أظهرت مؤشرات قياس انبعاثات غازات الدفيئة انخفاضاً ملموساً عن المستوى المقرر لها عالمياً، وبخاصة في الصينوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، المسؤولة عن انبعاث أكثر من نصفها في العالم. الأمر الذي دفع العلماء إلى تأكيد رصد بداية عهد جديد في تاريخ التغير المناخي. وذكرت مجلة «نيو ساينتست»، في تقرير نشرته حول هذا الموضوع، أخيراً، أن عام 2012، يستحق دخول التاريخ باعتباره عاماً مميزاً من حيث الإنجازات المتحققة فيه. ففي العام ذاته سُجل أول تباطؤ حقيقي في انبعاث غازات الدفيئة. وذلك تزامناً مع عودة النمو في الاقتصادات العالمية، على عكس التباطؤ الحاصل عام 2008 في ظل الركود الاقتصادي، الأمر الذي يجعل 2012 عام الإنجاز الحقيقي في هذا المجال. وفي هذا الصدد، أشار تقرير بعنوان «اتجاهات في انبعاثات الكربون العالمية: تقرير 2013»، صادر عن وكالة التقييم البيئي في هولندا بالتعاون مع مركز أبحاث المفوضية الأوروبية، إلى أن :» الزيادة القليلة في انبعاثات عام 2012، ممكن أن تكون أولى المؤشرات نحو ديمومة تباطؤ ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون عالمياً على وجه الخصوص، فضلاً عن مجمل أنواع الغازات». معاهدات مناخية من جهتهم يقول الخبراء إن هذه التغيرات الإيجابية قد تُشكّل دفعة مهمة لمفاوضات الاتحاد الأوروبي حيال معاهدة المناخ التي بدأت في بولندا. وكانت المعاهدات المبرمة عام 2009، قد نصت على ضرورة تخفيض مستوى غاز ثاني أكسيد الكربون عالمياً بشكل سريع. إلا أن هذه الحالة لم تشهد أي تغيير حتى عام 2012، الذي أظهر نجاعة التدابير التي اتخذتها كبرى الدول المسؤولة عن الانبعاثات في الحد من تلويثها للبيئة. ويقول جوس أوليفير من وكالة هولندا لتقييم البيئة : «هذا يؤشر على تغير التوجهات حيال تقليل النشاطات التي تستخدم الوقود الأحفوري وزيادة استخدام الطاقة المتجددة والحفاظ عليها». وأشارت «نيو ساينتست» إلى أن ارتفاع نسبة الغازات في الجو أقل من الارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.5%. ويؤكد غريت جانسنس مينهوت من مكتب مركز أبحاث المفوضية الأوروبية في إيطاليا أن المهتمين بهذا الشأن لاحظوا فوائد عمليات « فك الارتباط بين مستويات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ونمو الاقتصاد العالمي». ويقول الخبراء: إن الانخفاض الأكثر وضوحاً بين أكبر الجهات المسؤولة عن الانبعاثات برز في الولاياتالمتحدة، التي خفضت انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 4% في عام1012، وذلك على الرغم من النمو في اقتصادها بنسبة 2.8. وتشير مؤشرات انبعاثات الولاياتالمتحدة إلى انخفاضها 12% عن المستوى الأعلى الذي سجلته عام 2007، متراجعة بذلك إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عقدين من الزمن، وذلك بحسب تأكيدات إدارة الطاقة الأميركية. الطاقة المستدامة وأضافت المصادر نفسها أن سبب الانخفاض الرئيسي هو ذلك التحول الكبير من الاعتماد على الفحم إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي، الذي صاحبه انخفاض بنسبة 5% في الطاقة المطلوبة، الأمر الذي دفع بعجلة النمو إلى الأمام. وبالنظر إلى مؤشرات الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، فإنها تشير إلى استمرار انخفاضها الذي دام عقداً من الزمان. وعلى الرغم من انخفاض ناتج دول الاتحاد المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% عام 2012، إلا أن انبعاثاتها تراجعت بشكل أكبر من ذلك بنسبة تقدر ب1.6%. والجدير بالملاحظة أن الصين شهدت التغير الأكبر في مستوى انبعاثات الغازات والتلوث. فعلى الرغم من تواصل ارتفاع انبعاثاتها بنسبة 10% سنوياً مدة عقد كامل، بحيث أصبحت ضعف انبعاثات الولاياتالمتحدة حالياً، إلا أن معدل نموها عام 2012، قدر ب3% فقط، وذلك في ظل نمو اقتصادها بنسبة 8%. من ناحية ثانية، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن أهم التدابير الفعالة في تخفيض نسبة الانبعاثات حول العالم تكمن في تدافع الدول نحو دعم الاستخدام الفعال للطاقة، بدءاً من توفير الطاقة في المصانع إلى تحسين استخدامها وصولاً إلى توفير المصابيح الكهربائية الصديقة للبيئة. بالإضافة إلى التحول عن نوعية الطاقة المستخرجة من الوقود الاحفوري إلى استخدام مصادر الطاقة المستدامة، كالوقود الحيوي وطاقة الرياح والطاقة الشمسية. وأشارت المصادر نفسها إلى أن استخدام مصادر الطاقة البديلة مجتمعة قلل نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو إلى النصف. ويؤكد الخبراء أن الحد من العمليات الجائرة لإزالة الغابات يقلل أيضاً من معدل غازات الدفيئة في الجو والتلوث. ويقول نيكلاس هوهين، محلل الطاقة من هولندا: إن « ثلثي انبعاثات الغازات حول العالم يخضعان لقانون المناخ الوطني والاستراتيجيات التي تحد منها». مضيفاً أن دولاً كالبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك والصين قد توافقت على تعهدات في هذا الشأن. الصين تتقدم تسهم الصين بنسبة 29% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية في الجو. بما يرتفع بنسبة 15% على معدل إسهامها في الناتج المجلي الإجمالي العالمي. وفي المعدل العام يتشابه إنتاج الفرد في الصين من غازات الدفيئة مع معدل إنتاج الفرد في الاتحاد الأوروبي. وذلك على الرغم من تدني مستوى المعيشة في الصين مقارنة بأوروبا. ويقدر الخبراء التغير الحاصل في معدلات إنتاج غازات الدفيئة في الصين بالإيجابي جداً. ويشار إلى الصين بدأت خلال العام الماضي العمل مع الولاياتالمتحدة الأميركية على الوصول إلى أفضل التدابير لمكافحة التغير المناخي. البيان الاماراتية