تسعى جماعة الحوثي إلى التوغل داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، عبر الاستفادة من تعيين ضباط موالين لها في مراكز قرار بطريقة غير علنية لتنفيذ أجندة الحوثي الضيقة. ويقول خبراء إن الحوثيين يريدون الإمساك بتلابيب المؤسستين الأمنية والعسكرية لإبعاد خطر المواجهة ضدهم، ودفع المؤسستين الى خوض حرب استنزاف ضد تنظيم القاعدة في اليمن يكون المستفيد الوحيد منها جماعة الحوثي. * حوثنة الداخلية وبدأ سريان قرارات غير معلنة في وزارة الداخلية ، تضمنت تعيين مسؤول أمني مقرب من جماعة الحوثي قائداً لقوات الأمن الخاصة، فضلاً عن تعيين رئيس لأركان حرب القوة، التي تعد أكبر قوة لوزارة الداخلية. وأوردت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، خبراً يتحدث عن تكريم عدداً من ضباط القوة، نقلت فيها تصريحاً للواء عبد الرزاق المروني، مسبوقاً بوصفه، قائد قوات الأمن الخاصة، بالإضافة إلى العميد علي يحيى قرقر، رئيساً لأركان حرب القوة، ولم يكن قرار تعيينهما في المنصبين الجديدين مُعلناً من قبل. ويعزز هذا التطور صدقية أنباء تحدثت عن تعيينات غير معلنة في بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية اليمنية، خلال الفترة الماضية، لصالح الحوثيين الذين تنتشر نقاط مسلحيهم في شوارع العاصمة، وأمام المباني الحكومية، منذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي. وبات شبه مؤكد أن عدم إعلان قرارات التعيين في الوسائل الرسمية، يأتي لتحاشي الانتقادات والضغوط التي تعارض تغلغل الحوثيين في مؤسسات الدولة، وخصوصاً مؤسّستَي الأمن والجيش. وذكرت صحيفة «اليمن اليوم» التابعة لصالح إن عملية دمج عناصر اللجان الشعبية التابعين لجماعة الحوثي ضمن الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء ستبدأ خلال الأيام القليلة القادمة. وأضافت إن «العميد عبد الرزاق المؤيد مدير أمن أمانة العاصمة أكد أنه سيتم خلال الأيام القادمة توزيع المشرفين على اللجان الشعبية في إطار المناطق الأمنية ومراكز الشرطة للعمل الأمني الجماعي المشترك وسيتم إرسالهم إلى المناطق الأمنية بمذكرات رسمية وهم يرتدون زي رجال الأمن لتوزيعهم بناء على كشوفات تم إعدادها». وأوضح مدير الأمن – حسب الصحيفة- أنه تم الانتهاء من تدريب المجموعة الأولى من اللجان الشعبية / مشرفون وأفراد / وهى التي سيتم توزيعها على المناطق ومراكز الشرطة. وأكدت مصادر أمنية البدء فعليا بتوزيع مليشيات جماعة الحوثي على أقسام الشرطة والمناطق الأمنية بناء على توجيهات من مدير أمن أمانة العاصمة صنعاء. وقال منتسبون لقوات شرطة العاصمة إنه «وبموجب توجيهات مدير الشرطة، وزع مشرفو اللجان الشعبية التابعة الحوثيين على المناطق الأمنية بعد أن ألزموا بارتداء الزي الرسمي للشرطة في حين وزع أفراد تلك اللجان على أقسام الشرطة، كما عين ضابطا منتمين لجماعة الحوثي نواب لعدد من الإدارات الأمنية في صنعاء»، وفقا لصحيفة «البيان» الإماراتية. يأتي ذلك بعد أيام من تأكيد رئيس الحكومة خالد بحاح بأنه لن يسمح بجعل الجيش والأمن وعاء الميليشيات بل مؤسسات وطنية. وخلال الأيام القليلة الماضية فرضت تعيينات لعدد من القيادات المحسوبة عليها في المؤسسات الأمنية. وشملت تلك التعيينات عدد من المحسوبين على الحوثيين منهم عبدالرزاق المروني الذي عُين أركان حرب الأمن المركزي، وإبراهيم الخاشب – أركان قوات النجدة-، ومحمد عبدالجليل الشامي، مديراً لأمن إب، وعبدالقادر الشامي – وكيلاً لجهاز الأمن السياسي-، وعبدالحميد المؤيد – نائباً لمدير أمن الحديدة-، عبدالصمد محمد علي المتوكل – نائبا لمدير البحث الجنائي بالعاصمة صنعاء-، العقيد عبدالقدوس لطف يوسف المتوكل – مساعداً لمدير أمن العاصمة صنعاء. ويردد الحوثيون أن تلك التعيينات