ودع اليمنيون اليوم أحد مناضلي الثورة والنظام الجمهوري وأحد السياسيين المخضرمين، إنه رئيس الحكومة الأسبق، محسن أحمد العيني، الذي توفي اليوم الأربعاء في العاصمة المصرية القاهرة عن عمر ناهز ال 90 عاما. ولد الراحل عام 1932، في قرية الحمامي منطقة بني بهلول بمحافظة صنعاء، هو الخامس ضمن أخوته السبعة، نشا يتيما بعد أن فقد والديه وأخيه الأكبر، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة الايتام بصنعاء، واصل تعليمه عندما انتقل للدارسة في لبنانوالقاهرة تعرف على الثوار في القاهرة ليبدأ مشواره في الكفاح والنضال. عرف بدوره الكبير في مقارعة الإمامة وتوطيد أركان الجمهورية خاصة في المعركة السياسية والدبلوماسية، وعندما تولى المناصب عرف بحزمه وصلابته في مبادئه وولائه لوطنه وشعبه، فقد كان انموذج للمسؤول الحريص على مصلحة وطنه وأمته. جمهوري من الرعيل الأول نعته رئاسة الجمهورية ووصفه بيان النعي بأنه من أبرز الهامات الوطنية الكبيرة واحد رجال الرعيل الأول الذي كان له دورا بارزا منذ قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962 وترسيخ مداميك الجمهورية وتأسيس قواعد الوحدة بين شطري اليمن وأحد القادة الكبار في مسيرة اليمن الحديث.
وأكدت رئاسة الجمهورية في نعيها " أنه برحيل العيني فقد اليمن أحد أقطاب الحياة السياسية والدبلوماسية التي اتسمت بالمواقف المتزنة والمضيئة في تاريخ اليمن وترك بصمات في العمل الحكومي والتنموي من خلال موقعه كرئيساً للحكومة". مسيرة ملهمة رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح الاستاذ محمد عبدالله اليدومي عدد مناقب الفقيد الراحل في برقية عزاء، مؤكداً أنه ترك مسيرة نضال ملهمة وتاريخاً سياسياً حافلاً، وسيرة مشرفة، مشيراً إلى أنه كان من الرعيل الأول الذين حملوا راية الجمهورية وكان له شرف مقارعة الإمامة إثر ثورة اليمنيين الخالدة في 26 سبتمبر. وأكد اليدومي أن اليمن خسرت مناضلاً وسياسياً محنكاً ودبلوماسياً متمرساً، وكانت اليمن أحوج ما تكون إلى أمثاله في هذه الظروف وهي تواجه مخلفات الإمامة ومليشيات الخراب. مرجع للأحرار الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس مجلس الشورى ، كتب "عرفناه وعرفه اليمن كله والوطن العربي والعالم كأول وزير للخارجية في اليمن الجمهوري، وعرفته اليمن رئيسًا للوزراء لأكثر من حكومة، ودبلوماسيًا بارعًا، وعرفناه كسياسي مرموق ونبيل بارز ومناضل جمهوري ثابت، ومحب لأهله وبلده.
وأضاف "المثقف الذي كتب عن الثورة والجمهورية أفضل وأصدق ما قرأنا، وعندما اعتزل كان مرجعًا للوطنيين الأحرار، وفي غيابه سيظل مصدرًا للإلهام الثوري، والثبات على قيم الحرية، ومناهضة الإمامة الكهنوتية". أحد أبرز رجال الدولة وزير الخارجية الأسبق، عبدالملك المخلافي، كتب في رحيل العيني "رحل اليوم أحد أخر الرجال الكبار من جيل التنوير والتغيير، الجيل الذي مهد وصنع وفجر ثورة 26 سبتمبر الخالدة وثورة 14 أكتوبر المجيدة وخاض معاركهما حتى الانتصار وحقق الوحدة اليمنية ، واحد ابرز رجال الدولة الذي بدء رحلته العملية في التنوير والتغيير شابًا يافعا". وأضاف المخلافي "بخبرته الطويلة وثقافته نموذجً للسياسي الوطني والقومي الحريص على شعبه وأمته والمخلص لقضاياها الكبرى ومثال للحكمة والاتزان والتواضع والمودة في علاقاته الإنسانية والشخصية. ودعا المخلافي جيل الشباب من اليمنيين الى الاطلاع على مسيرة العيني ومسيرة الرجال الافذاذ من جيل التنوير والتغيير الجيل الذي صنع الثورة والجمهورية والوحدة للتعلم منها ، فما أحوجنا اليوم الى استلهام مسيرتهم الخالدة والمجيدة في الظروف التي تعيشها اليمن بعد عودة الامامة بنسختها الحوثية وغياب السلام والاستقرار وتدمير الدولة والوحدة الوطنية.
