خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    إنعقاد ورشة عمل حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    سر خسارة برشلونة لكل شيء.. 270 دقيقة تفسر الموسم الصفري    الدوري الانكليزي: خماسية صارخة لتشيلسي امام وست هام    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل الشيخ محسن بن فريد    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون واكاديميون: يجب إعادة النظر بآليات ووسائل منظومة العمل العربي

يرى العديد من الفعاليات السياسية والاجتماعية اليمنية أن الوطن العربي يمر بأخطر مراحله في الوقت الحاضر، وأن هناك جملة من الأسباب التي أدت إلى ذلك بعضها داخلية وأخرى خارجية، ويشيرون إلى أن المعارك التي تشهدها معظم الدول العربية تعتبر نتاجاً طبيعياً للإخفاق السياسي لمنظومة العمل العربي التي تعطلت بشكل كامل.
يقول د . سامي عطا، أستاذ الفلسفة والمنطق بجامعة عدن، إن الأحداث متسارعة ومشروع الفوضى الخلاقة نتاج الممارسة السياسية الخاطئة للعرب، هذه الذهنية أقل ما يمكن أن توصف به أنها ذهنية سياسية فاقدة للمسؤولية، ويغيب عنها التفكير في المستقبل، فالعالم العربي وسياسيوه لم يعروا المستقبل أهمية، فالسياسي العربي يعيش اللحظة الراهنة ولا يعر للمستقبل أهمية، ولذا فإن الإرهاب صنع يديه يحقق به ملذات حاضره وبقائه، والحل أن يخرج السياسي العربي من عباءة الحاضر صوب التفكير بالمستقبل، لأننا في حاجة إلى تغيير ذهنية التفكير .
ويرى عطا أن ذهنية الإطفائي التي يعمل بها السياسيون العرب لا تجدي نفعاً، حيث سيجدون بعد زمن أن مياههم لا تكفي مع اتساع الحرائق وزيادة رقعتها وأن التعويل على الأموال وضخها ليست إلاّ نوعاً من المهدئات والمسكنات .
ويعتبر أن العرب في جميع أقطارهم في حاجة إلى مشاريع تنموية تضع في سلم أولوياتها التنمية البشرية على قاعدة "الإنسان أغلى رأس مال وأساس لأي نهضة"، كما تحتاج التنمية إلى دمقرطة ومزيداً من الحريات، لأن التنمية البشرية تعني إطلاق الابداعات عند الناس، ولا يمكن للإبداع أن يتخلق في مجتمعات تقوم على الاستبداد والطغيان وتغيب فيه الحريات .
ويدعو عطا لأن يدرك العرب أن ثرواتهم ناضبة، وإذا لا يتم التركيز على الإنسان فيها؛ فإن كل المعالجات القائمة على الثروات ستفقد فاعليتها مع الوقت وستكبر المشكلات، وعليهم أن يدركوا هذه الحقيقة، إذا ظل اقتصادهم تديره ذهنية الريع؛ فإن معالجاتهم تلك لن تكون إلاّ ترحيلاً وتسكيناً للأزمات وستحمل مجتمعاتهم في أحشائها جنين الأزمات القادمة ولن تجدي أية عمليات تجميل للجنين المشوه .
الاستقطابات على أساس طائفي
وفقاً للصحفي والمحلل السياسي ياسين التميمي فإن الوطن العربي لم يعد له من دلالة سوى أنه يشير إلى مساحة جغرافية واسعة من الخليج إلى المحيط، تتوزع عليه دولٌ منهكة وغارقة في صراع محتدم، الجميع تحول فيه إلى أهدافٍ سهلة، وأطراف هذا الصراع: شعوبٌ وأنظمةٌ، وطوائف مذهبية وأثنيات وعشائر وجهويات . وزاد أن دخول تنظيم القاعدة بتفرعاته على امتداد الوطن العربي، كطرف أعاد توجيه بوصلة الموت نحو الجميع، وبدا أنه آلة قتل ضخمة يمسك بزنادها أكثر من طرف إقليمي ودولي، فهو يحارب دولاً نيابة عن دول، ويكاد يقود المعركة باتجاه مستقبل قاتم ينتظر البلاد العربية.
