العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    الرئيس العليمي: هذه أسباب عدم التوصل لسلام مع الحوثيين حتى الآن    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    ميسي يصعب مهمة رونالدو في اللحاق به    الهلال يستعيد مالكوم قبل مواجهة الاتحاد    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    جامعي تعزّي: استقلال الجنوب مشروع صغير وثروة الجنوب لكل اليمنيين    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الشعبي العام: شجرة أصلها الوطن وفرعها التسامح
نشر في المنتصف يوم 23 - 02 - 2021

في السبعينات بدأت جذور المؤتمر الشعبي العام تبرز ،ككيان وطني جامع لتوجهات اليمنيين الفكرية والسياسية، بديلا عن افكار وتوجهات الأحزاب والتنظيمات اليسارية واليمينية المدعومة من الخارج، والتي برزت في حقبة الستينات بعد ثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة عام 1962 والتي أسقطت النظام الكهنوتي المستبد في شمال الوطن ، حيث تم توزيع وثيقة الميثاق الوطني الى جميع قيادات الفكر الوطني في عموم الوطن ، وانتشرت تلك الوثيقة ذات المنشأ اليمني خارج البلاد إلى طلاب الجامعات والمعاهد التعليمية في العديد من بلدان العالم.

كانت هذه هي البذرة التي رعاها العظماء وسقاها الزعماء ، حتى أصبحت شجرةً طيبه أسمها المؤتمر الشعبي العام ، وبقيت وثيقة الميثاق الوطني هي المنهج الفكري ، لجميع أبناء المجتمع اليمني ، ومنطلق بناء المنارة العلمية الباسقة التي حررت الانسان من مخاطر الاستبداد والتطرف ، وإحلال مبادئ الحياد ، والاستقرار المجتمعي والاقتصادي المتكامل ، وتوفير الفرص الوظيفية ، وكسب العيش ، وتعزيز البنية التحتية والمدنية والعسكرية والتكنولوجية ، وتوفير المنح الدراسية الجامعية ، والدراسات العليا ، والبحث العلمي، وتأهيل الكليات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية.

لقد وهب الله اليمن قيادات وطنية فذه غيرت مسار التاريخ اليمني إلى الأفضل وجلبت الخير والاستقرار اليمن ، وحدث ذلك في فترة القائد الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح رحمة الله ، والذي أختاره الشعب اليمني طوعيًا وانتخابيًا ،و عمل منذ توليه مقاليد سلطة القيادة على تأسيس كيان تنظيم المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م ، وتفعيل الأسس الديمقراطية الواسعة ، والتي دفعت بالمسار الانتخابي والبرلماني والشوروي.

وضع المؤتمر الشعبي العام وجوده في صدارة الأحزاب والتكتلات السياسية المتأهلة ، في الفوز في الانتخابات المحليه والعامه ، والاستفتاءات الحرة ، مما ساعده على تأسيس الحكومات الوطنية المؤمنه بالدستور والقانون والشورى، وخلق بذلك مظلة قيادية في الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي ، الذي أهل الحكومة والقطاع الخاص والمختلط للاستثمار الواسع ، بمساهمات رجال المال والأعمال اليمنيين والأجانب في بناء مشاريع التنمية والاقتصاد ، وتوفير فرص العمل لقطاع واسع من الكوادر المؤهلة والعمال والمزارعين ، مما أدى بالاقتصاد اليمني إلى القفزات النوعية المتلاحقة ، وأصبحت اليمن ملاذ رجال العمل العربي والأجنبي الذين تهيأت لهم ظروف السلام والآمن ودفعتهم إلى العمل بحرية وأمان.

