انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    الحقيقة وراء مزاعم ترحيل الريال السعودي من عدن إلى جدة.    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    رسميا.. الكشف عن قصة الطائرة التي شوهدت تحلق لساعات طويلة في سماء عدن والسبب الذي حير الجميع!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    موقف يرفع الرأس.. طفل يمني يعثر على حقيبة مليئة بالذهب في عدن ووالده يبحث عن صاحبها حتى وجده وأعادها إليه    مواطنون يتصدون لحملة حوثية حاولت نهب أراضي بمحافظة إب    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    مطالبات حوثية لقبيلة سنحان بإعلان النكف على قبائل الجوف    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    أول تعليق حوثي على منع بشار الأسد من إلقاء كلمة في القمة العربية بالبحرين    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تعز.. وقفة ومسيرة جماهيرية دعمًا للمقاومة وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة وتوضيحات عن وثيقة القضية الجنوبية
نشر في الجنوب ميديا يوم 02 - 01 - 2014

1. الاتفاق يهدد الوحدة وينذر بتقسيم اليمن
يرى البعض أن وثيقة الاتفاق تمهد لتقسيم اليمن. والواقع أنها تعيد صياغة دولة الوحدة على أسس سليمة وتعالج مظالم الماضي التي أضرت بالوحدة. وهي بذلك ترسخ الوحدة وتثبتها لأنها تعالج اختلالاتها خلال العقدين الماضيين، وتضعها في إطار جديد تحكمه مبادئ الشراكة والعدالة والمواطنة المتساوية. وهذا ما عبر عنه الجزء الأول من الوثيقة "معالجة الماضي":
"...نلتزم حلّ القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحّدة على أساس اتحادي وديموقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وذلك عبر وضع هيكل وعقد اجتماعي جديديْن يرسيان وحدة الدولة الاتحادية الجديدة وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها. وسوف تمثل هذه الدولة الاتحادية الجديدة قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكّم في الثروة".
كما أن الموقعين علي الوثيقة أعلنوا التزامهم ب "احترام ودعم هذا الاتفاق بحسن نية ونظرة مستقبلية، بهدف بناء دولة اليمن الاتحادية الديموقراطية الجديدة والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها".
علينا كذلك ألا ننسى الفرص التي أضعناها على الوحدة مثل "وثيقة العهد والاتفاق" التي وصفت حينها بوثيقة الخيانة تماما كما وصف هذا الاتفاق من قبل بعض الأطراف. وكانت النتيجة فقط مزيدا من الحروب والصراعات ومزيدا من المظالم والانتهاكات. لهذا فإن هذا الاتفاق يعتبر فرصة سانحة لليمنيين للعبور نحو المستقبل وعليهم ألا يضيعوها.
الخطر على الوحدة لا يأتي من الاتفاق، وإنما من تجاهل الممارسات التي أساءت للوحدة أو تكراراها.
2- الاتفاق يكرس التشطير والتفرقة بين أبناء اليمن
من الأفكار الخاطئة عن وثيقة الاتفاق أنها تقوم على التفريق بين مواطني اليمن على أساس شطري وأنها فضلت مواطني إقليم ما عن إقليم آخر. وذهبت بعض التعليقات المتطرفة إلى حد القول بأن تطبيق الاتفاق يعني أن اليمنيين سيكونون مجبرين على إبراز هوياتهم الشخصية عند زيارة إقليم أو ولاية أخرى. وهذه فكرة مغلوطة تماما يرد عليها المبدأ رقم 11 ضمن المبادئ التي تنص عليها الوثيقة:
" ينتمي جميع أبناء الشعب في اليمن، مهما كان موطنهم الإقليمي، إلى جنسية وطنية واحدة، وهم متساوون في الحقوق والواجبات. ولكل مواطن يمني، من دون تمييز، حق الإقامة والتملّك والتجارة والعمل أو أيّ مساع شخصية قانونية أخرى، في أيّ ولاية أو إقليم من الدولة الاتحادية".
وهذا البند لا يضع أي تقييد أمام ممارسة اليمنيين لكامل حقوقهم الدستورية أينما أرادوا على أرض الوطن.
