انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    رئيس برلمانية الإصلاح يتلقى العزاء في وفاة والده من قيادات الدولة والأحزاب والشخصيات    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    البنك المركزي يذكّر بالموعد النهائي لاستكمال نقل البنوك ويناقش الإجراءات بحق المخالفين    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حديثه مع إذاعة شيفيلد البريطانية: د. عيدروس النقيب: وثيقة بن عمر هي واحدة من تقارير فرق العمل والدولة الاتحادية بإقليمين تمثل انصاف للجنوب وهي الحل الأقرب
نشر في الجنوب ميديا يوم 06 - 01 - 2014

أجرى القسم العربي بإذاعة شيفيلد البريطانية لقاء مع الدكتور عيدروس نصر ناصر النقيب العضو الاشتراكي في البرلمان اليمني ورئيس كتلته النيابية، تناول في العديد من القضايا المتصلة بقضايا المشهد السياسي اليمني الراهن.
وتطرق اللقاء إلى المواقف السياسية المختلفة التي أثارتها وثيقة الحلول والضمانات بشأن القضية الجنوبية وبناء الدولة، وقد أدار اللقاء الإعلامي البريطاني ذو الأصول اليمنية المهندس وجدي راوح، وشارك العديد من المستمعين في التعليق والتساؤل حول ما أثير في اللقاء من قضايا، وفي ما يلي مضمون اللقاء:
إذاعة شيفيلد: السادة المستمعين أهلا بكم في برنامجنا الاسبوعي "بالعربي" الذي يبث باللغة العربية من إذاعة شيفيلد البريطانية "ٍ Sheffield Life " الذي نستضيف فيه الكاتب والبرلماني والمفكر اليمني د. عيدروس النقيب لتسليط الضوء على الأوضاع في الساحة اليمنية.
نرحب بكم د. عيدروس في هذا اللقاء ونحن نشاهد ما يعتمل على الساحة اليمنية من تفاعلات في ظل وثيقة الحلول والضمانات التي تقدم بها جمال بن عمر مساعد الأمين العام للأمم المتحده ومبعوثها إلى اليمن، بشأن القضية الجنوبية وبناء الدولة وما أثارته من ردود أفعال متفاوتة بين مؤيد ومعترض ومتحفظ حيال ما تضمنته الوثيقة بشأن نظام الأقاليم، نرجو أن تقدم لنا صورة عن المشهد السياسي الراهن في ظل هذا الصخب الإعلامي المرتبك والملتبس، كيف تقرأ لنا المشهد السياسي اليمني د. عيدروس
د. عيدروس: شكرا لكم أخي وجدي ولإذاعة شيفيلد واسمح لي أولا أن أشير إلى الفهم المغلوط والتسويق الخاطئ لما سمي "وثيقة جمال بن عمر" وقدمت خطأ وكانها الوصفة السحرية التي ستنقل اليمن من الجحيم إلى الفردوس ومن الحروب إلى السلام الدائم ومن التفكك إلى الوحدة الراسخة.
ما يدور الحديث عنه هو مقترح قدمه الأخ جمال بن عمر بتكليف من لجنة الستة عشرة التي عجز أعضاؤها عن التوصل إلى مخرج متوافق عليه بشأن المهمة المسندة لهم من فريق القضية الجنوبية، وهو مقترح يفترض أن يقدم إلى فريق القضية الجنوبية لإقراره أو رفضه أو تعديله، ولا أدري لماذا أقميت من أجله هذه الضجة المفتعلة وجرى تصويره وكأنه اتفاق بين دولتين متحاربتين أو كأنه الحل الوحيد الناجع لآلام ومرارات اليمن واليمنيين، باختصار هذه الوثيقة بعد إخراجها في تقرير فريق القضية الجنوبية هي لا تختلف عن تقرير فريق التنمية المستدامة، أو فريق استقلالية الهيئات أو قضية صعدة أو الدفاع والأمن لكن هناك من حاول أن يعطي هذه الوثيقة حجما أكبر من حجمها الحقيقي.
