قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية، فريسو فيجنين،إن المملكة العربية السعودية تدرس فرض عقوبات تجارية على بلاده بسبب ملصقات طبعها السياسي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز تحمل شعارات مناهضة للإسلام في شكل علم المملكة. وأثارت تصريحات زعيم حزب الحرية الهولندي، خيرت فيلدرز، المعادية للإسلام غضب الكثيرين، واعترض عدد من الدبلوماسيين الغربيين والعرب عليها، كما نظمت عدد من التظاهرات المنددة بهذه التصريحات، ويخضع فيلدرز لحراسة مسلحة على مدار الساعة منذ ان تلقى تهديدات بالقتل في عام 2004. ويأتي فيلدرز في المركز الأول متساويا مع الديمقراطيين في استطلاعات الرأي العام قبل انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجرى في هولندا يوم الخميس المقبل. وحقق حزب الحرية، المتحفظ بشكل واضح على وجود مسلمين في هولندا، مكاسب كبيرة في انتخابات المجالس البلدية منتصف مارس/آذار الماضي. وتعود تفاصيل الاعتداء على مشاعر المسلمين، إلى وقوف فيلدرز أمام حشد من أنصاره في لاهاي، ليلة صدور نتائج الانتخابات البلدية، حيث هدد بطرد المغاربة المسلمين، وكان فيلدرز قد أساء لعلم السعودية والإسلام في وقت سابق. واسس فيلدرز حزب الحرية، بعد انسحابه من الحزب الليبرالي بزعامة مارت روته عام 2004. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية، حسب رويترز: "لدينا دلائل على ان السعودية تدرس اجراءات بسبب الاهانات التي وجهها فيلدرز لعلمها وللدين الإسلامي ." ولم يحدد فيجنين تلك الدلائل لكن الحكومة الهولندية تحاول الاتصال بالرياض. وظهرت الملصقات للمرة الأولى في ديسمبر/ كانون الأول. وقال فيجنين "نأى مجلس الوزراء بنفسه بقوة عن إهانات فيلدرز للعلم السعودي والدين في ديسمبر/كانون الأول، وما زال على موقفه." ولم يتسن لرويترز على الفور الوصول للمسؤولين بالحكومة السعودية أو الغرفة التجارية السعودية للحصول على تعليق. لكن صحيفة الاقتصادية السعودية نقلت أمس الجمعة عن مصادر لم تعلن عنها ان أمرا سيوزع على كل السلطات المعنية لاستبعاد الشركات الهولندية من المشاركة في تنفيذ مشروعات مستقبلية في المملكة ووقف الزيارات المتبادلة بين الوفود بسبب التصريحات المعادية للاسلام. وتحمل ملصقات فيلدرز التي تحمل اللونين الاخضر والابيض مثل العلم السعودي تعليقات مسيئة للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. وقالت الحكومة الهولندية إن التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى نحو خمسة مليارات دولار في عام 2010 وان هولندا واحدة من أكبر المستثمرين في السعودية، وبلغت استثماراتها نحو اربعة في المئة تقريبا من إجمالي الاستثمار الخارجي المباشر في ذلك العام. وبالإضافة إلى التجارة في النفط والغاز، تصدر هولندا مجموعة متنوعة من المنتجات والتكنولوجيا في الزراعة والمعدات والقطاعات الكيماوية والبتروكيماوية إلى السعودية. وفي رد فعل على الاجراءات التجارية الم أيدت شخصيات سعودية الإجراءات الاقتصادية التي ذكرت تقارير صحفية أن المملكة اتخذتها بحق هولندا، بعد الهجوم الذي شنَّه النائب اليميني المتشدد، خيرت فيلدرز، على المملكة وعَلمِها والدين الإسلامي. ونقلت "CNN" بالعربية تصريحات عن الداعية المتخصص بالسُنَّة النبوية، الشيخ خالد الشايع، قال فيها إن هذا الموقف من السعودية "متفق مع المبادئ العليا التي تقوم عليها المملكة والسياسة المتبعة في الشؤون الخارجية والتي تقوم على التصرف دون تعجُّل، خاصة أن تصرفات فيلدرز، منتج فيلم "فتنة" الذي فجّر موجة من الاحتجاجات الدولية لتعرضه لسيدنا محمد والإسلام، قد صدرت عنه منذ أشهر، وجاء الرد السعودي الآن. كما لفت الداعية إلى أن هناك جزئية وهي أن بعض الناس تنفي وجود إساءة للإسلام وتعتبر أن ما جرى هو إساءة للدولة ولا يجب إدخال الدين في الموضوع، ولكن الحقيقة أن الإساءة مكتملة؛ لأنه فضلًا عما فعله بالعَلَم ولفظ الشهادتين فقد قام بكاتبة آراء مسيئة للقرآن. وأضاف الشايع أن الإساءة شملت جوانب شرعية، فقد اتهم فيلدرز الإسلام وسيدنا محمد قبل أن يقوم بالإساءة إلى العَلَم السعودي ولم يكن التلاعب الذي قام به بالعلم منصبًا على قماشه مثلا، بل على الشهادتين، ما يعني أنه يتعمد الإساءة إلى الدين قبل الإساءة إلى السعودية نفسها وهذا أمر مرفوض بالأعراف الدولية ويَمسّ بكل الشعب السعودي. وفي وقت سابق من العام الماضي، دعا الشايع هولندا إلى الاعتذار عما فعله فيلدرز: "صحيح أن التصرف صدر عن فرد، بينما جاء الرد ليشمل هولندا بشكل عام فهذا واضح؛ لأن الرجل عضو بالبرلمان الهولندي ولم يصدر عن البرلمان الهولندي ما يدين ما فعله تجاه الإسلام والسعودية". أما المحامي ورجل الأعمال سعد الغنيم، فقد ذكر أن الخطوة مبررة باعتبار أن العلاقات بين البلدان "تحكمها أعراف وقوانين يجب مراعاتها، وخاصة احترام كل بلد للرموز الدينية والسياسية الخاصة بالدول الأخرى، وكل إهانة أو احتقار لتلك الرموز هو اعتداء على الأعراف الدبلوماسية وانتهاك للاتفاقيات التي تحكم العلاقات الثنائية، وقد تكون هذه الإهانة عن طريق المسّ بالدول الأخرى ماديًا ومعنويا". ولفت الغنيم إلى أنه يحق للبلد المعني بالإساءة "اتخاذ ما يراه من إجراءات لحفظ حقوقه، ومنها المقاطعة الدبلوماسية أو الاقتصادية"، وأضاف: "السعودية من الدول الناهضة اقتصاديا وصاحبة اقتصاد قوي يتطلع الجميع إلى التعامل معها وبالتالي فما تقوم به السعودية من إجراءات هو أمر تحفظه لها الأعراف الدبلوماسية وعلى هولندا التراجع والاعتذار واحترام المملكة والدين الإسلامي". ورفض الغنيم اعتبار أن هولندا غير مسؤولة عن تصريحات فيلدرز قائلا: "كيف يمكن لسياسي أو دبلوماسي، حتى لو لم يكن صاحب قرار في الدولة أن يفعل مثل هذا الفعل دون صدور موقف من دولته؟ يجب على الحكومة والبرلمان في هولندا إصدار موقف واضح حيال ما فعله فيلدرز وإدانة تعديه على المملكة والدين الإسلامي" محذرًا في الوقت نفسه من وجود "الكثير من الدول المحبة للسعودية" والتي قد تتخذ إجراءات مماثلة بحق هولندا. وحول إمكانية تأثير القرار على أسعار الطاقة العالمية، نظرا لوجود الكثير من مصافي النفط بهولندا قال الغنيم: "القرار حول إمكانية وقف التعامل مع المصافي النفطية في هولندا يعود إلى أصحاب القرار في المملكة ولكن العالم أكبر من ذلك وهناك بدائل كثيرة ولن يتأثر سوق الطاقة العالمي وإنما سيتأثر الاقتصاد الهولندي، كما أن للمملكة علاقات تجارية أخرى مع هولندا، بينها السلع الزراعية ولحوم الأبقار والحليب". وكانت تقارير إعلامية، أشارت إلى أن هولندا تحاول الاتصال بالرياض لاستيضاح الموقف من إمكانية فرض عقوبات عليها، بعدما نقلت صحف محلية سعودية عن اتخاذ قرار بوقف التعامل مع الشركات الهولندية، علما بأن التبادل التجاري بين البلدين يزيد على خمسة مليارات دولار. من جانبه، رد خيرت فيلدرز عبر الموقع الرسمي لحزبه بالتقليل من شأن الخطوة السعودية، وكرر مهاجمة الرياض ودعوة هولندا إلى "المبادرة لمقاطعتها".حتملة للسعودية، قال فيلدرز، في بيان: إن هولندا "كان عليها ان تقاطع ذلك البلد منذ فترة طويلة".