الجمعة 02 مايو 2014 12:45 صباحاً عدن((عدن الغد))خاص: حتى سنوات مضت كان الناس في مناطق بلادنا - وخاصة في يافع- يحتفون بمقدم وحلول أول خميس من شهر رجب كل عام وكانوا يغتسلون ويلبسون الجديد من الثياب ويذبحون الذبائح في مقدمه ويطلقون على هذه المناسبة (كرامة رجب)أو (مَدْخل رجب) وكانوا يعتبرونها بمثابة مناسبة يتبركون بحلولها وينعمون على أسرهم بالمأكل والمشرب.. وكان من بركات ذلك اليوم أن الاغتسال فيه، حسب اعتقادهم، سيبعد عنهم أمراضاً خطيرة مثل الحصبة والمجعرة والجرب التي قد تصيب من لم يغتسل فيه. ولذلك كان الناس يحرص على أن يغسلون أجسادهم في المواجل أو الغيول والسدود أو السقايات أو في هجر المساجد، بل ويتسابقون حتى لا يصاب أحدهم بأي من تلك الأمراض الوبائية. وكانوا يرددون عند الاغتسال(يا خميس أول رجب نجني من الحصبة والمجعرة والجرب)، والمجعرة هي الجديعا. وكانت النساء يحرصن صبيحة ذلك اليوم على غسل أولادهن الصغار، وتلقن كل أم ولدها أن يردد بصوت مسموع أثناء صب الماء على جسده (وا كرامة أول رجب خرجني من الحصبة والمجعرة والجرب). ومن الأهازيج التي كانت المرأة ترددها وهي تغسل طفلها في هذه المناسبة قولها(وا صلاة النور.. واحمد المذكور.. والملائكة حضور.. تحت كل اظفور). ورغم أن رجب بشكل عام مرتبط بدخول اليمنيين الإسلام أفواجاً عند قدوم الصحابي الجليل معاذ بن جبل الأنصاري في العام السادس للهجرة ليعلّم أهل اليمن القرآن الكريم وأحكام الشريعة الإسلامية، فكان مسجده بالجند أول مراكز دعوته لليمنيين إلى الإسلام، وفي هذا الجامع كانت أول صلاة تقام فيه هي صلاة الجمعة في أول أسبوع من شهر رجب حين أتم معاذ بن جبل بناء المسجد ولذا صارت الجمعة الأولى من كل شهر رجب مناسبة خاصة بالنسبة لليمنيين.. أما الاحتفاء بخميس أول رجب في يافع ومناطق مجاورة لها فأنه يعود إلى ما قبل الإسلام، وله جذوره الموغلة في القدم، وهو ذو صلة بذكرى خلاص نبي الله أيوب من مرضه الذي ابتلاه الله به وسلَّطه على جسده كاملا، خلا لسانَه وقلبه وعقله؛ طوال سبع سنوات ونيف ظل خلالها مقبلاً على ربِّه يستغيثه ويتضرّع إليه، فرحمه ربّه ورفع عنه البلاء، في أول خميس من رجب، وقال له: " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَاْبٌ " فاغتسل به فعاد كهيئته قبل البلاء في الحسن والجمال( ). وظهرت بذلك كرامته لقومه الذين نبذوه في كُناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلا زوجته. ولعل للاغتسال بهذا اليوم محاكاة واقتداء باغتسال نبي الله أيوب وشفائه من مرضه، وتحوطاً من الإصابة بالأمراض الخطيرة(الحصبة والمجعرة والجرب) كما كانوا يعتقدون. بقلم : علي صالح الخلاقي عدن الغد