خرجت ثورة فبراير2011م وتحدث الثوار عن عدد من القضايا التي دفعتهم للخروج، حينها كان المناصرين لصالح يكذبون تلك الاتهامات، بحجة أن هذه أكاذيب يرددها الثوار، وعندما اعترف صالح ببعضها، آمن المناصرين بها، كان من تلك القضايا، لقبه (العفاشي) لكن أنصاره قالوا أن هذا القول إساءة لا تجوز كونها تتعلق بالأنساب، اتهامات كثيرة رددها مناصريه ومؤيدوه، وشتائم جارحة وجهت للثوار على ذلك، بعد فترة وجيزة اعترف صالح بحقيقة لقبه، فتحول اللقب إلى أمر لائق ومحمدةٌ يمدحه بها محبوه . وهكذا عرف الشعب بكامله لقب رئيسه، الذي ظل يخفيه عن اليمنيين أكثر من33عاماً، وبما أنه أصبح لقباً رائعاً فلماذا كان يخفيه ؟! . كذلك تحدث الثوار حينها عن ثروة صالح، قالوا بأنها تصل إلى50مليار دولار، وبنفس الطريقة رد المؤيدين بأن هذا كذب، وتم سرد تلك الاسطوانة من التبريرات، ومحاولة عكس الاتهامات على الثوار، وكان أبرز دلائلهم على هذه التهمة التي قالوا بأنها كاذبة، أن اليمن فقير فمن أين سيتم جمع مثل هذه الثروة ؟ العجيب أنه وفي أثناء الثورة، في أحد لقاءآت صالح لتلفزيونية، شاهدتها شخصياً، سأله أحد الصحفيين قائلاً: يُقال يا سيادة الرئيس بأن ثروتكم تبلغ60مليار، هل هذا صحيح ؟! فأجابه مبتسماً، وبنوع من الاستهتار قائلاً: لا هي أكثر من ذلك، ثم حول الموضوع إلى دعابة مضحكه. قلت حينها أعتقد بأن هذه الإجابة من أصدق ما قاله صالح في حواراته وخطاباته، ليس كل ما يقوله صالح هو كذب، كما يروج البعض، بل لديه عدد من التصاريح التي كانت صادقة للغاية ( جمعتها في موضوع مستقل، في الكتاب الذي أعمل عليه منذ ثلاث سنوات، عن اليمن وثورة فبراير2011م ومن أبرزها كذلك: حديثه عن الجيش اليمني بأنه للعروض وقمع المعارضين، وأن تجمع الإصلاح كان عبارة عن كرت، ومواضيع أخرى ). المنظمات الحقوقية والإنسانية، في الأممالمتحدة، في الأسبوع الفائت أكدت تلك الثروة، اليوم لم يُعد الحديث صادراً عن الثوار، ولا الإصلاح، ولا سهيل، ولا المعارضين، فمالذي يُمكن أن يقوله مؤيدو وأنصار صالح، الذين يدافعون عنه ويبحثون له عن مبررات، بما يفيد المدح، يقولون: كان يأكُل ويأكِل !!!!!! الحقيقة أنا أعلن عجزي عن الطريقة التي تفكر بها هذه الفئة، والفائدة التي ستجنيها من وراء ذلك التبرير لعملية النهب بتلك الصورة ؟! سألت مرة أحدهم بعد أن ردد هذه العبارة، هل تعرف من الآكِل، ومن المأكُول؟! بالطبع لم يتمكن من الإجابة، حاولت مساعدته، أليس الشعب هو المأكُول؟ وصالح هو الذي أكل؟! أمّا الذين تقول بأنه أكلهم فهم أعوانه في السرقة، قلت له برأيك هل هذه ميزة تدافع بها عن صالح ؟! ثم ما هي مهمة الرئيس ؟! أنه يأكُل ويأكِل ؟! أم هي القيام ببناء وطنه لراحة ورفاهية شعبه ؟! سيظل التاريخ ينشر حقائق هذا الرجل بطريقته، التاريخ لا يكذب، التاريخ لا يزور الحقائق، لكن هل سيؤكد هذا التاريخ بأن ماقاله ثوار فبراير2011م هو صحيح ؟! أم سيُعلن بأن ماقاله الثوار ليس سوى جزء يسير من تاريخ الرجل ؟!. لكن دعونا من هذا الآن، فليس هو ما أريد أن أتحدث عنه اليوم، تعالوا نناقش موضوع هذه الثروة. -قال الخبراء والمحققون في لجنة العقوبات في الأممالمتحدة، الذين عينتهم لمعرفة معرقلين العملية السياسية في اليمن، أنهم توصلوا إلى نتائج ومعلومات هامه، قدموها لمجلس الأمن في54صفحة، ما يتعلق بموضوع الثروة يقول ( إنه يشتبه في أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، جمع بوسائل تنم عن الفساد ما يصل إلى60مليار دولار، أثناء فترة حكمه) !!!. وقال التقرير (إنه تم جمع هذه الثروة من خلال وسائل مختلفة، منها ممارساته الفاسدة بصفته رئيساً لليمن، وبخاصة ما يتعلق بعقود الغاز والنفط، حيث أشارت تقارير إلى أنه طلب أموالاً مقابل منح شركات حقوقاً حصرية للتنقيب عن الغاز والنفط). وأشار التقرير (بأن جمع هذه الثروة كان يتم بمعدل2مليار دولار في العام الواحد، يُعتقد بأنها موزعة في20دولة). طبعاً هذا التقرير لم يتعرض لما نهبه أقارب صالح، وهم كثير، ولم يتعرض كذلك لما نهبه أعوان صالح، الذين حكموا معه من المقربين والمحترفين في هذا الشأن وهم أكثر، لو تم التطرق إلى كل هؤلاء سنكون أمام أرقام فلكية، من الأموال التي تم نهبها من قوت هذا الشعب، سنعرف سبب المعاناة التي يعانيها هذا الشعب منذ عقود. في إحدى جلسات مجلس النواب، في الفترة التي كان فيها باجمال رئيساً للوزراء، وبكل وضوح قال أمام المجلس (من لم يغتني في عهد علي عبدالله صالح متى سيغتني ؟! ) حتى غدا ذلك القول حكمة يرددها اليمنيون، هذا الكلام يدل على المستوى الذي وصل إليه حجم الفساد في عهد صالح، والثقافة التي تربى عليها موظفو الدولة، بمختلف مستوياتهم. من خلال هذا التقرير نعرف لماذا استقال الدكتور/فرج بن غانم من رئاسة الحكومة، عندما رفض صالح عمل ميزانية محددة للرئاسة، برغم أن رئيس الوزراء لم يشترط عليه تحديد مبلغ معين، كان يريد فقط رقما،ً أي رقم لمصروفات الرئاسة، كان الرجل يُريد أن يُعد موازنة حقيقية، ذات حدود معلومة وواضحة، ليتمكن من العمل بشكل فعلي، وكان صالح لا يريد وضع حواجز في طريق إدارته لأهم وارد من واردات دخل الناتج المحلي اليمني (البترول ومشتقاته) الذي يبدو أنه قد خصصه لحسابه الشخصي، وهو ما يعني بأن صالح لم يكن يُمارس السياسية كرئيس لليمن، بل كان جابياً للناتج المحلي اليمني. هذه الثروة التي تم الحديث عنها، والمتعلقة بصالح فقط، 2مليار دولار سنوياً، هي تمثل صافي ماتم توفيره من مبالغ في حساب صالح، لم يُدخل فيها ما تم صرفه وإنفاقه خلال العام. كما أن ال60مليار دولار هو المبلغ الذي جمعه صالح خلال الفترة، وليست الثروة التي يملكها، لأن تلك الأموال التي قال التقرير بأنها موزعة بين20دولة، هي أموال عاملة، لديها عوائد وأرباح، ما يعني بأن ما يملكه صالح قد يصل إلى مائة مليار دولار أو أكثر. لكن دعونا نعود للحديث على ضوء ما ورد في التقرير(60مليار دولار، جُمعت على 2مليار في العام الواحد) تعالوا نقوم ببعض العمليات الحسابية عن هذه المبالغ، هذه العمليات بحاجة إلى آلة حاسبة، لمن يريد أن يتأكد من النتائج. العملية الحسابية الأولى. 