع العيش ما لم فإن حياتها مهدّدة بالخطر، الأب ناشد كل الخيرين لمد يد العون لإنقاذ طفلته الوحيدة التي قام بعضها كلب مسعور وهي تلعب أمام المنزل بأمان الله.. كما لقي الطفل هيثم علي يحيى 9 سنوات من مديرية ذي السفال مصرعه بعد أن قام بعضه أحد الكلاب المسعورة ولأن ظروف الأسرة لم تسمح لها بنقله إلى وحدة داء الكلب في إب فقد تركته يلاقي مصيره المحتوم، الطفل هيثم قبل وفاته بأيام قام بعضّ إخوته الصغار، وبعد دفنه بدأت المخاوف تتسلّل إلى أسرتهم من انتقال العدوى إليهم جراء عضّهم من قبل أخيهم المتوفى، يقول الأب: بعد وفاة هيثم بدأت المخاوف من انتقال عدوى السعار إلى أطفالي الصغار نتيجة عضهم من قبل هيثم قبل وفاته، وعليه فقد حضرنا اليوم إلى وحدة الأمل لضرب اللقاحات اللازمة لأطفالي ولكن المسؤولين هنا يقولون: إنه لا توجد لقاحات، وهذا يعني أن أترك أطفالي يتعرّضون للموت ويلاقون نفس مصير أخيهم هيثم، فأنا إنسان فقير ولا أملك حتى قوت يومي، ولذلك فإنني أناشد المسؤولين في مكتب الصحة في إب ووزارة الصحة والمنظمات الدولية والإنسانية بسرعة توفير هذه اللقاحات لأن أطفالي قد ينتهون جميعاً بسبب داء الكلب، هذا المرض الخبيث الذي لا يرحم طفلاً صغيراً ولا شيخاً مسناً ولا شاباً محبّاً للحياة.
الحاجة سيّدة
أما الحاجة سيدة (65) عاماً من أهالي النجد الأحمر، فقد تعرّضت لعضة كلب مسعور أثناء تواجدها في إحدى المزارع للعمل بمقابل أجر يومي تقوم من خلاله بتوفير الغذاء والدواء لأحفادها.
- تقول الحاجة سيدة: بينما كنت أعمل في قطع الأشجار في إحدى مزارع الجيران والتي تبعد عن قريتنا مسافة كبيرة، فإذا بكلب يلهث ويتجه نحوي بشكل سريع ولم أدر إلا والدماء تخرج من ساعدي الأيمن عندها أخذت النساء اللاتي يعملن معي في الصياح والنواح، فحضر صاحب المزرعة مع ابني وقاموا بإسعافي إلى وحدة داء الكلب في مدينة إب، ولكن الدكتورة قالت: لا يوجد لقاح، وأن علينا إحضاره من مكان خارجي غير إب، ولأن ظروفنا لا تسمح بشراء هذه الجرع فقد قام ابني ببيع البقرة التي لا أملك سواها، ولقد تمنيت الموت على أن يتم بيع بقرتي، لكن ابني أصرّ على بيعها بغرض علاجي.
ظاهرة خطيرة
توجّهنا إلى مكتب الصحة العامة والسكان، والتقينا الدكتور عبدالملك الصنعاني، مدير عام مكتب الصحة في المحافظة، والذي تحدّث عن هذه الكارثة قائلاً: الحقيقة لقد أصبح انتشار الكلاب الضالة والمسعورة يمثّل ظاهرة خطيرة في محافظة إب، حيث يسقط الضحايا بشكل يومي فقد وصل عدد الحالات من النصف الأول للعام 2013م 1500 حالة و16 وفاة؛ وهذا بالطبع يضع مكتب الصحة والمكاتب ذات الصلة أمام مسؤولية كبيرة للحد من هذه الظاهرة، وبالفعل فقد تحركنا خلال شهر يونيو الماضي، وتم تدشين حملة للقضاء على الكلاب المسعورة بالتعاون مع مكتب الأشغال العامة وصندوق النظافة، وقد استمرت الحملة خمسة أيام استهدفت سبع مديريات هي (المشنة والظهار وسط المدينة والمخادر وجبلة والعدين وذي السفال والسياني).. وقد تم من خلالها إبادة 625 كلباً باستخدام 1112 جرعة تم حشوها في رؤوس دواجن مذبوحة وقِِطَع لحم قامت الكلاب بتناولها، حيث تم دفن الكلاب المقتولة في حُفر بمقلب القمامة في منطقة السحول وتم ردمها بجرافات، وقد كلّف ذلك مبلغ مليون ريال كأجور عمال ومشرفين ومحروقات وقيمة جرع السموم المستخدمة في الحملة، ورغم أن الحملة نجحت وحققت بعضاً من أهدافها ولاقت ارتياحاً كبيراً من قبل المواطنين إلا أننا نأمل مواصلة هذه الحملات لتحقيق أكبر النتائج.. ودعا الدكتور الصنعاني إلى جعل القضية مجتمعية وليست مسؤولية جهات بعينها، فالكلاب تتكاثر حول محلات الجزارة وذبح الدجاج بشكل لافت، وفي مقالب القمامة، فلو امتنع الجزارون ومن يقوم بذبح الدجاج بإعطاء بقايا الذباحة للكلاب لقلّ تواجدها هناك، وهذه المحلات للأسف لا تقتصر على مدينة إب فحسب، بل حتى في مراكز المديريات والأسواق الأسبوعية المنتشرة في جميع عزل ومديريات المحافظة.