اليمنيون حسب الاتفاق شعب واحد ومتساوون أمام القانون. ولا أهمية لمكان الإقامة أو مسقط الرأس عندما يمارسون حقوقهم التي يكفلها الدستور.
3- الاتفاق جاء بحلول للمحافظات الجنوبية وأهمل المحافظات في الشمال
اعتبرت القضية الجنوبية المدخل لحل كل مشكلات اليمن التي ناقشها ووضع المعالجات لها مؤتمر الحوار الوطني الشامل. ولذلك فإن حل القضية الجنوبية يعني أن يكون كذلك حلا مناسبا لكل اليمن. والحل الذي تقدمه الوثيقة يعني باختصار أن الناس سيحكمون أنفسهم بأنفسهم، وأنهم سيكونون شركاء في الحكم على أساس المساواة والعدالة، وأن النصيب العادل من ثرواتهم سيعود لهم أولا ولن يذهب إلى القوى النافذة. وهذا يعني أن أبناء الحديدة مثلاً كما أبناء عدن والمهرة والجوف ستكون لهم الكلمة الفصل في المؤسسات التي ستحكمهم، وسيكون لهم نصيب عادل من عائدات مواردهم الطبيعية ومن التنمية المحلية.
وعلى العموم هذه الوثيقة هي صادرة عن فريق القضية الجنوبية، ومن الطبيعي أن تركز على القضية الجنوبية تمام كما ركز فريق صعدة على قضية صعدة. أما قضايا الوطن الأخرى فقد تناولتها بتفصيل فرق عمل أخرى كفريق صعدة والحكم الرشيد والتنمية المستدامة والحقوق والحريات والأمن والجيش وإستقلالية الهيئات وبناء الدولة.
وثيقة الاتفاق هي جزء من مخرجات مؤتمر الحوار ولا تختزل بقية المخرجات التي عالجت كافة قضايا الوطن.
4- الاتفاق غير عادل وظالم لأبناء المحافظات الشمالية
كان المبدأ الذي اعتمد في الحوار الوطني وفي حل القضية الجنوبية تحديدا هو إحقاق الحق وفق مبدأ لا غالب ولا مغلوب. وهذا كان حاضرا في أذهان الأطراف الموقعة علي الاتفاق الذي أرسى العدالة والمواطنة المتساوية والقطيعة مع تجاوزات الماضي ضمن مبادئه. أما نسبة التمثيل 50/50 في الهياكل القيادية للدولة (وهي بالمناسبة من المخرجات التي تبناها فريق الحكم الرشيد بالإجماع)، فهذا مبدأ ينطبق على المرحلة الانتقالية نحو الدولة الفدرالية، والهدف منه هو إعادة بناء الثقة بين كل أبناء الشعب وإنصاف أبناء الجنوب الذين طالهم التهميش والإقصاء فترة غير قصيرة. أما معادلة تقاسم السلطة في المستقبل، فسيحددها الدستور الاتحادي، ولن تقوم على المحاصصة الإقليمية أو المناطقية وإنما على أرضية علمية عادلة تراعي التوازن بين عدد السكان والمساحة الجغرافية والموارد الطبيعية.
ينص المبدأ الرابع في الاتفاق على: "يحدّد الدستور في الدولة الاتحادية توزيع السلطات والمسؤوليات بوضوح. ولا تتدخل السلطة المركزية في صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية لمستويات الحكم الأخرى في نطاق مسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية ينصّ عليها الدستور والقانون، بهدف ضمان الأمن الجماعي والمعايير المشتركة الرئيسة أو لحماية سلطة إقليمية من تدخل سلطة أخرى".
وهذا المبدأ سيكون مفيدا كذلك للأقاليم في الشمال، لأن هذه الأقاليم ستضمن حصة من التمثيل العادل في مؤسسات الدولة الاتحادية على أساس مقوماتها البشرية والجغرافية والاقتصادية والتنافسية.
الاتفاق أوجد حلا للقضية الجنوبية لكنه يناسب كل محافظات الوطن التي عانت من التهميش والإهمال.