ويرى التميمي أن المعارك التي تشهدها معظم الدول العربية، هي نتاج طبيعي للإخفاق السياسي لمنظومة العمل العربي، التي تعطلت بشكل كامل يوم أن قرر النظام السوري، إفشال مهمة الجامعة العربية، في حل الأزمة السورية سلمياً وبأدوات عربية . وزاد أن تعمقت الهوة بين مواقف الدول العربية، بتأثير موجة الربيع العربي، ما أفضى إلى دخول أطراف إقليمية مؤثرة في تقرير مصير المنطقة العربية، عبر أدوات طائفية فكان أن ازدادت الحروب استعاراً، والبلدان دماراً وغابت معها أي إمكانية للحلول السياسية.
ويضيف التميمي: الغبار الكثيف الذي تصاعد بفعل وقع المعارك والصراعات في منطقتنا العربية، أخطر ما يخفيه، هو ترتيبات ربما تستهدف إعادة رسم خريطة سياسية جديدة للعالم العربي ولدول أخرى في الإقليم بما فيها إيران وتركيا، وفي الوقت الذي تزداد فيها حدة الاستقطابات على أساس طائفي، تزداد فرص اللاعبين الغربيين، الذين يبدو أنهم جادون في إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، وتحويلها إلى فسيفساء طائفية وإثنية، والهدف الأساس هو إضعاف الإسلام السني، وهدم القوى الصاعدة بالمنطقة وفي مقدمتها تركيا.
التدخلات الخارجية
اعتبر رئيس مركز "أبعاد للدراسات الاستراتيجية بصنعاء" عبدالسلام محمد أن الظهور اللافت للجماعات الإرهابية وبروز الصراعات ذات الطابع الطائفي في عدد من الاقطار العربية كالعراق وسوريا وليبيا ومؤخراً اليمن مثّل ما يكن وصفه بالخيارات السيئة البديلة والناجمة عن عدم استيعاب مطالب التغيير والثورات السلمية التي شهدتها هذه الاقطار .
وأشار إلى أن هذه الخيارات البديلة والمروعة تمثلت في ظهور جماعات العنف والإرهاب والقتال التي تتسع أكثر كلما سقطت أو ضعفت الدولة وهي تنطلق من مشاريع ضيقة وعنصرية وطائفية، مشيراً إلى أن عدم استيعاب مطالب الشباب فتحت المجال للتدخلات المخابراتية الإقليمية والدولية .
ولفت عبد السلام إلى أنه يجب تدارك الأمر من خلال إنشاء تحالفات جديدة على المستوى الإقليمي والدولي تدعم حقوق الإنسان وخيارات الشعوب السلمية وتقف ضد التدخلات المصلحية لبعض الدول، ومن مهام هذا التحالف تخفيف الفقر على الشعوب ودعم الخيارات السياسية والديمقراطية في هذه البلدان ومراجعة خريطة الاصدقاء والخصوم والتعامل وفق مصالح سياسية وليس وفق المبادئ المرتكزة على الطابع الأيديولوجي والطائفي والمذهبي .
سايكس بيكو 2
وتقول الناشطة السياسية شفيقة مرشد إن الشعوب العربية أثبتت أن زمن القمع وزمن قمع الشعوب لمصلحة الحاكم المستبد قد انتهى، فصحوة الشعوب العربية عام 2011 تعود بنا إلى طغيان وتخلف تلك القيادات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المتخلف، فنحن اليوم في عالم جديد، عالم ثورة المعلومات والفضائيات الرحبة، التي وفرت للشعوب إمكانية التواصل السريع والتضامن معها من داخل الدولة ومن داخل الدول الاخرى، وهو ما حقق كسراً لحاجز الخوف من طغيان الحكام المستبدين انتصاراً لقيم الحرية والعدالة والمساواة، بحيث لا يمكن لأي مكون سياسي أو اجتماعي أن يقصي الآخر أو يهمشه أو يعزله .
وترى أن منظومة الاستخبارات الأمريكية والغربية حاولت استغلال هذه الثورات وتوجيهها لمصلحة تنفيذ أجنداتها المرسومة منذ أمد بعيد وتحاول أن تدفعهما إلى مسار خطر جداً، مسار توظيف المشاعر الدينية في الصراعات السياسية، ما يقود إلى تمزيق الوطن العربي على أساس طائفي، وهو ما يخدم أجندة المصالح الأجنبية المعادية للمصالح العربية والإسلامية .
