جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكيد على أن بلاده لن تسمح لإيران بتجاوز الخط الأحمر، يأتي هذا فيما تغرق إيران في أزمات متعددة بالمنطقة تجعلها في وضع غير مريح تجاه التلويح الإسرائيلي بالتصعيد. وقال بنيامين نتنياهو في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت إن “إيران لم تتجاوز بعد الخط الأحمر (...) ولكنها تقترب منه بشكل منهجي". وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال جلسة كتلة الليكود بيتنا البرلمانية “يتعين علينا ألّا نسمح لإيران بتجاوز هذا الخط". وجاء تصريح نتنياهو بعد مرور يوم على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بأن هناك مبالغة في الحديث عن حالة البرنامج النووي الإيراني. غير أن أولمرت أضاف في كلمة أدلى بها في مؤتمر “جيروزاليم بوست" في نيويورك الأحد أنه ينبغي على الإيرانيين أن ينظروا بمحمل الجد في التصريحات الأميركية بأن واشنطن ستبذل كل ما بوسعها لضمان ألّا تصل إيران إلى مرحلة امتلاك قدرات نووية. بالتوازي، دعا وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس في المؤتمر نفسه إلى توجيه “تهديد عسكري ملموس " إلى إيران لردعها عن تطوير قنبلة نووية. يشار إلى أن اسرائيل هددت بتوجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية نظرا لأنها تعتبر إيران المسلحة نوويا خطرا على وجودها على ضوء تصريحات مسؤولين إيرانيين بمحو الدولة العبرية من الخريطة. من جانبها تسعى إيران للظهور وكأنها غير معنية بالتلويح الإسرائيلي بالتصعيد لمنعها من مواصلة برنامجها النووي، وهو ما جاء في تصريحات رئيس منظمتها للطاقة الذرية فريدون عباسي الذي أكد أن بلاده حققت الاكتفاء الذاتي في إنتاج مواد الوقود النووي. لكنّ مراقبين ومحللين سياسيين قالوا إن الضغوط التي تمارسها إسرائيل المدعومة بموقف الولاياتالمتحدة تجعل طهران في وضع غير مريح خاصة أن التصعيد قد يؤول إلى هجمات عسكرية سريعة ومركزة. وأشار هؤلاء أن أهم ورقة إيرانية في أي صراع مفاجئ مع اسرائيل هي حزب الله، الذي يعيش وضعا صعبا بسبب اشتراكه في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد. وهو ما دفع بشخصيات وأحزاب لبنانية إلى المطالبة بنزع سلاح الحزب ووضعه تحت تصرف الدولة ورقابتها، فضلا عن أن تورطه في حرب داخلية سورية أضر بشعبيته في المنطقة العربية والإسلامية التي اكتسبها في حرب 2006. ويقول خبراء عسكريون إن إسرائيل كانت تقرأ دائما حساب حزب الله في أي تفكير تجاه هجوم مباغت ضد إيران، وأن التحسب لردة فعل الحزب كان وراء تأجيل الهجوم الخاطف، لكن الآن الأمر أصبح مختلفا. ويضيف الخبراء أن إيران نفسها مورطة في الحرب السورية التي تأخذ جانبا كبيرا من استعداداتها وتركيز وحداتها العسكرية خاصة أن النخبة موجودة بسوريا وتقود المعارك ضد خصوم الأسد، وهو ما كشفت عنه تقارير استخبارية مختلفة. وتشهد سوريا حربا استخبارية خفيفة بين طهران وحزب الله من جهة، و إسرائيل التي نجحت في تصفية حسن شاطري – الجنرال في الحرس الثوري الإيراني المكلف بالملف اللبناني على الأراضي السورية – من جهة أخرى. وقد تولى شاطري التنسيق الميداني بين القوات السورية من جانب، وعناصر حزب الله وعناصر الحرس الثوري -الذين دفعت بهم طهران لمنع سقوط نظام الأسد – من جانب آخر، وسبق لإسرائيل أن صفت على الأراضي السورية كذلك القيادي في حزب الله عماد مغنية فضلا عن قائمة من قيادات مؤثرة في الفصائل الفلسطينية. من جانب ثان، تريد إيران أن تمتلك حضورا قويا في اليمن من خلال دعم وتسليح وتمويل الحوثيين لإقامة إمارة على الحدود مع السعودية التي تمثل تحديا قويا لطهران في صراع التوازنات بالمنطقة ككل وليس فقط بالخليج. وكشفت السلطات الأمنية اليمنية منذ أشهر عن شبكة تجسس إيرانية، كما أماطت اللثام عن شبكات لتهريب الأسلحة الإيرانية باتجاه الحوثيين وكذلك انفصاليي الجنوب. ويقول مراقبون إن تشتت جهود إيران وتورطها في أكثر من مكان يجعل من الصعب عليها أن تواجه هجوما إسرائيليا منفردا، أو مشتركا مع الولاياتالمتحدة، فضلا عن تواضع قدراتها العسكرية وقدمها رغم ما تعلنه بين الفينة والأخرى عن تصنيع أسلحة تدخل في سياق البروباغندا. تُضاف إلى هذا الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها إيران في ظل العقوبات الدولية ما أدى إلى تدهور عملتها المحلية وارتفاع نسبة البطالة في صفوف شبابها الذين لم تعد تغريهم شعارات الثورة، كما يقول مراقبون.