لقد حركت القفزة التنموية البارزة والتي صنعتها كوادر المؤتمر الشعبي العام بقيادة الزعيم علي عبدالله صالح ، ومساهمة ثله متنورة من القيادات الوطنية ، التي شكلت الحزام السياسي والأمني والإعلامي والتربوي ، والدبلوماسي للقيادة السياسية الحكيمة ، وقرنت جهودها الوطنية والاستشارية والإبداعية على مفاصل النظام الحاكم ، وصنعت القيادة السياسية اليمنية الإمكانيات من الثبات والمواقف والتحركات الإدارية والفنية والتخصصية ، والانفتاح المنضبط على جميع الفصائل والأحزاب والتنظيمات السياسية والاجتماعية سواء المنضوية تحت مظلة الحزب الحاكم، او الفصائل المعارضة في الداخل والخارج ، وقدمت لهذه التكتلات الدعم المادي واللوجستي السخي ، وحمايتها من الإنجرار أو الاقتياد لاي ضغوط ايدولوجية او معيشية أو اغرائية ، واسست لذلك المجالس النيابية والشوروية ، وعينت الحكماء وقادة الرأي في قيادة وعضوية هذه المجالس حتى يكتسبوا الحصانه السياسية ، وحرية الرأي المعارض النزيه لإبراز التجربة السياسية اليمنية التي حازت على إعجاب المنظمات العربية والدولية والأممية ، ووضعتها في مصاف الدول والمجالس الدولية والإقليمية الناجحة في مجال حرية الرأي والتعبير والتنمية والاستقرار.

تولى الرئيس علي عبدالله صالح زمام دولة الجمهورية العربية اليمنية في 17 يوليو 1978 ، واليمن كان يمر بأحداث امنية في غاية الصعوبة والتعقيد وتعصف باليمن عصفًا ، بعد الاغتيالات المتلاحقة لخمسة رؤساء جمهوريون في اليمن ، وبعد تكالب قوى الرجعية والقوى القبلية المحسوبة على القوى الإقليمية المجاورة لليمن لحرف مسار الجمهورية في الشمال ، وتحركت القوى اليسارية في اليمن للثأر لمقتل واغتيالات الرؤساء اليمنيين في تلك الفترة ، وانبعثت الجبهة الوطنية المدعومة من القيادات الجنوبية في اليمن والتي كانت تطمح لتوسيع المد الشيوعي في الجنوب على قاعدة الزحف نحو الشمال ، وإبادة القوى المشائخيه والقبلية المحسوبة على التيارات الإسلامية ، وتفعيل المنهج البروليساري المقتبس من تجربة الإتحاد السوفيتي السابق، ودمج شطري اليمن في دولة يسارية متطرفه تتوسع أيدولوجياً وعسكريًا نحو الممالك والسلطان المحيطة باليمن.

وكان السلام العسكري المباشر بين سلطة الشمال بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح والجنوب اليمني في تلك الفترة بقيادة عبدالفتاح اسماعيل في عام 1979م ، أول اختبار للرائد حديث العهد بالرئاسة والمواجهة ، والتي كان واضحًا تفوق الجيش الجنوبي في تلك الحرب بانضباطه العسكري ، وامتلاكه الاسلحة السوفيتية الحديثه ، وكان تحرك الرئيس علي عبدالله صالح مباشرةً نحو إخماد المواجهة في حدود الشطرين اليمنيين ، من خلال دعوة لايقاف المعارك على الحدود ووقف النزيف الدموي للمواجهات القبلية والاجتماعية في حدود المناطق الوسطى ، مقابل العديد من الإجراءات ، منها العفو الكامل والدعم المالي وتنمية المناطق الزراعية للمقاتلين في الجبهات ، وتعويض أبناء المناطق التي تعرضت أسرهم وممتلكاتهم للتدمير والتهجير والنزوح وتوفير الوظائف المدنية والعسكرية.