وتوضح مرشد أنه في مخطط (سايس بيكو- 1) العام 1916 زُرعت "إسرائيل" في قلب الوطن العربي، وتمت تجزئة الوطن العربي، واليوم ووفقاً لمخطط (سايس بيكو 2) تزرع لنا ما تسمى "داعش"، والتي تعد امتداداً لتنظيم القاعدة وعدة تنظيمات تكفيرية تفرعت منها بهدف إعادة تقسيم الوطن العربي على أساس طائفي مذهبي لإلهائنا ونبقى في خلافات دائمة وهو ما يخدم أمن "إسرائيل" ويخدم مصالحها في استمرار استنزاف موارد ومقدرات الوطن العربي .
وشددت مرشد على مشاركة جميع مكونات المجتمعات العربية في صنع القرار الوطني لأنه من حق الجميع، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية الممهدة لبناء دولة مدنية حديثة تحقق مصالح الجميع أفراداً وأقاليم ومذاهب وطوائف وفق آليات الديمقراطية الناشئة، وبعد أن تتعزز الآلية الديمقراطية حقيقة على أرض الواقع، ننتقل إلى استخدام قواعد وآليات الديمقراطية .
بلورة رؤية عربية موحدة
يري الأكاديمي اليمني المتخصص في دراسة تاريخ الجماعات المتطرفة الدكتور عبدالرحمن أحمد ياسين السعيدي أن العالم العربي يواجه تحديات غير مسبوقة فرضها الظهور القاتم للصراعات ذات الطابع الطائفي والجماعات الإرهابية وتصاعد التدخلات الخارجية والإقليمية .
وأشار إلى أن مكافحة ومناهضة الفكر المتطرف وتعزيز اللحمة الداخلية والوطنية وقيم القواسم المشتركة في المجتمعات العربية التي تتسم تكويناتها الداخلية بالتعدد المذهبي والطائفي يمثل أحد الوسائل المؤثرة في الحد من احتمالات الانزلاق إلى منحدر الصراعات الطائفية .
ويعتبر السعيدي أن انهيار الدولة في معظم الاقطار التي شهدت ثورات الربيع العربي وفشل المكونات الثورية في استعادة السيطرة على الأوضاع واستكمال مسار التحول السياسي بعد سقوط الانظمة السابقة فرض بيئة محفزة لظهور الجماعات الإرهابية وإشعال فتيل الصراعات ذات الطابع الطائفي .
وشدد الدكتور السعيدي على أهمية أن تتصدر المخاطر الناجمة عن تصاعد الصراعات الطائفية وتنامي انشطة وتحركات الجماعات الإرهابية في العديد من الاقطار العربية قائمة اولويات النخب السياسية العربية وأن يتم بلورة رؤية عربية موحدة لكيفية مواجهة هذه المخاطر والترويج الفاعل والمؤثر لقيم الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي بين المذاهب ونبذ العنف والتطرف والإرهاب .
المَخرج سيتأخر
يقول د . عبدالرحمن راشد، رئيس منتدى التنوير، إن الوطن العربي يمر وبلا أدنى شك، بأخطر مرحلة في تاريخه، ومن العبث الحكم عليها دون الأخذ بجملة من الأسباب والمقدمات التي أنتجتها، فهناك جملة من الاسباب الداخلية المتراكمة المتعلقة بالواقع العربي وفي مقدمتها طبيعة انظمة الحكم الاستبدادية التسلطية التي توالت على الحكم عقوداً من الزمن سواء تلك التي اعقبت حركات التحرر العربي ضد الاستعمار الاجنبي في بعض الدول العربية وكأنه رتب لها خارجياً على طريقة الخروج من الباب والعودة من النافذة والتي اصبحت في ممارستها لا تختلف عن بقية انظمة الحكم التقليدية في بعض الدول الاخرى التي كان استقلالها بترتيب مباشر مع المستعمر وحافظ على العلاقة وقامت بالدور المعرقل والمجهض لثورات التحرر العربي .
وأضاف: وتدريجياً تجانست الانظمة العربية في طبيعة أنظمتها وأن اختلفت في التسمية (جمهوريات . . وملكيات)، وكانت المحصلة الاخيرة لطبيعة هذه الانظمة كيف ترسخ علاقتها مع الآخر لتحتمي فيه وتقبل أن تتحول إلى سوق لمنتجاته وخاصة السلاح كوجه للقوة الموجه ضد المعارضين في الداخل .
واعتبر د . راشد أن النظام العربي عجز في إحداث تنمية بشرية واقتصادية مواكبة لحاجة الانسان وتطورات العصر المتنوع والمتعدد وبكل بمفاهيمه وإدارته وغايتها الديمقراطية تداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة، بالمقابل كان الهاجس الأمني واستخدام القوة لقمع أية تظمهرات مدنية وحزبية تطالب بالحقوق وتدعو للتغيير والاصلاح .
وأضاف: أن كل ذلك ولّد حاجة داخلية ونقمة شعبية ضد الانظمة العربية المستبدة وحلفائهم في الخارج، وهذا ما جعل الخارج يفكر بمشاريع جديدة بديلة للمشاريع القديمة التي عفى عنها الزمان أو تعديلها بما يضمن المصلحة الكبيرة في الوطن العربي (مشروع سايكس بيكو القديم . . والجديد مشروع الشرق الاوسط الكبير)، ناهيك عن تأثيرات العولمة وصراع الحضارات والثقافات والحرب على الإرهاب والتطرف وبشراكة مع الانظمة العربية وفي جوهرها غزو ثقافي واقتصادي وسياسي وبما يمكن إعادة خريطة جيوسياسية للوطن العربي .
ويعتقد د . راشد أن المخرج سيتأخر وخاصة بعد ضياع حلم الدولة المدنية الحديثة كهدف من اهداف ثورة الربيع العربي، إلا في حالة تجددها وهذا ما يفرض على عاتق القوى المدنية أن تعيد قراءة المشهد وترتيب نفسها لاستكمال أهداف التغيير مع استيعاب مصالح الآخر في إطار مفهوم الشراكة .
لحظة كارثية
يقول د . قاسم المحبشي أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة بجامعة عدن عليّ أن الفت النظر إلى أهمية التدقيق في استخدام هذا الاسم المجاز (العالم العربي) وهو وصف ينتمي إلى زمن مضى قبل التحولات العاصفة التي شهدها عالمنا الراهن إذ شهد العالم المعاصر منذ منتصف القرن العشرين أحداثاً عاصفة ومتغيرات متسارعة في مختلف الصعد الحضارية والثقافية والمدنية، متغيرات لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من حيث جدتها وسرعتها وأثرها وقوتها الصادمة للروح والعقل معاً .
ويضيف: "نحن العرب آخر من يعلم، كما هو الحال دائماً"، آخر من يعلم بحكاية العولمة وقصة صعودها في بلاد الشمال، فإنه لا بد لنا ألا نندهش حينما نرى ما يجري حولنا من متغيرات وأحداث وظواهر جديدة، يصعب علينا تفسيرها وملاحقتها . لكن ما يهمنا اليوم هو أن ندرك ماذا نحن فاعلون، ونحن نغوص في بركة آسنة في "الشرق الأوسط"، لكن هل بمقدور من يتمرغ بالوحل أن يرى اللاعبين فوق سفوح الجبال؟ لا يمكن له ذلك أبداً إلا في حالة واحدة وهي الخروج من ذلك الربق والتعود على السير فوق اليابسة تحت أشعة الشمس، لكن هل لا نزال نمتلك خياراً كهذا؟ لا أعرف بالتأكيد، كل ما أعرفه أننا لم نفكر حتى الآن في إمكانية الخروج مما نحن فيه من بؤس وكل ما يجري اليوم، في زقاقنا العربي، لا يحمل معه أي بشرى لتفتق بوادر هذا الوعي، فالجميع كجيوش النمل المجنونة التي تدور حول نفسها وتجري في كل اتجاه وتصطدم ببعضها بعد أن فقدت مسكنها الآمن أو باغتها التهديد فيه .
ويرى المحبشي أن وضعنا غير عقلاني وعبثي، وهذا معناه عدم إدراك المخاطر التي تهدد الجميع بلا استثناء، والسياسة ليس بمقدور أحد تجاوز استحقاقها أبداً، والسياسة تؤثر في حياة الناس بأشد مما تؤثر فيهم تقلبات الظروف الطبيعية (المناخ والحر والبرد والخصب والجدب والعواصف والفيضانات والزلازل والبراكين . . الخ)، حسب فاليري .
ويضيف المحبشي قائلاً: إننا "العرب" نعيش لحظة كارثية ومصيراً فاجعاً بعد أن تحطمت شعاراتنا وأحلامنا ومشاريعنا وأوهامنا الكبيرة بالجامعة الإسلامية والوحدة القومية والاشتراكية الأممية والاستقلال والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية . . الخ، على صخرة التاريخ العتيدة إذ بتنا أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج في كل الاتجاه بعد أن فقدت البوصلة ولا تلوح في الأفق القريب بارقة أمل للنجاة . إن مأساتنا تكمن في أننا تعاملنا مع التاريخ بحسن نية ساذجة ومنحناه معنى ليس من طبيعته في شيء، حينما توهمنا انه أشبه "ببغلٍ حرون يمكن قيادته بالسوط لترويضه" .
تسيد المشهد الطائفي
يعتبر الناشط السياسي في الثورة الشبابية والشعبية اليمنية ورئيس تحرير صحيفة "المشهد اليمني" عبدالرحمن صالح البيل أن تسيد المشهد الطائفي والمذهبي في العالم العربي نتاج طبيعي للمتغيرات السياسية القسرية التي جلبتها رياح الثورات العربية للمنطقة والافتقاد لمشاريع سياسية تتعلق ببناء الدولة تمتلك مقومات النجاح المطلوبة والتوافق الداخلي بين كافة المكونات السياسية والمجتمعية .
واعتبر البيل أن الفراغ الذي خلفته الاطاحة بالأنظمة السابقة والمزمنة وتعثر مشروع التحول السياسي البديل فرض واقعاً من الصراعات الداخلية التي سرعان ما تم إذكاؤها من قبل اطراف خارجية وإقليمية لتحقيق أهداف ذاتية وتوسعية لتتحول إلى صراعات ذات طابع طائفي ومذهبي .
رؤية عربية جامعة
يعتقد الباحث فؤاد النهاري، رئيس مركز ابجد للدراسات والتنمية، أن العالم العربي يعيش حالة من التشتت النفسي والأيديولوجي والفكري، التي أثرت بدورها في الوعي الجمعي للأمة، وبدا مشدوهاً من الأحداث المتسارعة التي تدور مسرحياتها في أكثر من بلد عربي . في الواقع العربي تسيد الفعل والفكر الإرهابي الموقف في أكثر من بلد عربي وأصبح له مكانته الكبيرة من الرجال والأموال والمؤسسات، حتى أن كل المحاولات الجارية والتي ستجري مستقبلاً لاجتثاث شأفته لن يكون حليفها النجاح، إذ تحتاج لعقود من أجل محو الأفكار التي أصبحت متجذرة في عقلية الكثير من البسطاء المخدوعين بوهم الجهاد، "جهاد الحكومات ومن خالفهم" .
ووفقاً للنهاري فإن وسائل الإعلام العربية تساعد اليوم في إذكاء وبث دعوات الاقتتال والكراهية والأحقاد والضغائن، من خلال استدعاء المسميات المذهبية والقبلية والفئوية والطائفية والشعوبية، بشكل مقزز .
وأضاف: من المسلمات أن الحكومات العربية هي من تتحمل العبء الأكبر في الخروج بالوطن العربي من دوامة العنف هذه، من خلال رؤية جامعة وسياسات حكيمة تجفف منابع الإرهاب والتطرف، وتزرع بذور الوسطية الدينية وتؤسس لمرحلة بناء وتنمية حقيقية بعيداً عن حسابات المصالح الضيقة .
ويعتقد النهاري أن جانباً مهماً يقع على عاتق النخب العربية والمفكرين والسياسيين ودعاة الإصلاح وفي هذه المرحلة بالذات، للقيام بعملية مراجعات عميقة وتحليل أعمق للواقع العربي المزري، للخروج منه نحو آفاق أفضل تفتح مستقبلاً عربياً أكثر وحدة وتعاوناً وبناء وتنمية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.