مذكّرة عاجلة
أما فيما يخص انعدام اللقاح فيؤكد الدكتور الصنعاني: « إن مكتب الصحة قد استنفد تماماً الكمية المخصصة له من هذه اللقاحات، وأن المكتب حالياً لا توجد فيه ولا حبة لقاح واحدة، وقد قام المكتب برفع مذكرة عاجلة إلى وزارة الصحة العامة لتزويدهم باللقاحات لكنهم اعتذروا أيضاً بسبب نفاد المخصص لمحافظة إب وبقية المحافظات، كما أن المنظمات الدولية الإنسانية اعتذرت عن تقديم أية لقاحات إضافية كون المخصص من اللقاحات لليمن يعد كبيراً وقد استنفد بالكامل».
واستطرد الصنعاني قائلاً: حقيقة نحن لا نلوم المنظمات الدولية؛ لأن نسبة الإصابة بداء الكلب في محافظة إب وبقية المحافظات اليمنية مرتفعة جداً، ولا يمكن لأية دولة في العالم أن تتجاوز هذا الرقم من الإصابات؛ مؤكداً بأن وزارة الصحة والسكان تقوم بتزويد مكتب الصحة بإب سنوياً بآلاف اللقاحات لمعالجة المصابين ومواجهة خطر الداء والحد من اتساع رقعته، غير أن تلك الكمية التي يحصل عليها المكتب لم تعد تفي بالغرض هذا العام بعكس الأعوام السابقة، والتي كان عدد الحالات فيها قليلاً مقارنة بكميات الدواء التي كانت تُصرف للمكتب، حينها كان يوجد فائض يتم الاحتفاظ به إلى العام الذي يليه، ويرجع السبب في ذلك إلى الازدياد المستمر في عدد الحالات الحاملة للفيروس وباقي الكمية المخصصة من اللقاح، وفي العام الحالي 2013م، فقد نفدت الكمية قبل انتهاء النصف الأول بشهرين.. وفي هذه الحالة فقد بقي دور مكتب الصحة ممثلاً بوحدة داء الكلب مجرد مكان لتسجيل حالات الإصابة وتدوين أسماء المصابين في السجلات والكشوفات وتزويد المصابين بالإرشادات الوقائية لمنع نقل الفيروس إلى آخرين، وضرب جرع اللقاح في حال استطاع أهل المصاب توفيرها.
عمل إنساني
أما الدكتورة خديجة البعداني (المشرفة على وحدة داء الكلب في مكتب الصحة بإب)، والتي تبذل جهوداً كبيرة لتوفير اللقاح للمصابين فقد قالت: حقيقة إن عملي في وحدة داء الكلب يعد عملاً إنسانياً بحتاً خاصة في ظل انعدام اللقاح والمصل الخاص بداء الكلب، لذلك فنحن نبذل جهوداً لمواساة المصابين وأسرهم ودفعهم لشراء اللقاح من الصيدليات الخارجية ببيع ما يملكون لأن التغاضي عن ضرب اللقاح يعني الموت لا محالة، لذلك فإننا في الوحدة نستقبل كل يوم من 20 إلى 30 حالة، عضة، لكن افتقارنا للقاح يجعلنا نشعر بخيبة الأمل تجاه هذه الحالات خصوصاً تلك الحالات التي نرى أنه من أعراضها الأولى قد أصيبت بالسعار.