جسد ثقافة المواطنة والقانون الكاتب الصحفي مصطفى راجح كتب "آمن محسن العيني بقيم المواطنة والقانون والدولة الحديثة، وعاش حياته مجسدا هذه الثقافة وهذه القيم، وخلف وراءه سيرة حياة تستحق الاحترام، وترك أثراً طيبا لدى الناس". وأضاف لا تحس بالغربة والمسافة والبعد من محسن العيني، هذا الرجل يترك لديك انطباعا، أن هذا السياسي الرصين والممتلئ بالثقة بالنفس، ينتمي لنا كيمنيين، مثلما نحس بالانتماء اليه".
الأكاديمي علي المقرئ كتب "اليمن تودّع محسن العيني، أحد أعلامها الكبار الذين كان لهم الدور الأبرز في تحديث الحياة فيها خلال النصف الثاني من القرن العشرين". للأسف، غادر العيني بعد أن شهد زحف الرجعيين على مشروعه الثوري والتنويري والذين مازالوا يحاولون اجهاض أحلام اليمنيين في التحرّر من أزمنة الفوارق بين "السادة" و"المواطنيين".
رجل دولة وسياسي ومفكر الكاتب أحمد احمد غالب، كتب في رثاء العيني "الاستاذ محسن رجل دولة من الطراز الاول، سياسي محنك، مفكر واسع الاطلاع خبير بدهاليز السياسة، قاري ممتاز للتطورات وأحداث التاريخ وطني التوجه قومي الانتماء". وأضاف أن العيني حاول أن يبني دولة مؤسسات اثناء رئاسته للحكومة لعدة دورات لكنه اصطدم بقوى الجهل وحراس التخلف لخص معاناته في كتابه خمسون عاما في الرمال المتحركة". عودة الإمامة أقضت مضجعه الكاتب الصحفي ياسين التميمي كتب على صفحته في رثاء العيني " فاضت روح مناضلنا الكبير هذا اليوم وغادر دنيا الناس، بعيدا عن وطنه، بحيث لا أشك لحظة في أن الأحداث التي دفعت باليمن مجددا الى احضان الامامة قد أقضَّت مضجعه ومست كبرياءه الوطني". وأضاف التميمي "احتفظ الراحل محسن العيني بكبريائه كمناضل ورجل دولة ويحسب له حرصه على تمدين الدولة وإخراجها من عباءتها العسكرية والقبلية". واحد من جيل الكبار.. وآخرهم الصحفي حسن الفقيه كتب " كان لليمن رئيس وزراء ومسؤولون مثل هذا، العيني عين كل شيء وأصله وذروته، ذروة ملء المناصب والمهام بكل كاريزما وحضور وفاعلية. وأضاف الفقيه " العيني وزير خارجية الجمهورية العربية اليمنية الظافرة والوليدة، السياسي والدبلوماسي المحنك الذي كان يطير بين القاهرة وبغداد من أجل موازنة مصالح بلده، ناضل وقدم من أجل بلاده كل شيء، قاد معركة دبلوماسية ضد الإمامة في نيويورك لصالح الجمهورية إنه وآخرهم. | الصحوة نت