هي حق لهم عملا بمبدأ الشراكة، لا يحددون ما هو حجم الشراكة الذي يريدونه ولا الذي يمكن القول عند تحقيقه إن مفهومهم لدولة الشراكة قد تحقق، كما لا يربطون بين تلك التعيينات وبين استمرار انتشار مسلحيهم، وذلك رغم تعيين ضباط محسوبين عليهم في قيادة وزارة الداخلية. وقال القيادي الحوثي محمد ناصر البخيتي إن: «التعيينات في (مؤسسات) الدولة ووجود اللجان الشعبية (المليشيا) يجب أن يستمرا معا وجنبا إلى جنب حتى تحقيق دولة الشراكة والعدالة القادرة على القضاء على الفساد والإرهاب». * الحوثي يحكم ويرى مراقبون أن الحوثيين يلعبون دور رجال الأمن والعسكريين في تمرد واضح على هيبة الدولة اليمنيةلإبراز قدراتهم العسكرية واللوجستية بدلا عن الأجهزة الرسمية. وقال الدكتور عبدالكريم الإرياني مستشار الرئيس عبدربه منصور هادي، الخميس، إن الدولة بهياكلها ووزاراتها ومؤسساتها لا تحكم البلاد، وإن جماعة الحوثي هي من تحكم. وتطرق الإرياني إلى الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، موضحا أن الحوثي يمتلك من السلاح والذخائر أكثر مما يمتلكه الجيش اليمني. ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدولة – في ظل كل سيطرة الحوثيين- بأنها جهاز بلا كرامة لا يمثل الشعب وإنما أداة بأيدي بنية عصبوية ميليشاوية مذهبية قاسية وطامحة، منوهاً بأن تلك المليشيات تحركها مصالح خارجية ايرانية وغير ايرانية وهذه القوة القسرية المنقذة ليست إلا المؤسسة الأمنية والعسكرية. وأوضح غلاب في حديث ل «الخبر» أن الانهيار الذي أصاب مفاصل الدولة وفقدانها لأي هيبة والإهانات المتلاحقة التي أصابتها في مذلة لم يحدث حتى لدى الدول التي غزاها عدو خارجي. وأضاف: إن «تحكم الميليشيات وغزوها المنظم للتحكم بالمجتمع و الدولة في اليمن وعنجهيتها في فتح جبهات صراع منهكة لأي امل في الخروج من المعضلات أو تنفيذ ماتم الاتفاق عليه كل ذلك يبدو لي انه فرض اجماع غير معلن بضرورة تدخل القوة القسرية لضبط هذه الميوعة السياسية التي افقدت الدستور والوثائق السياسية الموقع عليها». * رئيس بلا صلاحيات وفي وقت سابق ذكرت تقارير صحيفة أن الرئيس يعيش أوضاعا صعبة، بسبب بسط الحوثيين سيطرتهم على العاصمة صنعاء وإحلال أنفسهم بدلا من الأجهزة الحكومية الرسمية خاصة في الأمن والقضاء وزيادة تدخلهم في عمل الوزارات والمكاتب الحكومية، وفرض أنفسهم كرقيب على العمل اليومي. وقالت صحيفة «الشرق الأوسط» إن الحوثيين أصبحوا يسيطرون على أكثر من ثلثي قوات الجيش البرية والجوية والبحرية، وعلى أهم المنافذ العسكرية الهامة، مشيرة إلى أن «معظم المسؤولين العسكريين والسياسيين، باتوا شبه محاصرين في منازلهم، بمن فيهم الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي باتت مهامه شبه بروتوكولية، ليست ذات قيمة في الوقت الراهن». ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري قوله إن «الحوثيين فصلوا عددا كبيرا من الجنود في وزارتي الداخلية والدفاع وحلوا مكانهم عناصر تتبع لهم من ميليشياتهم التي تسيطر على العاصمة صنعاء». من جهتها ذكرت صحيفة «عكاظ» السعودية إن الرئيس هادي يتحرك في إطار منزله ودار الرئاسة، ولا يستطيع السفر إلى المحافظاتاليمنية الأخرى تخوفاً من حدوث انقلاب ضده، إضافة إلى فرض الحوثي إجراءات على الطائرة الرئاسية تمنعها من التحرك. وأوضح الصحيفة أن الحوثيين يتدخلون في قرارات الرئيس ويفرضون سلطة فوق سلطته، لافتة إلى أن رئيس هيئة الأركان العميد حسين خيران الذي عينه الرئيس لا يزال يمنع من ممارسة عمله، ويصر الحوثيون على تعيين قيادة أخرى من بين يحيى الشامي، قائد العنسي وعلي الذفيف. وقالت مصادر مطلعة إن جماعة الحوثي طلبت من مدير أمن صنعاء إسناد الجوانب الأمنية لأحد قيادات اللجان الشعبية التابعة للحوثي.