نجح الرئيس علي عبدالله صالح في أول مواجهة ساخنه بين اليمنيين ، والتي كانت تنذر بالتوسع المتواصل حتى حدود السعودية ، واستعاد خلال الفترة اللاحقة زمام المبادرة ، وفتح حوارًا سياسيًا بين قيادات الجبهة الوطنية وأنصار الرئيس الحمدي ، وتصحيح الأخطاء التي أرتكبتها القيادات العسكرية والأمنية في حق الكوادر الناصرية والعفو العام عن معظم القيادات التي شاركت في إنقلاب للناصريين على الرئيس علي عبدالله صالح في 15 اكتوبر عام 1978 اي بعد ثلاثة اشهر من تولي الرئيس صالح مقاليد الحكم في اليمن.

وعندما بدأ عقد الثمانينات كان القائد علي عبدالله صالح ، أدرك كل الظروف وذلك بعد التحديات الجسيمة التي صقلت قدراته وتجاربه ، السياسية والعسكرية ، ودفعته الى فتح الباب على مصراعية أمام اصحاب الفكر والعلماء والأكاديميين والتكتلات الحزبية المنتشرة خلف الكواليس، ورفع القيود أمام حركة تنقلات الطلاب والكوادر إلى الخارج للعمل والكسب ، واكتساب الخبرة والموهبة في الابتكارات ، وتحسين بيئة العمل وامتصاص موجة النازحين الذين طردتهم السعودية ودول الخليج العربي في التسعينات وتوفير الموازنات والموارد المالية السخية لشق الطرق ومشاريع المياة والصرف الصحي، وبناء الجوامع والجامعات ، والمدارس وإعطاء الفرصة للمستثمرين المحليين والأجانب ، وبناء المدارس والجامعات والمراكز التأهلية ، واستيعاب الكوادر الوطنية في هذه المؤسسات الهامة.
منتصف الثمانينات خاصة في يناير 1986 م ، تعرض الشطر الجنوبي اليمني لمحنة اجتماعية مدمرة ، عندما تواجه المنظرين ورواد الفكر الاشتراكي بعدن مع نظرائهم ذات التوجة القومي والحركي ، في معركة دامية في الشوارع والمعسكرات ومؤسسات العمل والإنتاج ، واشتركت في هذه المعركة الجيش والشعب بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة والطيران الحربي، والعتاد البحري المطور ، وخلقت هذه المواجهات اكثر من 26 الف قتيل حسب احصائيات وشهادات المراقبين الذين وثقوا تلك الكارثه.

برز الرئيس علي عبدالله صالح ، في الواجهة حصيفًا ومناورا ذكيًا والكثير من حوله يدفعونه من وراء الكواليس بالتدخل العاجل لوقف ذلك النزيف الدموي الغالي، وضبط الصراع العشوائي الذي يفور حقدًا ، وطائفية وشوارع عدن تمتلىء بجثث المتقاتلين والسكان الأبرياء ، ولكن الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الموتمر الشعبي العام ، لم يكن ذلك الحاكم الاهوج الذي تحركة الأصوات والمناشدات المغامرة والحاقدة والمنتقمة ، بل اختار خيارًا ناضجًا للوساطة ، اذ جهز اكثر من 2000 سيارة اسعاف والالاف من المسعفين لمدنيين ، وتحركوا نحو طريق تعز عدن والأعلام البيضاء مرفوعه مع مكبرات الصوت والإشارات الإنسانية المتعارف بها دوليًا ، واقتربت بحذر مدعومة بخطاب القائد المحنك ، الذي استمرت القوافل المتوجهه الى ساحات الاشتباكات والوسائل الإعلامية والمرئية والمسموعه في ترديد المناشدة المعدة من الرئيس علي عبدالله صالح ، بإن الأشقاء الشمالين متوجهون لإنقاذ الجرحى ، ونقل الجثث الملقاة في الشوارع والطرقات والمعسكرات و المنشاءات ، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية والخروج مباشرة إلى الشمال.

