مرة أخرى تطالعنا الأنباء المزعجة - وما أكثرها هذه الأيام للأسف الشديد - بأرقام جديدة صادرة عن وزارة الداخلية لها علاقة بظاهرة أو بفيروس أو مرض انتشار السلاح بلا حسيب أو رقيب في يمننا الحبيب. تشير الأرقام الجديدة إلى أن السلاح الناري المنتشر في بلادنا بأنواعه المختلفة ، والذي لم تتمكن أجهزتنا المختصة من وضع حد له أو السيطرة عليه رغم إدراكها لخطورته ولتأثيراته السلبية على حياة اليمنيين .. هذا السلاح العشوائي استخدم مجددا في ارتكاب المزيد من آلاف الجرائم في أنحاء مختلفة من اليمن خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الجاري 2014م. وكما جاء في هذه الأرقام الحديثة فإن من بين الجرائم التي تسبب فيها انتشار السلاح خلال الأشهر الماضية من عامنا الجاري فقط ، أكثر من ألف جريمة قتل عمدي أو غير عمدي ، إضافة إلى أكثر من ألفي جريمة شروع بالقتل. وهناك أيضا مئات الجرائم التي أستخدم فيها السلاح كمقاومة السلطات التي شهدت الأشهر الأولى من عامنا الجاري أكثر من أربعمائة جريمة، إضافة إلى جرائم قطع طريق تحت مبررات مختلفة منها النزاع قبلي وجرائم الحرابة, والتسبب في إصابات برصاصات خاطئة وجرائم السطو مسلح. وبحسب هذه الإحصائيات الأخيرة فإن الأسلحة النارية استخدمت في ارتكاب هذه الجرائم ، إضافة إلى أنواع أخرى من الأسلحة وأساليب القتل, وقد نجم عنها وفاة أكثر من الف ومائتين شخصً, بينهم 68 من الإناث بالإضافة إلى إصابة أكثر من أربعة آلاف ومائتي شخص بينهم أكثر من مائة وأربعين امرأة وطفلة. قبل الأرقام الأخيرة الخاصة بالأشهر الماضية من العام الجاري ، كنا قد علمنا أن هذا السلاح الذي ينتشر بأنواعه المختلفة عندنا استخدم خلال العام الماضي 2013م في ارتكاب 12109 جرائم, أودت بحياة 2630 شخصاً وتسببت في إصابات خطيرة لعدد 8927 آخرين بينهم المئات من الأطفال والنساء. والحال كذلك كان خلال الأعوام الماضية وكأننا نفاخر بحمل السلاح واللجوء إليه لحل مشاكلنا بدلا من أن نعمل على وضع حد له ولمعاناة ضحايا. ما يبعث على الألم والشعور بالمرارة أن أجهزة الدولة المعنية بهذه المشكلة بدءاً من وزارة الداخلية مرورا بسلطتنا التشريعية وحتى منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المهتمة بمتابعة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن تدرك جيدا أن انتشار السلاح يعد سببا رئيسيا لارتكاب الجرائم ، وبالتالي لما يتعرض له الإنسان اليمني من أذى بسببها، وأن استخدام السلاح الناري يجعله في المرتبة الأولى بين أدوات ارتكاب الجريمة في اليمن ، ومع ذلك ما يزال الجميع ينتظرون وضع حد لهذه المشكلة. وبطبيعة الحال فإن هذه الأرقام لا تشمل تشمل حالات استخدام السلاح في الحروب التي تشهدها البلاد ، كتلك التي خاضتها قواتنا المسلحة ضد عناصر تنظيم القاعده ، أو تلك الحرب التي يخوضها مسلحو الحوثيين من أطراف أخرى في أماكن متفرقة من اليمن ، لكن من المؤكد أن أرقام ضحايا انتشار السلاح المخيفة هذه إضافة إلى أرقام ضحايا حوادث السير والمركبات التي لا تقل عنها بشاعة تجعل البعض منا يشعرون أننا في حالة حرب لا تنتهي!! حرب ضروس يشنها أبناء اليمن على أنفسهم مستخدمين أسلحتهم التي يفترض أنها شخصية أو لدواع احترازية أمنية ، دون معرفة كيف ومتى ستتوقف هذه الحرب ويتوقف نزيف الدماء والمال الناتج عنها؟؟ "الثورة"