مازلت وغيري من دعاة السلم والمحبة والمواطنة المتساوية نتمسك بالتفاؤل وندعو المولى عز وجل أن يجنب يمننا الغالي الموحد وأهلنا وقواتنا المسلحة الباسلة شرور الفتن والأزمات والحروب التي لا طائل منها . ومازلنا نتابع التصريحات والحقائق الميدانية المتعلقة بنهاية حرب صعده الأخيره ، أو ما يحلو للبعض تسميته " حرب القضاء على تمرد الحوثيين" .. تلك الحرب التي أثقلت كاهل البلاد والعباد ، دون أن تتوفر حتى هذه اللحظة إجابات شافية لأسئلة عديدة متعلقة بها. بالتأكيد سعدنا بنهاية المواجهة المسلحة وتوقف نزيف الدماء والموارد البشرية والمادية . وبالتأكيد إننا نشعر بالإمتنان لجهود الوسطة القطرية ولإستجابة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وسعة صدره وإنحيازه لصوت العقل ، بدلا من دعوات المتشنجين وما قيل عن "الحسم العسكري و إستئصال الورم" . وبالتأكيد إننا سعداء لإقرار الحكومة مشروع قرار جمهوري خاص بإنشاء صندوق أعمار المناطق المتضررة بمحافظة صعدة ، وإن كنا نتمنى لو إن الحكومة سارعت مباشرة بانشاء الصندوق وتشكيل اللجان المطلوبة بقرار من رئيس الحكومة دون الحاجة لقرار جمهوري. فالأوضاع في المناطق المتضررة ، كما شاهدنا ، حرجة ، ولابد من بدء العمل الميداني في أسرع وقت ممكن ، لتعود الحياة في تلك المناطق إلى طبيعتها ، ويتسنى للمتضررين التغلب على ما أصابهم . أما الحديث عن تشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار ، فهو تكرار لما سبق وأن تابعنا خلال الفترة الماضية ، عندما تشكلت لجنة مماثلة وقدمت تقريرا مفصلا عن الأضرار ، إستمعنا اليه وقرأناه عبر وسائل إعلامنا في حينه . كان المتوقع أن تتولى نفس اللجنة السابقة تحديث تقريرها وإضافة ما أستجد خلال الجولة الأخيرة من الأزمة ثم الرفع إلى مجلس الوزراء بالنتائج بما في ذلك المتطلبات التكميلية العاجلة في جانب الإيواء والغذاء والدواء والخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وغيرها . مع هذا وبالإضافة إلى ما تقدم لا بد أن نتسائل : هل كنا فعلا بحاجة إلى وساطة قطرية ؟ ولماذا لم تنتصر أصوات الداعين لحل المشكلة إستنادا إلى الإتفاق الأول الذي توصلت اليه الدوله مع "الحوثيين" عقب الجولة الأولى من "الحرب"؟ ومن المسئوول عن تأجيج المشكلة ، وعن إندلاع الجولتين الثانية ثم الثالثة – والأخيره إن شاء الله- ؟ هذه الأسئلة وغيرها ما زالت بحاجة إلى أجابات إذا ما أردنا أن نستفيد من هذه التجربة المريرة التي لا شك إنها خلفت أثارا تفوق ما خلفته حرب الدفاع عن الوحدة اليمنية التي خضناها خلال صيف عام 1994 . في مقال سابق كنت قد أجتهدت بالحديث عن أهمية إحداث حركة تنمية شاملة في المديريات التي شهدت النزاع الأخير في محافظة صعده. وبعيدا عن أسباب ذلك النزاع و تداعياته ثم تحوله إلى حرب بين أجهزة الدولة و مجموعة الحوثيين ، ما زلت أرى إن أقصر الطرق لتجنيب البلاد والعباد تكرار مثل هذه الأزمة هو أن تتحرك معدات البناء والتطوير في أنحاء اليمن ، وأن لا يتاح لمعاول الهدم التغلغل تحت أي مبرر. أن تتواجد أجهزة الدولة والخدمات العامة والعيون الساهرة على حماية أمن وسلامة المواطنين في كل ركن من أنحاء البلاد ، هو أفضل ما يتوجب التأكيد عليه إذا ما أردنا تجنب تكرار مثل هذه الأزمات .