وقبل ان تصل قوافل الاغاثة القادمة من الرئيس صالح الي جنوب الوطن الملتهب ، وصلت التحذير من الاطراف المتصارعة ، أن أي شيء قادم من الشمال سيتم ابادته قبل ان يعبر إلى الحدود الجنوبية اليمنية، وبهدوء الرئيس الحزين علي عبدالله صالح عادت قوافل الإغاثة إدراجها ، وبقيت في مناطق الحدود الخلفية بانتظار اعطاء الفرصة لدخول هذه القوافل الإغاثية ،وكشف ذلك الصراع المندلع في جنوب اليمن في يناير 1986 م ، عن وجود خلل كبير في التطرف السياسي ، واختلاط الرغبات وغياب البعد الوطني .

عملت الرغبة الجماعية لأبناء الجنوب في إنهاء تلك المهزلة المتطرفه والخروج العاجل نحو التئام لحمة الشطرين المعذبين بالفراق الأسري والمعيشي ، والحالمين بالعودة الى حضن الوطن الأكبر الذي سيكبر وسيكبر وسيصبح ملاذ المتحاربين والمسالمين.

وانشغل السياسيون وقادة الفكر والتحليل العسكري والسياسي ، في أسترجاع الذكريات المريرة والتي عاشها اليمنيون شمالًا وجنوبًا ، منذ تلك المواجهات الأهلية الماضية وقرأت السيناريوهات المتعددة للخروج من محنة الوطن ، والسبيل لعدم تكرار هذه المأساة ، الا ان الهاجس الحقيقي كان يحيط بالقائد المعطاء ، ولم يجد طوال هذه الهواجس الا خيارًا واحدًا هو " الوحده اليمنية " الشاملة واندماج ابناء الوطن في بوتقة واحده تحتضن الجغرافيا والقيادة والحزب والثروة والامل والمنظور المشترك.

ولم تكن تمضي عدة سنوات بعد تلك الفاجعه بعدن ، حتى بدا الرئيس على عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام ، يشرف ومع رفاقه بقيادة الشطر الجنوبي على تشكيل القيادات الوحدوية المشتركة ، واللجان المؤمنه بوحدة الوطن والخبراء والعارفين بقدرات الوطن الموحد ، والثغرات المتوقعه وغيرها من الشجون التي لم تكن لتثني العقيد علي عبدالله صالح عن التراجع في تنفيذ هذا المشروع الذي تقره الشريعة والأعراف والاجماع الشعبي، وكان اليمنيون والرئيس علي عبد الله صالح على موعد مع القدر وذلك في هو 22 مايو 1990م، عندما اجتمع كوكبه من قادة الشطرين في عدن ليرفعوا علم الوحدة اليمنية الكبرى والدموع المنتحبة بالفرحة الكبرى.
وبقدر العزم الذي امتلكه الرئيس علي عبدالله صالح ، وذلك لرفع مشروع الوحدة الاندماجية بين شطري الوطن ، فقد ظهر عزم لتدمير هذا المنجز و إجهاضه ، وبدأوا منذوا اليوم الأول لولادته وتزايدت المؤامرات الخبيثة ووضع العوائق المتتالية ، وممارسة الابتزاز العلني والسري لجني الأموال والمناصب والمكاسب السياسية، والاجتماعية وفرض أجندات عقائدية وطائفية ، والارتباطات الجيوسياسية مع القوى الداخلية والخارجية المناوئة للوحده ، وسكبت الأموال المدنسة والاغراءات الدنيئه ، واعطاء الوعود الكذابه بصنع يمن بديل مقابل هدم هذا الصرح القائم.