وتواصل الدكتورة خديجة حديثها قائلة: الحقيقة إن الوحدة منذ يناير مطلع العام الجاري تلّقت فقط (224) أنبوبة لقاح و(100) مصل، ما يمثّل 2100 جرعة، لكنها لم تف بالغرض وتغطي فقط قرابة 10% من المشكلة، حيث نفدت الكمية مطلع شهر يونيو الماضي.. وأوضحت الدكتورة: إن الكثير من المرضى يتوجهون إلى الصيدليات لشراء اللقاح، لكنهم للأسف لا يجدونه في صيدليات إب إلا في النادر، وغالباً ما يكون مهرباً وغير ذي جدوى، والكثير من المرضى بسبب الظروف المادية الصعبة لا يستطيعون شراء اللقاح من الصيدلية وهو الأمر الذي يجعل مخاطر الحالات في تفاقم مستمر، مشيرة إلى أنه خلال الأيام الماضية وصلت إلى الوحدة خمس حالات من أسرة واحدة أصابتهم عضة حمار مسعور، قام بعضّ الحمار كلب مسعور فانتقلت العدوى إليه، وقد توفي عائلهم بسبب أنه لم يستطع توفير اللقاح له ولأطفاله، ففضّل أن يتناول أطفاله اللقاح بينما هو رضخ للأمر الواقع ومات متأثراً بداء الكلب.
بعد فوات الأوان
وتؤكد الدكتورة خديجة أن هناك (3000) حالة طالتها عضّات الكلاب خلال السنتين الماضيتين فيما وصل عدد الحالات حتى منتصف العام الحالي إلى 1500 حالة عضة كلب توفي منها 16 حالة، هذا بالطبع نتيجة انتشار الكلاب الضالة بشكل كبير في مدينة إب وبقية مديريات المحافظة، والتي تثير الخوف والفزع لمجرد المرور في الشارع، ناهيك عن الأحياء والأزقة، ويزداد الأمر سوءاً خصوصاً في الأرياف، حيث لا يدرك المواطنون هناك مخاطر وعواقب عضّات الكلاب والحمير والقطط، وبالتالي تصبح مخاطرها في تزايد مستمر، الأمر الذي يحد من وصول العديد من الحالات إلى وحدات المكافحة لتلقي اللقاحات.
وتضيف البعداني: « إن الجهل وعدم الوعي في القرى أحد أسباب انتشار الكلاب الضالة، وعدم التنبّه لخطورة عضّاتها، مشيرة إلى أنه ربما تكون العديد من حالات الوفاة بسبب هذا الداء، وأنه إن حدث وأن وصلت حالات عض فإنها لا تصل إلى الوحدة إلا بعد فوات الأوان، حيث لا يجدي اللقاح وحينها يكون الفيروس قد أصاب الدماغ والجهاز العصبي، الأمر الذي يجعل أمر السيطرة عليه بالغ الصعوبة، وأصبحت الحالة (ميؤوس منها)».
وحمّلت البعداني وزارة الصحة المسؤولية، وهو الأمر الذي يجعل البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب ووزارة الصحة يقف في الواجهة في تحمل المسؤولية بسبب عدم توفير اللقاحات اللازمة للداء في كافة وحدات المكافحة خصوصاً الوحدات التي تقع في محافظات موبوءة بالكلاب الضالة، كما حمّلت أيضاً السلطة المحلية في المحافظة وصندوق النظافة ومكتب الأشغال مسؤولية ارتفاع أعداد المصابين بسبب إهمالهم في تنفيذ حملات مكافحة الكلاب الضالة.
اختفاء اللقاحات
وعن سبب اختفاء اللقاحات والامصال في صيدليات إب، يقول الصيدلاني علاء العزب: في الحقيقة كنا قبل فترة نقوم بشراء اللقاحات الخاصة بداء الكلب بسعر مرتفع جداً، حيث تصل قيمة إبرة اللقاح إلى مبلغ 3500 ريال، ونظراً لأن هذا اللقاح يحتاج إلى جو بارد فقد قمنا بشراء ثلاجة للصيدلية ولكن للأسف كانت الكهرباء تنقطع باستمرار، مما أدى إلى فساد هذه الإبر، وعندئذٍ كان الطلب على هذه اللقاحات قليلاً، نظراً لتوفّره مجاناً في مكتب الصحة فاضطررنا إلى عدم جلبه لكونه مكلّفاً، اليوم بعد أن نفدت اللقاحات في مكتب الصحة يصل إلينا الكثير من الحالات المصابة، فنضطر الى طلب هذه اللقاحات من تعز أو صنعاء بحسب الكمية التي ستصرف، وهذا بالفعل أثّر كثيراً على الحالات المصابة بداء الكلب، ولكننا نعمل ما في استطاعتنا.
