تلقت “اسرائيل" والولاياتالمتحدة صفعة قوية امس بعدما اجمع ضمير العدالة العالمية ممثلا بقضاة محكمة العدل الدولية امس بغالبية ساحقة على الافتاء بعدم قانونية جدار الفصل العنصري الذي يبنيه الكيان الصهيوني في الضفة الغربية. وطالبت المحكمة في رأيها الاستشاري الذي صدر امس في لاهاي، استجابة لطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، “اسرائيل" بهدم الجزء الذي شيدته من “الجدار" العنصري، وأخطرتها بأن عليها تعويض الفلسطينيين الذين صادرت أراضيهم لتشييده. وقال قضاة المحكمة الذين صوتوا بغالبية 13 إلى 2 و14 إلى واحد لمصلحة عدم قانونية “الجدار" انه يمثل “عملية ضم لأراضٍ فلسطينية محتلة بحكم الواقع". وسارع الكيان الى رفض القرار والاستخفاف به. وانضمت إليه الولاياتالمتحدة التي زعمت مجددا عدم اختصاص محكمة لاهاي بقضية “سياسية" وليست “قانونية" من هذا القبيل، واعتبرت السلطة الفلسطينية رأي المحكمة الدولية قرارا تاريخيا يعد انتصارا لشعبها. وعززت “اسرائيل" استهتارها بالإرادة الدولية بمواصلة عدوانها الذي سقط من جرائه شهيدان فلسطينيان امس. وفي جلسة علنية استغرقت نحو ثلاث ساعات، تلا رئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي القاضي الصيني شي تيو يونج “الرأي الاستشاري" للمحكمة في شأن “جدار الفصل" العنصري الذي تبنيه “اسرائيل". وجاء في القرار ان المحكمة تملك صلاحية الإدلاء برأيها في هذا الموضوع. وأكدت ان بناء “الجدار" مخالف للقانون الدولي، وان حق “اسرائيل" في الدفاع عن نفسها لا يببرر الانتهاكات الناتجة عن مسار “الجدار"، ولا يمكن ان تبررها المتطلبات العسكرية وضرورات الأمن الوطني او النظام العام. وقالت المحكمة ان على “اسرائيل" ان تفكك فوراً أجزاء “الجدار" التي تم بناؤها في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، كما ان عليها دفع تعويضات للفلسطينيين الذين تضرروا منه، وان مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة يجب ان يضعا حداً للوضع غير القانوني الناتج عن مسار “الجدار". وأضاف القرار ان المحكمة تعتبر ان بناء “الجدار" والنظام المرتبط به يخلقان على الأرض “أمراً واقعاً من المحتمل ان يصبح دائماً، وفي هذه الحال، وأياً كان الوصف الرسمي الذي تعطيه “اسرائيل" ل “الجدار"، فإن بناءه سيوازي عملية ضم بحكم الأمر الواقع، وكل عملية ضم أراض مخالفة للقانون الدولي". وقال القضاة انه لا يمكنهم البقاء مكتوفي الأيدي امام مخاوف من ان يحكم مسار “الجدار" مسبقاً ترسيم الحدود بين “اسرائيل" والفلسطينيين. وعقب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على بيان محكمة لاهاي قائلاً انه انتصار للشعب الفلسطيني. وأعلن ان القيادة الفلسطينية ستتوجه الى الجمعية العامة للمتابعة معها في شأن ما يمكن اتخاذه من خطوات بعد قرار المحكمة. وأعلن نبيل أبوردينة مستشار عرفات ان الفلسطينيين سيسعون الى فرض عقوبات على “اسرائيل" التي تعتبر برفضها لقرار المحكمة دولة خارجة على القانون الدولي. ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع القرار بأنه “تاريخي وصدر في يوم تاريخي". وادعت حكومة الاحتلال “الاسرائيلي" ان قرار محكمة لاهاي يتجاهل ما سمته “الارهاب الفلسطيني". واعتبرت في بيان ان “الجدار" اجراء أمني مؤقت، وزعمت ان من حقها بناءه للدفاع عن مواطنيها، وان محكمة العدل الدولية لا تملك صلاحية النظر في موضوعه. وهو ما ذهب إليه أيضاً المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان الذي قال أمس ان الولاياتالمتحدة لا ترى ان هذه المحكمة هي المكان المناسب لمعالجة هذا الموضوع الذي اعتبره مسألة “سياسية"، يرتبط بحثها بخطة “خريطة الطريق". وقال مندوب جامعة الدول العربية لدى الأممالمتحدة يحيى المحمصاني ان المجموعة العربية ستطلب هذا الأسبوع من الجمعية العامة عقد اجتماع للبحث في مقتضيات الرأي الاستشاري الذي أبدته محكمة العدل الدولية، التي تعد أعلى هيئة قضائية في العالم في شأن “جدار الفصل" العنصري. واستشهد فلسطينيان في الخليل وفي قرية قرب قلقيلية في الضفة الغربية وتعرضت مناطق خانيونس في قطاع غزة لقصف بالرشاشات الثقيلة على منازل عدة. كما جرفت الآليات “الاسرائيلية" مساحات من أراض زراعية. وهدمت قوات “اسرائيلية" منزلاً لمعتقل فلسطيني في بلدة يعبد قرب جنين، ومنازل أخرى في رفح وخانيونس.
