نشر الخبير السيبراني، احمد العليمي، وثائق تكشف جزء بسيط من حجم الأموال التي نهبتها مليشيا الحوثي، من الحوالات المالية المنسية وقدرها بالمليارات، ليفتح الباب للتساؤل عن حقيقة تلك الأموال ومن يستخدمها، والفوائد التي تجنيها الجماعة الإرهابية من هذه الحوالات التي غدة حديث الناس وفضيحة العام. وحسب العليمي، فإن عدد الحوالات غير المستلمة التي ستذهب لصالح المخابرات الحوثية في البنك المركزي صنعاء تبلغ 250 ألف حوالة في شركة صرافة واحدة، وبمبلغ إجمالي يزيد عن ملياري، ريال، و20 مليون ريال سعودي، و4 ملايين دولار.
وأكدت مصادر خاصة من داخل البنك المركزي بصنعاء، أن ثلاث حسابات لقيادات حوثية عليا تورد إليها الحوالات التي مر عليها اكثر من شهرين، وهذه القيادات هي عبدالكريم الحوثي عم زعيم الجماعة المتمردة، ومحمد علي الحوثي، وضيف الله الشامي وزير الاعلام في حكومة الانقلابيين، إضافة لحساب خاص يشرف عليه القيادي النافذ "احمد حامد" مدير مكتب المشاط، وفقا لمصدر إعلامي.
المصادر داخل البنك قالت ل"الصحوة نت" إن الحوثيون كانوا على وشك إلزام شركات الصرافة بتوريد مبالغ الحوالات المنسية الى تلك الحسابات ألا أن "احمد العليمي" افشل الخطوة من خلال نشر اسماء الحوالات المتروكة الخاصة بشبكة "الامتياز" الامر الذي جعل باقي الشبكات تتخذ الخطوة نفسها وتنشر كشوفات الحوالات المعلقة.
ضغوط وتخطيط مبكر المحاولات الحوثية للسيطرة على تكل الأموال ليست من قبيل الصدفة، بل عمل مدروس ومخطط له منذ زمن، إذ كشف موظف في شركة الكريمي اشترط عدم كشف هويته كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن الشركة التي غدة مؤخرا بنكا للتمويل الإسلامي، تتعرض منذ عام 2019 لضغوط كبيرة من قبل الحوثيين فيما يتعلق بالتحويلات المعلقة وكشوفات العملاء.
وأضاف "م.ت" ل"الصحوة نت" أن "الشركة رفضت الافصاح عن الحوالات المالية المعلقة ورفضت كذلك رفع السرية عن قائمة العملاء وفي سبيل ذلك تعرض بنك الكريمي للابتزاز مرات عدة، ومضايقات قادها وزير مالية الحوثيين ومنتحل صفة محافظ البنك في صنعاء بغرض وضع يد الجماعة على الأموال المنسية والمعلقة".
وأوضح الموظف "أن المبالغ المالية المعلقة لدى بنك الكريمي والتي لم يأتي أصحابها لاستلامها تصل الى أكثر من خمسة مليار ريال يمني"، مؤكدا "أنها محفوظة تماما، وأنه لا يملك أي معلومات حول ما اذا كان الكريمي بصدد الإعلان عن تلك الحوالات اسوة بغيره من الشركات". إثر تسرب بيانات بعض الشركات، ذهبت مليشيا الحوثي كما هي العادة أبعد من الوضع الحالي، لتحاول مجددا الضغط على بنك الكريمي لمشاركة بيانات الحوالات المنسية.
إذ خاطب فرع البنك المركزي في صنعاء مطلع فبراير الجاري، بنك الكريمي الإسلامي مطالبا بتزويده بكشوفات تفصيلية لكافة بيانات الحوالات القائمة وغير المدفوعة حتى تاريخ 31 يناير، 2023، مؤكدا في الخطاب الذي اطلع الصحوة نت على مضمونه أن البنك "سيكلف مفتشية بالتأكد من الالتزام بالتعليمات" التي كان قد فرضها خلال السنوات الفائتة.
احتيال متعمد وعن حقيقة الحوالات المنسية، قال مدير سابق في شركة "الصيفي" للصرافة، إن "تراكم الحوالات المنسية قد لا يكون بالضرورة بسبب تأخر استلامها بل أن الشركة نفسها قد تتعمد نهب الحوالة من خلال ترحيلها الى قائمة الحوالات المنسية بمجرد مرور فترة قصيرة من عدم استلامها اقصاها شهر".
وأضاف ل"الصحوة نت"، أنه حين يحضر صاحب الحوالة لاستلامها -بعد ترحيها من الشركة- لا يجدها في قائمة الحوالات الجارية، وبالتالي يخبره الموظف ان حوالته غير موجودة او غير صحيحة لأنه لم يبحث في قائمة الحوالات المعلقات ولو بحث لوجدها هناك".
وأوضح أن التوجيهات لدى شركات الصرافة "تقضي بعدم صرف الحوالة وترحيلها الى البنك المركزي في حسابات تتبع شخصيات وقيادات معينة في المليشيا".
