الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    ياسين بونو يحرج مذيع ssc بعد تتويج الهلال .. فيديو    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    المحرّمي يشيد بدور الأجهزة الأمنية في تعزيز الأمن والاستقرار في الصبيحة والحد    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    السلطة المحلية بمارب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    الدوري الإنجليزي الممتاز: مانشستر سيتي يقضي على أمل ليفربول تماما    ماذا يعني تأييد الأغلبية الساحقة من دول الأمم المتحدة لعضوية فلسطين الكاملة في المنظمة؟    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    مقتل شاب برصاص عصابة مسلحة شمالي تعز    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    اختتام دورة مدربي لعبة الجودو للمستوى الاول بعدن    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    موقف فاضح ل"محمد علي الحوثي" والبرلماني أحمد سيف حاشد يكشف ما حدث    في لعبة كرة اليد نصر الحمراء بطل اندية الدرجة الثالثة    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    تأملات مدهشة ولفتات عجيبة من قصص سورة الكهف (1)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    الريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف)    مقتل وإصابة 5 حوثيين في كمين محكم شمال شرقي اليمن    وفاة طفلين إثر سقوطهما في حفرة للصرف الصحي بمارب (أسماء)    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    الحوثيون يتحركون بخطى ثابتة نحو حرب جديدة: تحشيد وتجنيد وتحصينات مكثفة تكشف نواياهم الخبيث    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربع فتيات يواجهن الموت !


مقالات
محمد مصطفى العمراني
يعود الأطفال من المدرسة إلى منازلهم لكني أتوجه إلى المزرعة مباشرة ، أضع الحقيبة في ركن العشة المطلة على المزرعة ، أظل أراقب بيتنا بانتظار الغداء الذي سيرسلونه إلي .
وحين يشتد جوعي أنزل إلى المزرعة باحثا عما يسد رمقي من ثمرة البابايا " العنبة " أو أشوي بعض كيزان الذرة ، أي شيء ، أحيانا عندما لا أجد شيئا أذهب إلى شجرة السدر أرشقها بالحجارة فتتساقط ثمار " الدوم " وأظل أتسلى بها .
أرفع رأسي إلى السماء ، الشمس لا تزال حارقة ولم تمل للغروب بعد ، كأنها تعاندني ، تمر سيارة في الطريق المجاور أشيعها بنظراتي حتى تختفي ، تأتي خروف فأبعدها عن المزرعة برشقات من الحجارة ، أفرغ غضبي على تلك الخروف ، أحياناً أصيبها بحجر فتفر ولا تعود ثانية .
يمضي نهاري طويلاً مليئاً بالكآبة ، كأنني سجين هذا الوادي ، أعود إلى العشة أراقب بيتنا بعيون صقر جائع ، أراهم يدخلون ويخرجون ، يعيشون حياتهم بشكل عادي وكأنني لست منهم ، وكأنهم قد نسوني .!
بعد العصر تتحرك أختي باتجاه المزرعة ، تحمل دبة الماء لتملئها من البئر ، وتحمل وعاء الأكل ، لقد تذكروا كلبهم أخيراً .!
تقترب مني فأكاد لشدة غيظي أرشقها بالحجارة لكنني أسرع إلى الأكل ، أفتح القصعة وألتهم الطعام بشراهة ، تذهب إلى البئر تملأ الدبة وتعود ، تقف بجواري تريد أن تقول لي شيء ، أتوقف عن الأكل ، أنظر إليها ..
ماذا تريدين ؟
تتلكأ ثم تنطق أخيراً :
أريد قات .
لكن أبي ..
اقطف لي حزمة صغيرة ولن يعلم .
أمضي معها إلى حقل القات ، أقطف لها حزمة صغيرة ، ترمقني بنظرة مستجدية :
هذه لن تكفي لساعة.
أعود وأقطف لها حزمة ثانية وثالثة ، تقترب مني وتخرج كيس الحلوى الهريسة وتناولني إياه ، يسيل لعابي ، أتركها تقطف عدة حزم أخرى وتمضي .
تعود إلى البيت تسوق الأغنام ناحية التلال ، تخرج صديقاتها من بيوتهن بأغنامهن ، يلتقين ، يمضغن القات ويتحدثن .
في المساء نفزع حين نسمع صراخها وهي تتقيأ :
دم ، اتقيأ دم ، سأموت .
يصرخ والدي:
ماذا أكلت ؟
أجري نحوه :
قات ، قطفت لها من قاتك .
يصفر وجهه :
القات مسموم .
