قمر هيلينا .. شوارع المدن المنسية يبللها المطر المشتاق القناديل المتدلية لم يشعلها أحد هذا المساء الأدراج الحجرية تقفز عليها حبات المطر الطرية تتجمع ساقية ثم تنساب باسترخاء شلالات صغيرة تتدحرج عصافير مبللة تكرج قمر بعيد يسكب فضة الكبرياء يظللني في عتمة ليلي على ضفة الطريق ضوء منسي أتنفس الصمت الثقيل المخيف تمر بي أيائل وخيول أتنهد من صدر أزرق ضباب العشق المخضل بالعسل أغرق في مشهد دمعتيك ثم أسير إليكِ هيلينا تقف على الضفة البعيدة تحمل مظلتها الموشاة بانتظار يدغدغها المطر الخفيف تدندن لحنها الجميل وتعيده تتساءل هل تحلم هل يوجد في هذا العالم كل هذا الدفء الغريب تشعر بقشعريرة برد وألم تراودها تنهيده حبيبي يقترب تسرقني يا هيلينا منكِ رائحة المطر تركض أمامي تختبي في التراب في الأغصان المعلقة بخيوط فضة القمر في تشققات الجدار القديم في بقايا النسيم البارد في خشب الأبواب المغلقة في تلك الترانيم المعلقة في الدروب الحجرية التي تعبرني وتبتعد تسبقني هيلينا صوب الملح الغارق في عتمة ليل وصمت عاصفة تقفز وترقص على صوت الموج المتكسر يمتد بها الدرب الصخري عميقا في لجّة بحر تختصر الأنثى العاشقة كل المسافات وكل الطرق تبحر في حالة حب نازفة أنا أحتاج لحبيبي أنا أتخمّر حبّا أنا لست خائفة يا هيلينتي يا غاليتي يا لؤلؤة يا قصيدتي الموشاة بالدهب يا نبع فضة لا ينضب يا كل امرأة يا رائحة بخور اليمن مخضل بالحكمة يا سيفا دمشقيا مشغول ببياض الياسمين يا لحنا حزينا عراقيا لا يزال يبكي الحسين يا نيلا يتدفق عربيا منذ الآف السنين يا خمارا غطى وجه المليحة عنبري اللون يا أجمل النساء يا زنبقة في بلادي الجميلة موتا أموت في بلادي العتيقة تصير تابوت في بلادي الضائعة أحتضر الذئاب التي تعوي في الليل الطويل الشمس التي لا تشرق المطر الذي احتجب أشعل أصابعي لأكتب شيء في داخلي يتمزق الألم الرهيب الذي يتعتق هيلينا يا مرفأي البعيد أنا أغرق الموت الطالع في الليل أطفأ كل القناديل حجب كل النجوم أسكت كل الأصوات عبر كل الدروب اختبأ في كل الزوايا كسّر كل المرايا حطم زجاج النوافذ العالية انسكب مع حبات المطر سال وتغلغل خالط رائحة التراب مشى بين الأيائل روّض كل الخيول اتجه صوب البحر أخاف عليك يا هيلينا من حالة حب في أزمنة غدر وموت رهيب أخبيك في الصور الجميلة أغطيك بباقات الورود النضرة أعتّقك في زجاجات النبيذ أحيطك بالستائر المعلقة على أغصان دوالي العنب أشعل لك الشموع برائحة البخور أنثر من حولك يا خابيتي وغاليتي الوسائد أقطف لك العناقيد أقرأ لك القصائد أسكب لك الشراب أشعل الحطب في الموقد العتيق وأكتب عن بلادي عن طفل جريح لا يبكي عن ريح عنيدة عن أمّ تندب عن برد يحرق عن مدن ترحل عن ينابيع تضيع عن أشجار لا تثمر عن الزيتون والتين عن أنهار طوت ضفتيها عن دروب تائهة عن مطر أحمر عن ليل ثقيل عن غروب أصفر عن فجر داكن عن الغناء العويل عن القمر الأخضر أحيانا كثيرة يا هيلينا البعيدة تقترب أنتظره طويلا لأرى وجهك الجميل ولا يُشرق أتعب أحيانا كثيرة يغرق في عتمة حالكة ويضيع أشتاق لفضتك الدافئة تنسكب كدموع الربيع من قمر يملأ قلبينا صار يحتجب كلماتي كنزك المخبأ في الصناديق وأنت الوردة البيضاء والقنديل والطريق أنا العاشق الحزين وأنت القمر الرقيق 22/2/2014 .. دنيا الوطن