5- الاتفاق صادر عن نخبة سياسية ولا يعير اهتماما لرأي الشعب
يعتقد البعض أن وثيقة الاتفاق مفروضة من قبل نخب سياسية ولا تولي أدنى اعتبار لإرادة الشعب. وهذا طبعا غير صحيح. ففي الجزء الأول من الوثيقة، أكد المتحاورون جميعهم التزامهم "حلاً شاملاً وعادلاً للقضية الجنوبية يُرسي أسس دولة يمنية جديدة، ذات صفة اتحادية، مبنية على الإرادة الشعبية وضمان حرية جميع أبناء وبنات شعبها ورفاههم".
وأعطت الوثيقة للإرادة الشعبية المكانة التي تليق بها وأفردت لها أول مبدأين من المبادئ ال11 التي نصت عليها:
1. يُصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات، وفق ما تقتضيه الديموقراطية التمثيلية والتشاركية والتداولية لضمان التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
2. الشعب في اليمن حرّ في تقرير مكانته السياسية وحرّ في السعي السلمي إلى تحقيق نموّه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كلّ مستوى (...).
لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه في صناعة مستقبل اليمن، فلا تدعوا أحدا يصادر أراءكم أو يلغيها.
6- الإرادة الشعبية التي تنص عليها الوثيقة تعني استفتاء لتقرير المصير وبالتالي الانفصال
يعتقد البعض أن الوثيقة تشكل منطلقا لتنظيم استفتاء في المستقبل يؤدي إلى انفصال الجنوب. وهذا أمر غير وارد. فقد شهدت النقاشات الطويلة إجماعا على أن النموذج السوداني لا يصلح لليمن وأن على اليمنيين ابتكار النموذج الذي يلائم أوضاع اليمن. كما اتفقوا على ضرورة إعطاء الكلمة للشعب للتعبير عن إرادته الحرة. لكن طريقة التعبير عن هذه الإرادة اختلفت من مكون إلى آخر حسب رؤيته لشكل الدولة الاتحادية. فأصحاب خيار الإقليمين، مثلاً، يرون أن من حق الشعب رفع عدد الأقاليم إلى خمسة أو أكثر بعد فترة انتقالية إما عن طريق الاستفتاء أو عبر مجالسهم المنتخبة. وأصحاب خيار الخمسة أقاليم أقروا بحق مواطني إقليمين أو أكثر أن يندمجوا في إقليم واحد بعد فترة انتقالية. وكانت هنالك رؤية أخرى تقوم على انتخاب برلمان يختاره الشعب ويفوضه لحسم شكل الدولة وعدد أقاليمها. بينما ذهبت رؤية رابعة إلى استفتاء الشعب على عدد الأقاليم بعدما استعصى حسمها داخل الفريق المصغر. ولكن لم يطرح أي فريق مسألة الانفصال كخيار وهو بالتالي أمر غير وارد. وسيحسم الدستور كيفية ممارسة الإرادة الشعبية لتحديد أو تغيير شكل الدولة.
ما دامت الوحدة مرتبطة بإرادة الشعب فهذا أكبر ضمان وحصانة لها.
7- الاتفاق ركز على عدد الأقاليم وأهمل مطالب الشعب الحقيقية
هنالك ميل لدى البعض، عن قصد أو عن حسن نية، إلى اختصار اتفاق الحل العادل في أرقام: ستة أقاليم أم إقليمان؟ وقد يكون هذا الأمر مفهوما لأن مسألة عدد الأقاليم استحوذت على النقاش في الأسابيع الماضية بعدما حصل التوافق على بقية أجزاء الاتفاق. غير أن مضمون الاتفاق أهم وأبعد من مجرد رقم. فالمبادئ ال11 التي ستقوم عليها الدولة الاتحادية وكثير من فقراتها الأخرى تؤكد أن الوثيقة لا تؤسس فقط لحل عادل للقضية الجنوبية، وإنما تلبي مطلبنا جميعا في الدولة المدنية الحديثة. دولة الحق والقانون واحترام المواطن وإعلاء كرامته وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية له بغض النظر عن انتمائه السياسي أو المذهبي أو المناطقي. وإتفاق الحل العادل للقضية الجنوبية يمثل خارطة طريق لتجاوز الماضي إلى غير رجعة والإنطلاق نحو المستقبل.
الاتفاق ليس مجرد عدد للأقاليم، بل يشكل لبنة أساسية في بناء الدولة المدنية الحديثة.