2مليار في العام ÷ 360 يوم عدد أيام العام = 5,555,555$ خمسة ملايين، وخمسمائة وخمسة وخمسين ألف، وخمسمائة وخمسة وخمسين دولار، هذه هي يومية الأخ/ علي عبد الله صالح في رئاسة الدولة. المبلغ بالريال اليمني يساوي: 1,194,444,444 مليار، ومائة وأربعة وتسعين مليون، وأربعمائة وأربعة وأربعين ألف، وأربعمائة وأربعة وأربعين ريال، هذه هي يومية رئيس الجمهورية أيها الشعب الفقير. أما أجره في الساعة الواحدة، سنحصل عليه بأخذ المبلغ اليومي أعلاه، ثم نقسمه على ست ساعات، باعتبار أن الأخ الرئيس كان يداوم في مكتبه دوام رسمي، فإن أجر الساعة الواحدة = 925,925$ فقط تسعمائة وخمسة وعشرين ألف، وتسعمائة وخمسة وعشرين دولار لا غير، ولو قسمنا المبلغ على خمس ساعات دوام، فإن أجر الساعة الواحدة سيزيد عن مليون دولار، هذه المبالغ يحصل عليها صالح فقط لأنه يُسمى رئيس الجمهورية اليمنية. مع كل هذه المبالغ، ظل صالح يُردد على مسامعنا طوال فترة حكمه بأن اليمن شعب فقير، نعم كان الشعب فقيراً، ومازال يعاني الفقر، لكن ليس لأنه لا موارد له، بل لأن صالح وأمثاله هم الذين يحكمون هذا الشعب. لقد ظل صالح في كل المحافل الدولية، يتسول ويستجدي كافة الدول في العالم، هذا الرجل أراق وجهه في كل دولة، حتى غدت سمعة اليمني في الحضيض، برغم ما يملكه من موارد ومقومات تجعله في مقدمة ركب الدول الغنية. لكن يبدو أن صالح احترف مهنة بعض المتسولين التي يقوم بها البعض، هناك من إذا ابتلاه الله بعاهة ما في نفسه أو أبناءه، حمد الله وخرج للتسول به بين الناس، الحقيقة أن صالح يختلف عنهم، لأنه ظل يتسول باسم هذا الشعب، الذي كانت عاهته الوحيدة هي ذلك الرئيس ونظامه. العملية الحسابية الثانية. هذا النهم المالي الجارف في نفسية الرجل، يقودنا إلى حسبة من نوع آخر: لو أنك تملك واحد مليار دولار، وإنفاقك اليومي =2,000$ يعني أكثر من 400الف يمني، تنفقها كلها في يوم واحد، فستكون بحاجة إلى 1,388 سنة لينتهي ذلك الرصيد, فما بالك ب 60مليار دولار ؟!!!! لا يزال لدينا حسبة أخرى. هذه المبالغ لو تم إعادتها وتوزيعها على الشعب كل الشعب، باعتبار أنه هو صاحب الحق، بما فيهم صالح وأفراد أسرته، واللصوص الذين شاركوه في سرقة هذه الأموال، وباعتبار أن الشعب يبلغ 25مليون مواطن، سيكون نصيب المواطن الواحد هو: 2,400$ لكل مواطن، غني أو فقير، صغير أو كبير، وهو ما يساوي أكثر من نصف مليون ريال يمني، ولو اعتبرنا بأن كل أسرة تتكون من ستة أفراد كحد أوسط، سيكون نصيب الأسرة الواحدة، أكثر من ثلاثة ملايين ريال يمني. طبعاً هذه الحسبة متعلقة فقط بالمبلغ الذي ورد في التقرير60مليار دولار، بدون الحديث عن أرباحها وعائداتها، كما أن هذه المبالغ لم يدخل فيها ما نهبه بقية أفراد الأسرة، والمقربين، وكبار المسؤولين في الدولة، لكي تتخيلوا حجم لكارثة. [email protected]