وبين هذه المواقف الوطنية والمؤمرات الرهيبه ، اعتلى المؤتمر الشعبي العام وقيادته الباسلة ، منصة مواجهة هذه التحركات المناوئة للوحدة ، وتحريك عجلة التقدم والتنمية وبدون تردد او وهن، وبينما قدم المؤتمر الشعبي وقياداته الليبرالية جهده الإبداعي ، والفكري لتنمية مقدرات الوطن الجديد ، وناصر المؤتمر مشروع الوحدة التأريخي وقدم التنازلات السخية في المناصب والمواقع الاجتماعية والاستثمارية ، لكل الأفراد والقيادات التي ظلت تمارس الابتزاز والتهديد بالعودة الى عهد الحروب والتطرف الايدولوجي ، وتجويع الشعب ، وحاولت خلال العاميين الماضيين من عمر الوحده وابقاء المؤسسات والمقدرات العسكرية والاقتصادية بعيدًا عن برنامج الدمج الكامل طبقًا لاتفاقية الوحدة المباركة، وخلق الاضطرابات السياسية والأمنية ، وتحديث القدرات التسلحيه، التآمرية بعيدًا عن رقابة وضبط القيادة المركزية والسياسية والعسكرية ، وكانت الخطورة تتعاظم مع التمويل الخارجي المدنس ،و قامت القوى الدينية المتطرفه بإنشاء التربية العقائدية المستترة ، وممارسة إصدار الفتاوى التي تحرم التوحد وتواجه الدستور والقوانين وتمارس نوع من التطرف حيال الأحزاب الاشتراكية ، والقومية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، وعدم تمكين المراءة في ممارسة حقوقها المدنية والوطنية والتعليمية ، واستقدام الشخصيات الارهابية والمتطرفة الى اطراف الوطن وتعزيز قدراتها التسليحية والتدريبية بإشراف قوى وتنظيمات وحكومات خارجية ، واغداقاً بالأموال الاجنبية والمدنية لهذه القوى والأفراد والتكتلات الاجرامية
.
و اندلعت الشرارة الصدامية بين معسكري عمران وذمار ، الذين تم اختيارهما في المناطق المتوسطة للمحافظات الشمالية ، لتكون المواجهات عنيفة بين التكتلات السكانية الكثيرة. ثم توسعت شرارة المعارك واستخدمت فيها الطائرات المقاتلة والصواريخ الباليستية ، وقصفت المناطق السكانية في العاصمة صنعاء ، و المنشاءات الكهربائية في المخا والاماكن الاقتصادية النفطية الهامة في مأرب .

استعرت الحرب والمواجهة لتدمير الوطن اليمني في حرب صيف 1994م وتفكيك اليمن من جديد ، وعمل الرئيس علي عبدالله صالح وقتها لاعادة رسم سياسة أكثر ذكاء وأنتصر على ذلك المخطط ووقف كل اليمنيين معه في ايقاف المشروع المناهض للوحدة اليمنية ، ولم يستغرق اكثر من ثلاثين يومًا حتى استقرت اليمن وفشلت مؤامرة تفكيك اليمن ، وبقيت الوحدة قوية بفضل الدور الذي قام به علي عبدالله صالح الذي عمل على تعزيز وحل كافة الاشكاليات الموجودة وفرض نوع من المعالجات وتوسيع واقع التنمية وتطوير البنية التحتية للمناطق الجنوبية .
مع اندلاع حالة الفوضى بعد مايسمى الربيع العربي ،ودخول اليمن في هذا النفق الفوضوي وفشلت كل الاحزاب التي أرادت أن تكون بديلا عن المؤتمر، لتضمن لليمنيين حياة مستقرة وتنمية ترفع من قدراتهم وظروفهم الاقتصادية، أدرك بعدها اليمنيين أن المؤتمر يظل حزب لكل اليمنيين ،في التعايش وتحقيق العدالة وتطوير واقع الدولة، فالمؤتمر لم يكن متشددا ومتطرفا وعقائديا، بل كان لاعبا مهما في الحياة السياسية والاقتصادية وضامنا لوجود اليمن قوية ومتماسكة وهذا ماجعل المؤتمر الحزب الذي يعود اليه اليمنيين بعد تجربتهم المريرة مع هذا الحرب والصراع .

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.