جيري هيل، فاتنة في السحر والجمال، واسم يملك من الشهرة في عالم الموضة ما يجعلها رمزاً لكل إطلالة جريئة، عارضة الأزياء التي لمع نجمها في حقبة السبعينيات، ظهرت على غلاف أكثر من 40 مجلة حينها أهمها «فوغ ايطاليا» و«كوزمو بوليتن»، وما زالت حتى الآن نقطة جذب لكثير من الماركات العالمية لتكون وجهها الإعلاني بالرغم من تخطيها سن 57 عاماً. ولعل أبرز ما يميز هذه السيدة هو تلك الملامح الآسرة التي تحملها، كالشعر الأشقر الكثيف، والابتسامة العارمة المفعمة بالحياة، والقامة المشوقة (183 سم) التي تلفت النظر إليها. أما عن علاقتها بالجمهور، فقد اتسعت بشكل كبير بعد ارتباطها بمغني الروك الشهير في فرقة «رولينع ستونس»، الإنجليزي ميك جاغر، حيث دام زواجهما لأكثر من 9 سنوات، أنجبت خلالها 4 أطفال، اثنين منهم، عارضتا أزياء لحقا والدتهما في عالم الشهرة والموضة اليوم. أخيراً ظهرت في عرض الهوت كوتور للبناني جورج شقرا، حيث سرقت أنظار العارضات الناشئات باختيارها لثوب أسود دنتال من توقيع المصمم اللبناني، فبدت كالأميرات تتبختر أمام الحاضرات كمن يذكر بعهد جميل مضى. في سن السادسة عشرة غادرت موطنك الأصلي تكساس، وتوجهت للإقامة في باريس. كيف حدث ذلك؟ نشأت في «مسكيت»، مدينة صغيرة في ضواحي دالاس. وفي سن 16، تعرضت لحادث سيارة، حصلت بسببه على مبلغ من المال من قبل شركة التأمين، مما مكنني من السفر إلى فرنسا، لتحقيق حلمي الكبير بأن أصبح عارضة أزياء. وقد لعبت الصدفة دوراً كبيراً في تحقيق تلك الأمنية، حيث التقيت بأحد وكلاء الإعلانات والموضة على شاطئ تروباز، وهو أول من قدم لي الفرصة لأن أخطو أولى خطواتي في ذلك العالم البراق. ومن ثم تتابعت بعدها الأحداث بشكل مبهر، وأذكر أن عشاءي الأول في باريس كان إلى جانب كل من الكاتب المسرحي جان بول سارتر والكاتبة والمفكرة سيمون دي بونوار، اللذين استمتعا حينها بحكاياتي عن مدينتي الصغيرة. لقد بدأت حينها باكتشاف عالم جديد، وأدركت تماماً أن حياتي تسير بشكل ممتاز. ممن اكتسبت ذاك الذوق المميز في اختيار الأزياء وتتبع الموضة؟ لقد كانت والدتي تملك حساً عالياً في الذوق والأناقة. صحيح أننا لم نكن في حالة مادية مرتاحة، ولكنها كانت تتدبر إدارة المنزل والمصروف بما يتيح لكل أفراد العائلة لأن يكون على مستوى جيد في اقتناء الأزياء. لقد كنت معجبة جداً بإطلالتها، فقد كانت تعشق الأناقة والجمال. وكانت مرتبطة إلى حد مبالغ فيه بالأفلام الهوليودية القديمة، إحساس نقلته لي ولإخوتي الأربعة، فكنا نراقب ما ترتديه الممثلة القديرة مارلين ديترتش وفيرونيكاليك. وما هي نظرتك الخاصة للموضة؟ إنها ميل داخلي ورغبة بالظهور بهالة من الجمال والجاذبية، دون أن ترتبط بقواعد ثابتة لا يمكن الحيد عنها. كما ويمكن تعريفها من منظور آخر، بأنها فن من الفنون الذي يعكس أجواء العصر والمجتمع. أما عن الأسماء التي سريعاً ما تتبادر إلى ذهني عند ذكر كلمة موضة، فإنها أسماء لمصممين برعوا في مجالهم، جورج شقرا أحدهم، فهو يقدم دوماً تصميمات متمايزة، وخاماته التي ينسج منها أزياءه، هي خامات استثنائية. ما هي القطع التي تحتفظين بها، ولا تفرطي بها أبداً؟ هناك الكثير، فأنا أتميز بهواية جمع الأزياء التي أراها ذات قيمة جمالية كبيرة. فقد حالفني الحظ بأن عملت في شبابي مع «إيف سان لوران» و «ثيري موغلر»... والكثير من المصممين الرائعين الآخرين الذين كانوا يهدونني في بعض المرات قطعاً رائعة. ولكن ما يحزنني اليوم، هو أن أغلب القطع التي أحتفظ بها باتت صغيرة القياس بالنسبة لي، وهذا ما يسعد بناتي، بحيث يجدن فرصةً في ذلك لعرض رغبتهن بانتقال تلك القطع إلى خزائنهن!. كيف تعرفين أسلوبك الخاص في عرض الأزياء؟ أحاول أن أكون فاتنة، من خلال الظهور بمظهر يغلب عليه الأناقة والإغواء والغموض، إطلالة تروي حكاية ما بداخلها. وأجمل أساليب الأزياء بنظري، تلك التي ظهرت بها نجمات هوليود في سنوات 1930 وال 1940. لقد اكتسبت تربيتي الأولى في مجال الأناقة من خلال مشاهدة أفلام «ماي واست» رمز الإغواء في سنوات 1930. وهناك قاعدة أؤمن بها، هي أن الإطلالة الناجحة، هي تلك فقط التي تجعل الناس ينظرون إلى ما ترتدين ويقولون «واو». هل تحرصين دوماً على المحافظة على إطلالة كاملة تواكب الموضة المتغيرة باستمرار؟ ليس في حياتي اليومية. فأغلب أوقاتي أظهر كأم عادية تعتني بأبنائها، مرتدية جينز وسترة. فأنا أعيش مع أولادي في منطقة بعيدة عن لندن، حيث أمارس هوايتي في الزراعة وتربية الدواجن، وأيضاً في طهي الأطباق اللذيذة، وهي أحب هواياتي. مما يفرض عليّ نوعاً معيناً من الثياب الذي يخدم حرية حركتي، لا ظهوري كأيقونة في الموضة. ما هي الذكريات التي ما زلت تحتفظين بها عن أعوام 1980؟ لقد كانت سنوات رائعة، حيث كنا نمضي أغلب ليالينا في نوادي باريس مثل «بالاس» أو «استديو 54» في نيويورك. وكنا نلتقي في ليلة واحدة بعدة وجوه معروفة حينها مثل إليزابيت تايلور وترومن كابوتي وأيف سان لوران... لقد كانت أجواء مفعمة بالفرح والتسلية والأناقة. وكنا نقضي الساعات لكي نظهر بإطلالة ساحرة ولائقة. وكان كل شيء يشجع على الابتكار والإبداع. غير أنني في الوقت ذاته، لم أدع ذلك المحيط يجذبني لأماكن خطرة، فقد كنت أمتلك مبادئ راسخة كوني فتاة قادمة من الريف، فلم أتعاط المخدرات ولم أقترب من الكحول. وإنما كنت أقضي أغلب وقتي إلى جانب فنانين أمثال سالفادور دالي وأندي وارهول. لقد كنت من أوائل عارضات الأزياء اللواتي رسخن ملامح هذه المهنة الجديدة. هل ترين أن تغييراً كبيراً قد طرأ على تلك المهنة اليوم؟ عندما بدأت مشواري في عرض الأزياء، لم يكن هناك وكالات تهتم بتحسين صورتنا، ولا إنترنت أو تويتر. لقد كانت الأمور عفوية أكثر، وبعيدة عن حسابات الأعمال والربح. وفي ذلك العصر، لم تكن أهم العارضات هن اللواتي يملكن قياسات جسدية مدهشة، وإنما كن فتيات يملكن شخصية قوية وحضورا مؤثرا، وباستطاعتهن ترك انطباع إيجابي عند الجمهور العاشق للأزياء والموضة. أنت اليوم الوجه الإعلاني لعدة ماركات. كيف تفسرين استمراريتك في هذا المجال حتى الآن؟ أتمتع بحظ كبير كوني ما زلت أمتلك كثيراً من مقومات المهنة. فأنا أحافظ على صحتي ومظهري من خلال أسلوب حياة جيد، كشرب الماء باستمرار والمحافظة على 8 ساعات نوم يومياً والتمارين الرياضية. كما أن هناك مزايا جمالية اكتسبتها بالوراثة من أمي، كالشعر الكثيف والسيقان الطويلة والبشرة الجميلة. هل تخشين من تقدم العمر؟ كنت أخاف شيئاً واحداً فقط، وهو ألا يقدر لي وأن أكون أماً في يوم من الأيام. أما وقد حدث ذلك، فأنا لا أخشى شيئاً. حتى تلك التجاعيد التي أراها تزداد يوماً بعد يوم، فإنها لا تزعجني أبداً، كما أنني لم ألجأ يوماً لأي عملية تجميل أو حقن لمواد صناعية. فأنا متصالحة مع الزمن حتى لو أخذ مني بعض الأشياء كقوة النظر، وألحق بي يعض الأمور كتلك التجاعيد والترهلات. البيان الاماراتية