لاحظت في الفترة الأخيرة وجود نبرة تشاؤم متصاعدة لدى بعض الأصدقاء فيما يتعلق بتطور الأحداث في مصر . وقد يكون للتشاؤم عند البعض ما يبرره حيث أنه للمرة الأولى يستخدم القتل والحرق من فصائل سياسية ضد أخرى، ووصل الأمر ذروته بمحاصرة مسجد والاعتداء على المصلين . ولكن قبل أن نتفاءل أو نتشاءم لا بد أن ندرك حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا، وهي أن التحدي الذي نواجهه في المرحلة الإنتقالية تحدٍ كبير جداً، ونختصره في مصدرين أساسيين: الأول مصدر خارجي يحاول إفشال الثورة المصرية لأنها قلبت كافة موازين تشكيل الشرق الأوسط الجديد على الطريقة الأمريكية، فأمريكا التي قبلت على مضض وبعد تردد وجود ثورة شعبية مصرية، لن تتعامل معنا بعاطفة إنسانية، ولكن ستتعامل مع حسابات سياسية محورها الحفاظ على المصالح الامريكية وفي المقدمة منها وجود وأمن إسرائيل، وأي نظام وطني مصري سيتقاطع حتماً مع المشروع الأمريكي – الغربي في المنطقة . نحن دولة مواجهة مع إسرائيل، ثم تأمل النموذج السوري، فالنظام السوري أصبحت نهايته معروفة بلا جدال، فلماذا إذاً تبادل الأدوار بين محور روسيا ومحور أمريكا لإطالة زمن الوصول للنتيجة المحتومة؟ الجواب هو إنهاك المجتمع وتخريب الدولة حتى تنشغل بنفسها لعشرات السنين قبل أن تنهض من كبوتها . الثاني هو مصدر داخلي يحاول إفشال الثورة المصرية لأنها قلبت موازين المصالح الداخلية، فأصحاب المصالح الذين تربوا على مائدة استبداد مبارك مازالوا متغلغلين في مفاصل الدولة، بل وفي الأماكن الحساسة منها ويستخدمون نفس أساليب بلطجة الحزب الوطني المنحل، ونفس الوجوه الإعلامية, وساذج من يتصور أنهم تابوا وأنابوا وأصبحوا مواطنين صالحين. مع هذه التحديات أمامنا طريقان: التشاؤم واليأس ومن ثم القعود عن العمل والرجوع مرة آخرى إلى الوراء . أو التفاؤل الإيجابي الذي يدفع إلى العمل ويستنهض الهمم، ويوقظ العقول لقراءة المشهد السياسي بدقة ، ويوقظ الضمائر لتغليب مصلحة الوطن . وأختم بمقتطفات من قصيدة الاديب والشاعر الراحل علي أحمد باكثير التي قالها في وقتٍ ملأ اليأس فيه القلوب بعد هزيمة يونيو 1967 غداً بني قومي وما أدنى غدا إما نكون أبدا أو لا نكون أبدا إما نكون أمة من أعظم الأمم ترهبنا الدنيا وترجونا القيم ولا يقال للذي نريد: لا ولا يقال للذي نأبى: نعم أو يا بني قومي نصير قصة عن العدم تًحكى كما تُحكى أساطير إرم غداً وما أدنى غدا لو تعلمون إما نكون أبدا أو لا نكون * * * * * * * * * المسلمون انهزموا يومي حنين وأحد من غفلة بالمسلمين واغترار بالعدد والمصطفى يذود عنهم ويصول كالأسد هل ضعف الإسلام من بعد حنين وأحد؟ لا بل علا سلطانه بعد حنين وأحد وأنجز الرحمن ما وعد وانتشر الهدى لا تهيضنا الخطوب أو يخيفنا الردى إما نكون أبدا أو لا نكون أبدا