8- الاتفاق يقر النظام الفدرالي كشكل للدولة وهو نظام خطير على اليمن
يحب البعض أن يستدعي دائما التجارب الفاشلة للأشكال الفدرالية في العالم. والواقع أن أقوى الدول اقتصاديا وسياسيا تعتمد النظام الاتحادي كالولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا وكندا وغيرها. كما أن القوى الاقتصادية الصاعدة الآن في العالم كالهند والبرازيل وروسيا، وفي العالم العربي كالإمارات العربية المتحدة تعتمد كلها النظام الاتحادي- الفيدرالي. وفي المحيط الإقليمي المباشر لليمن، ساهم النظام الاتحادي في إعادة الاستقرار لإثيوبيا بعد عقود من الصراعات، ووضعها على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا يعني أن شكل الدولة لا يحدد فشل دولة ما أو نجاحها، وإنما قوانين وسياسات تلك الدولة ومدى احترامها لمبادئ الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية وسيادة للقانون والحقوق والحريات والإرادة الشعبية، وسعيها نحو تنمية مستدامة ومتوازنة، والتفاف الشعب حول مشاريع المستقبل التي تؤسس لحياة كريمة وتعايش مع قبول للاختلاف.
لقد قدمت أربع عشرة رؤية عن شكل الدولة إلى مؤتمر الحوار الوطني. وباستثناء رؤيتين اثنتين (رؤية الدولة البسيطة لحزب الرشاد، ورؤية استعادة الدولة وتقرير المصير للحراك)، دعت الرؤى الاثنتا عشرة المتبقية إلى إقامة نظام اتحادي في اليمن. وهذا يعني أن هنالك إجماعا وطنيا واسعا على خيار الدولة الاتحادية.
نجاح دولة ما أو فشلها لا يرتبط بالضرورة بشكلها، وإنما بطبيعة السلطات والصلاحيات المعتمدة والسياسات المطبقة.
9- الاتفاق هو وثيقة مفروضة من الرئيس عبد ربه منصور هادي
كان سيكون شرفا للرئيس عبد ربه منصور هادي أن يحمل هذا الاتفاق اسمه، لأنه حل عادل يقوم على إعلاء المصلحة العليا للوطن على أرضية توافقية ودون اعتبارات حزبية أو مناطقية ضيقة. لكن الرئيس هادي لا يمكنه اختزال جهد كل المكونات السياسية والاجتماعية، بل ظل طوال فترة نقاشات الفريق المصغر للقضية الجنوبية محترما لاستقلالية الفريق ولم يتدخل قط في أعماله لا من بعيد أو قريب. وعندما فشل الفريق المصغر في التوصل إلى تحديد آلية لتحديد عدد الأقاليم ورفع الأمر إلى الرئاسة، آثر الرئيس الاستمرار على نهج التشاور والتوافق، فقام بتشكيل لجنة مكونة من رؤساء الأحزاب لدراسة الخيارات المطروحة والتوفيق بينها. وقامت هذه اللجنة بصياغة مقترح حول آلية تحديد عدد الأقاليم ورفعته إلى الرئيس. وهذا المقترح هو الذي اعتمد في الاتفاق الموقع عليه. وبالتالي تم حسم الأمور من دون فرض أي رأي على المتحاورين لا من الرئيس هادي ولا من سواه.
ثم لا يجب أن ننسى أن الوثيقة التي تم التوقيع عليها تعد النسخة رقم 27 التي تصدر عن الفريق. بمعنى أن مختلف الأطراف أشبعت الوثيقة نقاشا وتعديلا، وهو ما أحدث التوافق على معظم أجزائها باستثناء عدد الأقاليم. ولم يكن الرئيس طرفا في أي من النقاشات التي أنتجت تلك النسخ ال27، قبل الوصول إلى هذه الصيغة التوافقية.
الاتفاق ليس مفروضا من الرئيس، وإنما هو مجهود جماعي لكل المكونات وهو يمثل الإرادة المشتركة لليمنيين.
