الإسلام هو دين الله الواحد لكل الأنبياء والرسل، وهو دين الإنسانية جوهره قائم على توحيد الله والعمل الصالح والقيم الإنسانية والمساواة وهو كوني عالمي للناس كافة لا يمكن حصره أو تبعيته بمذهب أو حزب أو جنس، تعاقب بحمل رسالته ونبوته الرسل والأنبياء لأقوامهم عبر مراحل تطور الإنسان الزمنية والمكانية وخُتمت رسالته ونبؤته للناس كافة وللعالمين برسولنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام ومكوناته ثلاث، شعائر وتشريعات وقيم، فالشعائر قائمة على الإختلاف فلكل ملة شعائرها وخُتمت بشعائر ملة المؤمنين وهم اتباع محمد عليه الصلاة والسلام. والتشريعات قائمة على التغير ضمن حدود الله العليا والدنيا فمثلاً تشريع القصاص تتراوح عقوبته ما بين حد القصاص الأعلى وحد العفو الأدنى وهي تستوعب كل عصر بزمانه ومعارفه وهي الحنيفية -التغير- مع ثبات المحرمات التي اختص الله بها نفسه لأنها شمولية تشمل كل الناس وأبدية تشمل الزمان كله حتى قيام الساعة ولذا فتشريعات الإسلام حدودية(حدود الله) لا حدية . والقيم تخضع للتراكم عبر مسيرة الإنسان وتطوره وقدم دين الإسلام للإنسانية اعظم منظومة للقيم وعلى رأسها السلام والتسامح والعدل والمدنية التي مثلتها دولة المدينة التي كانت اول دولة مدنية في التاريخ الإنساني حيث جمعت في مجتمعها مختلف الناس والديانات تحت مفهوم جديد هو المواطنة لا الدين ولا العرق ولا اللون فأختربين ابن عوف القرشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي. وكَوْن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم الرسل والأنبياء فقد تميزت رسالته بالخاتمية والعالمية والرحمة والمصداقية وبمعجزة متجددة تؤكد أنه دين الله، وأن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام. والخاتمية تعني انتهاء صلة الإنسان برسل ورسالات جديدة فالإنسانية وصلت بتطورها لإستيعاب رسالة جامعة لكافة الناس تؤهلهم ليعيشوا دورهم في مهمتهم الأساسية التي أوجدهم الله لها وهي العبادية والإستخلاف والشهادة على الناس. والعالمية بكون رسالة الإسلام للناس كافة وللعالمين الإنس والجن. والرحمة بكونها أتت لرفع الأُصر والأغلال عن كاهل الناس وألغت كافة العقوبات الحدية التي عانت الإنسانية منها فجائت تشريعاتها قائمة على الرحمة لأنها حدودية لا حدية. والمصداقية تعني بأن كل أية وكل كلمة وحرف يتسم بالصدق عبر الزمان والمكان وعند الناس كلهم وتمثلت بمعجزة النبؤة المستمرة حتى قيام الساعة وهي القرآن المعجز والمتميز بأن إعجازه يتجاوز الزمان والمكان ويستوعب رحلة المعارف الإنسانية في تطور الإنسان ومعارفه حتى قيام الساعة ويتناسب مع نسبية المعرفة الإنسانية المرتبطة بزمانها ومكانها وأدواتها المعرفية وهذا ما يعرف بالمتشابه في القرآن الكريم والمتميز بثبات النص القرآني وتحرك معناه ومدلوله مع نسبية المعرفة الإنسانية وزمانها، وهذا الإستيعاب للزمان ومعارفه يؤكد أنه من الله المطلق المعرفة والذي لا يحده زمان ولا مكان بينما الإنسان نسبي المعرفة ومحدود بالزمان والمكان ولا يستطيع أياً كان تأويل هذا الإعجاز بأيات القرآن العظيم لكل زمان ومكان كما لايستطيع احد فرد أم جماعة الإتيان بنص يحمل هذا الإستيعاب وهنا كان تحدي الله على الإتيان بمثل هذا القرآن ، وهذا يؤكد عظمة هذا الدين -وأنه من الله- وعظمة رسولنا عليه الصلاة والسلام. مهمة المسلمين هي تقديم هذا الدين بمفهومه الإنساني الذي بلغه محمد عليه الصلاة والسلام والقائم على الخاتمية والرحمة والعالمية والمصداقية والإعجاز بما يتناسب وكل عصر، وهذا يستوجب منا اليوم كمسلمين قراءة معاصرة لديننا تستوعب معارف العصر الذي نعيشه وقيمه وتشريعاته لنعيش عصرنا بمعارفه وقيمه وتشريعاته فديننا صالح لكل زمان ومكان وبهذا سنخرج من مشكلتنا الأساسية التي عصفت بالأمة ومزقتها وهي أننا نعيش الماضي بزمانه ومعارفه ومكانه وتشريعاته وبهذا نحن أمة ميتة ترى بعيون الموتى وتعقل بعقولهم، وأوقفنا سنة التطور والصيرورة والزمن وأصبحنا كصاحب الجنة الذي ظن أن جنته لن تبيد أبدا ، ولهذا تحصد رؤوسنا وتسفك دمائنا خلافات علي ومعاوية ومأساة قتل الحسين وكربلاء وهم أمة قد خلت رضوان الله عليهم ولا نُسْأَل عما كانوا يعملون، وهذه هي مأساة المسلمين ودين الإسلام بريئ منها.
.... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet