بالرغم من وجود القرارالأممي رقم (2140) والقرار رقم (2216) والصادر تحت البند السابع ، واللذان يفرضان عقوبات دولية ضد قوى الانقلاب المسلح التي قوضت مؤسسات الدولة اليمنية والعملية السياسية ونتائج الحوار الوطني اليمني الجامع، فقد وفّر الصمت المطبق والمتعمد لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان باليمن الفرصة للمنظمات الدولية ذات الأجندات الاستخبارية والساعية إلى إطلاق بياناتها دون الاستناد لأي شرعية، وبذلك شاركت المفوضية من خلال مكتبها في دعم قوى الانقلاب الدموي المسلح، واستكمال سلسلة الدمار وامتداد آلة القتل من أقصى الشمال اليمني نحو بقية المناطق الحضرية الآمنة. ووفقا لما ينص عليه ميثاق الأممالمتحدة فالمقرر ان تكون منظمة الأممالمتحدة وكافة الأجهزة والوكالات التابعة لها الأكثر التزاما بالميثاق والمعنية في المقام الأول بتنفيذ قراراتها، إلا أن مكتب المفوضية آثر تناسي هذه القرارات المرجعية والقائدة لأنشطته للتفرج على ما يجري من انتهاكات يومية، بدلاً من وظيفته الأصلية في إلزام أطراف الصراع في تطبيق قرارات الأممالمتحدة. التوصيف القانوني إن الجماعات المسلحة والصراعات المرتبطة بها تشكل أبرز المخاطر والتهديدات لحقوق الانسان والأمن والسلم على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ويعد تعامل او مجرد اتصال البعثات الدبلوماسية فضلا عن وكالات الأممالمتحدة بهذه الجماعات واحداً من المحظورات القانونية بالإضافة إلى كونه بالغ الحساسية لدى جميع الدول كما يعتبر ذلك مؤشراً خطيراً على توجه البعثة أو الوكالة ومن يقف ورائها، كما يثير مثل هذا التصرف مخاوف وشكوك مبررة عن حقيقة دور ومهام الوكالة. ويعرف القانون الدولي جماعة الحوثيين في هذا الإطار بأنها " جماعة مسلحة، تسعى إلى تحقيق أهدافها السياسية والثقافية والاجتماعية باستخدام العنف والقوة" وهو ما يتعارض تماما مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان، ويقوض مبدأ تعزيز وحماية حقوق الانسان وهو واحد من مقاصد الأممالمتحدة وفقا لنص المادة (1) من الميثاق وفي هذا السياق أصدر مجلس الأمن القرارين الامميين تحت البند السابع من الميثاق، وهو ما يفرض على كافة الأطراف المعنية فضلا عن وكالات الأممالمتحدة الالتزام بهما علاوة على العمل على تنفيذ هذه القرارات. كما أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 13 لسنة (1994)م يحظر الجماعات المسلحة ويعاقب على الالتحاق بها او تقديم أي شكل من اشكال الدعم والمساعدة لهذه الجماعات، ووفقا لهذا القانون فإن جماعة الحوثيين لا تختلف عن جماعة القاعدة ويسري القانون على كافة الجماعات المسلحة. وباستثناء المهمة الإنسانية للجنة الدولية للصليب الأحمر وهي منظمة ذات طبيعة وتفويض مختلف، لا تقبل الدول أن تقوم أي بعثة دبلوماسية فضلا عن وكالة أو مكتب من مكاتب الأممالمتحدة بعقد لقاءات علنية والتنسيق وتبادل التعاون مع الجماعات المسلحة التي نشئت لأسباب مختلفة وتعتبر أن ذلك تدخلا سافراً وانتهاكاً للسيادة الوطنية، ومخالفة لقوانينها وتشريعاتها الوطنية. بالرغم من ذلك تعمّد جورج ابو الزلف ممثل المفوض السامي خرق المحظورات والأعراف المشار اليها أعلاه كما تجنب ذكر التوصيف القانوني لأطراف الصراع سواء الموالي للشرعية -بما فيه التحالف العربي المعني بتطبيق القرارين-أو الموالي للانقلاب والمقوض للأمن، لينسف بذلك مبادئ الأممالمتحدة لدعم تطبيق بنود القرار الأممي. شواهد الانحياز أظهر مسئول مكتب المفوضية الحرص على التعاون مع القوى الانقلابية (الميليشيات الحوثية) بصفتها السلطة الرسمية باليمن، وهو خرق لكل القوانين والأعراف، حيث قام عقب عودته إلى صنعاء بعد غياب مخل بالعمل معظم أشهر العام (2015)م، باعلان التعاون مع الانقلابيين من ميليشيات الحوثي وصالح، من خلال اللقاءات الممنهجة مع قيادات حوثية، أو تلك الموالية لهم أو ممن كلفتهم الميليشيات الحوثية بالقيام بالاعمال في الدوائر الرسمية، متجاهلا بذلك إعلان رئيس الدولة والحكومة باعتبار العاصمة صنعاء وكافة المرافق الحكومية فيها منطقة محتلة من قبل الميليشيات، إضافة الى القرار الجمهوري باعتبار كل ما صدر ويصدر منذ سبتمبر (2014)م باطلا ولا يشكل أي إلزام قانوني، ومن ذلك لقائه بما يطلق عليه القائم بأعمال رئيس الوزراء بصنعاء طلال عقلان كما اذيع الخبر في وسائل الاعلام، وهذه الخطوة هي السابقة الأولى لموظف دولي (يشرعن) للعملية الانقلابية. ومع أن عملية الرصد وتوثيق الانتهاكات ليست من اختصاصات المفوضية ويعد ذلك خرقا لاتفاقية المقر ولمبادئ ومعايير المفوضية في بقية البلدان، إلا أن ممثل المفوض قام بالنزول الميداني لمحافظات تسيطر عليها جماعة الحوثي، مثل عمران وصعدة تحديدا لرصد ما يسميه بالانتهاكات برؤية انتقائية ومن زاوية واحدة، في حين كان يجب ممارسة الأنشطة الحقوقية وعمليات الرصد في كل أنحاء اليمن، وبمهنية وحيادية تراعي المبادئ الدولية لحقوق الانسان, كما تعمد ابوالزلف تشكيل وتوظيف فرق رصد في المحافظاتاليمنية وكان من المفترض أن توكل هذه المهمة إلى المنظمات غير الحكومية المرخصة قانوناً، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تعداه إلى توظيف أشخاص للقيام بالرصد ممن لا تتوفر فيهم الحدود الدنيا لشغل وظيفة في الأممالمتحدة فضلا عن إقدامه على القيام بعملية بهذه الأهمية والخطورة، ومازاد الطين بلة أن بعض من أولئك الذي وظفهم أبو الزلف من المعروفين بولائهم وانحيازهم للميليشيات الحوثية وحلفائها. لقد مارست جماعة الحوثي وماتزال ومنذ سيطرتها على مدينة عمران (شمال) في الثامن من يوليو/ تموز (2014)م، أبشع الانتهاكات والجرائم في حق المدنيين والنساء والأطفال والمنظمات الحقوقية والصحفيين، وحتى اليوم يتجاهل مكتب المفوضية باليمن هذه الانتهاكات ولا يعيرها أي اهتمام. وها هو الأداء غير المهني لمكتب المفوضية