إذاعة شيفيلد: لكن ما هي محتويات الوثيقة لتثير هذا الصخب الكبير؟؟
د. عيدروس: الوثيقة كما نشرت تتناول مجموعة من المبادئ والمنطلقات والمضامين التي تؤسس لشكل الدولة اليمنية القادمة، وذلك من خلال التأكيد على قيام دولة يمنية اتحادية بنظام الأقاليم، أو كما قال الأخ جمال بن عمر هي التأسيس لوحدة يمنية جديدة تشكل قطيعة كلية مع الماضي ومظالمه وأخطائه، ويتمثل الجزء السياسي والتنفيذي فيها في نقل الكثير من السلطات والصلاحيات من المركز إلى المستوى الثاني من الإتحاد وهو الأقاليم ومن ثم نقل مستوى آخر من السلطات إلى الولايات (أو المحافظات) وبالتالي يكون لدينا دولة اتحادية بسلطات وهيئات اتحادية، وحكومات الأقاليم، بهيئاتها وسلطاتها وحكومات الولايات (أو المقاطعات أو المحافظات) بهيئاتها وسلطاتها، ومن الناحية الاقتصادية يكون لدينا موارد محلية وموارد إقليمية وموارد مركزية، وتقابلها خطط للتنمية على مستوى المركز (الدولة الاتحادية) وعلى مستوى الأقاليم وعلى مستوى المحافظات.
بطبيعة الحال علينا أن لا نتصور أن هذا المخرج هو الوصفة السحرية لحل كل مشاكل اليمن لكنه يمكن أن يشكل مدخلا سليما لمعالجة الكثير من القضايا وأهمها القضية الجنوبية وما تتضمنه من أبعاد تاريخية وسياسية وقانونية وحقوقية وإنسانية، ونجاح هذا الخيار من فشله يتوقف على مدى جدية الناس في الانتقال به إلى مجال التطبيق الذي سيكون أكثر صعوبة من مجرد التوافق عليه، وهو يحتاج إلى زرع ثقافة النظام اللامركزي في وعي وسلوك الناس والطبقة السياسية منهم على وجه الخصوص وبدون تحول هذه الثقافة إلى قناعة لدى النخبة السياسية اليمنية وبدون إقناع الناس بوجاهة هذا الخيار واختبارهم لمدى المصالح التي سيحققها لهم فإن مجرد الاتفاق بشأنه لا يعني شيئا.
باختصار شديد أن الدولة الاتحادية كمشروع تأتي لتحقق هدفين: الأول استعادة الجنوب كمكون أساسي للدولة اليمنية لمكانته التاريخية والوطنية والسياسية في المعادلة السياسية اليمنية، وإنهاء المظلومية التاريخية التي تعرض لها ( طوال عقدين من الزمن) والثاني: الحفاظ على الكيان اليمني الواحد من خلال دولة اتحادية ذات هوية واحدة ومضمون سياسي واحد، قابل للحياة والحيلولة دون تعرض اليمن للتفكك والتشظي والتقسيم.
سؤال المتصل فؤاد الرجوي: أنا أرى إن نظام الأقاليم خطير على وحدة اليمن وقد يمكن بعض المتنفذين من السيطرة على بعض الأقاليم، ولذلك أرى أن يترك أمر اختيار دولة مركزية أو أقاليم للشعب يستفتى عليها ويقر ما إذا كان يوافق عليها أم لا.
والسؤال الثاني: أن المؤتمر والاشتراكي والناصري يرفضون مشروع الأقاليم فمن يؤيده إذن؟
د. عيدروس: الحقيقة إن القول بإمكانية سيطرة بعض مراكز القوى على بعض الأقاليم هو قول مفهوم ومفهومة دوافعه، لكن علينا أن نتصور أن نظام الأقاليم سيكون محكوم بقانون اتحادي وقوانين إقليمية تحدد صلاحيات كل مستوى من السلطات والهيئات، إن مراكز القوى هي اليوم مسيطرة على كل اليمن، ومخاطر سيطرة بعضها أو كلها على بعض الأقاليم هي واردة لكنها ليست بمستوى خطورة السيطرة على كل البلد، وعلينا أن نعلم أن نظام الأقاليم لن يتم بناؤه بليلة وضحاها بل لا بد من مرور سنين وعقود حتى يترسخ ويتحول إلى جزء من ثقافة الناس وتقاليدهم.