أسباب
وعن أسباب سرعة انتشار داء الكلب في محافظة إب، يقول الأخ/بكيل الجحافي (نائب مدير عام مكتب الصحة بإب): الحقيقة إنه بسبب الكثافة السكانية والأعداد البشرية الهائلة التي تحتضنها إب فإنه إذا ما وصل أيّ فيروس قاتل إليها سيكون بمقدوره الانتشار بشكل كبير ومتسارع، وسوف يحصد أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وهذا ما هو حاصل على أرض الواقع المعاش يومياً مع فيروس داء الكلب الذي استطاع الإجهاز على عدد كبير من الأطفال والنساء وإصابة المئات بسمومه مستغلاً بذلك التدفّق المستمر للفيروسات التي يحصل عليها من المصدر الرئيسي للداء وهي الكلاب المسعورة المنتشرة داخل المدينة وفي مراكز المديريات والأسواق الشعبية، والتي وجدت هناك المكان الملائم للعيش فيها دون مكافحة وحصلت على الظروف المناسبة التي يتوافر فيها المأكل والمشرب بفضل تواجد مسالخ الدجاج ومحلات بيع اللحوم بين الأزقة والحارات والأحياء السكنية والأسواق الأسبوعية والأسواق الدائمة والتي يقوم أصحابها والعاملون فيها بالتعامل معها بلطف ومنحها الفضلات وبقايا الذبائح التي تضمن لها سد رمقها وشبع جوعها وتمرير يوم من أيام حياتها، وكما أسلفت فإن الأسواق الشعبية أيضاً القريبة من مراكز المديريات وعاصمة المحافظة تعد أماكن خصبة لتكاثر ونمو الكلاب بطريقة سهلة وتكون محطة رئيسة لانتشار وانطلاق تلك الكلاب المسعورة الحاملة للفيروسات القاتلة التي تقوم (بعضّ) كل جسم حي يعترض طريقها سواءً كان إنساناً أم حيواناً.. ويضيف الجحافي: هناك في القرى تلاقي الكلاب تعاطفاً أكبر من المدينة ويقبل الكثير على تربيتها لمساعدتهم في حراسة مزارع القات وفي الوديان وحارسة منازلهم فيتم منحها كل المقومات التي تضمن لها الاستمرار في الحياة، وكذا حمايتها والذود عنها من أيادي المطاردين وتدريبها على مهاجمة اللصوص، متجاهلين الخطر الصادر عنها، حيث تكون هذه الكلاب لطيفة مع أصحابها وخطيرة على الآخرين، فهي تقوم بمهاجمتهم وعضّهم ونفث الفيروس في دمائهم وأجسادهم والتي اكتسبتها نتيجة أكلها - في بعض الأحيان- لحوم الحيوانات النافقة.
من المسؤول عن إبادة الكلاب؟
وبدورنا فقد اتجهنا إلى أكثر من مكان لمعرفة الجهة الأولى المسؤولة عن إبادة الكلاب الضالة في الشوارع، ولكن للأسف الشديد فقد كان الجميع يتنصّل عن المسؤولية، ويرمي بها الطرف الآخر، فالمسؤولون بمكتب الصحة العامة بإب يقولون: إنهم قاموا خلال الأيام الماضية بتوجيه مذكرة إلى السلطة المحلية يذكرون فيها أن مهمة إبادة الكلاب تقع على مكتب الأشغال العامة في المحافظة وتحديداً “إدارة صحة البيئة بمكتب الأشغال”، فيما مكتب الأشغال يرى أنه قام بدوره من خلال قيامه مع صندوق النظافة والتحسين وبإشراف السلطة المحلية وتعاون مكتب الصحة بتدشين حملة مشتركة لتطهير سبع مديريات بالمحافظة من الكلاب الضالة والمسعورة.. وبحسب تصريح للدكتور/أحمد عبده، منسّق داء الكلب في المحافظة وأحد أعضاء فريق الحملة، فإن الحملة بدأت بفريقين استهدفت المديريات التي تتواجد فيها الكلاب بكثرة، وأوضح أن الحملة قضت على ما يقارب ألف كلب ولكنها لم تتمكن من إنهاء مهمتها في إبادة الكلاب بالشكل المطلوب، نظراً لقصر فترة الحملة والتي استمرت لمدة أسبوع واحد فقط، فيما الكلاب بهذه المديريات تحتاج إلى الملاحقة لفترة طويلة جداً.. وأرجع سبب قصر فترة حملة التطهير إلى المبالغ المالية التي تم رصدها للحملة والذي قال: إنها مبالغ ضئيلة جداً ولا تستحق الذكر، ودعا الدكتور إلى اعتماد مبالغ إضافية للقيام بحملة تطهير أوسع تشمل معظم المديريات، مطالباً المواطنين التعاون والقيام بقتل الكلاب الضالة بدلاً من تسخير الرصاص في الأعراس دون فائدة تُذكر.