يسألني :
هل خزن أحد معها ؟
بنت سالم وبنت عمي علي وبنت صالح .
يسرع الوالد إلى الجيران ، بعد دقائق تأتي السيارة ، تستعد أمي لتذهب معها ، يخاطبها أبي بجدية :
اجلسي في البيت حتى أعود .
تذعن لأمره .
ينقلون البنات إلى المستوصف وتظل أمي تصيح في وجهي :
بنتي ستموت بسببك .
لقد صرت المتهم .
أقسم لها الأيمان المغلظة أنني لم أكن أعلم أن القات مسموم ، تظل تصيح وتلومني وتوبخني .
أقول في نفسي :
ليتها ضربتني حتى تورمت بدلا من هذا الكلام السم .
تقوم تصلي وتدعو الله أن تنجو أختي من الموت .
يمر الليل بطيئاً ونحن في فزع ، تتجمع النسوة ، في وجوههن خوف على البنات ، ينذرن بصيام شهر إن شفين .
أذهب إلى الأكمة المجاورة لمنزلنا أرقب عودة السيارة بالبنات ، يلسعني البرد ، أرى ضوء السيارة يأتي من بعيد ، أسرع إليهن :
رجعوا من المستوصف .
يخرجن إلى جوار البيت ونظل ننتظر وصولهن لكن السيارة تخيب آمالنا وتمضي بعيداً .
يعدن للداخل وأظل بالأكمة أنتظر عودتهن ، في قلبي خوف من المصير المجهول للبنات ، لقد طار نومي والليل قد أنتصف ، أنظر إلى النجوم وأضواء الكهرباء في القرية المجاورة التي أغلب سكانها من المغتربين .
كنت شارداً حين مرت بجواري أفعى وما إن رأيتها حتى قفزت صارخا وعدت إلى الداخل ألهث :
حنش .
تضمني أمي إلى صدرها وتهدئ من روعي وتسقيني الماء .
تأتي إلي بالطعام ، بقايا الأزر والبطاط المسلوقة ، وتقدم الكعك والشاي للنسوة .
فكرت بالعودة إلى الأكمة لكنني تذكرت الحنش فخفت ، بعد ساعة تشجعت وخرجت إلى جوار البيت أنتظر عودتهن ، القمر يطل بنوره بعد أن تجاوز تلك السحب الكثيفة ، شهاب شارد توهج ثم أنطفأ ، حتى أضواء الكهرباء في قرية المغتربين انطفأت ، لست أدري كم كان الوقت حينها لكنني تخيلت البنات يعدن من المستوصف وقد فارقن الحياة ، ستتحول المنطقة إلى مأتم كبير ..
لأول مرة ستخرج في قريتنا أربع جنازات دفعة واحدة ، والمشكلة أنني السبب .!
ماذا سيفعلون بي حينها ؟!
لن يصل الأمر إلى قتلي أو سجني ، لكنني لن أسلم من تأنيبهم ولومهم وتوبيخهم لسنوات طويلة .
سأراهن في منامي كل ليلة ، وجوههن مخيفة وأشداقهن مليئة بالقات ، ستغدو حياتي كوابيس متواصلة .
ستقتلني تلك النظرات القاسية والكلمات السامة من الجميع ، ليتهم يحبسوني ، على الأقل سأرتاح من الدراسة وحراسة المزرعة ، وسأنجو من لومهم وتأنيبهم .
قبيل الفجر رأيت أضواء سيارة تأتي من بعيد ، لم أذهب لأبلغهن فقد تكون سيارة أخرى ، انتظرت حتى اقتربت ، وحين رأيتها تدخل قريتنا أسرعت أخبرهن :
رجعوا من المستوصف .
تجمعنا كلنا نستقبلهن .
في البداية نزل الوالد وحين رأى فزعنا صاح فينا:
البنات بخير ، قدر الله ولطف .
أسرعت النسوة إلى السيارة يتفقدن البنات ، وحين رأيت أختي تمشي ببطء وهي تتوكأ على أمي أنزاح عني ذلك الكابوس الذي جثم على صدري ، فرحت كأنني وجدت كنزا فيه ميزانية دولة .
ظلت أختي لأيام طريحة الفراش ثم بدأت تتعافى .
عدت إلى المزرعة لكنني بقيت اتحاشى الذهاب إلى حقل القات ، كرهت القات ، وما يزال في ذهني مرتبطاً بالسم وبليلة من الخوف والفزع وكوابيس اليقظة .
*قصة قصيرة
* قصة قصيرة
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.