ومن الطبيعي أن يستفتى الشعب على كل أمر يتعلق بمصير بلده، لكن الشعب لا بد له من جهة سياسية وقانونية تقدم له خيارات الاستفتاء، وهو بالضبط ما ينبغي أن يتم عند إعداد دستور الدولة الاتحادية وبالتأكيد لن يتم الانتقال إلى النظام الجديد إلا بموجب دستور جديد يتم استفتاء الشعب عليه.
أما بالنسبة للأحزاب والقوى السياسية التي تعترض على وثيقة الضمانات فإن لكل حزب معترض أو متحفظ الجزئية التي يتحفظ بشأنها، وسأشير هنا إلى موقف الحزب الاشتراكي اليمني: إن الحزب الاشتراكي ليس ضد مبدأ الأقاليم بل إنه بالعكس هو المبادر الأول لفكرة الدولة االاتحادية، بإقليمين، وقد قدم رؤيته منذ أكثر من ثلاثة أشهر وفي حين أشبعتها (أي الرؤية) القوى السياسية شتما وقدحا وتشهيرا، لكننا لم نسمع من تلك القوى ولو رؤية بصفحة واحدة تقدم من خلالها تصورها عن حل القضية الجنوبية أو شكل الدولة غير الأحاديث الشفوية التي لا تصدر عن هيئات ولا تكون مصحوبة بأي مبررات وقرائن وحجج مقنعة أو حتى غير مقنعة، واعتراض الحزب هو على طرح خيار واحد فقط وهو خيار الستة الأقاليم، لكننا علمنا مؤخرا أنه تم الاتفاق على طرح الخيارات المفتوحة لعدد الأقاليم ومنها الدولة الاتحادية بإقليمين وترك ذلك لمؤتمر الحوار ليقرر أي الخيارات أكثر فاعلية وجدوى، أما الآخرين فلهم أسباب هم أقدر على شرحها، ونحن هنا لا بد أن نؤكد أن مبدأ الإقليمين يقدم الحل المنصف للقضية الجنوبية على النحو الذي يعيد الاعتبار للجنوب ويسمح له بأخذ مكانته في المشروع المستقبلي.
سؤال المتصل حلمي النقيب: نحن كجنوبيين غير معنيين بنظام الأقاليم ولا يهمنا ما يدور في صنعاء الجنوب يريد استعادة دولته، فلماذا تزجون بنا في قضية لا علاقة لنا بها وهي مرفوضة سلفا لدى كل الجنوبيين؟
د. عيدروس: الحقيقة لا بد من الإشارة هنا إلى أن النتائج المدمرة لحرب 1994م قد حولت المشروع الوحدوي من حلم جميل كان الناس يتطلعون من خلاله إلى الانتقال إلى دولة الحريات العامة والمواطنة المتساوية، دولة المؤسسات القائمة على النظام والقانون واحترام حريات وحقوق الإنسان، حولته الحرب اللعينة إلى غنيمة حرب أو مجموعة من الغنائم التي حظي بها المنتصرون وخسر مقابلها الشعب في الشمال والجنوب على السواء كل شيء، ومن المؤلم أن تقترن الوحدة اليمنية بالمظالم والسلب والنهب والإقصاء والتهميش لمكون أساسي فيها وهو الجنوب، وعندما نقول أن المواطن في اليمن خسر كل شيء فعلينا أن لا ننسى أن المواطن في الجنوب لم يخسر فقط حقوقه وأملاكه ومنشآت وممتلكات ومؤسسات الدولة والمؤسسات التعاونية التي هي ملكه ، وثروات الأرض الزراعية والنفطية والسمكية، وغيرها بل لقد خسر حضوره السياسي في نظام ما بعد الحرب، وهو ما ولد حالة من الاغتراب في الجنوب جعل المواطن هناك غريبا في دياره مبعدا داخل مدينته وقريته، وبمعنى آخر إن المواطن في الجنوب لم يعد يشعر بالانتماء إلى هذا الكيان المسمى الوحدة اليمنية نظرا لأنها لم تقدم له أي مصلحة وسلبته كل المصالح، وهو ما ولد النزوع نحو استعادة الدولة الجنوبية وفك الارتباط.
