لو كان صادق الأحمر بعقله لكان فكر وفكر مرات عديدة قبل أن يتفوه بتلك الكلمات السخيفة مقرونة بقسم أن علي عبدالله صالح لن يحكم في حياته، متناسياً فضله عليه خصوصاً وفضله على ما وصل إليه آل الأحمر من المال والجاه والنفوذ بشكل عام، ربما لأسباب تعود إلى غروره وقد تعود إلى جهله بالدستور والقانون، الذي يجعل الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة والسيادة وهو صاحب الحق الدستوري والحق القانوني الأصيل والوحيد في منح الثقة وحجبها. نعم.. لقد أكد صادق الأحمر فيما صدر عنه من قسم بأن علي عبدالله صالح لن يحكم بعد اليوم ما دام صادق حياً.. إنه جاهل بقدسية الدستور كجهله بسيادة القانون، فراح يصدق من حوله من السياسيين الذين يحرقون له بخور النفاق انه الشعب اليمني، وأن الشعب اليمني هو لاقتناعهم بأنه جاهل يدِّعي الكمال على طريقة العاشق الكذاب يفرح بالتهم. لقد فاته أن يتذكر بأن الرئيس علي عبدالله صالح الذي يحكمه اليوم ويحكم جميع أفراد أسرته وعشيرته وقبيلته ويحكم الشعب اليمني بشكل عام، هو نفسه فخامة الأخ الرئيس الذي حكم أباه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، الذي كان أفضل من صادق الأحمر مئات وربما آلاف المرات، باعتبارهم جزءاً من هذا الشعب العظيم الذي منحه الثقة الكاملة في انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم بأسره.. والأكثر مدعاة للسخرية والشعور بالتقزز والاشمئزاز أن صادق الأحمر قد كرر اليوم المقولة الذميمة والقبيحة التي صدرت عن الملك الفرنسي لويس السادس عشر القائل (الدولة أنا)، رغم الفارق الكبير بين الملك الفرنسي وبين الشيخ الحاشدي، لأن المعنى المفهوم من جلافة هذا الخطاب يقول ضمناً (الشعب أنا).. فمن هو صادق الأحمر حتى يعطي نفسه ذلك التعريف الجاهل والجائر والغبي؟!!.. إذا قيل بأنه الغرور فليس في القول مبالغة!!.. وإذا قيل بأنه الجنون فليس في القول مكايدة!!.. وإذا قيل بأنه الجهل فليس في القول مزايدة!!.. إنه مزيج من ذلك وذاك، لا بد أن يذكر بأنه قبل ذلك وبعد ذلك مواطن يمني، وحسب منطوق الدستور اليمني "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات"، لا فضل للسياسيين، على غير السياسيين ولا فضل للمشايخ على غيرهم من المواطنين، ولا فرق بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب وبين أبناء الشرق وأبناء الغرب، وبين أتباع المذهب الزيدي وأتباع المذهب الشافعي، وبين الحزبيين وبين المستقلين، وبين أبناء حاشد وأبناء بكيل وبين أبناء مذحج وبين غيرهم من القبائل والعشائر اليمنيين التي يتكون منها الشعب اليمني، قد يقول إنه ابن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ونقول بالأحرى: وما الذي يمثله في المعادلة الانتخابية؟!!.. ألم يكن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله مواطناً من أبناء الشعب اليمني المتساوين في الحقوق والواجبات؟!!.. ألم يكن صوت الشيخ صادق الأحمر يساوي صوت قبيلي من أبناء حاشد؟!!.. بل ألم يكن صوته يساوي في الميزان الانتخابي صوت واحد من المهمشين؟!!.. لماذا هذا الغرور وهذا الاستكبار على الناس بهذه الصورة الطبقية المستبدة المستغلة الرافضة للديمقراطية وللمواطنة المتساوية.. وهو يعرف أن الآخرين يعرفون مصدر الغنى الذي هم فيه أولاد عبدالله الأحمر، ويعرفون أيضاً من أين تدفقت عليهم هذه الأموال المدنسة التي يصرفونها في شراء الأنصار والأتباع الذين يقدمون لهم قرابين الولاءات ويحرقون لهم بخور النفاق والمجاملات، رغم معرفتهم بأنهم كانوا ولا زالوا عقبة أمام التطلعات الشعبية إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهادفة إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة المحكومة بقدسية الدستور وسيادة القانون؟؟؟!!. نعم لقد أكدت التجربة اليمنية أن هذه الأسرة غير الديمقراطية هي التي وقفت عائقاً أمام المصلحين من أبناء هذا الشعب الصامد والصابر في وجه التحديات، ولا يكتفون بأقل من التآمر على كل الزعماء الوطنيين والإطاحة بهم قبل أن يتمكنوا من تطبيق ما لديهم من المشاريع الحضارية، لأنهم لا يرون الحاضر والمستقبل إلا من خلال ما لديهم من العقد والمصالح الأنانية الرافضة للإصلاح وللحداثة وللمدنية بكافة أنواعها وأشكالها الحضارية، الهادفة إلى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة على قاعدة المواطنة اليمنية المتساوية، ومهما تظاهروا بالحرص على نصرة المظلومين وإنصاف البؤساء والفقراء، فإن الواقع المأساوي الذي يعيشه أبناء قبيلة حاشد الجمهورية البطلة يدل أن هؤلاء العيال أكبر عائق يحول دون حق أبنائها في التعليم والصحة والمدنية والتوظيف في سلك الدولة، حتى المدارس التي وجدت في عهد فخامة الأخ رئيس الجمهورية بأعدادها الثلاثمائة ونيف لا زالت في بعض القرى والعزل مغلقة ومهجورة ولا يستفاد منها إلا بالحدود الدنيا، التي تسمح بها المصالح الأنانية لتخريج عساكر وأتباع لأولاد الشيخ عبدالله الأحمر الذين يحتكرون تمثيل المحافظة في كل عملية انتخابية برلمانية، ولا يسمحون أن يكون لأبناء حاشد الحق في أي منافسة انتخابية لهم، تنقلهم إلى مصاف الطبقة "الارستقراطية" المغلقة عليهم دون غيرهم، ناهيك عن حرمانهم من جميع ما يحصلون عليه باسمهم من أشكال الدعم المادي الداخلي والخارجي المهول. نخلص من ذلك إلى دعوة صادق الأحمر لمراجعة مواقفه والابتعاد عن هذا النوع من "البابوية" المتسلطة في عصر يقال عنه عصر الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة.