"ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    " تصريحات الزبيدي خاطئة ومضرة وتخدم الحوثي!"..صحفي يحذر من تمسك الزبيدي بفك الارتباط    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    "جروح اليمن لا تُداوى إلا بالقوة"...سياسي يمني يدعو لاستخدام القوة لتحقيق السلام المنشود    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصدر أونلاين» في معقل حاشد بمديرية حوث يرصد أبرز الأحداث منذ سيطر الحوثيون عليها
نشر في المصدر يوم 11 - 03 - 2014

شهر ونيف هي الفترة التي قضتها مديرية حوث (130 كيلو متراً شمال غرب العاصمة صنعاء) تحت سلطة جديدة تختلف كلياً عما ألفته تلك المناطق وأبناؤها في السابق، على الأقل خلال النصف الثاني من القرن الماضي.

في ال2 من فبراير الماضي، أعلنت جماعة الحوثيين المسلحة سيطرتها على مدينة حوث وما جاورها، بعد معارك شرسة خاضتها مع مقاتلين من أبناء المنطقة راح ضحيتها العشرات، إن لم يكن المئات، من طرفي الحرب.

ولا تزال الجماعة وموالوها يحتفون بلحظات ذلك الإعلان إلى اليوم. لكن الأمور لم تنتهِ عند هذا الحد، فطموح الجماعة في إحكام السيطرة وتولي زمام كل الأمور في المديرية نجم عنها تداعيات سلبية خلال شهر من سيطرتها، كما أن تلك التداعيات قد تتفاقم أكثر في المُدة الزمنية المقبلة، خصوصاً وأن مسبباتها لا تزال في استمرار.

«المصدر أونلاين» زار المنطقة، للاطلاع عن كثب على ما يجري هناك، ورصدت أبرز الأحداث التي مرت بها مديرية حوث، أحد أهم المعاقل لأقوى قبائل اليمن وهي قبيلة حاشد.

قبل أن تدلف إلى مدينة حوث من مدخلها الجنوبي، عبر طريق ملتوية في منحنى جبلي مُطل على المدينة، يلزمك اجتياز نقطتين أمنيتين يقف إلى جوارها مسلحون حوثيون، وتبعد كل نقطة عن الأخرى مسافة اثنين كيلو متر تقريباً.

النقطتان تتواجدان في الخط الرئيسي الذي يمر من منطقة عجمر، وتُحيط بالمسلحين المتناوبين على الوقوف فيها أكياس ترابية وُضعت لتشكل مربعاً يتسع لشخصين في وسط الطريق الاسفلتي، ويتواجد على جانبي النقطتين خيام ومتارس لمسلحين آخرين.

عند وصولنا النقطة الأولى، كان شابان في مقتبل العُمر يسندان ظهريهما إلى عمود يحمل لافتات كُتب عليها الشعار الحوثي الذي تُعرفه الجماعة ب«الصرخة»، ومتجهين بطريقة عكسية تُتيح لهما مراقبة من يدخل المدينة ومن يودعها، وكانت أكوام من الحجارة عن يميننا، قيل إنها لبناء متارس جديدة في نفس المكان الذي وُضعت فيه، والذي يُشرف على كل جزء من أجزاء مديرية حوث.

بإمكانك أن ترى من المكان ذاته أرضاً مستوية تتجاوز مساحتها 250 كيلومتراً مربعاً، تلك هي غالبية أجزاء وعزل مديرية حوث بمحافظة عمران.

وستلحظ في الجهة اليُمنى مباني سكنية متقاربة فيما بينها، تلك هي عزلة «مدينة حوث» وسوق المديرية الرئيسية، أما الجهة اليسرى فهي عبارة عن مساحات زراعية شاسعة تتخللها بيوت وقرى صغيرة.

وسترى كذلك في الجزء الأيمن مبنى ضخماً هو المجمع الحكومي للمديرية، ينفصل قليلاً عن المدينة والسوق الشعبية. فيما تلمح في الجزء الأيسر بقعاً خضراء كان فيها منزل الشيخ الأحمر، وعلى مد بصرك تظهر مرتفعات جبلية غير آهلة بالسكان كانت ساحة لمعارك هي الأعنف في محافظة عمران. ومن تلك الجبال «قرن دبة» و«قرون قاسم» و«حواري» وغيرها.

في الباص الذي نقلنا من العاصمة صنعاء إلى مدينة حوث، همس أحد الركاب، عند مرورنا من النقطة الثانية، إلى من بجواره «هولا يقولوا الموت لأمريكا ويقتلونا احنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل»، تحدث بهذا وهو يرفع قدمه اليمنى، التي يبدو أنها تعرضت لكُسر في إحدى جبهتي القتال بين الحوثيين والقبائل في منطقتي حوث ودنان، من خلال الشاش الطبي الملفوف عليها.

بعشرات الأمتار ربما من النقطة الثانية يصل المسافر «مثلث حوث»، يُخيرك المثلث بين أن تدخل المدينة عبر الخط الرئيسي الذي يصل عمران بمحافظة صعدة، وبين أن تنحني يساراً لتصل إلى الجزء الأيسر من المديرية عبر خط رئيسي يصل بقية مديريات عمران ببعضها وبمحافظة حجة، وهو خط دولي يصل اليمن بالمملكة العربية السعودية أيضاً.

لم تضع الحرب أوزارها بعد، الجميع هنا، من الحوثيين والقبائل، يحملون أسلحة الكلاشينكوف والرشاشة وذخائر احتياطية إضافة إلى بعض القنابل اليدوية.

في المقيل الذي استضافنا، كان هناك من يُعبر عن رفضه بقاء الحوثيين ويصفهم ب«المحتلين»، على اعتبار أن غالبيتهم من خارج المنطقة.

فيما يروي البعض من أبناء القبائل بطولات ل«مجاهد الفهد، وحمير الحاج»، وهما اثنان من قتلى المواجهات مع الحوثيين، يتحدث البعض الآخر عن «استحالة خضوعهم لجماعة الحوثيين والرضوخ لأوامر ممثليها في المديرية».

جماعة الحوثيين نفسها تشعر بأنها لم تُحكم سيطرتها على كل الأمور في مديرية حوث، مثل ما هو متاح لها في محافظة صعدة، ولذلك فهي تسعى جاهدة لاستكمال هذه المهمة؛ غير أن شراسة أبناء القبائل تشكل عائقاً كبيراً أمامها، قد يتسبب في صراعات ومواجهات تشمل كل عُزلة وقرية.

في مدينة حوث رصدنا أكثر من 15 طقماً أمنياً مليئاً بمسلحين حوثيين يرتدون جاكيتات للزي الرسمي لقوات الحرس الجمهوري سابقاً، يطوفون الطريق الاسفلتي وهم في وضع استعداد وترقب، يقفون للانتشار بين الفينة والأخرى.

شعارات الجماعة تكاد تقتصر على نقاطهم المسلحة والمؤسسات الحكومية وبعض المساجد ومنازل بعض الموالين لها الذين يقطنون مركز المدينة، إضافة إلى شعارات ولافتة خضراء رُفعت على منزل واحد فقط من منازل القبائل، صاحبه يُدعى حمود الغريبي، وهو قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

نقاط الحوثيين تطوق المدينة من جميع الجهات، يستحدثون نقاطاً جديدة في الشوارع الفرعية، حيث نصبوا نقطة جديدة، الخميس الماضي، في المدخل الفرعي لمنطقة الخمري، وهو ما اعتبره أحد أبناء المنطقة مخالفة لبنود الاتفاق الذي رعته لجنة وساطة رئاسية؛ تضمن السماح بالمرور في الخط الرئيسي دون غيره.

لا وجود للدولة هنا، أو لوحدات من الجيش والأمن. حين سألنا المرافق عن أفراد إدارة الأمن السابقين وأماكن تواجدهم، أشار إلى موقع يُسمى «بن حمزة»، كانت تتمركز فيه قوات من أمن المديرية، فأصبح موقعاً مسلحاً للحوثيين.

في اليوم الأول لدخولهم «حوث».. سبعة قتلى وجرحى من المسافرين بينهم امرأة وطفلان
بلغت حصيلة القتلى من المسافرين، في اليوم الأول لإعلان جماعة الحوثيين دحرها مقاتلي القبائل، 5 قتلى بينهم امرأة وإصابة طفلين بالحادثين.

وقالت مصادر محلية ل«المصدر أونلاين» إن الحوثيين أطلقوا قذيفة على سيارة «صالون» كانت تُقل 4 من بائعي القات - من بيت العيزري بمديرية شهارة- أثناء مرورهم من مثلث حوث، أدى ذلك إلى مقتلهم جميعاً.

وعقب الحادث بساعات، أطلق مسلحو الحوثي وابلاً من الرصاص على باص أجرة يُقل ركاباً من محافظة حجة، أسفر عن مقتل امرأة وإصابة نجليها.

وقال محمد سعد الدريني إن الحوثيين صوبوا أسلحتهم نحو الباص وأطلقوا النار عشوائياً ما أدى إلى مقتل والدته بعد إصابتها بثلاث طلقات في العمود الفقري، وإصابة شقيقته (12 عاماً) برصاصة اخترقت ساقها وشظايا في الظهر، فيما أصيب شقيقه (13 عاماً) برصاصة في الحوض.

وطالب الدريني في حديثه ل«المصدر أونلاين» الدولة بالقبض على المتهمين، ومعاقبتهم جراء جريمتهم «النكراء» - حسب وصفه.

وقال الدريني إن المتهم الأول والأخير في الحادثة هو جماعة الحوثي؛ باعتبار مسلحيها وحدهم من يتواجدون في مكان الحادث.

واحتجزت جماعة الحوثيين قتلى بيت العيزري مشترطة على أهاليهم الإدلاء بتصريح لقناة «المسيرة» التابعة لهم، يتهمون فيه مقاتلي القبائل، لكنهم رفضوا ذلك؛ واعتبروه «ابتزازاً رخيصاً من الحوثيين»، حسب تصريحات أدلوا بها لوسائل إعلام مختلفة.

حادثة محطة البترول.. مقتل يحيى البروشي وإصابة اثنين آخرين
عقب سيطرة الحوثيين على المدينة بأسبوع فقط، قتل يحيى البروشي وجرح اثنان آخران هما يحيى مسلم وسرحان مسلم، جراء إطلاق الحوثيين النار عليهم؛ بمبرر «تنظيمهم السيارات» في إحدى محطات البترول بالمديرية.

وقال شهود عيان إنهم أطلقوا النار على البروشي وأردوه قتيلاً جوار محطة «عواش» للمواد البترولية في وقت لم يكن يحمل فيه حتى سلاحه الشخصي.

وتسبب ذلك في إصابة يحيى مسلم برصاصتين في يده وقدمه، فيما اخترقت رصاصة أخرى جمجمة سرحان مسلم الذي لا يزال في العناية المركزة بأحد مستشفيات العاصمة.

وقال عادل مسلم إن الحوثيين أطلقوا النار على شقيقه سرحان عمداً ودون أي سبب، مطالباً بإنصاف أخيه بالقبض على الجُناة ومحاسبتهم.

وروى عادل ل«المصدر أونلاين» تفاصيل الحادثة، وقال إن الناس اعتادوا على تنظيم أنفسهم، ولم تحدث أية مشاكل من قبل، لكن الحوثيين يريدون إخضاع الناس لرغباتهم وسيطرتهم. مضيفاً: «وهذا مستحيل».

وتملأ جدران منازل ومحال تجارية في مديرية حوث صوراً ليحيى البروشي الذي قُتل جوار محطة البترول، وأخرى لقتيل في نقطة للحوثيين يُدعى بدر العرجلي.