اليوم اليمنيون أمام خيارين: فك الارتباط وهو خيار حاضر بقوة في مشاعر وتطلعات الغالبية العظمي من مواطني الجنوب، وخيار الدولة الاتحادية بإقليمين وهو الخيار الذي يتطلب إنجاحه عملا كبيرا لإقناع المواطنين الجنوبيين بوجاهته وجدواه واستجابته لمصالحهم وتحقيق آمالهم وإزالة الشكوك المتراكمة لديهم من التعرض لخديعة جديدة تماما كما جرى في العام 1990م.
أعتقد أن على النخبة السياسية اليمنية أن تقدم الكثير من المغريات لمواطني الجنوب للقبول بالتنازل عن مطلب فك الارتباط، أما إذا أصر النافذون على شعارات (الوحدة خط أحمر) أو (الوحدة أو الموت) فهم إنما يعاندون حقائق التاريخ والجغرافيا، ويقاومون إرادة الشعب في الجنوب وبالتالي فإن خيار فك الارتباط سيكون الخيار الوحيد القابل للحياة لأننا رأينا الموت ولم نر الوحدة، بعد أن تحولت إلى سلم لصعود النافذين عبرها إلى عوالم المليارديرات بينما يرزح الشعب اليمني تحت الفقر والأوبئة والحروب والظلم وغياب الأمن وانهيار الخدمات.
عهد السقلدي: كيف نفهم مؤتمر الحوار الوطني في ظل ما يتعرض له الجنوب من مجازر وقتل وانتهاكات حقوق الإنسادن، والنهب المتواصل، ماذا فعل مؤتمر الحوار لإيقاف هذه الجرائم؟
ثانيا: هل المشاركين الجنوبيين يمثلون الشعب الجنوبي؟ من الذي فوضهم، أم إنهم مجموعة من المصلحيين تم شراءهم بالفلوس؟
د عيدروس: من المهم الإشارة إلى أن الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني قد وجهت لجميع القوى السياسية والمكونات المجتمعية بما في ذلك الحراك السلمي الجنوبي، وقد شارك في مؤتمر الحوار العديد من المكونات الجنوبية منها بعض المكونات الميدانية ذات الثقل والتأثير، ومع ذلك لا بد من الإقرار بأن السواد الأعظم من مكونات الحراك قد قاطعت المؤتمر من منطلق أن المؤتمر لا يعنيها خصوصا وأن المبادرة الخليجية التي يستند إليها انعقاد المؤتمر لم تتعرض من قريب أو بعيد للقضية الجنوبية.
لكن مثلما لا يحق للمشاركين الجنوبيين في مؤتمر الحوار الوطني الادعاء بأنهم الممثلون الوحيدون للجنوب، فعلى المقاطعين أن لا يتنكروا لحق هؤلاء في التمسك بالخيار الذي يرونه مناسبا بما في ذلك المشاركة أو المقاطعة لأعمال مؤتمر الحوار، وبالتالي فإن على مؤتمر الحوار والنخبة السياسية أن تأخذ بعين الاعتبار أن الغائبين عن المؤتمر من مكونات الحراك ليسوا قوة هامشية بل إنهم أصحاب الثقل الأكبر على الساحة، ومن المهم العمل على النحو الذي يجعلهم يقتنعون بجدوى مخرجات الحوار لإحداث تغيير في موقفهم من المؤتمر ونتائجه، أما الإصرار على الاستمرار بسياسة الاستقواء والخداع وادعاء الوحدوية والوطنية للتستر على حماية المصالح الطفيلية القائمة على النهب والسلب فإنها لم تعد تجدي، وقد يستطيع القائمون بها الاستمرار في إطالة عمر المشكلة وتأجيل الوصول بها إلى حل ناجع، لكنهم لن يستطيعوا استغفال الشعب اليمني في الشمال والجنوب على السواء بشعارات ظاهرها الوطنية والوحدوية وباطنها "المصالح والأنانية والخداع" شعارات تتحدث عن عناوين يمنية وطنية كبرى لكنها تخفي وراءها مقاصد جهوية ومصالح ضيقة ونوايا فيها من الشر الكثير وليس فيها من الخير إلا اسمها.