وتابع المدير السابق في شركة الصيفي: "عندما أعلنت الإدارة الأمريكية السابقة جماعة الحوثي منظمة ارهابية سارعت شركات الصرافة التابعة لقيادات حوثية لتغيير اسمائها خوفا من العقوبات منها على سبيل المثال شركة "مال موني" المعروفة والتي كان اسمها "سويد" بالإضافة الى عشرات الصرافين الجدد الذين فتحوا مكاتب للصرافة بأسمائهم من باب التمويه وهي في الحقيقة تتبع قيادات عليا والحوالات المنسية في هذه المكاتب عددها كبير ولا تحتاج لأي نص قانوني من اجل توريدها لحسابات البنك المركزي لان اصحابها "فوق القانون" وبهذا تحصل تلك القيادات على مبالغ مالية فلكية بسهولة ويسر".
شركاء في الجريمة ويقول الدكتور الشرجبي استاذ الاقتصاد في كلية التجارة، إن شهية الحوثيين للحوالات المنسية قديمة وانها تنظر إلى موضوع الحوالات المعلقة على أنها كنز ثمين ومغنم، ولا تهتم للجانب القانوني الذي يحتم حماية أموال المواطنين، وإعادة الحقوق لأصحابها، وهذا يدفعنا للتساؤل حول حجم المبالغ الكبيرة، التي استولت عليها شبكات التحويلات الأخرى، طوال السنوات الماضية، وتلك المبالغ التي تم توريدها مباشرة إلى البنك المركزي بصنعاء، وهل هناك اي نية لإعادة هذه الحوالات لأصحابها وترك نهب أموال الناس بغير حق".
وأكد الشرجبي "عدم وجود اي نص قانوني يبيح للشركات توريد الاموال المعلقة للبنك المركزي وبالتالي فان اي شركة ترضخ للحوثيين ستعتبر شريكا في الجريمة وستكون تحت المساءلة القانونية" حسب تعبيره.
وأكدت جمعية الصرافين في بيانات متلاحقة "أن مصير الحوالات غير المستلمة التي مر عليها شهر فأكثر مودعة بأمر البنك المركزي بصنعاء للحوثي في حسابات خاصة أمر بفتحها"، مؤكدة في البيانات "أن تلك الإيداعات بموجب قرارات الحوثيين".
محاولات متأخرة بعد وقوع الفأس في الراس، حاولت المليشيا التنصل من مسؤوليتها الجنائية في نهب الحوالات المنسية؛ إذ عممت عبر خدمة الرسائل النصية تعليمات بضرورة ابلاغ المرسل للحوالة مستلمها برقمها حتى يحضر لاستلامها، كما أصدرت تعميمات للشركات تأمرها بإعادة ارسال الرسائل لأصحاب الحوالات وتمكين المحولين من استعدتها إذا لم يستلمها المستفيد من الحوالة.
إجراءات الحوثيين للتهرب والظهور كحريص على أموال الناس، أضحت مكشوفة للرأي العام المحلي والدولي وعند عموم الشعب اليمني، وهي حركة شكليه للالتفاف على المبادرات الذاتية التي اتخذتها بعض الشركات للتخلص من عبئ الحوالات المنسية.
وعن هذا أكدت ثلاثة مصادر ومستفيدين للصحوة نت، أن شركات صرافة بينها الكريمي وشبكة النجم وشركات أخرى، أرسلت قبل أيام من تعميمات الحوثيين رسائل نصية للمستفيدين من الحوالات المنسية طالبتهم بالحضور لاستلامها.
وأكدت المصادر أن بعض الشركات كلفت أحد موظفيها مع المدير للتعامل مع أصحاب الحوالات المنسية، والتحقق من هوية المستفيدين، أضافة إلى قيامها بمعالجات لفارق صرف العملة إذا كانت يفترض استلام الحوالة من مناطق سيطرة الحوثيين بتسليمها بالعملة الأجنبية بسعر صرف تلك المناطق.
وقال ثلاثة مستفيدين ل"الصحوة نت"، إنهم تلقوا رسائل بشأن حوالات منسية من أعوام 2019 و2018، وأنهم تمكنوا من استلامها، وأضاف أحدهم وهو إعلامي "لم أكن أعلم بالحوالة المرسلة لي من صديق كمقابل لمساعدته في مشروع ما، لكن وبعد وصول الرسالة واستلام المبلغ (80 ألفاً) أنا سعيد جدا فقد جاءت في وقت الحاجة".
ومهما كانت المعالجات الفردية، ومحاولات المليشيا الإرهابية التنصل من مسؤوليتها والتستر على مبالغ كبيرة سبق ووضعت يدها عليها فعلا منذ انقلابها على الشرعية قبل ثمان سنوات، فأن الحكومة الشرعية والبنك المركزي مطالبين بأجياد حلول وإجراءات تحمي أموال اليمنيين من المليشيا الإرهابية وشركات الصرافة التي تتوالد بكثرة، وزيادة إجراءات وجهود مكافحة غسيل الأموال وتمويل إرهاب جماعة الحوثي وشقيقاتها القاعدة وداعش.