تعاني مناطق تهامة مذ لحظة انقلاب الكهنوت الحوثي من عملية نهبٍ واسعة تشمل الممتلكات العامة والخاصة، وخلال السنوات الماضية من منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، نفذت حملات نهبٍ وبسطٍ على مساحات شاسعة من الأراضي التهامية. وارتفعت وتيرة عمليات السطو خلال العامين الماضيين بشكل لافت، وهو ما أورده تقرير لخبراء مجلس الأمن بشأن اليمن في نهاية ديسمبر 2022، حيث اتهم التقرير مليشيات الحوثي بمصادرة أراضٍ كبيرة تقدر بمساحة 12ألفًا و477كيلو متر مربعا لمواطنين في منطقة القُصرة بمديرية بيت الفقيه التابعة لمحافظة الحديدة، بالإضافة إلى مصادرة أراضٍ وعقارات في مدينة الحديدة تقدَّر ب95 مليار ريال. وأفادت مصادر خاصة ل "الصحوة نت"، "أن عملية البسط والتجريف للأراضي التهامية من قِبل مليشيات الحوثي ليست بالأمر الجديد، وأن النهب الأخير لأراضي منطقة القُصرة ليس هو بداية القصة، فمليشيات الحوثي كانت قد بدأت عملية النهب والبسط على أراضي تهامة بُعَيد أيامٍ فقط من خروجها من كهوف صعدة وسيطرتها على مفاصل الدولة في صنعاء، غير أن حوادث النهب الماضية لم تستطع عدسات الكاميرات توثيقها وعرضها للناس كما حصل في حادثة القُصرة قبل نصف عامٍ من الآن". وتضيف المصادر "بأن الكهنوت الحوثي عمد جاهدًا بعد وصوله إلى العاصمة صنعاء بأيام فقط على إيجاد منطقة ساحلية استراتيجية تضمن له إمكانية تهريب شحنات الأسلحة بسهولة وبعيدًا عن الأنظار، ورأى في المنطقة البحرية التي تتوسط ميناءَي الحديدة والصليف أنها هي الأنسب لمشروعه ومخططاته". في أواخر العام 2014 قامت المليشيات الحوثية بإرسال عصابة للسطو على أراضٍ واسعة في منطقة "التربة"، وهي منطقة ساحلية تتبع إداريًا مديرية باجل في محافظة الحديدة، حينها حدث أول اشتباك مسلَّح بين أبناء تهامة ومليشيات الحوثي، حيث تصدت القبائل التهامية لمحاولة سطو المليشيات على أراضي "التربة"، قُتِل على إثر ذلك الشيخ التهامي "علي مزرعة" فيما تم قتل العشرات من أفراد عصابة المليشيات قبل أن يفرَّ البقية منهم ويعودوا خائبين، وكانت هذه أول هزيمة حقيقية للكهنوت الحوثي في أرض تهامة. مصدر "آخر تحفظ على كشف اسمه" قال ل "الصحوة نت" إن القيادي في مليشيات الحوثي المدعو (أبو ياسين) والذي عيّنته المليشيات في منصب المشرف الأمني للمربع الجنوبي لمحافظة الحديدة قام في أواخر العام الماضي باستقدام أكثر من عشرين طقمًا عسكريًا على عدة قُرى من منطقة القُصرة وصولًا إلى منطقة الجروبة شرق المحافظة، وذلك لمصادرة أراض شاسعة تدَّعي المليشيات بأن لديها صكوك تثبت ملكية هذه الأراضي لبيت الإمام حميد الدين. وإلى جانب نهبها للأراضي بالقوة العسكرية، ارتكبت الحملة المليشاوية انتهاكات جسيمة بحق أبناء تهامة القاطنين في هذه المناطق، حيث قتلت أحد عشر مواطنًا امتنعوا عن الخروج من أرضيهم وتسليم منازلهم، وحاصرت الحملة منافذ هذه المناطق بقوات عسكرية كبيرة وذلك لمنع إسعاف المواطنين المصابين إلى مستشفى تهامة في مديرية بيت الفقيه، كما وأحرقت عشرات المنازل وشنت حملة اعتقالات واسعة بحق أبناء المناطق والزج بهم في معتقلاتٍ سرية تابعة للمليشيات ولا يُعلَم مصيرهم حتى اللحظة. وقال مواطنٌ من أبناء منطقة القُصرة "إن المليشيات الحوثية أرسلت لهم وفدًا يخبرهم أن هيئة الأوقاف التابعة لهم قد أبرمت عقودًا لتأجير هذه الأراضي لشخصيات نافذة وقيادات كبيرة من محافظتي حجَّة وصعدة، وأن على جميع المواطنين إخلاء المنازل ومغادرة المنطقة خلال شهر واحد، وحين رفض أبناء المنطقة التسليم والخروج قامت المليشيات بإرسال قواتها العسكرية وارتكاب الجرائم الفظيعة في حادثة القُصرة". وقامت المليشيات الحوثية في أواخر العام المنصرم بمصادرة مساحات شاسعة من أراضي المواطنين في بلدة التحيتا جنوبالحديدة، أصيب إثر ذلك أحد المواطنين في منطقة السويق بالبلدة بسكتة دماغية بعد مصادرة أرضه بالقوة، حسب تقرير خبراء مجلس الأمن. واستمرارًا لمسيرة المضايقات والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها المليشيات الحوثية في مسألة عقارات المواطنين وأراضيهم؛ فقد فرضت المليشيات إتاوات على كل عملية بيع أو شراء لأي عقار أو أرضية في مناطق سيطرتها. أحد الأمناء (كاتب عقود) في مدينة الحديدة يقول ل "الصحوة نت" إن مليشيات الحوثي أصدرت تعميمًا في منتصف العام 2018 لجميع المأمونين وعقال الحارات يقضي بدفع نسبة 10% من مبلغ كل عملية شراء أو بيع عقاري مقابل تعميد الوثيقة من قِبل الجهات الرسمية، لترتفع بعد ذلك النسبة المفروضة في العام 2020 إلى 15% من مبلغ كل عملية بيع أو شراء". ويعد هذا جزء يسيرا مما تمارسه مليشيات الحوثي من انتهاكات بحق المواطنين وممتلكاتهم في مناطق سيطرتها وبتهامة تحديداً، في الوقت الذي رفض أبناء تهامة عبر التأريخ وحديثاً مشروع الإمامة وكانت قبائلها كابوسًا ثقيلًا يؤرق مضاجع الإمام في الدولة المتوكلية قديمًا وأحفاد الإمام من الكهنوت الحوثي حاضرًا. وتمارس ميلشيات الحوثي أبشع جرائم الانتقام بحق تهامة حقدا تاريخيا ضد أبنائها الذين بدأو بالكفاح المسلح ضد الإمامة قُبيل اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 بعدة سنوات، عند محاولتهم اجتياح أراضٍ تهامية لإخضاع قبائل الزرانيق التهامية وقيادة المقاومة آنذاك، والذي كان يرأسها الشهيد أحمد فتيني.