وإذا كانت مجزرة الضالع التي ارتكبتها قوات حكومية تابعة للجيش اليمني، وليست مجهولة الهوية والقيادة ما تزال حاضرة في الأذهان بحكم بشاعتها وعدم انقضاء وقت طويل على حصولها فإن عشرات المجازر التي ارتكبها رجال الأمن والجيش والبلاطجة ضد مواطني الجنوب والمعارضين السياسيين الجنوبيين وحملات القمع والتنكيل والمحاكمات الصورية التي تعرض لها العشرات وحملات الاعتقال التي تعرض لها الآلاف من ناشطي الحراك، لن تغيب عن ذاكرة الجنوبيين مثلما لن تغيب عنهم حملات السلب والنهب المتواصلة منذ العام 1994م التي فقدوا فيها كل شيء حتى مصادر عيشهم وخبز أولادهم، وهو ما يعني إننا بحاجة إلى عمل اسطوري لإقناع المواطنين الجنوبيين للقبول بخيار البقاء في إطار الدولة الاتحادية بإقليمين أما أقل من ذلك فهو أبعد ما يكون عن تفكير ومزاج وتطلع المواطنين الجنوبيين ونخبهم السياسية.
إن هذا يتوقف على ما سيقدمه السياسيون اليمنيون للجنوب والجنوبيين لإغرائهم في التراجع عن مطلب فك الارتباط الذي ما تزال الأغلبية الجنوبية مصرة عليه كما يتضح من الفعاليات المليونية التي شهدها العام 2013م
المذيع وجدي راوح: د عيدروس، أخيرا كيف تفسر تشارك المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري في رفض التوقيع على وثيقة بن عمر؟ وهناك سؤال آخر: ألا ترى معي أن السير باتجاه نظام الإقليمين قد يؤدي إلى الانفصال من جديد والعودة إلى ما قبل 1990م في ظل الانقسام الوطني القائم اليوم؟
سبق وأن أشرت إلى إن التحفظات الذي أبدته القوى السياسية الثلاث حول مضامين الوثيقة كانت من منطلقات مختلفة، وأوضحت أن الحزب الاشتراكي اليمني لم يعترض على مضمون الوثيقة، بل إن معظم المبادئ والمنطلقات والأهداف قد جاءت متطابقة مع ما تضمنته رؤية الاشتراكي، . . تحفظ الاشتراكي جاء على حصر الخيارات المطروحة بستة خيارات، وأود هنا أن أشير إلى أن خيار الإقليمين الذي تبناه الاشتراكي قد جاء بعد دراسة معمقة للعوامل التاريخية والثقافية والاقتصادية والجغرافية، وحيث إن القضية اسمها القضية الجنوبية، وحيث إنها تتعلق بالجنوب، كمفهوم سياسي وليس كمفهوم جهوي أو جغرافي، وحيث أن جوهر المشكلة يتمثل في إقصاء الجنوب من المعادلة السياسية على مدى عقدين وما رافق ذلك من مظالم سياسية واقتصادية وحقوقية، فإن حل القضية الجنوبية ينبغي أن يتمثل في استعادة الجنوب موحدا إلى معادلة الدولة اليمنية الجديدة، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار العديد من المشاريع الاستعمارية التي قسمت الجنوب إلى 23 دويلة، ثم مشروع المحميات الغربية والمحميات الشرقية فإن علينا أن ننبه إلى أن مشروع إقليمين في الجنوب ليس إلا بعثا لذلك المشروع الاستعماري القديم، وهناك من يتلهف له ويريد إعادة إحيائه، وهذا هو سر تبني الحزب الاشتراكي لفكرة الإقليمين (إقليم في الشمال وإقليم في الجنوب)، وأعتقد أن ما جرى يوم أمس الأول ( 31/ ديسمبر) من التوافق على طرح أكثر من خيار بما في ذلك خيار الإقليمين قد ذوب المسافة بين موقف الحزب الاشتراكي ومواقف بقية القوى، أما الإخوة الناصريين فتحفظهمم قائم على جانب شعاراتي نبيل ونقي يقوم على التخوف من الحديث عن جنوب وشمال وتخصيص نسب من الثروة للمناطق المنتجة، والخوف من الفساد ومن الوصاية الأجنبية: هذه المواقف يمكن تفهمها لو إن اليمن لم تصبح مهدد بالتفكك إلى أكثر من شمال وأكثر من جنوب، ولو إن اليمن خالية من الفساد، ولو إن اليمن ليست تحت الوصاية الدولية، أما وهذه الحقائق قائمة على الأرض فإن التخوف منها هو في غير محله ومعالجتها تأتي بتعزيز سلطة الشعب وتعزيز روح القانون وليس بالتمسك بالنظام المركز الذي خلق كل هذه المظالم والمفاسد.
بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام أعتقد أن رفضهم للوثيقة ينطلق من الرغبة في عدم التراجع عن نتائج حرب 1994م، فهم يرون في منح الجنوب مكانته الطبيعية في معادلة التسوية السياسية سيطيح بكثير من المصالح السياسية والمالية والاقتصادية التي حققوها (وحققتها نخبهم الاقتصادية والسياسية وأصحاب النفوذ فيهم) بفضل نتائج الحرب ولذلك لا يريدون الحديث عن دولة اتحادية تنقل قدرا من صلاحيات الحكم والتصرف بالموارد إلى حقوق للمستويات الأدنى من السلطة أي مستوى الأقاليم والولايات، أما التحجج بالوحدة والخوف من الانفصال فهو تحجج زائف وخوف مصطنع لأن الانفصال هم من ثبتوه ورسخوه في النفوس والمشاعر والوجدان، وقد سمعنا كثيرا من المخاوف والتنديدات بمنح المناطق المنتجة للثروات حصة من ثرواتها، وهذا ليس حبا في المركز أو حرصا على مصالح المناطق غير المنتجة، بل إن محاولة اللحفاظ على ما نهبه الناهبون وما يزالون يواصلونه حتى اليوم وهو خوف يراود كل الناهبين والمنتفعين وأصحاب المصالح غير المشروعة من نهب الثروات واحتكار التوكيلات والسيطرة على سواحل الاصطياد ونهب الأراضي والمنشآت.
أما قولك أخي بأن فيدرالية الإقليمين ستؤدي إلى الانفصال فبصراحة هذا لا يقال للمرة الأولى، ومن الغريب إن الذين يرفضون نظام الإقليمين خوفا من الانفصال، يتبنون خيار الأقاليم الستة دون أن يقولوا أن هذا أيضا قد يؤدي إلى الانفصال، أي إنهم يرفضون الانفصال الثنائي لكنهم يوافقون على الانفصال السداسي وهو كلام غريب لا ينسجم فيه القائلون به مع أنفسهم.
إذا كنا ذاهبين إلى الدولة الاتحادية وفي قرارة انفسنا هاجس الانفصال فسواء كانت الدولة ثنائية أو ثلاثية أو حتى عشرينية فإن الانفصال الفعلي سيتجسد بعد أن تم ترسيخ الانفصال النفسي والذهني، خصوصا إذا ما أصر المتنفذون على اعتبار نتائج الحرب مقدس من المقدسات غير القابلة للمساس كما يجري اليوم، أما إذا كنا عازمين على بناء يمن جديد بدولة جديدة ومستقبل مختلف عن الحاضر والماضي فإن نظام الإقليمين سيمثل خطوة باتجاه إعادة الاعتبار للمشروع الوحدوي الذي وأدته حرب 1994م وتمكين الجنوب من العودة إلى مكانته في البنية اليمنية المنتظرة بعد أن غاب أو غيب عنها قسرا.
أخيرا أقول ان أكثر ما يخشاه الجنوبيون هم أن تكون فكرة الأقاليم الستة عبارة عن عقاب للشعب الجنوبي الذي بدا موحدا طوال فترة حراكه السلمي، وهو يمثل مسعى لوضع الجنوب والجنوبيين في مواجهة بعضهم بعضا بعد أن اتحدوا لسنوات في مواجهة مغتصب أرضهم وناهب حقوقهم وسالب ثرواتهم ومزيف تاريخهم.
الاشتراكي نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.