عندما نتحدث عن العملات الافتراضية، التي يُعتقد أنها ستمثل بديلًا رقميًا للتعاملات النقدية في المستقبل، تأتي عملة «بيتكوين» في الصدارة باعتبارها من أكثر النقود الافتراضية انتشارًا اليوم وأكثرها إثارة للجدل في العالم. وبطبيعة الحال، هناك العديد من الآراء المختلفة حول مزايا وخصائص هذا النوع من العملات، سواء الإيجابية أو السلبية، ولكل وجهة نظره في ذلك. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة Alpari الشرق الأوسط، اسكندر نجار: لم تستقطب البيتكوين انتباه الخبراء، حيث لم يكن يظن أحد أنها ستشكل حالة فريدة، وذات خطورة على مستقبل التعاملات المالية، إلا أن هذا الوضع لم يدم طويلًا وبدأت البيتكوين تأخذ حيزًا لا بأس به من الاهتمام، حيث بدأت قيمتها تتقلب بين الارتفاع والهبوط بسرعة، الأمر الذي أثار شهية المستثمرين على مستوى العالم. ويضيف نجار: على سبيل المثال، في أواخر نوفمبر 2013، عاش مالكو عملة «بيتكوين» الإلكترونية في العالم لحظات غير مسبوقة بعد أن قفزت قيمة الوحدة الواحدة من هذه العملة لتتخطى حاجز ال1000 دولار أمريكي. وعلى إثر هذه القفزة في سعر «بيتكوين»، أثير صخب وجدل إعلامي حول هذه العملة الجديدة، فأصبح هناك فريقان أحدهما يؤيد وجود مثل هذه العملة والآخر يرفض وبشدة التعامل بها أو حتى إعطائها الاعتراف الدولي كأداة مالية. وعلى الرغم من هذا النجاح يبقى وضع بيتكوين مضطربًا وليس مستقرًا على الإطلاق والسبب هو حداثة عهدها والغموض الذي يكتنف الكثير من خصائصها إلى الآن فقد تم مؤخرًا إلقاء القبض على شارلي شريم، الرئيس التنفيذي لشركة «بِت إنستانت» للصرافة المختصة بالعملة الافتراضية «بيتكوين».. الأمر الذي أدّى بعودة الشكوك حول العملات الافتراضية والجدوى الحقيقية من استخدامها. تعد ال»بيتكوين» أول عملة افتراضية يتم طرحها في العالم، وقد ابتكرها شخص غير معروف يتمتع بعبقرية فذة في استخدام الكمبيوتر، أطلق على نفسه اسم «ساتوشي ناكاموتو»، ليفتح أعين العالم على وسيلة رقمية غير مادية للتعاملات النقدية. وبخلاف النقود التقليدية التي تصدرها حكومات الدول، يتم إصدار العملات الافتراضية بواسطة جهات خاصة. وتجدر الإشارة إلى أن العملات الافتراضية لا يجري صكها في مصانع العملات، كما أن قيمتها لا تتأثر مباشرة بقرارات وقوانين البنوك المركزية. وبدلًا من ذلك، يتولى إصدار العملات الافتراضية أفراد يستخدمون أنظمة كمبيوتر فائقة التعقيد، ويحكم معدل إنتاجهم من هذه العملات حسابات رياضية معقدة. وتعتمد قيمة هذه العملات الافتراضية على القيمة، التي يحددها المشاركون في السوق. وبالنظر إلى أن الكثيرين قد لا يعرفون عن العملات الافتراضية سوى اسمها، فقد أصبح استخدام هذه العملات من أجل الاستثمار والمضاربة يعد مخاطرة استثمارية، قد تربح الملايين من خلالها وقد تخسرها خلال لحظات، بسبب استمرار الغموض واللغط حول هذه العملة، إلا أن أعداد هؤلاء المستخدمين تزداد يومًا بعد يوم الأمر الذي أثار اهتمام الخبراء حول ظاهرة العملات الافتراضية وجعلهم يطرحون أسئلة من قبيل: ما الدور الذي ستلعبه هذه العملات في النظام المالي؟ وهل يمكن اعتبارها من فئات الأصول الموثوقة؟ أم أنها مجرد فقاعة لا تلبث أن تزول. ليس بالمقدور اليوم الحديث عن العملات الافتراضية وتحليل أدائها بشكل علمي، وجلّ ما يمكننا فعله هو صياغة التخمينات حول هذه العملة الجديدة كي نتعرف أكثر على مزاياها ومساوئها وماهية الدور الذي يمكن أن تلعبه في عالم المال والأعمال.. قد تبدو العملة الافتراضية للوهلة الأولى أنها ستكون أداة للتبادل مثل العملات الأخرى، إلاّ أن الاختلاف الوحيد في هذه الحالة هو عدم وجود اعتراف دولي بالعملة الافتراضية، بينما تقر البنوك المركزية في كل العالم العملات الأخرى المتداولة، ممّا يمنحها ثباتًا أكثر وخضوعًا لعوامل ومتغيرات يعرفها الخبراء على عكس العملات الافتراضية. وبسبب هذا الغموض وقع العديد من الذين يستثمرون في الذهب في سوء فهم، حيث اعتقدوا أن الذهب والبيتكوين أو أي عملة افتراضية أخرى هما سواء في صفاتهما التبادلية، أو أن العملات الافتراضية هي كالسجائر التي استخدمها سجناء الحرب في الحرب العالمية الثانية كأداة لتبادل السلع ولتخزين القيمة المادية، أي أن السجائر احتلت وظيفة العملة الرسمية في تلك الظروف الاستثنائية، فلم لا تقوم العملات الافتراضية بهذا الدور؟ قد يحصل هذا الأمر لكنه لا يستطيع أحد اليوم بتأكيد أي صفة أو سلوك للبيتكوين. صحيفة المدينة