ذريعة «تأمين الطريق» وإطلاق الرصاص على بدر العرجلي
تتخبط جماعة الحوثيين في تقديم مبرراتها للحرب التي شنتها على مديرية حوث، فتارة تقول إن الهدف فتح الطريق التي كانت تتعرض لقطاعات قبلية، وتارة أخرى تتحدث عن رغبتها في تحرير الناس من الظلم. لكن حادثة مقتل بدر العرجلي على أيدي مسلحين حوثيين أثناء مروره من نقطة «عجمر» دحضت كل تلك المبررات وأسقطت أي مبرر آخر قد تتقدم به.

يقول شيخ مسن ل«المصدر أونلاين»: ما فعلوه ببدر العرجلي جريمة كبيرة لم يفعلها أحد من قبل.

وخلال لقائنا ناصر العرجلي، في العاصمة صنعاء، بدأ بعرض فيديو مصور من هاتفه المحمول لجثة شقيقه بدر، الذي قُتل قبل أسبوعين تقريباً، كان ناصر يتحدث إلي وهو يستعرض الفيديو: «شوف الرصاص اللي في صدره، ويداته (يداه). أكثر من 10 طلقات في أرجله ومثلها في رأسه، كلها جاءت من الخلف.. غدروه غدر».

كان منظر الرصاص في جثة بدر بشعاً للغاية، لا يخلو عضوٌ من أعضاء جسده من رصاصة على الأقل، أطلقوا عليه النار دون رحمة. يسأل ناصر عن وسائل الإعلام التي تغاضت عن الجريمة ولم تتحدث عنها، ويستفسر عما إذا كان هذا هو تأمين الطريق الذي يقول الحوثيون أنهم جاءوا لأجله؟

وكشف ناصر في حديثه ل«المصدر أونلاين» عن لقاءات جمعته بالحوثيين بعد أن سيطروا على حوث وقال: «إن الحوثيين وعدوه بالأمان وعدم المساس به». ويستدرك بالقول: «لكنِي نصحته حين اتصل بي، وقلت له لا تأمنهم، هؤلاء بايغدروبك».

وعن سر انعدام التقطعات القبلية عقب سيطرة الحوثيين على المديرية، قال شيخ قبلي إن قطاع الطرق انضموا لجماعة الحوثيين.

وأضاف الشيخ، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «المتقطعون كانوا عملاء للحوثي من قبل، وهم من أدخلوه البلاد، وتواطأوا معه».

مؤسسات ومساجد تحت وصاية الحوثيين
انقض مسلحو جماعة الحوثي فور دخولهم المديرية على مقار المؤسسات الحكومية وسيطروا عليها بالكامل، فيما يبذلون جهوداً جبارة لإخضاع المساجد لإدارتهم بعد أن اتخذوا من بعضها أماكن ليبيت فيها بعض مقاتليهم.

يقبع المجمع الحكومي في المديرية تحت سيطرتهم، وهو مبنى ضخم حديث البناء والتصميم، حولوا مقر المحكمة الابتدائية في المديرية إلى سجن يُزج به من يخالفهم ويقف في طريقهم، فيما أصبحت مبانٍ لوحدات صحية أماكن ملائمة لمبيت المسلحين ومضغ القات فيها، ومنها وحدتان صحيتان في منطقتي «ذو عيد، وذو عناش».

مقر التجمع اليمني للإصلاح في مدينة حوث تحت حراسة مسلحين حوثيين، بعد أن اقتحموه ونهبوا محتوياته، كما أن مقر فرع جامعة الإيمان بالمديرية لا يقل وضعه سُوءاً عن أوضاع بقية المباني والمؤسسات.

عمد الحوثيون إلى تغيير أئمة وخطباء المساجد، علاوة على احتلالهم وإقامتهم في الملحقات الخاصة بها. حيث احتلوا هنجراً يتبع جامع "الصومعة" في المدينة، واستبدلوا الإمام والخطيب بأئمة منهم، وفي هذا المسجد يتوجب على من يحضر صلاة الجمعة الخضوع لعملية تفتيش قبل الدخول.