10- الوثيقة هي "وثيقة بنعمر" وتتضمن إملاءات خارجية
لعب المبعوث الدولي جمال بنعمر دورا أساسيا في تقريب وجهات النظر بين المتحاورين وفي تقديم الخبرة والمشورة كلما طلب منه ذلك. لكن ذلك لا يجعل هذه الوثيقة صادرة عنه. بل على العكس من ذلك تماما، تعد هذه الوثيقة نتاج توافق بين كافة الأطراف اليمنية. وقد شاركت كل الأطراف في صياغة الوثيقة والتعقيب عليها، وأبدت موافقتها منذ وقت مبكر على كل أجزائها باستثناء الجزء المتعلق بآلية تحديد الأقاليم الذي حصل عليه التوافق مؤخرا. وقد قدم جمال بنعمر، بصفته ميسرا لجلسات الفريق المصغر، بخلاصة توفيقية بشأن تلك الآلية، لكن المتحاورين لم يأخذوا بها واعتمدوا الصيغة الحالية. هذا يعني أن المتحاورين ناقشوا كل كبيرة وصغيرة في الوثيقة، والدليل على ذلك أن الصيغة النهائية كانت النسخة رقم 27.
الوثيقة يمنية خالصة، صاغها اليمنيون وسيطبقها اليمنيون، وسيكون للمجتمع الدولي دور داعم ومساند
11. الوثيقة تؤسس لمطالبة إقليم ما بالإنفصال:
هذه من القراءات المغلوطة أيضاً، بينما الواقع أن الوثيقة بقدر ما حاولت أن تقدم صيغة جديدة لدولة الوحدة بقدر ما فكرت في سد الباب أمام المطالب الانفصالية، وجعل الوحدة أحد الثوابت الوطنية التي تضمن ديمومتها مبادئ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ومصالح المواطنين. وقد تم الاتفاق داخل الفريق على أن يتضمن الدستور الجديد ضمانات كافية وواضحة تستبعد خيار انفصال اي إقليم، وفي الوقت نفسه تجيز السير نحو أقاليم مندمجة أو متوحدة.
الاتفاق يجعل المطالب الانفصالية شبه مستحيلة ويؤسس لوحدة مستدامة لأنها لقائمة على العدالة والمواطنة المتساوية
12. الوثيقة تكرس وجود هويتين: شمالية وجنوبية، وربما عملتين وعلمين ...إلخ:
الصلاحيات الواسعة التي ستسند للولايات والأقاليم ليس لها أي صبغة سيادية. وقد حصرت الوثيقة المجالات السيادية كلها على المستوى المركزي من قببيل الخارجية والسياسة النقدية والعملة والجيش وغيرها.
أما في موضوع الهوية، فقد أكدت الوثيقة على الهوية اليمنية الجامعة مع احترام الخصوصيات الجغرافية والثقافية والاجتماعية واللغوية وغيرها التي شكلت على مدى العصور عوامل غنى وتنوع ولم ولن تكن عامل فرقة في قوام الشخصية اليمنية المتميزة.
الوثيقة كرست الهوية اليمنية الجامعة واعتبرت الخصوصيات المحلية مصدر إثراء لها
13- أعطى الاتفاق الولايات صلاحيات أكبر من حجمها في مجال إدارة الثروات وجعلها لقمة سائغة للشركات العالمية الكبرى
تجدر الإشارة بداية أن الوثيقة أكدت على أن الثروات ملك للشعب اليمني ككل وليس ملك السكان في ولاية أو إقليم. وبينما أعطى الاتفاق للولاية السلطات الكافية التي تمكنها وتمكن أبناءها من الحصة العادلة في الثروة، شدد على أن عقود استكشاف وإدارة وتطوير الثروات الطبيعية تتم "بالتشارك مع سلطات الإقليم والسلطة الاتحادية، وفق ما ينص عليه قانون اتحادي". فإدارة الثروات الطبيعية تقع إذن في خانة السلطات والمهام والمسؤوليات التشاركية التي نصت الوثيقة.
وأكد الاتفاق على ضرورة مراعاة "المصلحة الوطنية العليا لضمان إدارة الموارد الطبيعية بشفافية وكفاءة وفاعلية واستدامة". كما شدد في المبدأ السادس على "التوزيع العادل للثروة الوطنية".
الثروات الطبيعية ملك للشعب اليمني وإدارتها وتطويرها مسؤولية مشتركة بين السلطة الاتحادية وسلطات الإقليم والولاية.
_____
.. لتحميل هذه المادة.
.. لتحميل وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.