يعقد وزراء الخارجية الأوروبيون غدًا الخميس اجتماعًا استثنائيًا يجمع وزيري خارجية أمريكا جون كيري، وروسيا سيرجي لافروف وذلك لمناقشة تطورات الوضع في شرق أوكرانيا التي تشهد حشودًا عسكرية روسية على حدودها مع روسيا. ويتزامن الاجتماع مع إعلان الرئيس الأوكراني المؤقت إجراء استفتاء حول مصير مدن الشرق الأوكراني الذي يشهد احتجاجات تطالب بالاستقلال عن أوكرانيا. أعلن الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسندر تورتشينوف بدء العملية العسكرية التي طال انتظارها «لمكافحة الإرهاب» ضد الانفصاليين الموالين لروسيا شرقي البلاد. وما زالت طبيعة نشر القوات غير واضحة. وقال تورتشينوف إنه سيتم نشر القوات شمال منطقة دونيتسك بالقرب من الحدود مع روسيا، وأوضح في حديثه أمام البرلمان الأوكراني أمس الثلاثاء أن «الهدف (من العملية العسكرية) هو حماية المواطنين من الإرهابيين الذين يحاولون تمزيق الدولة». وفي لوكسمبورج أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أنديرس فوغ راسموسن تمسك الحلف ب «الانتشار المناسب» في دول الحلف الواقعة شرق أوروبا، وذلك على ضوء الأزمة الأوكرانية. وقال راسموسن أمس الثلاثاء على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي: «إننا ندرس حاليًا خطوات لاحقة لتعزيز دفاعنا المشترك، ومن بين ذلك ما أسميه الانتشار المناسب»، مضيفًا أنه «من المبكر قليلا الخوض في التفاصيل». وفي كييف اعتدى حشد غاضب بالضرب على مرشح للرئاسة في أوكرانيا معروف بمواقفه المتشددة المؤيدة لروسيا في وقت مبكر أمس الثلاثاء اعتراضًا على تصريحات أدلى بها في مقابلة تلفزيونية. وتعرض أوليه تساريف الذي أَيَد عضوية أوكرانيا في الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو بدلا من التكامل الأوروبي للهجوم بعد مقابلة مع قناة أي.سي.تي.في التلفزيونية الأوكرانية إذ قال منتقدوه: إنه بدا وكأنه يدعم تدخل القوات الروسية في مناطق شرق أوكرانيا. من جهته رحب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس الثلاثاء بإشارات إلى أن الحكومة في كييف مستعدة للحوار مع الانفصاليين في شرق أوكرانيا واصفًا ذلك بأنه «خطوة على الطريق الصحيح». وأضاف خلال زيارة إلى بكين أن ترحيب كييف على ما يبدو «بحل كل المشكلات المرتبطة بالمطالب المشروعة للسكان في المناطق الواقعة بجنوب وشرق أوكرانيا عبر التفاوض هو بالتأكيد خطوة على الطريق الصحيح وإن كانت متأخرة»، محذرًا من فشل قمة جنيف حال استخدمت الحكومة الأوكرانية القوة ضد العناصر الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، مشيرًا إلى أن فرص إجراء مفاوضات بين روسياوأوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ستقل بشدة في هذه الحالة، مؤكدًا اهتمام بلاده بعقد القمة، واصفًا اتهامات الحكومة الأوكرانية الموالية للغرب بأن روسيا تؤجج الاضطرابات في شرق أوكرانيا عبر عناصر استفزازية ب»الهراء». من جانبه دعا رئيس إستونيا توماس إيلفيس إلى زيادة تواجد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالقرب من الحدود الروسية. وقال: «إنه يجب فرض عقوبات دقيقة وفعالة وزيادة تواجد الناتو بالقرب من حدوده الشرقية «مؤكدًا أن الغرب يحتاج إلى أعمال إلى جانب الأقوال، ورأى أن أعمال روسيا بصدد التطورات الأخيرة في أوكرانيا تعقّد مسألة تعاونها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وأيّد استخدام القوة من قبل السلطات الأوكرانية، وقال: «إن لدى السلطات الأوكرانية الحق الكامل في استخدام القوة ضد الغزاة المسلحين للمباني الإدارية ومراكز الشرطة، وذلك للدفاع عن أمن أوكرانيا والنظام الدستوري». إلى ذلك أصدر مكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة تقريرا يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة لضمان سيادة حكم القانون في أوكرانيا وعدم تصعيد الأزمة فيها، وطالب التقرير أوكرانيا بوضع آلية لمشاركة الأقليات في اتخاذ القرار على جميع مستويات الحكومة، نافيًا وجود هجمات منظمة أو منتشرة على الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا. وفي نفس السياق قال وزيرالخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس الثلاثاء: إن روسيا ينبغي أن تنأى بنفسها عن انفصاليين موالين لموسكو احتلوا مباني حكومية في شرق أوكرانيا. وطالبت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين روسيا بأن ترسل «إشارة واضحة على التهدئة» في الأزمة الأوكرانية. وقالت قبيل اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء في لوكسمبورج: «إننا هنا اليوم للعمل على حل سياسي لتلك الأزمة الصعبة في أوكرانيا، وننتظر من روسيا أن تبذل كل الجهود لتنأى بنفسها عن اضطرابات لاحقة في أوكرانيا». وناشدت الوزيرة التعقل في ضوء المحادثات المقرر إجراؤها في جنيف غدًا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاستخدام نفوذ واشنطن في كييف «لمنع استخدام القوة وسفك الدماء» في أوكرانيا في البلاد. وأكد بوتين الاثنين في اتصال هاتفي مع أوباما أن الاحتجاجات في عدد من مناطق أوكرانيا ناتجة عن عدم رغبة القيادة في كييف الأخذ في الاعتبار مصالح السكان الناطقين بالروسية. ومن جانبه أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره الروسي بوتين قلقه البالغ مما تقوم به روسيا في أوكرانيا، مطالبًاً إياه بالضغط على المجموعات المسلحة الموالية لموسكو في أوكرانيا من أجل إلقاء سلاحها. وقال البيت الأبيض في بيان: إنه خلال الاتصال الهاتفي الذي تم بمبادرة من موسكو، عبر أوباما عن قلقه البالغ من الدعم الذي تقدمه الحكومة الروسية لما يقوم به انفصاليون مسلحون، موالون لروسيا، يهددون بتقويض وزعزعة استقرار الحكومة في أوكرانيا. وأشار البيان إلى الرئيس الأمريكي ذكّر نظيره الروسي بأهمية أن تسحب روسيا قواتها من الحدود مع أوكرانيا بغية تخفيف حدة التوتر، مبينًا أنه وعلى الرغم من اللهجة الخطابية التي تستخدمها السلطات الروسية فإن الحكومة الأوكرانية برهنت عن ضبط لافت للنفس. صحيفة المدينة