وفرضوا أئمة وخطباء لمسجدي «المثلث، وبيت العنسي» واحتلوا منزلاً ملحقاً بالأول، وملحقات تتبع الثاني مكونة من مصلى للنساء ومنزل لإمام المسجد وغرف للتدريس، وحولوها مقرات لمسلحيهم الوافدين من خارج المنطقة.

عندما أدينا صلاة الجمعة في مسجد صغير بمنطقة «ذو عناش»، كان غالبية المصلين يحملون أسلحة عليها شعارات الحوثيين، كما أن الجدران الداخلية والخارجية للمسجد مطلية بشعاراتهم أيضاً.

وتعرض صادق المعطري، أحد أبناء المنطقة، للسجن من قبل مسلحي الحوثيين مطلع الشهر الماضي حين حاول طمس شعاراتهم من الجدران الداخلية للمسجد.

وألقى خطبة الجمعة التي حضرناها شاب لا يتجاوز عُمره ال18، يحمل جعبة تلف صدره وأجزاء من ظهره، وتمتلئ بالذخائر وما يقارب 4 قنابل يدوية.

وتحدث الخطيب عن «المسيرة القرآنية» و«مصير الظالمين» و«حب آل البيت»، وعن أشياء أخرى مفهومة وغير مفهومة، وأنهى خطبته بترديد «الصرخة» ثلاث مرات؛ رددها بعده المسلحون الحوثيون.

وفي منطقة «ذو قص»، أفاد شهود من أبناء المنطقة بأن المسلحين الحوثيين يقتحمون بالقوة مسجد القرية كل جمعة ويفرضون خطيباً خاصاً بهم.

وقال الشهود إن هناك دورية بيضاء عليها شعارات الحوثيين تُقل المسلحين والخطيب. وقال مواطن: «إن الحوثيين استحدثوا موقعاً على جبل العادي المُطل على القرية».

وأضاف - رافضاً الكشف عن هويته؛ خوفاً من تعرضه لمكروه من الحوثيين: «إن تواجد المسلحين يضايق الأهالي ويقف عائقاً أمام خروج عائلاتهم ونسائهم، باعتبار منازل المواطنين كلها تحت أعينهم».

مدير عام المديرية: حوث مُحتلة
اعتذر مدير عام مديرية حوث، عبدالغني البروشي، أكثر من مرة خلال الأسبوع الجاري عن إجراء مقابلة صحفية مع «المصدر أونلاين»، بسبب انشغالات وعدم وجود وقت لديه - حسب قوله.

وبعد الإصرار على معرفة رأيه حول الوضع الحالي في حوث، اكتفى بالقول: «حوث مُحتلة، وفيها ظلم واستبداد».

كما اعتذر ثلاثة من أعضاء المجلس المحلي في المديرية عن الإدلاء بأي تصريح، وانتقل غالبيتهم –حسب مصادر- إلى العاصمة صنعاء، عقب سيطرة الحوثيين على المديرية.

يحكم المديرية، حالياً، رجل يُكنى «أبو مالك»، يأتمر مسلحو الحوثيين بأمره، قيل إنه من مديرية «حرف سفيان»، لكن لم يتم التأكد من هويته.

الكل في مديرية حوث يعيش لحظات توتر تنبئ بانفجار الوضع بين الطرفين، خصوصاً وأن غالبية أبناء القبائل يرفضون أي وصاية عليهم؛ في وقت يُمارس مسلحو الحوثيين عكس ذلك.

وفي آخر إحصائية عن عدد القتلى بالمواجهات التي دارت بين الحوثيين والقبائل في منطقتي حوث ودنان، قال مصدر محلي إن 230 شخصاً إجمالي القتلى من القبائل، فيما تتكتم جماعة الحوثيين عن عدد وهوية ضحاياها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.