حقائق وأرقام
- سعر الجرعة الواحدة من لقاح داء الكلب هي 3500 ريال ويحتاج المريض إلى 6 جرعات كاملة للقضاء على المرض، أي أن إجمالي القيمة تصل إلى 21000 ريال وفي بعض الحالات يكون السعر أكثر من ذلك.
- وصل عدد الحالات المصابة بالفيروس والتي تم تسجيلها في مكتب الصحة في محافظة إب خلال ال8 الأشهر الماضية من العام الجاري 1500 حالة ما يعني أن المصابين يحتاجون إلى 9000 جرعة بمعدل 6 جرعات لكل مصاب وبقيمة إجمالية قدرها 31 مليوناً و500 ألف ريال.
- إجمالي المبلغ المخصّص للحملة التي نفذتها السلطة المحلية للقضاء على الكلاب مليون ريال، أي أن تكلفة قتل كلب واحد لا تتجاوز 1600 ريال فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عدد الكلاب التي تم القضاء عليها في شهر يونيو الماضي 625 كلباً حسب تقرير صندوق النظافة بإب.
- إذا تم أخذ المبلغ ال31 مليوناً و500 ألف ريال وتم صرفه على مكافحة الكلاب بدلاً من شراء الدواء فإنه بمقدورنا إبادة 19687 كلباً خلال ثمانية أشهر، وفي حالة تم أخذ إجمالي عدد الإصابات خلال 17 سنة في محافظة إب والتي وصلت حتى نهاية أغسطس الماضي 12526 حالة وضربنا العدد في المبلغ 21000 ريال، وهي قيمة ست جرعات لكل مريض تم استخدامها، فإن إجمالي ذلك سيصل إلى 326 مليوناً و46 ألف ريال، وهذا مبلغ كبير جداً، فلو تم صرفه على إبادة الكلاب لكان كفيلاً بقتل 203 آلاف و778 كلباً في عدد من محافظات الجمهورية وليس في محافظة إب فحسب.
- زوّدت وزارة الصحة مكتبها بإب ب2000 جرعة فقط خلال فترة ال8 أشهر من العام الحالي 2013م في مقابل تسجيل 1500 حالة، فإذا قمنا بمنح كل مصاب 6 جرعات فإن عدد الذين سوف يستفيدون من الجرع هم 333 حالة فقط، بينما 1167 حالة لن تحصل على الجرع، وإذا تم توزيعها بينهم بالتساوي فإن نصيب كل حالة من الدواء هي جرعة وثلث فقط ما يعني أن السواد الأعظم من الحالات لن يحصلوا على الجرعات الكافية وأنهم قاموا بشرائها من الصيدليات الخارجية على نفقتهم الخاصة.
- على افتراض أن 8 أشهر من العام الحالي 2013م فقط تم تسجيل 14 حالة وفاة و1500 حالة إصابة بالفيروس، فإن الأربعة الأشهر المتبقية من السنة ستسجّل تقريباً 7 حالات وفاة و784 حالة إصابة على اعتبار أن نسبة الزيادة في الوفيات والإصابات 33%، وبهذا سيكون العام الحالي أكثر الأعوام انتشاراً للمرض في تسجيل عدد الإصابات والوفيات، مع العلم بأنه حتى اليوم جاء العام 2013م الأول في الوفيات عن الأعوام.. منذ العام 1997م وبزيادة حالتين عن العام 1999م الذي سجل 12 حالة وفاة خلال الأشهر ال12.
- في العام 1997م تم إنشاء وحدة داء الكلب بمكتب الصحة في إب، ومنذ ذلك الحين سجّل المكتب 9 حالات وفاة، أي بمعدل 5 وفيات سنوياً، مقابل تسجيل 15526 حالة إصابة بالفيروس بمعدل سنوي 913 حالة، بمعنى أن عدد الإصابات الشهرية يصل إلى 76 إصابة وهذا ما يعني أنه في كل يومين يتم تسجيل 5 إصابات بين المواطنين.
- الإحصائيات والأرقام الواردة في التحقيق هي الحالات الرسمية المقيدة في وحدة الداء في مكتب الصحة بإب، فيما هناك العديد من حالات الوفيات بداء الكلب والإصابات لم يتم تدوينها نظراً لعدم وصولها إلى وحدة داء الكلب، وهذا يعني أن هناك أعداداً أخرى لم يتم تسجيلها، وما خفي كان أعظم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.