وعدت قطر بضخّ ثلاثة مليارات دولار في المغرب اثر زيارة العاهل المغربي الى الدوحة، لكن المتابعين يرون تلكؤا قطريا في تنفيذ تلك الوعود لأسباب عديدة أبرزها تفرّغ قطر لرعاية الربيع العربي في دول كثيرة. يحيى بن الطاهر من الرباط: يلاحظ متتبعون لمسار العلاقات المغربية القطرية أن ثمة تلكؤا قطريا في مباشرة دعم المملكة بعد مضي أكثر من سنة على الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للرباط التي أعلن خلالها عن مبلغ ثلاثة مليارات دولار عما قطريا للمغرب تزامنا مع الحراك الذي شهده الشارع العربي. ويرى محللون أن مصير العلاقات المغربية القطرية محكوم عليها بأن تتطور إلى الأفضل شريطة الاستفادة من "هفوات الماضي". الاستثناء المغربي يؤكد الباحث في العلاقات الدولية محمد الغربي علينا أن المغرب خرج من ثورات الربيع العربي منتصرا إلى درجة انه اصبح يشكل استثناء سواء في المنطقة المغاربية أو في الشرق الأوسط أو في الدول الخليجية. وقال الباحث ل"إيلاف": "لا نفاجأ بهذا التلكؤ الخليجي، وفي مقدمته القطري، وقد نستند على المثل الفرنسي القائل: أكثر الناس بخلا أكثرهم غنى، علينا أن ننتظر الأسابيع والأشهر القادمة، ربما لأن قطر، في إطار دخولها إلى السوق المغربية من خلال مساهمتها في ما تملكه شركة اتصالات المغرب نتيجة الأزمات المتداعية على شركة فيفاندي المساهمة، تحاول أن تفاوض انطلاقا من مركز قوة وكذلك الأمر في القطاعات الحيوية الأخرى." ويربط مهتمون هذا التلكؤ القطري بشراء حصة الشركة الفرنسية فيفاندي التي تملك نسبة 53 في المائة من أسهم شركة "اتصالات المغرب". حيث كانت شركة الاتصال القطرية "كيوتيل" قد عبرت عن رغبتها في شراء حصة فيفاندي، وهو ما ستكون له تداعيات على مستقبل العلاقات السياسية سواء مع فرنسا أو مع قطر في ظل حساسية قطاع الاتصال. وكانت الشركة الفرنسية قد حددت قيمة الصفقة في مبلغ 5.5 مليار أورو. يضيف الغربي: "على هؤلاء أن يعلموا كونهم سيبقون في حاجة دائمة إلى المغرب لأنه، كما كان ولا يزال يشكل تلك الواحة المترامية الأطراف التي تشكل استثناءا اقتصاديا وسياسيا في العالم العربي." استثمارات في الطريق أشار الباحث إلى أن من يبخل على المغرب، فإن استثمارات أخرى قادمة إليه، لأنه حسب كل التقارير الوطنية والإقليمية والدولية أصبح يشكل ذلك الاستثناء في ثورات الربيع العربي. وأوضح قائلاً: "لعل ما تعرفه تونس الآن وليبيا ومصر من أحداث تلت ثورات الياسمين والفل وثورة شباط أكدت ذلك الاستثناء المغربي"، واستحضر الغربي حضور الدبلوماسية القطرية القوي في ثورات الربيع العربي. استياء من قطر يضيف: "لكن حتى الدول التي ساندتها قطر من قبيل ليبيا أو تونس أومصر أصبحت توجه إليها بعض الانتقادات، لأنها لا تريد من ذلك البلد الصغير الحجم ومن حيث المساحة والسكان أن يكون صاحب صوت أعلى في دولها." ويعتقد الباحث أنه بحكم كون المغرب مملكة عريقة، ودولة لها أهميتها الاقتصادية والاستراتيجي، "يقبل بأن يتعامل مع قطر". وقال: "أعتقد أن هناك علاقات مد وجزر بين الدوحةوالرباط ليست حديثة العهد، فالعاهل المغربي وأمير قطر سعيا من خلال لقاءاتهما المباشرة خلال الزيارة الأخيرة لأمير قطر قبل حوالي عام، إلى أن يضعا حدا لكل قيل وقال في علاقة الدوحة مع الرباط." ووصف الباحث ما يقع الآن بين البلدين العربيين ب"سحابة صيف عابرة لعلاقات استراتيجية كبرى قد تكون بين الدوحةوالرباط، لأنه بقدر ما هي الرباط بحاجة إلى قطر بقدر ما هي الدوحة بحاجة إلى الرباط". هفوات الماضي بلغة الأرقام، لا يتجاوز عدد المغاربة العاملين في إمارة قطر 2000 مغربيا ينشطون في قطاعات السياحة والصناعة التقليدية، الى جانب عدد من القضاة الذين تستعين بهم وزارة العدل القطرية، في حين يقتصر الاستثمار القطري في المغرب على مشروع سياحي مشترك تتولى تنفيذه "شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري" بغلاف مالي قدره 170 مليون دولار. ويرى محمد الغربي أن في الاستفادة مما أسماه "بعض هفوات الماضي" بين الإمارة والمملكة، سبيلا لأن تتطور علاقات البلدين إلى الأفضل وتخرج من قمقمها. يشار الى أن العلاقات المغربية القطرية اصطدمت في كثير من الأحيان بمجموعة من العوائق، منها على الخصوص مؤاخذات المغرب تجاه قطر بخصوص تمويلها لصفقات سلاح للجزائر، وما يعتبره تدخلا لقناة "الجزيرة" في الشؤون الداخلية للمغرب وهو الذي كان قد رخص لها بفتح مكتب لها في الرباط، ثم انحيازها ضد مصالحه الاستراتيجية منها ما تعلق بملف الصحراء، ونظرتها السلبية للتحولات الجارية في المغرب.